صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

 
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-16-2017, 10:57 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 60,054
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان : قضيةُ فلسطين إسلاميَّة

ِ
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد النبوي الشريف
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله –

خطبة الجمعة بعنوان:

قضيةُ فلسطين إسلاميَّة ،


والتي تحدَّث فيها عن قضيَّةٍ في أعماقِ قلبِ كل مُسلمٍ، ألا وهي:

قضيَّةُ القُدس والأقصَى، مُبيِّنًا أنها ستظلُّ مِن أعظم القضايا عند

المُسلمين في الماضِي والحاضِر، وذكرَ بعضًا مِن فضائلِ القُدس والمسجِد

الأقصَى، وبعضَ مَن ألَّفُوا مُؤلَّفاتٍ مُفرَدة في إيرادِ فضائلِهما.



الخطبة الأولى



الحمدُ للهِ الذي خصَّ بعضَ خلقِه بالمكانةِ الأسمَى، وأشهدُ أن لا إله

إلا اللهُ وحدَه لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه

ورسولُه الذي أسرَى به ربُّه مِن المسجِدِ الحرامِ إلى المسجِدِ الأقصَى،

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِه وأصحابهِ أُولِي التقوَى.



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ

سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

[الأنفال: 29].



أمة الإسلام:



في أعماقِ قلبِ كل مُسلمٍ تعيشُ قضيَّةٌ كُبرى، هي:

قضيَّةُ المسجِدِ الأقصَى أُولَى القِبلَتَين، وثالِثُ المسجِدَين الشريفَين،

ومسرَى سيِّد الثَّقَلَين - عليه أفضلُ الصلاة والسلام -.



إنها أهم قضيَّةٍ حاضِرةٍ لا تغيبُ عن كل فردٍ أو مُجتمعٍ مُسلم، لا تغيبُ

مهما عظُمَت التحديات، وبلَغَ بالمُسلمين مِن الأوضاع المُزرِيات.



قضيَّةُ القُدس وما تحوِيه أرضُه مِن وجود المسجِدُ الأقصَى، قضيَّةٌ عقائِديَّةٌ

عند المُسلمين، ورِباطٌ تأريخيٌّ عميقٌ لا يُنسَى، لا يُمكنُ بأي حالٍ محوُه

مِن الذاكرة الإسلاميَّة؛ لأنه رمزٌ مِن رُموزِ هويَّة الأمة، وأُسٌّ مِن

أُسُس ثوابتِها، ومُقدَّسٌ مِن مُقدَّساتها.



كيف وكتابُ ربِّنا - جلَّ وعلا - يُذكِّرُنا صباحَ مساء بقولِه - سبحانه -:

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى

الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

[الإسراء: 1].



المسجِدُ الأقصَى أحدُ المساجِد الثلاثة التي لا تُشدُّ الرِّحالُ إلا إليها لنيَّة

التقرُّبِ إلى الله، وطلبِ المزيدِ مِن فضلِه، كما وردَ بذلك الحديثُ

الصحيحُ عن المُصطفَى - صلى الله عليه وسلم -.



أرضُ بيتِ المقدِس أرضُ المحشَر والمنشَر.



فعن ميمُونةَ مولَاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها

- قالت: قُلتُ: يا رسولَ الله! أفتِنا في بيتِ المقدِس، قال:

( أرضُ المحشَر والمنشَر )؛

رواه ابن ماجَه بسندٍ صحيحٍ.



بيتُ المقدِس له في الإسلام مكانةٌ عُظمَى، ومزِيَّةٌ كُبرَى.



فعن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - قال: تذاكَرنا ونحن عند رسولِ الله –

صلى الله عليه وسلم -، أيُّهما أفضل: مسجِدُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -،

أو مسجِدُ بيتِ المقدِسِ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( صلاةٌ في مسجِدِي هذا أفضلُ مِن أربعِ صلواتٍ فيه، ولنِعمَ المُصلَّى،

وليُوشِكنَّ ألا يكون للرجُلِ مِثلَ شطَنِ فرَسِه مِن الأرض حيث يرَى مِنه

بيتَ المقدِسِ خيرٌ له مِن الدنيا وما فيها )؛

رواه الحاكمُ وصحَّحه، ووافقه الذهبيُّ.



