المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة 183 بعنوان : السفر قطعة من سقر
183 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الـسـفـر قـطـعـة مـن سـقـر ) ألقاها فضيلة الأخ الشيخ / نبيل بن عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب الحمد لله تعظم ملكوته فاقتدر ، و عز سلطانه فقهر ، و أشهد أن لا إله إلا الهه وحده لا شريك له أمرنا بتقواه في الحضر و السفر ، و أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله و رسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله السادة الغرر ، و التابعين و من تبعهم بإحسان و سلم تسليماً كثيراً . فيا عباد الله خيرُ الوصايا الوصيّة بتقوى ربِّ البرايا ، فتقواه سبحانه أنفع الذخائر للمسلم و أبقاها ، و آكدُ المطاب و أقواها ، في قفوها منازلُ الحقّ و التوفيق ، و في التزامها الاهتداء إلى الرأي الثاقبِ الوثيق ، فاتقوا الله رحمكم الله في كلّ أحوالكم ، في حلّكم و ارتحالكم، و ظعنِكم و انتقالكم ، و مَن تنكّب سواء التقوى انقلب خاسئًا و هو حسير ، فلبئس المولى و لبئس العشير. أيها المسلمون : ما أكثر ما يسافر الناس لشؤون حياتهم ! مادية أو معنوية ، و لقد سافر رسول الله صلى الله عليه و سلم مرات و مرات ، إبّان شبابه قبل البعثة جهاد و تجارة ، و بعد نبوته ما بين حج و عمرة . و السفر غالباً يعري الإنسان من الأقنعة التي كانت تحجب طبيعته ، و ما سمي السفر سفرا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ، و لذا فإن السياحة في الأرض , و التأمل في عجائب المخلوقات ، مما يزيد العبد معرفة بربه ـ عز و جل ـ ، و يقينا بأن لهذا الكون مدبرا ، لا رب غيره و لا معبود بحق سواه . فالمسافر يتأمل ثم يتدبر ثم يخشى ، كل ذلك حينما يرى عجيب صنع الله و عظيم قدرته { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } [ النمل : 88 ] . و لقد أنكر الله ـ سبحانه ـ على من فقد هذا الإحساس المرهف بقوله تعالى { وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [ يوسف : 105 ] . السفر عباد الله معترى بحالتين اثنتين : حالة مدح و حالة ذم ؛ فالخروج من الملل و السآمة و الضيق و الكآبة من الناس و المكان للتأمل في خلق الله ، أو طلب علم نافع ، أو صلة قريب أو أخ في الله هو سمة السفر الممدوح ، و هو مذموم أيضا ، من جهة كونه محلا للمشاق و المتاعب ؛ لأن القلب يكون مشوشا و الفكر مشغولا من أجل فراق الأهل و الأحباب ؛ و لذا قال فيه النبي صلى الله عليه و سلم : ( السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم طعامه و شرابه و نومه ، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله ) [ رواه البخاري و مسلم يرحمهما الله ] . و المراد بالعذاب يا عباد الله الألم الناشئ عن المشقة ، لما يحصل في الركوب و السير من ترك المألوف . و لقد ذهب بعض أهل العلم كالخطابي و غيره ، إلى أن تغريب الزاني ، إنما هو من باب الأمر بتعذيبه ـ و السفر من جملة العذاب ـ و لقد سئل فضيلة إمام الحرمين : لم كان السفر قطعة من العذاب ؟ فأجاب على الفور : لأن فيه فرقة الأحباب . إخوةَ العقيدة إنّ السفر الذي احتُسب فيه الأجر و الثواب و حُرِص فيه على الطاعة لهو بحقّ روضة للعقول , و بلوغ للأنس المأمول ، و هو مَجْلاة للسّأمة ، و بُعدٌ عن الرّتابة و النمطيّة ، و فضاءٌ رحب للاعتبار و الادكار ، { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } [ العنكبوت : 20 ] . إبّان السفر تتجلّى عظمة الخالق البارئ سبحانه ، فتخشعُ له القلوب أمام بديع السموات و الأرض ، أمامَ بديع خلقِ الطبيعة الخلاّبة , و تسبّحه الروح لمفاتنها الأخّاذة الجذّابة ، أراضٍ شاسعةٌ فسيحة ، أنبتت أجملَ زهر بأطيب ريح ، { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } [ النمل : 60 ] ، { أَمَّن جَعَلَ ٱلأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ } [ النمل : 61 ] . فسبحان الله عباد الله مشاهدُ في الطبيعة ذائعة ، و مخلوقات بديعة تدهِش الألباب ، و في إتقانها العجب العجاب ، تفعِم النفسَ و القلب مسرّة و ابتهاجًا ، لكن شريطةَ أن تكونَ على ممسٍّ من القلب و الروح و الفكر . و سبحانَ الله ، كم يغلب على كثير من الناس أن يمرّوا بهذه المناظر و كأنهم إزاءَها دونَ نواظر ، { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ } [ الحج : 46 ] . التعديل الأخير تم بواسطة بنت الاسلام ; 06-07-2013 الساعة 12:15 AM |
|
|