المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
89 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( الهم )
89 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( الهم ) ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ 89 - خطبتى الجمعة بعنوان ( الهم ) الحمد لله قدّر الأمور و قضاها ، و على ما سبق به علمه أمضاها ، أحمده سبحانه عزَّ ربًا و جلَّ إلهًا ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أظهر الأدلة على وحدانيته و جلاَّها ، و علم مبدأ الأمور و منتهاها ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبد الله و رسوله خير البرية و أزكاها ، و أفضل الإنسانية شرفًا و جاهًا ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أعلام البرية و بدور دجاها ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و سلم تسليمًا كثيرًا لا يتناهى . أمّــا بــعــد : فأوصيكم أيها الناس و نفسي بتقوى الله عز و جل ، فاتقوا الله رحمكم الله ، فأيّامُ المرءِ حَبلٌ ممدود لا يدري متى ينقطع ، و طرفَا هذا الحبلِ ماضٍ و حاضرٌ و مستقبلٌ ، فلربما التَفَتَ إلى الماضي يتحسَّر عليه فيقنط ، أو يحزن عليه فيكسَل ، و لربما التفَتَ إلى المستقبلِ مشرئبًّا إلى معرفتِه قبل أوانه ، و متشوفاً إلى سبر أغواره و فك أسراره ، فبات قلقاً مهموماً . و الواقعُ -عبادَ الله- أنه ليس للمرء إلا الحاضرُ الذي يعيش فيه ؛ لأنَّ أمس الماضي لا يجدُ لذّته و لا يحسّ شدّته ، و لأنَّ المستقبل غيبٌ و الأمر فيه على خطَر ؛ فما للمرء إذًا إلا السّاعة التي يعيش فيها ، فلن يستطيعَ ردَّ الأمس و لا تعجيلَ الغد . أيها لمسلمون : ما دام الإنسان ذا روحٍ يقلِّبها ، فهو يعيش على أمرٍ قد قُدِر ، لا يخلو فيه من مصيبة ، و قلّما ينفك عن عجيبَة ، كما أنَّ النسيم لا يهبّ عليلا سرمدًا في حياة المرء دونما قتَر ؛ إذ المنغِّصات كثيرة ، و المشوِّشات حثيثة ، و الأنسُ في الحياة ذو فتح و ذو إغلاق ، فمِن هذه المخاطر و الحادِثات ينشَأ هاجِس أقلَق القلوبَ ، و أفزعَ الرجال و النساء ، ألا إنه الهمُّ . الهم – عافاكم الله- هو شعورٌ يعتري المرء فيودِع في نفسه الحزنَ و الاضطرابَ و اليأس ، ليزاحم الأنسَ و الاستقرار و الفأل ؛ فلا يهنأ حينَها بنوم ، و لا يلذّ بطعام ، و لا يستسيغ شرابًا . نعم ، إنّه الهمّ الذي يُشعِر المرءَ بأن النهار لن يدركَ الليل ، و أنّ الليل لن يعقُبه نهار ليجعل الدقيقةَ ساعات طويلةً ، و يا للهِ ما أطول الليلَ على من لم ينم ! الهمُّ يخترِم الجسيمَ نحافةً ، و يُشيب ناصيةَ الصبيِّ و يُهرِم . الهمّ -عباد الله- يجعل البالَ مشتَّتا و الفكرَ مشغولا ، يضيِّق على المرء الواسعةَ بما رحُبت ، و لو سكن قصرًا ضخما أو برجًا مشيدا ؛ فيصير صدره ضيِّقًا حرجًا كأنما يصَّعَّد في السماء حتى يكون حرضًا أو يكون من الهالكين . و مَن منّا يا ترى الذي عاش عمرَه كلَّه بلا همٍّ ، أو لم يصبه دخانُ الهمّ و غباره إلا من شاء الله ؛ صاحب المنصب و الشرَف يتوجَّس فقدَه كلَّ لحظة فيصيبه الهمّ ، و للأبوان همومٌ كثيرة بسبَب حاضِر الأولاد و مستقبَلهم ، فهما مهمومان بكسوة هذا و تزويج تلك ، و توظيفِ هذه و تربيةِ ذاك . و إنه لمخطِئ أشدَّ الخطأ مَنْ جعَل الهمَّ حكرًا على ذوي المسكنة و الفقر ؛ لأنّنا نرى كبراء مهمومين و أغنياءَ مضطربين ، كما أننا نرى فقراءَ راضين مستقرين ، و إذا كان بعض الفقراء يُصاب بالهمّ من فراغِ بطنِه إبّان إملاقه فإننا نرى مِن الأغنياء من يصاب بالهمّ بسبب تخمة بطنه إبّان إغداقه . و قولوا مثلَ ذلكم -عباد الله- في الصبيّ و الشابّ ، و الذكر و الأنثى ، و الصحيح و السقيم ، و الغني و الفقير . إنَّ الكثيرين في الواقِع يتبرَّمون بالزوابعِ التي