المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان :الثبات عند حلول الفتن
ِ
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد النبوي الشريف مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: الثبات عند حلول الفتن ، والتي تحدَّث فيها عن تذكيرٍ بالتوبةِ إلى الله تعالى، والإنابةِ إليه، والإقبالِ عليه، والاعتِصام بالكتاب والسنَّة عند الفتَن، وعدم التلوُّن في دينِ الله تعالى، فبذلك يحصُلُ الثباتُ على الحقِّ، ولا يزيغُ المرءُ. الخطبة الأولى الحمدُ لله أكرمَ مَن يُرجَى، وأعظمَ مَن يُنيلُ نوالًا، خلقَ الخلقَ تُمسِي وتُصبِحُ ترنُو البقاءَ وتُؤمِّلُ الآمالَا، والحادِثاتُ تنعَى المُنَى، وتُقرِّبُ الآجالَا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه صلاةً تَتْرَى وتبقَى وتتوالَى. أما بعدُ .. فيا أيها المُسلِمون: اتَّقوا الله؛ فالتقوَى عِزٌّ ونجاة، والمعاصِي شُؤمٌ ومهوَاة، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102]. أيها المسلمون: لا خُلدَ في الدنيا يُرتجَى، ولا بقاءَ فيها يُؤمَّل، وما الناسُ إلا راحِلٌ وابنُ راحِلٍ، وما الدَّهرُ إلا مَرُّ يومٍ وليلةٍ، وما الموتُ إلا نازِلٌ وقريبُ، وما نفَسٌ إلا يُباعِدُ مولِدَا، ويُدنِي المنايَا للنُّفوسِ فتخرُجُ، ويا للمَنايَا يا لها مِن إقالَةٍ، إذا بلَغَت مِن مُدَّة الحيِّ حيَّها، ستُسلِمُك الساعاتُ في بعضِ أمرِها إلى ساعةٍ لا ساعةَ لك بعدَها. ما أسرع الأيام في طيِّنا، تمضِي علينا ثم تمضِي بنا، في كلِّ يومٍ أملٌ قد نأَى، مَرامُهُ عن أجلٍ قد دَنَا. أين مَن كان قبلَنا أين أَيْنَا مِن أُناسٍ كانُوا جَمالًا وزَيْنَا إنَّ دَهرًا أتَى عليهم فأفَنَى عددًا مِنهُمُ سَوفَ يأتِي علَيْنَا كم رأَينَا مِن ميِّتٍ كان حيًّا ووَشِيكًا يُرَى بِنَا ما رأَيْنَا ما لَنا نأمَنُ المنايَا كأنَّا لا نراهُنَّ يهتَدِينَ إلَيْنَا يا غافِل! أنسِيتَ أننا بشَر؟! يلُفُّنا قَدَر .. ونحن في سفَر .. نمضِي إلى حُفَر .. الموتُ يشمَلُنا .. والحشرُ يجمَعُنا .. فحتَّامَا لا ترعَوِي وتنتَهِي! حتَّامَا سمعُك لا يعِي لمُذكِّرٍ، وصَمِيمُ قلبِك لا يلِينُ لعاذِلِ! ألم يأنِ أن تخشَع؟! وأين التهجُّدُ؟! أفِي سنةٍ كُنَّا أم القلبُ جَلمَدُ تيقَّظْ أخِي واحذَرْ وإيَّاك ترقُدُ أترقُدُ يا مغرُورُ والنَّارُ تُوقَدُ فلا حرُّها يُطفَى ولا الجَمرُ يخمُدُ كان النبيُّ ولم يخلُدْ لأُمَّتِهِ لو خلَّدَ اللهُ خلقًا قبلَه خلَدَا للموتِ فِينَا سِهامٌ غيرُ خاطِئةٍ مَن فاتَه اليوم سَهمٌ لم يَفُتْهُ غَدَا { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [الأنبياء: 34، 35]. أين مَن عاشَرناه كثيرًا وألِفْنَا؟! أين مَن مِلْنَا إليه بالوِدادِ وانعَطَفْنا؟! كَم أغمَضْنا مِن أحبابِنا جَفْنَا! كم عزيزٍ دفَنَّاه وانصَرَفْنا! كَم قَريبٍ أضجَعنَاه في اللَّحدِ وما وقَفنَا! فهل رحِمَ الموتُ مِنَّا مريضًا لضَعفِ حالِه؟! هل تركَ كاسِبًا لأجلِ أطفالِه؟! هل أمهَلَ ذا عِيالٍ مِن أجلِ عِيالِه؟! إلى كَم تمادَى في غُرورٍ وغفلَةِ وكَم هكذا نَومٌ متَى يومُ يقْظَتِي؟! لقد ضاعَ عُمرٌ ساعَةٌ مِنه تُشترَى بمِلئِ السَّما والأرضِ أيَّةَ ضَيعَتِي أفانٍ بباقٍ تشتَرِيهِ سَفاهَةٍ وسُخطًا برِضوانٍ ونارًا بجنَّتِي أأنتَ صدِيقٌ أم عدُوٌّ لنفسِهِ فإنَّك ترمِيهَا بكُلِّ مُصيبَتِي لقد بِعتَها حُزنِي عليك رخِيصَةً وكانت بهذا مِنكَ غيرَ حقِيقَتِي يا عبدَ الله: اليوم تفعَلُ ما تشاءُ وتشتَهِي، وغدًا تموتُ وتُرفعُ الأقلامُ. يا عبدَ الله: ويفسُقُ المُذنِبُ بالكبيرة كذا إذا أصرَّ بالصَّغِيرة لا يخرُجُ المرءُ مِن الإيمانِ بمُوبِقاتِ الذَّنبِ والعِصيَانِ وواجِبٌ عليهِ أن يتُوبَا مِن كلِّ ما