انظُرُوا إلى هذا الحديثِ وما فيه عند الصحابةِ - رضي الله عنهم -،

مما تقرَّر مِن دينِهم مِن عظيمِ حقِّ بيتِ المقدِسِ والمسجِدِ الأقصَى.

كيف وهو مسرَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟!

ومِنه عُرِجَ به إلى السماء.



فعن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -، أن رسولَ الله

- صلى الله عليه وسلم - قال:

( أُتِيتُ بالبُراقِ - وهو دابَّةٌ أبيضُ طويلٌ، فوقَ الحِمار ودُون البغلِ،

يضَعُ حافِرَه عند مُنتهَى طرفِه - )،

قال:

( فركِبتُه حتى أتيتُ بيتَ المقدِسِ )،

قال:

( فربَطتُه بالحلقة التي يربُطُ بها الأنبياء )،

قال:

( ثم دخَلتُ المسجِدَ فصلَّيتُ فيه ركعتَين، ثم خرجتُ، فجاءَني جبريلُ

- عليه السلام - بإناءٍ مِن خمرٍ وإناءٍ مِن لبنٍ، فاختَرتُ اللبَنَ،

فقال جبريلُ: اختَرتَ الفِطرة، ثم عرَجَ بنا إلى السماء )؛

رواه مسلم.



ومِن فضائِلِه العِظام:

ما جاء في حديثِ عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -،

عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

( لما فرَغَ سُليمان بن داوُد مِن بناءِ بيتِ المقدِس، سألَ اللهَ ثلاثًا:

حُكمًا يُصادِفُ حُكمَه، ومُلكًا لا ينبغي لأحدٍ مِن بعدِه، ولا يأتِي هذا

المسجِدَ أحدٌ لا يُريدُ إلا الصلاةَ فيه إلا خرجَ مِن ذنوبِه كيومِ ولدَتْه أمُّه )،

فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

( أما اثنتَان فقد أُعطِيَهما، وأرجُو أن يكون قد أُعطِيَ الثالِثة )؛

رواه النسائي وابنُ ماجَه، وصحَّحه الشيخُ الألبانيُّ - رحمه الله -.



إخوة الإسلام:



وبيتُ المقدِسِ والمسجِدُ الأقصَى لهما مِن الفضائِلِ العِظام، والمزايا

الجِسام ما جعلَ عُلماءَ الإسلام منذ قُرونٍ مُتوالِية يُفرِدُون المُؤلَّفات المُتتابَعة،

والكتاباتِ المُتلاحِقة عن فضلِه وعظيمِ حقِّه؛ فقد أفردَه

بالتأليفِ جمعٌ كثيرٌ مِن عُلماء الأمة، مما يُفيدُ بمكانةِ هذا المسجِدِ

وأرضِه عند المُسلمين، وفي الإسلام مِن المكانة العُظمَى.



ومِن أولئك:

بهاءُ الدين ابنُ عساكر في كتابِه

( الجامع المُستقصَى في فضائِلِ المسجِدِ الأقصَى ).



ومِنهم:

أمينُ الدين ابن هبةِ الله الشافعيُّ في كتابِه

( كتابُ الأُنسِ في فضائلِ القُدسِ ).



ومِنهم:

بُرهانُ الدين الفزارِي في كتابِه

( باعِثُ النُّفوس إلى زِيارةِ القُدس المحرُوس ).



ومِنهم :

شِهابُ الدين أحمدُ المقدِسيُّ في كتابِه

( مُثيرُ الغرام إلى زيارة القُدس والشام ).



ومِنهم:

الحُسينُ الحُسينيُّ في كتابِه

( الرَّوضُ المُغرَس في فضائل بيتِ المقدِس ).

ومِنهم:

ابنُ الجوزيِّ في كتابِه

( فضائلُ القُدس ).

