المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
79 - خطبتى الجمعة بعنوان ( عــزة المــؤمــن )
79 - خطبتى الجمعة بعنوان ( عــزة المــؤمــن ) الحمد لله الكبير المتعال ، رب السماوات و الأرض و ما فيهن و العليم بكل حال ، أحمده سبحانه و تعالى و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، تفرد بالعظمة و الكبرياء ، و توحد بالعز و البقاء . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فيما نقضه و أبرمه ، و أشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله و رسوله ، اجتباه ربه فأكرمه ، و اصطفاه فكرّمه ، أعزه على الخلائق و من شرهم عصمه . صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله الطيبين الطاهرين ، و صحابته الغر الميامين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أمــا بــعــد : فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عز و جل ، فاتقوا الله رحمكم الله ، فمن اتقى ربه فاز و سعد ، و نال يوم الجزاء جميل ما وُعد ، أخلصوا لربكم في العبادة و الطاعة ، و الزموا الجمعة و الجماعة ، و بادروا بالأعمار صالح الأعمال ، و أعدوا العدّة ليوم لا بيع فيه و لا خلال ، اعتبروا بما طوت الأيام من صحائف السالفين ، و اتعظوا بما أذهبت المنايا من أماني المسرفين . أيها المسلمون : الكبرياء على العباد صفة رب العباد ٬ الذى خلق فسوى ٬ و الذى قدر فهدى ٬ و الذى إذا ظهر قهر ٬ و إذا تجلى طاشت لأنوار جلاله ألباب البشر : }فلله الحمد رب السماوات و رب الأرض رب العالمين ٬ و له الكبرياء في السماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم } . و ذلة العباد لربهم ذلة بالحق لا بالباطل. فالخلق و الأمر ، و الغنى و الملك له وحده. و مصاير العباد رهن مشيئته و طوع إرادته. و هم إنما يكونون فى أزكى أحوالهم ساعة تعنو جباهُهُم لرب العزة فى السجود الخاضع الطويل. عندئذ يعرفون وضعهم و يلزمون حدهم ٬ و يعطون الخالق الكبير حقه الذى لا مرية فيه. و لا عدوان فى تقريره. أما ذلة العبد لعبد مثله فباطل لا ريب فيه . و المتكبر منهما متطاول مبطل ، يزعم لنفسه ما ليس لها ، و الوضيع المستعبد جاهل بقدره ٬ تحمّل من الأوزار ما لا يطيق . عباد الله : لقد حرم الإسلام الذل و أوجب العزة ، حرم على المسلم أن يهون ٬ أو يستذل ٬ أو يستضعف ٬ و رمى فى قلبه القلق و التبرم بكل وضع يخدش كرامته و يجرح مكانته . رُوى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه . و من أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو الله تعالى . و من تضعضع لغنى لينال مما فى يديه أسخط الله ٬ و من أُعطى القرآن فدخل النار ٬ فأبعده الله ) . و فى رواية ( من جلس إلى غنى فتضعضع له ٬ لدنيا تصيبه ٬ ذهب ثلثا دينه ٬ و دخل النار . ( و هذا الحديث يستنكر الضراعة التى تظهر على بعض الناس حين تمر بهم الأزمات ٬ فيبكون ما فقدوا من حطام ٬و يصيحون بالخلق طالبين النجدة ٬ و يتمرغون فى تراب الأغنياء انتظار عرض يفرضونه لهم ، أو يقرضونه إياهم . إن التألم من الحرمان ليس ضعة ٬ و لكن تحول الحرمان إلى هوان هو الذى يستنكره الإسلام. فقد مضت سنة الرجولة من قديم الزمن أن يتحامل الجريح على نفسه حتى يشفى فيستأنف المسير بعزم ٬ لا أن يخور ٬ ثم يتحول إلى كسيح ٬ ثم ينتظر الحاملين. و فى الحديث عنه صلى الله عليه و سلم ( من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا ) . إن اعتزاز المسلم بنفسه و دينه و ربه هو كبرياء إيمانه ٬ و كبرياء الإيمان غير كبرياء الطغيان ٬ إنها أنفة المؤمن أن يصغر لسلطان ٬ أو يتضع فى مكان ٬ أو يكون ذنبا لإنسان. هى كبرياء فيها من التمرد بقدر ما فيها من الاستكانة ٬ و فيها من التعالى بقدر ما فيها من التضامن: فيها الترفع على مغريات الأرض ، و مزاعم الناس و أباطيل الحياة ٬ و فيها الانخفاض إلى خدمة المسلمين و التبسط معهم ٬ و احترام حقوقهم ٬ فيها إتيان البيوت من أبوابها ٬ و طلب العظمة من أصدق سبلها. { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه و الذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد و مكر أولئك هو يبور } . العزة و الإباء و الكرامة ، من أبرز الخلال التى نادى بها الإسلام ٬ و غرسها فى أنحاء المجتمع ، و تعهد نماءها بما شرع من عقائد و سنّ من تعاليم و تأملوا رحمكم الله ، تأملوا في نداء المؤذن خمس مرات كل يوم مناديا بتكبير الله وحده فى بداية الأذان و نهايته ؟ علام يفعل ذلك ؟ و لماذا يتكرر هذا التكبير فيكتنف حركات الصلاة كلها من قيام و قعود ؟ ذلك لكي يوقن المسلم يقينا لا يهتز و لا يزيغ ٬ أن كل متكبر بعد الله فهو صغير ٬ و إن كل متعاظم بعد الله فهو حقير ٬ و كأنما و كل إلى هذا النداء أن يرد الناس إلى الصواب كلما أطاشتهم الدنيا ٬ و ضللتهم متاهاتها الطامسة . و توكيدا لهذه المعانى اختار الله عزّ و جل إسمى العظيم و الأعلى من أسمائه الحسنى ليكررها المسلم فى أثناء ركوعه و سجوده ٬ فتشربُ روحُه إفرادَ رب العالمين بالعظمة و العلو.. إخوة الإيمان : العزة حق يقابله واجب ٬ و ليس يسوغ لامرئ أن يطالب بما له من حق ، حتى يؤدى ما عليه من واجب ٬ فإذا كلفت بعمل فأديته على أصح وجوهه فلا سبيل لأحد عليك ٬ و لا يستطيع من فوقك و لا من دونك مرتبةً ، أن يعرض لك بلفظ محرج ٬ أو ينفذ إليك باللوم و التقريع . إن ألد أعدائك حينئذ يتهيبك . يقول الله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } إن ارتكاب الآثام سبيل السقوط و الإهانة ٬ و مزلقة إلى خزى الفرد و الجماعة . و قد بين الله أن الهزيمة فى غزوة أحد كان سببها ما ارتكبه البعض من مخالفات . { إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم } . و الإسلام عندما أوصى المسلم بالعزة هداه إلى أسبابها ٬ و يسر له وسائلها ٬ و أفهمه أن الكرامة فى التقوى ٬ و أن السمو فى العبادة ٬ و أن العزة فى طاعة الله ، و المؤمن الذى يعلم ذلك و يعمل به ، يجب أن يأخذ نصيبه كاملا غير منقوص فى الحياة الرفيعة المجيدة. فإذا اعتدى عليه أحد ، أو طمع فيه باغ ، كان انتصابه للدفاع عن نفسه جهادا فى سبيل الله. و موته دون حقه شهادة في سبيل الله : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ٬ أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى ؟ قال صلى الله عليه و سلم: لا تعطه مالك قال : أرأيت إن قاتلنى ؟ قال : قاتله! قال : أرأيت إن قتلنى؟ قال : فأنت شهيد! قال أرأيت إن قتلته ؟ قال: هو فى النار. نعم: ( إن من عزة المؤمن ألا يكون مستباحا لكل طامع ٬ أو غرضا لكل هاجم. بل عليه أن يستميت دون نفسه و عرضه. و ماله و أهله. و إن أريقت فى ذلك دماء ) فإن هذا رخيص لصيانة الشرف الرفيع . و إنما شرع الله الثأر من المظالم ٬ إعزازا لجانب المظلوم و إضعافاً لجانب العادى فعلق المسلم بحقوقه و ملأ بها يديه ٬ و أغراه أن يتشبث بها فلا ينزل عنها إلا عفوا كريما ٬ أو سماحة تزيده عزا على عز . . . أيها الإخوة الأحبة : و لما كان فى النفس الإنسانية شىء من الضعف أو القلق ٬ ربما حملها على الخنوع لمن يملك الفصل فى أمورها و قضاء مطالبها ٬ و ربما انزلق بها إلى مواقف تجافى الكرامة ٬ لذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نستكين فى هذه الأمور و أن تبقى جباهنا عالية و نحن نسعى إلى ما نبغى فقال عليه الصلاة و السلام ) اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجرى بالمقادير( أيها المؤمنون : البشر و لو اجتمعوا بأسرهم أذل من أن يمنعوا شيئا أعطاه الله ٬ و أقل من أن يعطوا شيئا منعه الله ، و على المسلم أن يرد مصاير الأمور إلى مدبرها الأعظم. و أن يجعل فيه الثقة و عليه المعول . و ليكبر دينه فلا يذل به ٬ و ليملك نفسه فلا يعطى فرصة لأحمق كي يستعلى عليه و يستكبر ٬ فإن أمراً لن يتم إلا إذا أمضاه الله { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم } إن مظهر السلطة الذى يمنحه الله طائفة من العباد لا يغير قيد شعرة من إرادة القاهر فوق العباد . و حينما يخالجنا الشعور بالعجز و الغلبة على أمرنا ، فلنتيقن أن هذا الإحساس و الشعور منتف فى حق الله الذى لا يُعجزه شيء في الأرض و لا في السماء { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } . إن الأدنى إلى الحق ٬ و الأقرب إلى النفع ٬ و الأرشد فى علاج المشاكل
أن يظل المسلم منتصب القامة مرتفع الهامة ٬ لا تدنيه حاجة و لا تطويه شدة يجأر إلى مولاه بالدعاء و يكشف انكساره لربه وحده ٬ فلا يبدى صفحته لمخلوق ٬ فاقهاً قول الله له { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم } . بارك الله لي و لكم في الوَحيين ، و نفعني و إيّاكم بهدي سيِّد الثقلين ، أقول قولي هذا ، و أستغفر الله العظيم الجليل لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ ، فاستغفروه و توبوا إليه ؛ سبحانه إنه كان توّابًا رحيما . الحمد لله المتوحد بالعظمة و الجلال ، المتصف بصفات الكمال ، أحمده سبحانه و أشكره شكراً يزيد النعم و يحميها من الزوال . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله أنقذ الأمة من الضلال ، و هدى بإذن ربه إلى أشرف الخصال ، صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله و أصحابه خير صحب و آل ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أمــا بــعــد : فاتقوا الله عباد الله ، و اعلموا أن الناس يذلون أنفسهم ٬ و يقبلون الدنية فى دينهم و دنياهم ٬ لواحد من أمرين: إما أن يصابوا فى أرزاقهم ٬ أو فى آجالهم. و الغريب أن الله قطع سلطان البشر على الآجال و الأرزاق جميعا ٬ فليس لأحد إليهما من سبيل: فالناس فى الحقيقة يستذلهم الحرص على الحياة و الخوف على القوت. فهم من خوف الذل فى ذل ٬ و من خوف الفقر فى فقر. { أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور * أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور } يقول ابن القيم فى مناجاة الله : يا من ألوذ به فيما أؤمله ! و من أعوذ به مما أحاذره ! لا يجبر الناس عظما أنت كاسره و لا يُهيضون عظما أنت جابره ! ذلكم هو التوحيد الكامل. و ذلكم ما يجب أن يُستشفى به أولئك الضعاف المساكين ٬ الذين يريقون ماء وجوههم فى التسكع على الأبواب ٬ و التمسح بالثياب ٬ و الزلفى على الأعتاب . يقول صلى الله عليه و سلم : { إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله } . و عن ابن مسعود أن رسول الله قال { ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلى أمرتكم به ٬ ولا عمل يقرب إلى النار إلى وقد نهيتكم عنه ٬ فلا يستبطئن أحد منكم رزقه . فإن جبريل ألقى فى روعى أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه . فاتقوا الله أيها الناس و أجملوا فى الطلب . فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله ؛ فإن الله لا ينال فضله بمعصيته } ثم صلوا و سلموا على الرحمة المهداة و النعمة المسداة ؛ نبيكم محمد رسول الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز قائلاً عليماً : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } [الأحزاب:56]. اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمد و على آله الطيبين الطاهرين و على أزواجه أمهات المؤمنين و ارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، و عن الصحابة أجمعين و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و عنَّا معهم بعفوك و إحسانك و جودك يا أكرم الأكرمين . و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه : ( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) . فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ، و أكمله و أسناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ، و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ، و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك . اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين . اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ، و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة امورنا ، و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ، و أنصر عبادَك المؤمنين ... ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم أنتهت
|
|
|