المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :التحذير من الغرور والعجب
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: التحذير من الغرور والعجب ، والتي تحدَّث فيها عن أنَّ الأخلاق والتصرُّفات طيبةً كانت أو خبيثة هي أماراتٌ لنفوسِ أصحابها، مُبيِّنًا خطورة المُعجَب بنفسِه، المُعتدّ برأيِه، والمغرُور الذي لا يرَى إلا نفسَه، ولا يرجِعُ إلى قولِ أحدٍ كائنًا مَن كان، وأنَّ مَن كانت هذه حالُه فهو على شرٍّ وخطرٍ عظيمٍ. الخطبة الأولى الحمد ُللهِ حمدَ مَن يشكُر النِعمة، ويخشَى النقمة، فلله الحمدُ ربِّ السماوات وربِّ الأرض ربِّ العالمين، وله الحمدُ في الأولى والآخرة وله الحكمُ وإليه تُرجَعون، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُ الله ورسولهُ سيِّدُ الأولين والآخِرِين، والمبعوثُ رحمةً للعالمين، شاهِدًا ومبشرًا ونذيرًا، ودَاعيًا إلى الله بإذنِهِ وسِراجا مُنيرًا، فصلوات ربِّي وسلامُه عَليه، وعَلى آل بيتهِ الطيبين الطَّاهرِين، وعلى أزواجِهِ أُمهات المؤمنين، وعلى أصحابِهِ والتابعين، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا. أما بعد .. فيا أيُها المُسلِمون: اتَّقوا الله حَقَّ التَّقوى، واستَمسِكوا مِن الإسلامِ بالعُروةِ الوُثقى؛ فتلك وصيةُ اللهِ الخالِدة للأولِينَ والآخرِين: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء:131]. عباد الله: إنَّ أخلاقَ الناس وتصرُّفاتهم طيبةً كانت أو خبيثةً إنَّما هي أماراتٌ لِنُفُوسِ أصحابها، ونُفُوسُهم كالأوعية، وكُلُّ وِعاءٍ بالذي فيه ينضَح. وإنَّ ثمةَ غفلةً استحكمَت بفئامٍ من الناس، فبلَغَت بهم مبلَغَ مَن يظنُّ أنه مُسرمَدٌ في هذه الحياة، وأنَّ رَحَى الأيام لا تدور عليه ولا على مَن حوله، فكانت نتيجةَ تِلكُم الغفلةِ صُدُورٌ وحِرة، وألسنةٌ مَذِقه، وغرورٌ ماحِق تندرسُ به جُملةٌ مِن معانِي الأخلاق الشريفة، كما يُدرَسُ وَشْيُ الثوب، فلا يُدرَى ما تواضعٌ، ولا رحمةٌ، ولا تَبَسُّطٌ، ولا لِين، لِيُصبحَ الجاهُ والمالُ، والنسبُ والمنصِبُ هو المعيارَ لدى عُشّاقِ الدنيا، الذين لم يستذكِرُوا أنَّ ذلكم كلَّه عوارِض سُرعان ما تَزُول بَعد أن كانت رسمًا ظاهرًا لا يَمَسُّ بواطنَ القلوب، { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْض } [الرعد : 17]. ولقد صدَقَ وهبُ بنُ مُنَبِّه حينما كتب إلى مكحول يقول له: أمّا بعد: فإنَّك قد أصَبتَ بظاهرك عِند الناس شَرفًا ومنزلةً، فاطلُب بباطن عملك عِند الله مَنزلةً وزُلفَى، واعلَم أنَّ إحدى المَنزِلَتين تُنازِعُ الاُخرى . إنَّهُ التحذيرُ مِن الغُرُورِ والعُجْب الذي ما حَلَّ بأحدٍ إلا أفسدَ عليه دِينَهُ ودُنياه. نعم، هو الغُرُور الذي يأكُلُ الحسنات، ويغتالُ التواضع، ويُذكِي الأعداءَ والمُبغِضين، ولو يعلَمُ المَغرورُ أنَّه يُخرِبُ بيتَه بغُروره الذي يظُنُّ أنّهُ يُرَمِّمُ بيته به لما توشَّحَ به طرفةَ عَينٍ. إنَّه ما مِن أحدٍ عرَفَ قدرَ نفسه إلا أنزلَها منزلَتَها، وأحسَنَ قيادَها، وكان لها كالخِطام، وأعطَى كلَّ ذي حقٍّ مِمَّن حولَه حقَّه، وإنَّه ما خالَطَ الغرورُ شيئًا إلا لَوَّثَه، ولا نَفَرًا إلا أزرَى بهم، ولا غَروَ عِبادَ الله؛ فإنَّ نُقطةً مِن الغرورِ كفيلةٌ بتلويث نَبعٍ من التواضع، ومِن المُقرَّر أنَّ ما أسكَرَ كثيرُه فقليلُهُ حرام. غرورُ المَرء - عِبَادَ الله - إنَّما ينطلِقُ من تقديرٍ خاطئٍ لِذَاتِه، فاقدًا المعيار الصحيح، فيُخيَّلُ إليه أنَّهُ يتمتع بِقُدراتٍ ليست فيه أصلًا، أو بقدراتٍ وهَبَه الله إياها، لكنّهُ أحالَ شُكرها إلى إعجابٍ وبَطَر، فيندفع إلى تصرفاتٍ غير مبررةٍ، ولا مبنيةٍ على اُسٍّ صحيح. ومُخطئٌ مَن يظُنُّ أنَّ ذلك مِن بابِ الثقةِ بالنَّفس، كلّا؛ لأنَّ الثقةَ بالنَّفس خِلافُ ذلِكُم، فهي مبنيةٌ على اُسٍّ صحيح وتصرفاتٍ مُبرَّرة؛ إذ ثمَّةَ فُروق ظاهرة بين الغرورِ وبين الثقةِ بالنفس، فالثقةُ بالنفس سببها وجود، والغرور سببُه نقصٌ أو عدَم، والثقةُ بالنَّفس اعتزازٌ بِها واطمئِنان، والغرور تَلَبُّسٌ بكمالٍ وعظمةٍ وَهمِيَّين، والثقةُ بالنَّفس عَفويةٌ غيرُ مُصطنعة، والغرورُ اصطناعِيٌّ تكلُّفيٌّ، والثقةُ بالنَّفس تغرِسُ مفهوم التواضع لدى صاحِبِها، والغرور عكس ذلك؛ حيث يَؤُزُّ صاحبه إلى التَّكَبُرِ أزًّا. والمُحصِّلةُ - عباد الله - أنَّ الثقة بالنفس سُلَّمٌ إلى الرِّفعة، والغرور مُنحَدَرٌ إلى السُّقُوط بِلا شَكٍّ. وكما قيل: إنَّهُ ما بين الثقةِ بالنَّفس وبين الغُرورِ إلا شَعرة. والثقةُ بالنَّفس مَطلَبٌ حيٌّ وخُلُقٌ مُحَبَّبٌ، وهي اطمِئنانٌ لصفات موجودة في الواثق، محكومٌ بتواضُعٍ وقَنَاعةٍ بأنَّ ثَمَّةَ مَن هو أعلى مِنه، كما أنّه أعلى مِمَّن دُونَه. فإن لم يكُن كذلك اختالَ وتَكَبَّر بما يملِكُه مِن مُقَوِماتٍ حقيقية، أو بما يتوهَّمه أنَّه فِيه، وهذا هو الغُرورُ بِعينِه، وما الشعرة التي تفصِل بينه وبين الثقةِ بالنَّفس إلا في مُباهاة الواثقِ بنفسه إلى دَرَجَةِ الزُّهوِّ والإعجاب، فتلك الشَّعرة التي بانقطاعها يتخبَّطُه الغرورُ فيستقوي به حتى يحسبَ أن لن يقدِرَ عليه أحد، ويُعمِيه عن حقيقته، ويُصِمُّه عن سَماع عِيُوبِه حتى يحسَبَ أن لم يرَها أحد. الغُرور - عبادَ الله - كَرِمالٍ مُتحركةٍ لا يستطيع أن يمشي عليها بقدَميه ظاهِرتين، بل كُلّما أخرجَ منها قَدَمًا غارَت فيها القدم الاُخرى، ومَن كانت هذه حالُه فأنَّى له أرضٌ صلبة يُحسنُ المشيَ عليها لِيصِلَ إلى مُبتغاه دُون تأخُر. وفي الحديث عند البيهقي وغيرِه بسندٍ حَسَن: ( ثلاثٌ مُهلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطاعٌ، وهوًى