المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مفسدات القلب
الإبنة / هيفاء الياس مفسدات القلب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا وإن في الجسد مضغة , إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) [ رواه البخاري ومسلم ] وإذا كان ربنا تبارك وتعالى قد علق نجاة العبد يوم القيامة على سلامة القلب كما قال : { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الشعراء : 88 – 89 ] فحري بالعبد أن يجتنب كل ما من شأنه أن يفسد عليه قلبه ، ولهذا ننقل لكم من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ما يبين أعظم وأهم أسباب فساد القلب : قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة ، والتمني ، والتعلق بغير الله ، والشبع ، والمنام . فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب : المفسد الأول : كثرة المخالطة : فأما ما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود ، ويوجب له تشتتا وتفرقا وهما وغما ، وضعفا ، وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء ، وإضاعة مصالحه ، والاشتغال عنها بهم وبأمورهم ، وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم . فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟ هذا ، وكم جلبت خلطة الناس من نقمة، ودفعت من نعمة، وأنزلت من محنة، وعطلت من منحة ، وأحلت من رزية ، وأوقعت في بلية . وهل آفة الناس إلا الناس؟ وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا ، وقضاء وطر بعضهم من بعض ، تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة ، ويعض المخلط عليها يديه ندما ، كما قال تعالى : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً {27} يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً {28}لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي } [ الفرقان : 27 – 29 ] وقال تعالى : { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] وقال خليله إبراهيم لقومه : {إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ } [ العنكبوت : 25 ] وهذا شأن كل مشتركين في غرض يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله ، فإذا انقطع ذلك الغرض ، أعقب ندامة وحزناً وألماً وانقلبت تلك المودة بغضاً ولعنة ، وذماً من بعضهم لبعض . والضابط النافع في أمر الخلطة : أن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة ، والأعياد والحج ، وتعلم العلم ، والجهاد ، والنصيحة ، ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات . فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر، ولم يمكنه اعتزالهم : فالحذر الحذر أن يوافقهم ، وليصبر على أذاهم ، فإنهم لابد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر . ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له ، وتعظيم وثناء عليه منهم ، ومن المؤمنين ، ومن رب العالمين ، وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ، ومقت ، وذم منهم ، ومن المؤمنين ، ومن رب العالمين . فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة ، وأحمد مآلا . وان دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات ، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه .
|
#2
|
|||
|
|||
المفسد الثاني من مفسدات القلب: ركوبه بحر التمني: وهو بحر لا ساحل له . وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم ، كما قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس . فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة ، والخيالات الباطلة ، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة ، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية ، ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية ، بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية . وكل بحسب حاله : من متمن للقدرة والسلطان، وللضرب في الأرض والتطواف في البلدان ، أو للأموال والأثمان ، أو للنسوان والمردان ، فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها والتذ بالظفر بها ، فبينا هو على هذا الحال ، إذ استيقظ فإذا يده والحصير !!. وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان ، والعمل الذي يقربه إلى الله، ويدنيه من جواره . فأماني هذا إيمان ونور وحكمة، وأماني أولئك خداع وغرور . وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير ، وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله . المفسد الثالث من مفسدات القلب : التعلق بغير الله تبارك وتعالى : وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق ، فليس عليه أضر من ذلك ، ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه ، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به . وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره ، والتفاته إلى سواه . فلا على نصيبه من الله حصل ، ولا إلى ما أمَّله ممن تعلق به وصل . قال الله تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً {81} كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 81 – 82 ] وقال تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } [ يس : 74 – 75 ] فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله . فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات . ومثل المتعلق بغير الله : كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت ، أوهن البيوت. وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها : التعلق بغير الله . ولصاحبه الذم والخذلان ، كما قال تعالى : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } [ الإسراء : 22 ] مذموما لا حامد لك ، مخذولا لا ناصر لك . إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قهر بباطل ، وقد يكون مذموماً منصوراً كالذي قهر وتسلط بباطل ، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكن وملك بحق . والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة ، لا محمود ولا منصور . المفسد الرابع من مفسدات القلب : الطعام : والمفسد له من ذلك نوعان : أحدهما : ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات . وهي نوعان : محرمات لحق الله : كالميتة والدم ، ولحم الخنزير ، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير . ومحرمات لحق العباد : كالمسروق والمغصوب والمنهوب ، وما أخذ بغير رضا صاحبه ، إما قهرا وإما حياء وتذمما . والثاني : ما يفسده بقدره وتعدي حده ، كالإسراف في الحلال ، والشبع المفرط ، فإنه يثقله عن الطاعات ، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها ، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها ، والتأذي بثقلها ، وقوى عليه مواد الشهوة ، وطرق مجاري الشيطان ووسعها ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم . فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه ، والشبع يطرقها ويوسعها . ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنام كثيرا فخسر كثيرا. وفي الحديث المشهور: ( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه . فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) [ رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه الألباني ] المفسد الخامس : كثرة النوم : فإنه يميت القلب، ويثقل البدن ، ويضيع الوقت ، ويورث كثرة الغفلة والكسل ومنه المكروه جدا ، ومنه الضار غير النافع للبدن . وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه . ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخرة ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه . وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه ، وكثر ضرره ، ولاسيما نوم العصر . والنوم أول النهار إلا لسهران . ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ؟ فإنه وقت غنيمة ، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة . ومنه ينشأ النهار ، وينسحب حكم جميعه علي حكم تلك الحصة . فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر . بالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول ، وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثماني ساعات . وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه . ومن النوم الذي لا ينفع أيضا : النوم أول الليل ، عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه . فهو مكروه شرعا وطبعا . نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يجنبنا أسباب الردى ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
|
|