ومِنهم:

السيوطيُّ في كتابِه

( إتحاف الأخِصَّا بفضائلِ المسجِدِ الأقصَى ).

رحِمَ الله عُلماءَ المُسلمين.



ومِن هنا - يا أمة الإسلام - فإن المُسلمين أجمَع في كل أرضٍ،

وفي كل بلدٍ، وأينما كانُوا لا يُقِرُّون، ولا يرضَون بأي خُطوةٍ تمَسُّ قضيَّةَ

القُدس والمسجِدِ الأقصَى، فهو مُقدَّسٌ إسلاميٌّ لا يجوزُ بأي حالٍ المَساسُ

به، أو التعدِّي عليه؛ بل إن مثلَ هذه التصرُّفات لن تزيدَ المُسلمين إلا

تأكيدًا وإصرارًا على المُطالبَة بحُقوقِهم الثابِتة، وفقَ المبادِئ المُقرَّرة لإحقاقِ

الحقِّ، ورَدعِ الظُّلم، وإنصافِ المظلُومين، كما تنُصُّ عليه

الشرائِعُ السماوية، وتُقِرُّه الدساتيرُ الدولية.



وإن عالَمَ اليوم يعتبِرُ أيَّ خُطوةٍ مِن هذا النَّوع تُعتبِرُ انتِهاكًا لقراراتِ

الإجماعِ الدوليِّ بأن القُدسَ عاصِمةٌ إسلاميَّةٌ، ومُقدَّسٌ شريفٌ مِن

مُقدَّسات الإسلام والمُسلمين.



معاشِر المُسلمين:



إن قضايا الأمة لا تُنصَرُ بالخُطب المُدبَّجة، ولا الكلِمات الرَّنَّانة،

ولا جَدوَى - يا أهلَ الإسلام - مِن شَجبٍ ولا امتِعاضٍ، ولا برفعِ التنديداتِ،

وكثرةِ المُظاهَرات، فكَم وقعَ مِن المُسلمين ذلك وتعالَى، وكَم مرَّ وتوالَى،

ومع هذا لا تعدُو أن تكون رُدودُ أفعالٍ لا تدفَعُ حَيفًا، ولا ترفَعُ ضررًا،

ولا تمنَعُ سيفَ مُعتدٍ ولا عادِيةً مُعتدٍ.



إنما - أيها المُسلمون - لا بُدَّ مِن رُجوعٍ صادِقٍ لله - جلَّ وعلا -،

وتضرُّعٍ مُخلِصٍ إلى الجبَّار - تبارك وتعالى -، مع جُهدٍ جهيدٍ بعملٍ

مُثمِرٍ يحفَظُ للإسلام والمُسلمين حُقوقَهم.



إخوة الإسلام:



إنما تُنصَرُ الأمةُ بنصرتها لدينِ الله - جلَّ وعلا - قلبًا وقالَبًا، استِجابةً

وواقعًا، ويوم تكون الأمةُ مُتمسِّكةً بدينِ الله - جلَّ وعلا -، مُعظِّمةً

لأمرِه وشرعِه، مُندفعةً في تحرُّكاتِها مِن الدينِ الحقيقيِّ الذي قامَت

عليه قضيَّةُ الأقصَى، حينئذٍ يتحقَّقُ العِلاجُ الناجِحُ، والمخرَجُ الناجِعُ.



قال ربُّنا - جلَّ وعلا -:

{ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }

[محمد: 7].



وهل فتَحَ عُمرُ - رضي الله عنه - والصحابةُ الذين معَه ذلك إلا حينما

نصَرُوا الإسلام قلبًا وقالَبًا؟!



إخوة الإسلام:



يوم تعلُو في القُلُوب زواجِرُ القُرآن والسنَّة، وتُصدِّقُها براهينُ الواقِع

في مجالات الحياة، وقتَها فلن يقَع المُسلمون في وَهنٍ وضَعَة، ولن

ينالَهم ذِلَّةٌ وهوَان؛ لأن ربَّنا - جلَّ وعلا - أخبَرَنا بوعدٍ صادِقٍ:

{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }

[آل عمران: 139].



لقد آنَ للمُسلمين خاصَّةً في فلسطين، وهم يُواجِهُون تحدياتٍ خطِرة

تمَسُّ أمنَ أمَّتهم كافَّة، أن يتواخَوا على البرِّ والتقوَى، وأن يتصالَحُوا

على مصالِحِ الدين والأُخرى، وأن يتوافَقُوا على نزعِ فتيلِ الاختِلافِ والفُرقة،

وأن يخرُجُوا مِن إطارِ العِداء إلى ميدانِ الإخاء، ومِن نارِ

الشَّحناء إلى بريقِ الصَّفا، ومِن التدابُر والافتِراق إلى التسامُح والوِفاق،

وأن ينبُذُوا الحِزبيَّات والعصبيَّات، ويفِرُّوا إلى روح الأُخُوَّة الإسلاميَّة،

والمحبَّة الإيمانيَّة التي كان عليها سلَفُ هذه الأمة.



يقولُ ربُّنا - جلَّ وعلا -:
{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا

إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }

[الأنفال: 46].



ومتى حقَّق المُسلمون في واقعِهم رسالةَ الإسلام كاملةً غيرَ منقُوصة،

وحكَّمُوه تحكيمًا كاملًا شاملًا، وعمِلُوا به عملًا ظاهرًا وباطنًا، فعاشُوا

بالإسلام وللإسلام كما كان عليه السلَفُ، وكما كان عليه الصحابةُ ومَن

بعدَهم مِن القُرون المُفضَّلة، فحينئذٍ لن يخِيبَ لهم سعيٌ مهما ادلهَمَّت

بهم الخُطُوب، ولن تُظلِمَ أمامَ مسيرتِهم السُّبُل والمخارِج مهما مسَّتْهم

أعظمُ المصائِبِ والمخاطِرِ، ما دامُوا على محجَّة الإسلام سائرين،

وبأحكامِه مُمتثِلين، وبسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - مُقتَدين ومُتمسِّكين.



فإن الله - جلَّ وعلا - يقول:

{ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا }
[الحج: 38].



وإلا - فيا أمة الإسلام - ما دامَت الأمةُ تعصِفُ بها نيرانُ الشهوات

المُحرَّمة، وعادِياتُ المُلهِيات المُضِلَّة، وموجاتُ الأهواء المُنحرِفة،

والشُّبُهات المُغرِضة، فحينئذٍ سيتوالَى عليها عادِياتُ الطُّغيان،

وموجاتُ المِحَن، وألوانُ الطُّوفان بشتَّى المصائِبِ والبليَّات.



ألم يقُل الله - جلَّ وعلا - لنا:

{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }

[الشورى: 30]؟!

ألم يقُل ربُّنا - جلَّ وعلا - في غزوة أُحُد:

{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ

أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[آل عمران: 165].



معاشِر المُسلمين:



لا بُدَّ أن تستيقِنَ الأمةُ بمراتبِ اليقين كلِّها، أنه لا مُخلِّصَ لها مِن أزماتها

الخانِقة، ولا مُنقِذَ لها مِن أوضاعِها المُزرِية إلا الإسلام الحقُّ على عقيدة

التوحيد الصافِية، والمُتابَعَة الصحيحةِ للمنهَج السديدِ كتابًا وسُنَّة بفَهم

سلَف هذه الأمة، فذلك هو الأصلُ الأصيلُ، والأساسُ المَتِينُ للعِزَّة

والسِّيادة، والنصرة والرِّيادة.



واقرأُوا سيرةَ عُمر - رضي الله عنه - حينما فتحَ بيتَ المقدِس،

تجِدُون العجَبَ العُجابَ.



يقولُ ربُّنا - جلَّ وعلا -:

{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }

[الأنعام: 82].



ووعدُ ربِّنا - جلَّ وعلا - حقٌّ، وإخبارُه صِدقٌ، وكان حقًّا علينا نصرُ المُؤمنين،

{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }
[المنافقون: 8]،

{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ }

[المؤمنون: 1].