مُتَّبعٌ، وإعجابُ المَرءِ بِنَفسِهِ ). الغرورُ - عِبادَ الله - سَكرةٌ ناجِمةٌ عن جُرعةٍ زائدةٍ مِن الإعجاب بالنفس، حجَبَت عن عقل صاحبِها حَقَّ ربِّه، وحَقَّ نفسه، وحَقَّ الآخرين، حتى تُفضِي به إلى تضخيم نفسه وإسباغِه عليها هالةً مِن الكمالِ الزائِف والإعجابِ بالذَّات إلى درجةٍ يفقِدُ بها القُدرةَ على رؤيةِ الاُمور مِن وِجهَات نظرِ الآخرين مِن حوِله، فلا يَرَى إلا نفسه، ولا يَقْبَلُ إرشادًا أو تنبيهًا، بل إنّه يُلبسُ غرورَهُ اسمَ الثقة والاعتزاز بالنفس، ويُلبِسُ إرشادَ الآخرين له وتنبيههم إياه اسمَ الحسد والغَيرَة، فيُكثِر التبريرَ لأخطائه وعَثَرَاته، ويُشكِّكُ في كفاءات الآخرين، وينظر إليهم نظرةَ احتِقارٍ لا تنفكُّ عنه. فأحبُّ النَّاسِ إليه مَن يكون رَجعَ صَدًى لقولهِ ورأيه، فتكون سِماتُه بمجموعها سِمَاتٍ طاردِةً لا سماتٍ جالِبَة، وتلك - لعمرُ الله - غائِلةُ المغرور، ومقبرةُ فلاحِه؛ لأنهُ يخطئُ على نفسه وعلى الآخرين، فخطؤهُ على نفسه أنَّه قيَّمَها بأكبر مِن حقيقتها، وألبَسَها ما ليسَ لها، وخطؤهُ على الآخَرِينَ أنه قيَّمَهم بأقلَّ مِن حقيقَتِهم، فكالَ بمكياليَن حتى وقعَ في التطفيف الأخلاقي. إنه لن يسلَم المغرورُ مِن غروره إلا إذا أنصَفَ مِن نظرته إلى نفسه، ونظرته إلى الآخرين، ونظرته إلى الدنيا؛ ففي نظرته إلى نفسه يُدركُ أنَّه خُلِقَ مِن طينٍ لازِبٍ لم يكتَسِب الفضلَ مِن لونه، ولا نَسَبِهِ، ولا جاهِهِ، ولا وظيفته، وفي نظرته للآخرين يُدركُ أنَّ جميعهم لآدم، وآدم مِن تراب، وأنَّ الله فضَّلَ بعضَهم على بَعض، ورَفَعَ بعضَهُم فوقَ بعضٍ درجات ليتَّخِذَ بعضُهم بعضًا سُخريًّا، وأنَّ المعيارَ الجامعَ بينهم هو تَقوَى الله: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13]. روى مسلمٌ في صحيحه: أنَّ نَافِعَ بنَ عبدِ الحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ رضي الله عنه بعُسفَانَ، وَكانَ عُمَرُ يَستَعمِلُهُ علَى مَكَّةَ، فَقالَ: مَنِ استَعمَلتَ علَى أَهلِ الوَادِي؟ فَقالَ: ابنُ أَبزَى، قالَ: وَمَنِ ابنُ أَبزَى؟ قالَ: مَولًى مِن مَوَالِينَا، قالَ: فَاستَخلَفتَ عليهم مَولًى؟ قالَ: إنَّه قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإنَّه عَالِمٌ بالفَرَائِضِ، قالَ عُمَرُ: أَمَا إنَّ نَبِيَّكُم صلى الله عليه وسلم قد قالَ: ( إنَّ اللَّهَ يَرفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ ). وأما في نظرته للدنيا فهي أنَّها دارُ مَمَرٍّ، وتقلُّب لا يدومُ لها حال، وأنها لا تُساوي عند الله جناحَ بعَوضة، وأنَّه ما به إلا صَبوَةٌ سيعقُبُهُا هرَمٌ ونَدَمٌ. أيُّها المغرورُ ما هذا الصِّبَا لو نَهَيتَ النَّفسَ عنهُ لانتَهَتْ أنَسِيتَ المَوتَ جَهلًا والبِلَى وَسَلَتْ نَفسُكَ عنهُ وَلَهَتْ إنَّه ما التمَسَ أحدٌ السعادةَ بالغرور والعُجب إلا شقِيَ وخاب، ووقَعَ في نقيض مُراده، والمُشاهَدُ واقعًا أنَّ معظم المغرورين ليسُوا سُعداء في الحقيقة، بل إنَّهم يتجرَّعُون التعاسَةَ بغرورهم أضعافًا مُضاعَفة؛ فالغرورُ بالنسبةِ لهم كالماء المالِحِ كلما شرِبَ منه المغرورُ شربةً ازداد عطشًا، فكان كالذي يتداوَى بدائِه المُبتلَى به، فأنَّى لمثله الشفاء؟! نعم، لقد أشعَرَه غرورُه بالانتِفاخ، لكنه لا يعلُو به، وإنما يتدحرَجُ بسببه إلى الأسفل، وأنَّه مهما نفَخَ صدرَه فإنَّما أدخَلَ فيه هواءً وحَسب لن يُمكِّنَه مِن الطيران في الهواء، ولا بلوغ قِمَم الجبال، ولقد صدق الله: { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } [الإسراء: 37، 38]. باركَ الله لي ولَكُم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقولُ قَولِي هذا، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائِرِ المُسلمين والمُسلمات مِن كل ذنبٍ وخَطيئةٍ، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنَّ ربي كان غفورًا رحيمًا. الخُطبة الثانية الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى. أمَّا بعد: فاعلموا - يا رعَاكُم الله - أنَّ الغرورَ لا يعني القوة،كما أنَّ التواضُع لا يعني الضعف، فما المغرورُ إلا ضعيفٌ ذَلِيلٌ أمام هواه، وما المتواضِعُ إلا قويٌّ أمام دواعي الهوى والغرور والعُجْب. ثُمَّ لتعلموا أيضًا أنَّ الغرورَ أعلاه إلحادٌ وكفرٌ بالله، وأدناه بَطَرُ الحق وغَمطُ الناس؛ فأما الغرورُ المُفضِي إلى الإلحاد والكفر بالله، فقد قال الله جلَّ شأنه: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } [الحج: 8، 9]. أي: لاويًا بجانبه غرورًا واستكبارًا. وذَكَرَ ابن الجوزي رحمه الله عن ابن الرَّاونديِّ المُلحِد المشتهر بالذكاء، أنَّه قد جاعَ يومًا واشتدَّ جُوعُه، فجلسَ على الجِسر وقد أمَضَّهُ الجوعُ، فمَرَّت خيلٌ مُزَيَّنةٌ بالحرير والدِّيباج، فقال لِمَن هذه؟ فقالوا: لِفُلان، فَمَرَّت جَوَارٍ مُسْتَحَسَنَاتٍ، فقال: لِمَن هذه؟ فقالوا: لِفُلان، فَمَرَّ به رجلٌ فرآه وعليه أثرُ الضُّرِّ، فَرَمَى إليهِ رَغِيفَين، فأخذَهُما وَرَمَى بهما، وقال: هذه الأشياء لِفُلان وهذان لي؟! أي: مُحتَجًّا بذلك على ربِّه غرورًا واستكبارًا، وما عَلِمَ ذلك المغرور بذكائِه أنَّه بهذا الاعتِراض أهلٌ لهذه المجاعة. قال الحافظُ الذهبيُّ رحمه الله مُعلِّقًا على مثل هذا: فَلَعَنَ اللهُ الذكاءَ بلا إيمانٍ، ورضِيَ الله عَن البَلادَةِ مع التقوى . وأما الغرورُ المُفضي إلى البَطَر والغَمط، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( الكِبرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمطُ النَّاسِ )؛ رواه مسلم. قال النوويُّ رحمه الله: أمَّا بطَرُ الحقِّ فهو دَفعُه وإنكارُه تَرَفُّعًا وتجبُّرًا، وأما غَمطُ الناس فهو احتِقارُهم . وحاصِلُ الأمر - عِبادَ الله - أنَّه لا يُطفِئُ نار الغرور شيءٌ كاستِحضار الآيات القرآنية وسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم التي تُبيِّن أصلَ الناس، وأنهم مِن جِهة التَّمثَال أكْفاء؛ فأبوهم آدم، وأمُّهم حواء، وإن يكن لهم من أصلِهم نسَبٌ يُفاخِرُون به فالطينُ والماء، فلا مرجِعَ للمال، ولا الجاه، ولا النَّسَب، ولا الذكاء، ولا المَنصِب في تفاضُل الناس عند الله، ولا في عُلُوِّ بعضِهم على بعضٍ، ولقد صَدَق الله إذ قال: { بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ } [المائدة: 18]. هذا وَصَلُّوا - رحِمَكم الله - على خيرِ البريَّة، وأزكَى البشريَّة: محمد بن عبد الله صاحبِ الحوض والشَّفاعة؛ فقد أمَرَكم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسِه، وأيَّه بكم - أيها المُؤمنون -، فقال - جلَّ وعلا -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك صاحِبِ الوَجهِ الأنوَر، والجَبِين الأزهَر، وارضَ اللهم عَن خُلفائِه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ صحابةِ نبيِّك مُحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعن التابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وجُودِك وكَرمِك يا أرحم الراحمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المُؤمنين. اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين، ونفِّس كَربَ المكرُوبِين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينِين، واشفِ مَرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ مَن زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها. اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمَّتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعَل ولايتَنا فيمَن خافَك واتَّقَاك، واتَّبعَ رِضاك يا ربَّ العالمين. اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضاه مِن الأقوالِ والأعمالِ يا حيُّ يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفِّقه ووليَّ عهدِه لما فيه صلاحُ البلاد والعباد. اللهم كُن لجنودنا على الثُّغور، اللهم كُن لجنودنا على الثُّغور، اللهم كُن لجنودنا على الثُّغور، اللهم ثبِّت أقدامهم، وسدِّد سِهامَهم وآراءَهم يا ذا الجلال والإكرام. اللهم ما سألناك مِن خيرٍ فأعطِنا، وما لم نسأَلك فابتَدِئنا، وما قصُرَت عنه آمالُنا من الخيرات فبلِّغنا. سبحان ربِّنا رَبِّ العزة عما يصِفُون، وسلامٌ على المُرسَلين، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
|
|
|