صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

رسائل اليوم رسائل بيت عطاء الخير اليومية

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-02-2017, 09:40 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان: نعمةُ الماء ووجوبُ شُكرها

ِ
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد النبوي الشريف
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله –

خطبة الجمعة بعنوان:

نعمةُ الماء ووجوبُ شُكرها ،


والتي تحدَّث فيها عن نعمةٍ مِن أهمِّ نِعَم الله تعالى على عبادِه،

وهي نعمةُ الماء، مُبيِّنًا منافعَ الماء الكثيرة وفوائِدِها لجميع خلقِ الله

- جلَّ وعلا -، كما بيَّن أنها قد تكون على بعضِ عبادِ الله نِقمةً وعذابًا،

وحثَّ على وُجوبِ شُكر الله تعالى على هذه النِّعمة.



الخطبة الأولى



إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنا

ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا

هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا

عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.



أما بعد:



فاتَّقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوَى، وراقِبُوه في السرِّ والنَّجوَى.



أيُّها المسلمون:



أسبَغَ الله على عبادِه النِّعمَ الظاهِرة والباطِنة، ويدَاه مبسُوطتان بالعطاءِ

سحَّاءُ الليل والنَّهار لا تَغيضُهُما نفقَة، وأنعمَ على عبادِه نعمةً لا غِنَى

للخلقِ عنها، وبحِكمتِه - سبحانه - يُنشِئُ هذه النِّعمةَ أمامَ أبصارِ البشَر

ليشكُرُوه عليها، فيأمُرُ ملائكةً تُسيِّرُ الرياحَ، وتسُوقُ السحابَ،

وتُنزِلُ القَطرَ ليذُوقَ عبادُه تلك النِّعمة،

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى

الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ }


[النور: 43].



أنزلَ الله هذه النعمةَ مِن السماء ليراها الخلقُ بأبصارهم،

فتتحرَّك القلوبُ لطلبِها، وإلى شُكرِها بعد نُزولِها.



جعلَها الله مِن دلائل ربوبيَّته، قال - سبحانه -:

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا

تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ }


[السجدة: 27].



وبجبرُوتِه تحدَّى الخلقَ أن يُنزِلُوا قطرةً مِن الماءِ غيرَ ما أنزَل،

{ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ

أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ }


[الواقعة: 68، 69].



ونُزولُه مِن السماء غيبٌ لا يعلَمُ زمنَه يقينًا وقَدرَه ونفعَه إلا الله،

قال تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ }
[لقمان: 34].



وإنزالُ الماء مِن حُجَج ألوهيَّة الله واستِحقاقِه للعبادة وحدَه،

قال - سبحانه -:

{ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا

لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }


[البقرة: 22].



وهو مِن الأدلَّة على البعث والنُّشُور، قال - سبحانه -:

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ

وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }


[فصلت: 39].



به يرحَمُ الله أو يُعذِّب،

{ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا }

[الجن: 16].



الماءُ عظمةٌ ومجدٌ وعِزٌّ، وعرشُ الرحمن على الماء،

قال - سبحانه -:

{ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
[هود: 7].



وهو مِن نِعَم الله الغزيرة التي امتَنَّ الله به على مَن قبلَنا،

فمَن شكَرَ مِنهم زادَه، ومَن كفَرَ عذَّبَه،

{ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ

لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ }


[الأنعام: 6].



ولكَونِه نعمةً عظيمةً أرسلَ الله بين يدَيه ما يُبشِّرُ به الخلقَ،

قال - سبحانه -:

{ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ }

[الأعراف: 57].



والأرضُ تفرَحُ بمَقدَمِه فتهتَزُّ وتربُو وتُخرِجُ زينتَها، مما يحَارُ

الطرفُ في حُسنِها، قال - سبحانه -:

{ فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }

[الحج: 5].



وبه تحيَا الأرضُ بعد موتِها، قال - جلَّ وعلا -:

{ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }

[الروم: 24].



والخلقُ يُبشِّرُ بعضُهم بعضًا بمَقدَمِه،

{ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }
[الروم: 48].



وهو مِن أسبابِ رِضوانِ الله على العبدِ إن شكَرَه عليها،

قال - عليه الصلاة والسلام -:

( إن الله ليَرضَى عن العبدِ أن يأكُلَ الأكلَةَ فيحمَده عليها، أو يشرَبَ

الشَّربةَ فيحمَده عليها )


؛ رواه مسلم.