معاشِر المُسلمين:



إنه واجِبٌ على جميعِ المُسلمين بمُختلَف مسؤوليَّاتهم:

الوقوفُ مع هذه القضيَّة الأساسيَّة قضيَّة الأقصَى، وبيتِ المقدِسِ،

وأرضِ فلسطين، مِن مُنطلَقٍ إسلاميٍّ عقائديٍّ لا غير، بوحدةٍ فاعلةٍ،

وتحرُّكٍ مُتقَنٍ، يقودُ للثِّمار الإيجابيَّة، والأهداف المنشُودة،

{ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }

[التوبة: 105].



ولا بُدَّ مِن البصيرة النافِذة، والحِكمة التامَّة التي تستطيعُ بها أمةُ

الإسلام مُواجهةَ التحديات بمُختلَف أشكالِها، وفقَ إطار التآزُر

والتعاوُن والتناصُر، لا التشاجُر والتشاتُم وتصيُّد المصائِد، وبهذا

يُصدُّ ظُلمُ الباغِين، وتصِلُ الأمةُ للنصر المَكِين.



ولا بُدَّ في النظر إلى قضايا الأمة بنظرٍ ثاقِبٍ، تُستبدَلُ فيه الانطِلاقةُ مِن

دوَّامة الظواهِر الانفِعاليَّة إلى ميدان المُبادَرات المُؤصَّلة، والأفعال

الموزونة الراجِحة في منظومةِ توحيدٍ للجُهود المُخلِصة، وتنسيقٍ

مُحكَمٍ للمواقِفِ الصادِقة، ومِن مُنطلَق معالِمِ الدين الإسلاميِّ الحكيم،

وخصائِصِ شريعةِ سيّد الأنبِياء المُرسَلين، والتي تقُودُ العالَمَ أجمَع

إلى الرَّشاد والأمان، والسعادة والسلام والوِئام.



ولا بُدَّ أن تسيرَ الجُهودُ مِن الأمة لمُواجهة التحديات بلُغة الخِطاب

المُفهِم، والحوارِ المُلجِم، في منأًى عن لُغة الصِّراعات، وبعيدًا

عن الشِّعارات القوميَّة، والنَّعَرات الطائفيَّة، والأجِندات الإقليميَّة.

فتلك مبادِئُ لم تجُرَّ مِنها الأمةُ إلا شرًّا ووبالًا،

{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }

[المؤمنون: 53].



ولا بُدَّ مِن الاستِجابةِ لقولِه - سبحانه -:

{ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }

[الأنبياء: 92].



بارَكَ الله لي ولكم في القرآن وسُنَّة سيدِ ولدِ عدنان، أقولُ هذا القولَ،

وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المُسلمين مِن كل ذنبٍ، فاستغفِرُوه إنه

هو الغفورُ الرحيمُ.



الخطبة الثانية



الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ

لا شَريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم

وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.



أما بعد .. فيا أيها المُسلمون:



يا أهلَ الإنصافِ والعدلِ! إن بلادَ الحرمَين حُكَّامًا ومحكُومين، يشهَدُ

الواقعُ أن لهم في كل وقتٍ وحينٍ الوقفاتُ المُشرِّفة، والجُهودُ النيِّرة

مع كل قضيَّةٍ إسلاميَّةٍ وعربيَّةٍ، لاسيَّما قضيَّةَ فلسطين.



فمواقِفُ هذه البلاد وحُكَّامها مع قضيَّة فلسطين ثابِتٌ لا يتزَعزَع،

وهي موضُوعةٌ في أُسس وأولويات جُهودِها بشتَّى الوقفاتِ المُرتقَبَة،

لاسيَّما الاقتصاديَّة والسياسيَّة.



وفي عهدِ خادمِ الحرمَين الشريفَين الملكِ سَلمان - حفظه الله –

شهِدَ العالَمُ المُنصِفُ الاهتِمامَ بمُواصَلةِ هذه المسِيرة برعايةٍ خاصَّةٍ

مِن لدُنْه - حفظه الله -، باعتِبارِها قضيَّةً إسلاميَّة قبل أن تكون عربية.