جرَّ عليه حُوبَا { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31]. عن أبي مُوسى - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم – قال: ( إن الله - عزَّ وجل - يبسُطُ يدَه بالليلِ ليتُوبَ مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنهار ليتُوبَ مُسيءُ الليل، حتى تطلُعَ الشمسُ مِن مغربِها )؛ أخرجه مسلم. أستغفِرُ اللهَ مِن ذنبِي ومِن سَرَفِي إنِّي وإن كُنتُ مستُورًا لخَطَّاءُ لم تَقتَحِم بي دَواعِي النَّفسِ معصِيةً إلا وبَينِي وبينَ النُّورِ ظَلمَاءُ ولقد عجِبتُ لغفلَتِي ولغِرَّتِي والموتُ يَدعُونِي غدًا فأُجِيبُ ولقد عجِبتُ لطُولِ أمنِ منِيَّتِي ولها إلَيَّ توثُّبٌ ودَبِيبُ عصَيتُ اللهَ أيامِي ولَيلِي وفِي العِصيَانِ قد أسبَلْتُ ذَيْلِي فوَيْلِي إن حُرِمْتُ جِنانَ عَدْنٍ ووَيْلِي إن دخَلْتُ النَّارَ وَيْلِي { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه ِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53]. وأستغفِرُ اللهَ فاستغفِرُوه، إنه كان للأوابِين غفورًا. الخطبة الثانية الحمدُ لله الذي أكمَلَ لنا الدينَ وأتمَّ علينا النِّعمَة، أحمدُه على نِعمِه الجَمَّة، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهَ وحدَه لا شريك له شهادةً تكونُ لمَن اعتصَمَ بها خيرَ عِصمَة، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه أرسلَه ربُّه للعالمين رحمة، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً تبقَى، وسلامًا يَتْرَى. أما بعدُ .. فيا أيها المسلمون: اتَّقُوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوه ولا تَعصُوه، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119]. أيها المُسلمون: الدينُ رأسُ المال، وشرفُ الحال والمآل. وكلُّ كسرٍ فإن الدينَ يجبُرُهُ وما لكَسرِ الدينِ جُبْرَانُ كُلُّ المُصِيباتِ إن جلَّتْ وإن عَظُمَتْ إلا المُصِيباتِ في دينِ الفتَى جَلَلُ وها هي الفتنُ قد تلاطَمَ سَيلُهَا، واضطرَبَ واصطَكَّ، ومسارِبُ الحيَّات بادِيةٌ في السُّهُول، والدسَّاسةُ تحت التراب، والعُقربَّانُ دخَّالُ الأُذُن يسرِي في خفاء، وبيضُ السَّامِّ تحت الصُّخُور، والدنيا ما بين بلاءٍ وفتَنة، فأعِدُّوا للبلاءِ صَبرًا. عن حُذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسولَ الله! إنا كنَّا في شرٍّ، فذهبَ الله بذلك الشرِّ، وجاءَ بالخير على يدَيك ، فهل بعد هذا الخيرِ مِن شرٍّ؟ فقال: «نعم»، قال: وما هو؟ قال: ( فتنٌ كقِطَع الليل المُظلِم، يتبَعُ بعضُها بعضًا، تأتِيكُم مُشتَبِهةً كوُجوهِ البقَر لا تدرُون أيًّا مِن أيٍّ )؛ رواه أحمد. وقال - رضي الله عنه -: ( فإنها لا تضُرُّك الفتنةُ ما عرَفتَ دينَك، إنما الفتنةُ إذا اشتبَهَ عليك الحقُّ والباطِلُ فلم تَدرِ أيَّهما تتَّبِع، فتلك الفتنةُ )؛ أخرجه ابن أبي شيبة. وقال - رضي الله عنه -: ( إذا أحبَّ أحدُكم أن يعلَمَ أصابَتْه الفتنةُ أم لا، فلينظُر فإن كان رأَى حلالًا كان يراه حرامًا، فقد أصابَتْه الفتنة، وإن كان يرَى حرامًا كان يراه حلالًا، فقد أصابَتْه )؛ أخرجه الحاكم. والمعنى: أن يتغيَّر رأيُ الرجُل بالرأيِ والهوَى والتشهِّي. وكان مالِكُ بن أنسٍ - رحمه الله تعالى - يقول: ( كلما جاءَنا رجُلٌ أجدَلَ مِن رجُلٍ أرادَنا أن نرُدَّ ما جاءَ به جبريلُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ). أأقعُدُ بعد ما رجَفضتْ عِظامِي وكان الموتُ ما يَلِينِي أُجادِلُ كلَّ مُعترِضٍ خَصِيمٍ وأجعَلُ دينَه عرَضًا لدِينِي فأترُكُ ما علِمتُ لرأيِ غيرِي وليس الرأيُ كالعلمِ اليَقينِي وقد سُنَّتْ لنا سُنَنٌ قِوامٌ يلُحْنَ بكلِّ فَجٍّ أو وَجِينِ وكان الحقُّ ليس به خَفَاءٌ |
|
|