خلقَه الله بلا لونٍ، وأوجَدَه بلا طعمٍ، وأنزلَه بلا رائِحة، ماءٌ واحِدٌ ينزِلُ

على أرضٍ واحِدةٍ، فتظهَرُ جنَّاتٌ مِن أعنابٍ وزرعٌ ونخيلٌ صِنوانٌ

وغيرُ صِنوان، يُفضَّلُ بعضُها على بعضٍ في الأُكُل، منها ما هو حُلوٌ

ومنها ما هو مُرٌّ، وفي بعضِها داءٌ وفي الآخر دواءٌ.



ماءٌ بلا لونٍ على اختِلاف الأزمِنة والأمكِنة، خلقٌ لطيفٌ يُخالِطُ الجَوف،

وهو قويٌّ يطغَى على الأودِية ويبلُغُ الجِبال، مخلُوقٌ عظيمٌ إن نزلَ

عذابًا لا يكشِفُه سِوَى الله، قال - سبحانه -:

{ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ

أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ }

[هود: 43].



منافِعُه لا تُحصَى، عذبٌ مَعِينٌ تتمتَّعُ به الأنفُسُ والأبدان،

{ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا }
[المرسلات: 27].



وجعلَه - سبحانه - طَهورًا للأجساد والقُلُوب، قال - سبحانه -:

{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً

لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ }

[الأنفال: 11].



خلقَه الله مُبارَكًا، فقَطَراتٌ يسيرةٌ تحيَا به الأرضُ ومَن عليها وتسِيلُ

مِنه الأودِية،

{ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا }
[ق: 9].



وبه يُنبِتُ الله جميعَ الزُّرُوع، قال - سبحانه -:

{ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ }

[الأعراف: 57].



جعلَه الله مُكفِّرًا للذُّنُوب والخطايا في الوُضوء،

قال - عليه الصلاة والسلام -:

( إذا توضَّأ العبدُ المُسلمُ أو المُؤمنُ فغسَلَ وجهَه خرجَ مِن وجهِه

كلُّ خطيئةٍ نظرَ إليها بعينَيه مع الماء أو مع آخر قَطر الماء .. )


إلى قولِه:

( .. حتى يخرُج نقِيًّا مِن الذُّنوب )

؛ رواه مسلم.



والله بقُدرتِه وقُوَّتِه أحكَمَ الكونَ، وبعلمِه وحِكمتِه نُزولُه إلى الأرضِ

بقَدَرٍ تُعدُّ فيه عددُ القطَراتُ، قال - سبحانه -:

{ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ }
[الزخرف: 11].



قال ابنُ كثيرٍ - رحمه الله -:

( أي: بحسبِ الكِفاية لزُرُوعكم وثِمارِكم وشُربِكم لأنفُسِكم ولأنعامِكم ).



وأسالَ - سبحانه - في الأرض أودِيةً يراها الخلقُ؛ ليتحقَّقَ بها وعدُ

الله لهم برزقِهم الماء،

{ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا }
[الرعد: 17]،

وزِيادتُه عن مِقدارِه عذاب.



آيةٌ عجِيبة، مسالِكُه في الأرض لا يعلَمُها إلا الله،

قال - سبحانه -:

{ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ }
[الزمر: 21].



يتشقَّقُ مِن الحِجارة ليخرُج رِزقًا للعِباد، ومِن الحِجارة يتفجَّرُ

مِنها الأنهار، قال - جلَّ وعلا -:

{ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ

فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ }


[البقرة: 74].



مخلُوقٌ مُعجِزٌ، إن نزلَ على أرضٍ قاحِلةٍ زيَّنَ لونَها إلى منظرٍ بهِيجٍ،

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ

اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }

[الحج: 63].



ومِن تمامِ نعمةِ الله عليها به حِفظُه في باطِنِ الأرض بعد نُزُولِه؛

لتطمئِنَّ النفوسُ بقُربِه مِنهم، وله فيها خزائِن،

قال - سبحانه -:

{ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }

[الحجر: 22].



نعمةٌ قريبةُ المنال، سهلَةُ النَّوال، يُخرِجُه الله مِن بين الصُّخُور والأترِبَة

عَذبًا زُلالًا، وإن عصَى الخلقُ ربَّهم أبعَدَها عنهم،

قال - عزَّ وجل -:

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }
[الملك: 30].



وكما أنه نعمةٌ، فهذه النَّسَمات اللطيفةُ، والقطَرَاتُ الصغيرةُ التي يتنعَّمُ

بها العبادُ قد تتحوَّلُ بأمرِ الله إلى عذابٍ؛ فقد أغرقَ الله بهذا الماء

أقوامًا أعرَضُوا عن الله، وهو أولُ عذابٍ عُذِّبَت به الأُمَم،

قال تعالى:

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)

فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ

مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ }

[القمر: 9- 12].



وفرعونُ تكبَّر على مُوسى، واختالَ عليه بالمياه،

فقال:

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي }

[الزخرف: 51]،

فأهلَكَه الله بما تكبَّرَ به، وجعلَه عِبرةً للناس،

قال - سبحانه -:

{ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو

إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ }

[يونس: 90].



وجعلَه - سبحانه - سيلًا عرِمًا على قومِ سبَأ لما كفَرُوا نعمةَ الله،

فمزَّقَهم الله به كلَّ مُمزَّق، قال - جلَّ وعلا -:

{ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ

ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ }


[سبأ: 16].



وقد جعلَه الله نصرًا للمُؤمنين في بدر، قال - جلَّ وعلا -:

{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ

بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ }

[الأنفال: 11].



وهو مِن النعيم الذي تُسَرُّ به العينُ في جناتِ النعيم،

قال - جلَّ وعلا -:

{ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ }

[محمد: 15].



ولا يطلُبُ أهلُ النار مِن أهل الجنة شيئًا بعينِه سِواه،

{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ

أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ }


[الأعراف: 50].



وبعدُ .. أيها المُسلمون:



فالماءُ مِن آياتِ الله المُوجِبة للإيمان،

قال - سبحانه -:

{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }

[الأنبياء: 30].



آيةٌ باهِرةٌ لا يُنازِعُ أحدٌ بأنه مِن الله وألا مُوجِدَ له سِواه،

قال - سبحانه -:

{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ

مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ }


[العنكبوت: 63].



وهو مِنَّةٌ مِن الله عظيمة تُصاحِبُنا في كل مكانٍ وزمانٍ وآنٍ، فعلينا

شُكرَها والتفكُّرَ فيها، وطاعةَ خالِقِها، وأن نتَّخِذَها عونًا على عِمارة

آخرتِنا، وألا نغتَرَّ بفضلِ الله علينا بها وألا نُسرِفَ فيها.



أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم:

{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا }
[نوح: 10، 11].

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَني الله وإياكم بما فيه من

الآياتِ والذكرِ العظيم، أقولُ قولِي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولجميعِ المُسلمين

من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية



الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهدُ أن لا

إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له تعظِيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا

عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، وسلَّمَ تسليمًا مزيدًا.



أيُّها المسلمون:



تكفَّلَ الله برِزقِ عبادِه ومخلُوقاتِه برِّهم وفاجِرِمم،

قال - سبحانه -:

{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }

[هود: 6].



والسماءُ تفتَحُ خزائنَها، والأرضُ تُخرِجُ بركَاتِها بطاعةِ الله والتوبةِ

إليه،

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }


[الأعراف: 96].



والشكرُ حافِظٌ للنِّعم مُؤذِنٌ بزيادتِها،

{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }
[إبراهيم: 7].



ثم اعلَموا أنَّ الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَمِ

التنزيل:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }


[الأحزاب: 56].



اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائِه

الراشِدين، الذين قضَوا بالحقِّ وبه كانُوا يعدِلُون: أبي بكرٍ، وعُمرَ،

وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك

وكرمِك يا أكرَم الأكرَمين.



اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّر

أعداءَ الدين، واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا رخاءً،

وسائِرَ بلاد المُسلمين.



اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم اجعَل دِيارَهم

دِيارَ أمنٍ وأمانٍ يا قويُّ يا عزيزُ.



{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[البقرة: 201].



اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا

الغيثَ ولا تجعَلنا مِن القانِطِين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا.



{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

[الأعراف: 23].



اللهم وفِّق إمامَنا لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ووفِّق جميعَ وُلاة

أمورِ المسلمين للعمَلِ بكتابِك وتحكيمِ شرعِك يا ذا الجلال والإكرام.



اللهم انصُر جُندَنا، وثبِّت أقدامَهم، واجعَل أعمالَهم خالِصةً لوجهِك

الكريم، واحفَظ بلادَنا مِن كل سُوءٍ ومكروهٍ يا قويُّ يا عزيزُ.



عباد الله:



{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ

الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }


[النحل: 90].



فاذكُروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُركم، واشكُرُوه على آلائِه ونِعمِه

يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات