المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة 165 بعنوان : الغيبة و الوشاية و النميمة
165 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الغيبة و الوشاية و النميمة) أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب الحمد لله الصادق القيل، خصَّنا بأقومِ شريعةٍ وأحكم تنزيل، أحمده سبحانَه وأشكره وعد الصادقين بأعظم المثوبةِ ومزيدِ الفضلِ والتَّبجيل، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له شَهادةً نرجُو بها في دارِ الكرامةِ الظِّلَّ الظّليل، وأشهد أنَّ سيدنا و نبيَّنا محمَّدًا عبد الله ورسوله خير من أرسِل بأزكى خصالٍ وأسطع دليل، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان في أكرم الشِّيَم وأقوم السّبيل، وسلَّم تسليمًا كثيرا. فأوصيكم -أيها المسلمون- و نفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فاتقوا الله رحمكم الله، فلقد نطقَت الغِيَر بالعِبَر، فانظروا لخلاصكم قبل انقضاءِ أعماركم، واعتبِروا بمن مضَى من القرونِ والأقران، وسلُوا القبورَ عن ساكنِيها، فالعاقلُ مَن راقبَ العواقبَ، ومن أخطأَته سهامُ المنيَّة قيَّده عِقالُ الهَرَم، ألا يكفي زاجرًا للمُقيمين مَن رحَل؟! فإذا عزمتَ -يا عبد الله- على الخير فبادِر، فالموت يفصِمُ العُرى، وليس في الآخرةِ مِن عِوَض، وسَكرانُ الهوى بعيدُ الإفاقة. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * } [المنافقون: 9-11]. أيُّها المسلِمون ، داءٌ وَبيل وشرٌّ خَطير يُولِّد أَعظمَ الشّرور، ويُنتِج أشدَّ المفاسِدِ، كَم أُدمِيَت به من أفئدة، وقَرَحَت من أكباد، وقُطِّعت من أرحام، وقُتِّل مِن أبرياء، وعُذِّب مظلومُون، وطُلِّقَت نِساء، وقُذِفَت مُحصَنات، وانتُهِكت أَعراض، وتفكَّكَت أُسَر، وهُدِّمَت بيوت! بل كم قد أُوقِدت به مِن فتن، وأُثِيرت نعَرات على مُستوى الأفراد والأُسَر والبُلدان والأقاليم، ففسَدت العلاقاتُ، وساءت الظّنون، ولم يَدَع هذا الداءِ للصُّلح موضعًا، ولا للوُدِّ مكانًا. مرضٌ خطيرٌ مِن أمراضِ القلوب وآفاتِ اللسان وأدواءِ المجتمعات، وعَصرُنا في إعلامه واتصالاته ومواصلاته ساعَدَ على انتشارِه وزاد في آثارِه، هل عرفتم هذا الداءَ عبادَ الله؟! إنَّه مرض الوِشاية والسّعاية وبلاءُ النّميمة وقَالةُ السوء؛ نقلُ الكلام بينَ الناس على جهةِ الإفساد وزرع الأحقاد وبثِّ الضغائن . النميمةُ رأس الغدر، وأساسُ الشرّ، { وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [القلم: 10-13]. صِفاتٌ مُتواليات، ونُعوتٌ مُتتابعات، كلُّ خصلةٍ أشدُّ من الأخرى، حلاَّفٌ كثيرُ الحلِف؛ لأنّه يعلَم من نفسِه عدَمَ صِدقِه وشكَّ الناس فيه وانتزاعَ الثقة منه، مَهينٌ حقير ولو بدا جميل الهيئة بهيَّ الطلعة؛ لأنّه لم يُكرِم نفسَه في داخِله، ولم يقدُر النّاسَ حق قدرهم، والمهانة صفةٌ نفسية تلصَقُ بالمرء ولو كان ذا جاهٍ أو مالٍ أو جمال . همَّازٌ غمَّاز باللَّحَظ واللّفظ والإشارة والحضور والغَيبة . منَّاعٌ للخير عن نفسه وعن غيره، مُعتدٍ مُتجاوزٌ للحق والعدل والإنصاف، فضلاً عن أن يكونَ من أهل الإحسان ونشر الخير والمحبة . أثيمٌ واقعٌ في المحرمّات، والغٌ في المعاصي، عُتُلٌّ فظٌّ قاسٍ مكروهٌ ولو بدَا فيه لُطفٌ مُتصنَّع ورقَّةٌ مُتكلَّفة، زنيمٌ شرير يحبُّ الإيذاء ويستمتعُ ببذل الشرّ وزرع الأحقاد. النمَّامُ -معاشر الأحبة- ذو الوجهين، يُقابِل هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، مُتلوِّن حسبَ المواقفِ والمصالح، ما دفعَه إلا عداوةٌ وبَغضاء، أو مُشاركة أصحابِ السوءِ ورفاقِ الرذيلة، أو حبّ التحدُّث، أو التسلي في المجالس بأعراض الناس، أو إرادة السوء بمن حكَى عنهم ووقَع فيهم. الواشي ينسَى نفسَه ويشتَغِل بعيوب غَيره، إن علِم خيرًا أخفاه، وإن درَى بشرٍّ أفشَاه، وإن لم يعلَم هذا ولا ذاك امتطَى مطيَّة الكذِب والبهتان. الواشُون والنمَّامون باعوا دينَهم بدنيا غيرهم، ورضا الناس بسخَط الله، تملَّقوا الناس ولم يخافوا الله، لا بتضييع الأمانةَ، وانتهاك الأعراضَ وتقطيعها. النمَّامُ لسانُه حلو وقلبُه يلتهِب، يُفسِد في ساعَة ما لا يُفسِده السّاحر في سَنَة، لا يعرف للشّهامة سبيلاً ولا للمروءة طريقًا، كم حمَل هذا النمَّامُ من الأوزار والآثام والخطايا ! ولهذا جاء في الحديثِ الصحيح المتفق عليه عن حذيفة رضى الله تعالى عنه . ( لا يدخل الجنةَ نمَّام ) و قد مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه و آله و سلّم بقبرَين فقال عليه الصلاة و السلام : ( إنهما ليُعذَّبان ، و ما يُعذَّبان في كبير ؛ بلى إنّه كبير ، أمّا أحدهما فكان يمشِي بالنميمة ، و أما الآخرُ فكان لا يستتِرُ من البول ) متفق عليه. وفي الحديث الآخر : ( تجدُ من شرِّ الناس عند الله يومَ القيامة ذا الوجهين ، الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ و هؤلاء بوجهٍ ) ، ويقول أبو هريرة رضى الله تعالى عنه : " النمَّامُ شرّ خلق الله ". |
|
|