وترَى هذه البلادُ ذلك مسؤوليَّةً تَدِينُ بها لربِّها، وتشرُفُ بها بحُكم

رسالتها الإسلاميَّة، ومكانتها العالميَّة، وحينئذٍ لا مكانَ لمُزايِدٍ مُكابِرٍ

على جُهودِ هذه البلاد، وعلى كل جاحِدٍ ومُتخبِّطٍ ومُشكِّكٍ مِن بني

جِلدتِنا في إعلام المُسلمين، نحو ما تقومُ به هذه البلاد.

عليهم أن يتَّقُوا اللهَ - جلَّ وعلا -.



وأن يعلَمُوا أن هذه الحمَلات المسعُورة التي تَمَسُّ بلادَ الحرمَين إنما

تَمَسُّ حاضِرةَ الإسلام، وحامِلةَ لواءِ الدفاعِ عنه، وليعلَمُوا أنهم بهذه

الحملات التي تنالُ بلادَ الحرمين أو بعضَ بلاد المُسلمين،

إنما يخدَعُون أنفسَهم، ويمكُرُون بأمَّتِهم،

{ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }

[البقرة: 9].



وليعلَمُوا أن المسيرَةَ في هذه البلاد الخيِّرة لخِدمة الإسلام، انطِلاقُها

إسلاميٌّ، لا يزيدُ بمَدحٍ، ولا بجفاءٍ وإجحافِ حاقِدٍ مُتربِّصٍ، والله

مِن وراءِ القصدِ، وهو الهادِي إلى سواءِ السبيل.



ثم إن الله - جلَّ وعلا - أمرَنا بالصلاةِ والسلامِ على النبيِّ الكريمِ.



اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا ورسولِنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن

الصحابَة أجمعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.



اللهم أعِزَّ الإسلام والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمُسلمين،

اللهم عليك بأعداء المُسلمين، اللهم عليك بأعداء المُسلمين

فإنهم لا يُعجِزونَك.



اللهم مَن أرادَ المُسلمين أو أرادَ مُقدَّساتهم بسُوءٍ فأشغِله في نفسِه،

اللهم اجعَله للعالَمين عِبرةً وآية، اللهم اجعَله للعالَمين عِبرةً وآية،

اللهم مَن أرادَ المُسلمين أو أرادَ مُقدَّساتهم بسُوءٍ فعليك به،

اللهم خُذه أخذَ عزيزٍ مُقتَدِر.



اللهم يا حيُّ يا قيُّوم اللهم طهِّر المسجِدَ الأقصَى مِن براثِن اليهود

الحاقِدين يا حيُّ يا قيُّوم.



اللهم انصُر المُسلمين في كل مكان، اللهم انصُر المُسلمين في كل مكان،

اللهم انصُر المُسلمين في كل مكان.



اللهم رُدَّنا إليك ردًّا جميلًا يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم رُدَّ المُسلمين إلى دينِك

ردًّا جميلًا يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم وفِّقهم لما تُحبُّه وترضاه، اللهم وفِّقهم

لما تُحبُّه وترضاه، بما تنصُرُ به دينَك وعبادَك الصالِحِين يا حيُّ يا قيُّوم.



اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا ونائِبَه لما تحبُّه وترضَاه يا رب العالمين.



اللهم اغفِر للمُسلِمين والمُسلِمات، الأحياء منهم والأموات.



اللهم احفَظ المُسلمين في كل مكان، اللهم احفَظ المُسلمين في كل مكان،

اللهم فرِّج هُمومَهم، اللهم نفِّس كُرُباتهم، اللهم فرِّج هُمومَهم،

اللهم نفِّس كُرُباتهم يا حيُّ يا قيُّوم، واجعَل لهم مِن كل عسيرٍ يُسرًا.



اللهم أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا،

اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا، اللهم اسقِنا واسقِ ديارَ المُسلمين،

اللهم اسقِ ديارَنا وديارَ المُسلمين، اللهم اسقِ ديارَنا وديارَ المُسلمين.



عباد الله:



اذكُروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرةً وأصيلًا.




رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات