المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
المفسد الثاني من مفسدات القلب: ركوبه بحر التمني: وهو بحر لا ساحل له . وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم ، كما قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس . فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة ، والخيالات الباطلة ، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة ، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية ، ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية ، بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية . وكل بحسب حاله : من متمن للقدرة والسلطان، وللضرب في الأرض والتطواف في البلدان ، أو للأموال والأثمان ، أو للنسوان والمردان ، فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها والتذ بالظفر بها ، فبينا هو على هذا الحال ، إذ استيقظ فإذا يده والحصير !!. وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان ، والعمل الذي يقربه إلى الله، ويدنيه من جواره . فأماني هذا إيمان ونور وحكمة، وأماني أولئك خداع وغرور . وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير ، وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله . المفسد الثالث من مفسدات القلب : التعلق بغير الله تبارك وتعالى : وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق ، فليس عليه أضر من ذلك ، ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه ، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به . وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره ، والتفاته إلى سواه . فلا على نصيبه من الله حصل ، ولا إلى ما أمَّله ممن تعلق به وصل . قال الله تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً {81} كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 81 – 82 ] وقال تعالى : { وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } [ يس : 74 – 75 ] فأعظم الناس خذلانا من تعلق بغير الله . فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات . ومثل المتعلق بغير الله : كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت ، أوهن البيوت. وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها : التعلق بغير الله . ولصاحبه الذم والخذلان ، كما قال تعالى : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } [ الإسراء : 22 ] مذموما لا حامد لك ، مخذولا لا ناصر لك . إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قهر بباطل ، وقد يكون مذموماً منصوراً كالذي قهر وتسلط بباطل ، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكن وملك بحق . والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة ، لا محمود ولا منصور . المفسد الرابع من مفسدات القلب : الطعام : والمفسد له من ذلك نوعان : أحدهما : ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات . وهي نوعان : محرمات لحق الله : كالميتة والدم ، ولحم الخنزير ، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير . ومحرمات لحق العباد : كالمسروق والمغصوب والمنهوب ، وما أخذ بغير رضا صاحبه ، إما قهرا وإما حياء وتذمما . والثاني : ما يفسده بقدره وتعدي حده ، كالإسراف في الحلال ، والشبع المفرط ، فإنه يثقله عن الطاعات ، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها ، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها ، والتأذي بثقلها ، وقوى عليه مواد الشهوة ، وطرق مجاري الشيطان ووسعها ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم . فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه ، والشبع يطرقها ويوسعها . ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنام كثيرا فخسر كثيرا. وفي الحديث المشهور: ( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه . فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) [ رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه الألباني ] المفسد الخامس : كثرة النوم : فإنه يميت القلب، ويثقل البدن ، ويضيع الوقت ، ويورث كثرة الغفلة والكسل ومنه المكروه جدا ، ومنه الضار غير النافع للبدن . وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه . ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخرة ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه . وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه ، وكثر ضرره ، ولاسيما نوم العصر . والنوم أول النهار إلا لسهران . ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ؟ فإنه وقت غنيمة ، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة . ومنه ينشأ النهار ، وينسحب حكم جميعه علي حكم تلك الحصة . فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر . بالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول ، وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثماني ساعات . وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه . ومن النوم الذي لا ينفع أيضا : النوم أول الليل ، عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه . فهو مكروه شرعا وطبعا . نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يجنبنا أسباب الردى ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
|
|