المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام مكتوبة بعنوان : رمضان و أحوال الأمة
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبتي الجمعة بعنوان: رمضان وأحوال الأمة والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وما فيه من فضائل وحِكَم، وحثَّ الناس على التنافُس في طاعة الله تعالى في رمضان خاصَّةً، ولم ينسَ التعريج على أحوال المسلمين في كل مكان ووجوب تذكُّرهم بالصدقات. الحمد لله، الحمد لله الذي فاضلَ بين الأيام والشهور، وجعلَ شهرَ رمضان محلاًّ لأعظم العبادات ومربَحًا لأجزَل الأجور، أحمدُ ربي تعالى وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه فهو الرحيمُ العفوُّ الغفور، وهو الكريمُ الجوَادُ الشَّكور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نرجو بها النجاةَ يوم النُّشور، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ البرية في كل العُصور، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه وأمَّته ما هلَّت أهِلَّةٌ واستدارَت بُدور. فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى، حاسِبوا أنفسَكم قبل موقف الحساب، وبيِّضُوا صحائِفَكم قبل أن تُعلَّق في الرِّقاب، وتشهَد عليكم الجوارِحُ والبِقاع؛ فإن عليكم كِرامًا كاتبين، والله تعالى أسرعُ الحاسِبين { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [ البقرة: 281 ]. أيها المسلمون: يطوفُ بنا طائِفُ العام بأيامِه وليالِيه، وإشراقاتِه وأماسِيه، وانتِصاراته ومآسِيه، وحسناتِه ومساوِيه، وقد علِقَ بالنفس منها أوزارٌ وانكِساراتٌ، وفُتورٌ وانتِكاساتٌ، تُثقِلُ العبدَ في سيره إلى الله، ويستطيلُ لأجلها السبيلَ إلى موعود الله؛ بل ربما استوحشَ الطريقَ وملَّ الرَّفيقَ، فرَتابةُ الأيام تُثقِلُه، وينُوءُ بالآلام والآمال كاهِلُه. فكان لا بُدَّ للنفس في هذا الهَجير من ظلٍّ تتفيَّؤُه، وفي هذا البحر من مرفَأٍ ترسُو عليه؛ لتستريحَ النفسُ وتتزوَّد؛ فإن السفرَ طويلٌ، والزَّادَ قليلٌ، والعقبةَ كؤُود. فمنَحَ الله الأكرمُ عبادَه شهرًا كريمًا، وموسمًا عظيمًا، يتزوَّدُ فيه المُسلِمُ ويقوَى، ويترقَّى في مدارِج التقوَى، شهرٌ يبُلُّ عطشَ النفوس ويُداوِي جِراحَها، ويَفيضُ على الأرواحِ من بركاتِه ما يكونُ به فَلاحُها. شهرٌ ينتصِرُ العبدُ فيه على شهوتِه وشيطانِه، شهرُ فيضِ الرَّحَمات، وموسِم إقالَة العثَرَات. وقد دارَت الليالِي والأيام، وجرَت سِراعًا أشهرُ العام، وها هو شهرُ شعبان يمضِي ويتصرَّم، وأقبلَ علينا شهرُ رمضان المُعظَّم، قد لمَعَت بشائِرُه وعلاماتُه، وطلعَت طوارِعُه وأماراتُه، وعمَّا قليلٍ يحِلُّ بالرِّباع. فتلقَّوه بما يليقُ من التعظيم والإجلال، والعزم على الطاعة والعبادات. كم حنَّ إليه العُبَّادُ وشُغِفَ به الأتقِياء؟ كم أمضَّهُم شوقُ انتِظاره وتسامَت نفوسُهم في ليالِيه وأسحارِه؟ كم وجَدوا في أسحارِه من أسرار وأحسُّوا فيه القُربَ من الواحِد القهَّار؟ وكم ذاقُوا فيه للإيمان من حلاوة؟ وعاشُوا القرآن الكريم سماعًا وتلاوة؟ وإن من نعَم الله: أن مَنَّ علينا بهذه المواسِم لتزكِيَة النفوس وطهارتِها، وتنقِيَتها من الذُّنوب والآثام، وترقِيَتها في سُلَّم المعالِي والفضائِل، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة: 183 ]. والتَّقوى مشاعِرُ من الخشية يجِدُها الصائِمُ في نفسِه، وتنعكِسُ عليه إشراقًا لرُوحه، وزكاءً لنفسِه، واستِقامةً في سلوكه. رمضان ربيعُ قلوب المؤمنين، وسِراجُ الصالحين، وأُنسُ المتقين، وبُشرى للعابِدين. قد استكملَ الشهرُ أنواعَ الكمال، وتجلَّى بحُلى الجمال، |
|
|