تحيط بهم ، و المدلهِمّات التي تفاجئهم بين الحين و الآخر ، مع أنَّ المتاعب و الآلامَ تربة خصبةٌ تنبت على جوانبها بذور القوة و النشاط ؛ إذ ما تفتَّقت مواهِب العظماء إلا وسطَ ركام من المشاقّ و الجهود المضنية . و لو رجَع المرءُ إلى نفسِه قليلا لاتَّهم مشاعره المتأجِّجة تجاهَ ما ينزل به ، فمن يدرِي ؟! رُبَّ ضارةٍ نافعة ، و ربما صحت الأجسامُ بالعلَل ، و ربَّ محنةٍ في طيّها منحة . معاشر الأحبة : إنّ الحوادث و الخطوبَ و إن شرّقت و غرّبت فلن ينالك منها - أيها المرء - إلا ما كُتب لك ، و لن يُصرف عنك منها إلا ما كتِب أن يصرَف عنك ، فعلام الهم إذن ؟! ألا تدري أنَّ عواقب الأمور تتشابَه في الغيوب ؟! فرُبّ محبوب في مكروه ، و رُبّ خير من شرّ ، { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 216] . مرَّ إبراهيم بنُ أدهم على رجلٍ مهموم فقال له : إني سائلُك عن ثلاثة فأجِبني ، قال : أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله ؟ أوَ ينقص من رزقِك شيءٌ قدَّره الله ؟ أوَ ينقص من أجَلك لحظة كتَبها الله ؟ فقال الرجل : لا ، قال إبراهيم : فعلام الهم إذن ؟! عبادَ الله ، الهمُّ جندٌ من جنودِ الله يبتلي به عباده لينظر ما يعمَلون ، و هو و إن كان شعورًا و ليس مادّة إلا أنه أشدّ أثرًا من المؤذِيات المادية ، و يؤكّد ذلك ما ذكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سئل : من أشدّ جند الله ؟ فقال : الجبال ، و الجبال يقطعها الحديد فالحديد أقوى ، و النار تذيب الحديد فالنار أقوى ، و الماء يطفئ النار فالماء أقوى ، و السّحاب يحمِل الماء فالسحاب أقوى ، و الريح تعبَث بالسحاب فالريح أقوى ، و الإنسان يتكفَّأ الريح بيدِه و ثوبه فالإنسان أقوى ، و النومُ يغلِب الإنسان فالنوم أقوى ، و الهمّ يغلِب النومَ ، فأقوى جندِ الله هو الهمّ يسلِّطه الله على من يشاء من عباده ، و لقد صدق الله إذ يقول : { فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 125]. بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم . أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين و المسلمات من كلّ ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
|
#2
|
|||
|
|||
الحمد لله ، يجيب المضطر ، و يكشف السوء ، فارج الهم ، و كاشف الغم ، و هو على كل شيء قدير ، أحمده سبحانه و أشكره ، و أسأله الفرج القريب و النصر العزيز ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ، أفضل الشاكرين ، و قدوة العالمين صلى الله عليه و على آله وأصحابه الشاكرين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و سلم تسليماً كثيراً . أمّــا بــعــد : فيا أيّها الناسُ ، إنَّ مِن سماتِ شريعةِ الإسلامِ الدلالةُ إلى ما فيه الخير و التحذيرُ مما فيه الشر ، و إن مما وجّهت به شريعتنا الغرّاء أن الهمومَ المفرِطة خطَر على كيان الأمة و إنتاجها ؛ و الصواب أن يستقبل الإنسان الحياةَ ببِشر و أمَل كي يستفيدَ من وقته و يغتال القعودَ و القنوط . و لا يُظَنّ بعاقل أن يزهَد بالأنس ، و إذا ما غَلبت المرءَ أعراضٌ قاهِرة فسَلبته الطمأنينةَ و الرضا فإنه يجِب عليه أن يجنحَ إلى الدواءِ الناجِع الذي دلَّ عليه ديننا الحنيفُ ؛ حتى لا يكونَ الاستسلام لتيار الهمِّ الذي يولِّد انهيار الأعمال بالعجز و الكسل ؛ فقد كان النبيّ صلى الله عليه و سلم كما في الحديث الصحيح يتعوَّذ بالله من الهمّ و الحزن ، و قال صلى الله عليه و سلم : ( مَنْ قال إذا أصبحَ و إذا أمْسى : حَسبِي الله لا إلَه إلا هو عليه توكلتُ و هو ربُّ العرشِ العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمّه ) رواه أبو داود . و عليك -أيّها المهموم- أن ترطِّب لسانَك بذكرِ الله ؛ لتخرجَ من عنق الزجاجة إلى الفضاءِ و السّعة ، و إنّ زوال الهمّ مرهون بكثرةِ الاستغفار و لزومِه كما قال صلى الله عليه و سلم : ( مَنْ لزِم الاستغفارَ جعلَ الله له من كلِّ ضيقٍ مخرجَا ، و منْ كلِّ همٍّ فرَجا ، و رزقَه من حيث لا يحتسب ) رواه أبو داود و النسائي . إنه لن ينفَع أحدَنا جنوحُه إلى الشكوى ، ما دام لم يطرُق باب أرحم الراحمين ، المطّلع على الضمائر و ما تكنّه الصدور ؛ فمن فقد الأنس بالله فما عساه أن يجد ؟! و من وجد الأنس بالله فما عساه أن يفقد ؟! ففرَّوا من همومكم إلى ربّكم و خالقكم و مولاكم . دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجدَ ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له : أبو أمامة ، فقال عليه الصلاة و السلام : ( يا أبا أمامة ، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة ؟! ) قال : همومٌ لزِمتني و ديون يا رسولَ الله ، قال عليه الصلاة و السلام : ( أفلا أعلِّمك كلامًا إذا قلتَه أذهبَ الله همَّك و قضى عنك دينك ؟ ) قال : بلى يا رسولَ الله ، قال : ( قل إذا أصبحت و إذا أمسيتَ : اللهم إني أعوذ بك من الهمّ و الحزن ، و أعوذ بك من العَجز و الكسَل ، و أعوذ بك من الجبن و البُخل ، و أعوذ بك من غلَبةِ الدين و قهرِ الرجال ) ، قال أبو أمامة : ففعلتُ ذلك ، فأذهب الله همّي و قضى عني ديني . رواه أبو داود . عبادَ الله ، إذا كان اللجوءُ إلى الله تعالى سببًا في انسلالِ الهموم الجاثمةِ على المرء فإنَّ ذكر الحبيبِ المصطفى صلوات الله و سلامه عليه سبَبٌ في الأنسِ و كفاية الهمّ ؛ فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ، أرأيتَ إن جعلتُ صلاتي كلّها عليك – أي : أصرف بصلاتي عليك جميعَ الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي - ، قال عليه الصلاة و السلام : ( إذن يكفيك الله تبارك و تعالى ما أهمّك من دنياك و آخرتك ) رواه أحمد . ألا فاتقوا الله عباد الله ، و أحسنوا التعاملَ مع الهموم تُفلِحوا ، و حذارِ أن تكون همومكم من نسيجِ خيالكم و الواقع منها براء ، و خذوا أمورَ الدنيا بأسهلِ ما يكون ، و غضّوا الطرفَ عن مُذكيات الهموم بالتغافل عنها ؛ فإن التغافل تسعة أعشار الحكمة . و اعمَلوا على تخليص همّمكم من همّكم الدنيوي إلى همكم الأخروي ، و إياكم و كثرةَ المعاصي فإنها كلاليب الهموم ، أجارنا الله و إياكم منها . هذا وصلّوا و سلّموا على من أمركم الله بالصلاة عليه في محكَم التنزيل فقال جلّ مِن قائل سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب:56] . اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمد و على آله الطيبين الطاهرين و على أزواجه أمهات المؤمنين و أرضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، و عن الصحابة أجمعين و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و عنَّا معهم بعفوك و إحسانك و جودك يا أكرم الأكرمين . و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه : ( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) . فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ، و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ، و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ، و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك . اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين . اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ، و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ، و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ، و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض ... ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم . أنتهت |
|
|