صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-09-2017, 10:37 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان :الاعتبارُ بالصيف والشتاء

ِ
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد النبوي الشريف
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان - حفظه الله –

خطبة الجمعة بعنوان: الاعتبارُ بالصيف والشتاء ،


والتي تحدَّث فيها عن أخذ العِبرة والعِظة مِن تقلُّب الليل والنهار،

وما عاقَبَ الله تعالى على العباد من حرِّ الصيف وبردِ الشتاء، وأن

ذلك ينبغي أن يُذكِّرُ العبادَ بحرِّ جهنَّم وزمهَريرها، كما ذكرَ بإيجازٍ

شيئًا مِن أحكام الشتاء.



الخطبة الأولى



الحمدُ لله الذي يدُورُ الزمانُ بأمرِه، وتتلاحَقُ الحِقَبُ بإذنِه، يُكوِّرُ الليل

َ على النهارِ ويُكوِّرُ النهارَ على ليلِه،

{ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ

السِّنِينَ وَالْحِسَابَ }

[يونس: 5]،

أحمدُه وهو أهلُ الثناء والمجد، وأشكُرُه على نِعمِه التي لا تُحصَى

ولا تُعد، أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له في شانِه، وأشهدُ

أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعِي إلى رِضوانِه، أرسلَه الله بالهُدى

ودينِ الحقِّ ليُظهِرَه على الدينِ كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكُون، اللهم صلِّ وسلِّم

وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ، ومَن اهتَدَى بهَديِه، واستَنَّ بسُنَّتِه

إلى يوم الدين.



أما بعد:



فإنَّ أصدَقَ الحديثِ كلامُ الله، وأوثَقَ العُرَى كلِمة التقوَى، وخير

َ المِلَل مِلَّةُ إبراهيم، وأحسنَ القصَص القُرآن، وأفضلَ الهَديِ

هَديُ مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمُور مُحدثاتُها،

وكلَّ بِدعةٍ ضَلالة.



عباد الله:



أُوصِيكم ونفسِي بتقوَى الله - جلَّ وعلا - في السرِّ والعلانية؛ فهي النجاةُ

في الدنيا الفانِية، والفوزُ في الآخرة الباقِية،

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ

أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
[الأحزاب: 70، 71].



معاشِر المُسلمين:



إن في تلاحُقِ الدُّهور، وانصِرامِ الفُصُول، وتتابُع الشُّهور،

واختِلاف الليل والنَّهار لآيةً لأُولِي الأبصار،

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ

لِأُولِي الْأَلْبَابِ }
[آل عمران: 190].



عبادَ الله:



تختلفُ فُصُول السنة، ويتعاقَبُ حرُّ الصيف اللافِح مع بردِ

الشتاء القارِس، وكلُّ ذلك بحِكمةٍ وقدرٍ وأجلٍ مُسمَّى.



وقد استقبَلتُم فصلَ الشتاء ربيعَ المُؤمنين، وغنيمةَ العابِدين،

وروضةَ المُتقين، وميدَانَ المُجتهِدين. مدَّ الله ليلهَ للعابدِين، فكانُوا

{ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

[الذاريات: 17، 18]،

{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا

رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ

جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

[السجدة: 16، 17].



وجعلَ الله نهارَه قصيرًا خفيفَ العناء على الصائِمين، فكان بحقٍّ

غنيمةً للفائِزين، ومِضمارًا للمُتنافِسين،

{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا }

[الفرقان: 62].



فقدِّمُوا لأنفسِكم، واتَّقُوا اللهَ لعلَّكم تُرحَمُون، ولا تُضيِّعُوا الفُرصَ

فإنكن ستُسألُون.



إذا هبَّتْ رِياحُك فاغتَنِمْهَا



فإن لكلِّ خافِقةٍ سُكُونُ



ولا تَغفَلْ عنِ الإحسَانِ فِيهَا



فلا تدرِي السُّكُونُ متَى يكُونُ



عباد الله:



يوم يتوقَّى الناسُ هَجِيرَ الحرِّ وسَعِيرَ الصيفِ، ويتهيَّؤُون لزَمهَرير

الشتاء، فيتَّخِذُون السَّرابيل والدِّثار. ففي ذلك أعظمُ واعِظزٍ وزاجِرٍ

لأُولِي الأبصار؛ فإن شِدَّةَ البرد وشِدَّةَ الحرِّ نفَسَان لجهنَّم.



عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله –

صلى الله عليه وسلم -:

( إذا اشتَدَّ الحرُّ فأبرِدُوا بالصلاة؛ فإن شِدَّةَ الحرِّ مِن فَيحِ جهنَّم ).



( واشتَكَت النارُ إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ! أكَلَ بعضِي بعضًا، فأذِنَ

لها بنفَسَين: نفَسٍ في الشتاء ونفَسٍ في الصيفِ، فما وجَدتُم مِن

بردٍ أو زَمهَريرٍ فمِن نفَسِ جهنَّم، وما وجَدتُم مِن حرٍّ أو حَرُورٍ

فمِن نفَسِ جهنَّم )؛

متفق عليه.



فما ظنُّكم - عباد الله - بجهنَّم! إنها

{ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ }

[الهمزة: 6، 7]،

{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ }

[المرسلات: 32، 33]،

{ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

[المدثر: 28- 30]،

{ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)

وَجَمَعَ فَأَوْعَى }

[المعارج: 15- 18]،

إنها الهاوِية

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ }

[القارعة: 10، 11].



( أُوقِدَ عليها ألفُ عامٍ حتى احمَرَّت، ثم أُوقِدَ عليها ألفُ عامٍ حتى ابيَضَّت،

ثم أُوقِدَ عليها ألفُ عامٍ حتى اسوَدَّت، فهي سوداءُ مُظلِمة،

لا يُضِيءُ شرَرُها، ولا يطفَأُ لهَبُها )،

فاتَّقُوا النارَ التي وقُودُها الناسُ والحِجارة.



عن أبي هُريرة - رضي الله عنه -، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم –

قال:

( نارُكم هذه التي يُوقِدُ ابنُ آدم جُزءٌ مِن سبعين جُزءًا مِن حرِّ جهنَّم )،

قالُوا: واللهِ إن كانت لكافِيةً يا رسولَ الله،

قال:

( فإنها فُضِّلَت عليها بتسعةٍ وستين جُزءًا كلُّها مثلُ حرِّها )

أعاذَنا الله وإياكُم مِنها.



معاشِر المُسلمين:



إن السُّنن الكونيَّة تجرِي بنظامٍ مُحكَم، وقضاءٍ وأمرٍ مِن الله مُسلَّم،

يرحَمُ الله بها مَن يشاءُ فتنفَعُه، ويبتَلِي بها مَن يشاءُ فتضرُّه، فهي

مُسخَّرةٌ بمشيئةِ الله، وليس لها مشيئةٌ ولا تدبيرٌ،

{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ }
[فاطر: 13].



قد نصرَ الله نُوحًا بالطُّوفان، فأهلَكَ قومَه بالغرق، ونجَا هو ومَن معَه.

ونصرَ الله مُوسَى بالبحر، فأغرقَ فيه فِرعون ومَن معه.

ونصرَ هُودًا فأهلَكَ قومَه بالرِّيح العَقِيم،

{ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ }

[الذاريات: 42].

ونصرَ صالِحًا فأهلَكَ قومَه بالصاعِقة وهم ينظُرُون،

{ فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ }

[الذاريات: 45]،

{ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ

أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا

كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

[العنكبوت: 40].



فالحوادِثُ الكونيَّةُ كلُّها بيَدِ الله وبمشيئتِه لا شريكَ له في ذلك.



أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم:

{ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }

[المائدة: 18].



بارَكَ الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكُم بما فِيه مِن

الآياتِ والذِّكرِ الحكيم، أقولُ ما تسمَعُون، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ

لي ولكُم، فاستغفِرُوه؛ فإنه هو الغفورُ الرحيمُ.



الخطبة الثانية



{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ }

[الأنعام: 1]،

مُقلِّب الأيام والشُّهور، ومُفنِي الأعوام والدُّهُور، أحمدُه على كلِّ

الأمُور، أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن مُحمدًا

عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه، وسلَّم تسليمًا

كثيرًا إلى يوم المعاد والنُّشُور.



عباد الله:



إن لبَرد الشتاء مشقَّةً لم تغفُلها الأحكامُ الشرعيةُ؛ فرخَّصَ الشارِعُ في

المسح على الجوارِبِ للمشقَّة، وفي التيمُّم للضَّرَر، كما شرَعَ صلاةَ

الاستِسقاء للقَحط في موسِمِه، ودُعاءَ الاستِصحاء عند الحاجة؛

فالمشقَّةُ تجلِبُ التيسير،

{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }

[الحج: 78].



وليس ذلك للإمعان في الدَّعَة والراحة؛ بل قد بعثَ الله رسولَه بالهُدى

ودينِ الحقِّ؛ ليُظهِرَه على الدينِ كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكُون، واختارَ له

هذا الإقليمَ الوسَط الذي يجمَعُ بين إفراط الحرِّ في الجنُوبِ مِن المعمُورة،

وإفراطِ البرد في القُطب الشمالِيِّ مِنها، فأهلُه بحاجةٍ إلى أن يكونُوا

مِن أعدَلِ الناسِ وأوسَطِهم في الأتقلُم مع الطبيعة والمناخ حرًّا وبردًا؛

حتى يتأتَّى لهم حملُ الرسالة إلى الناس كافَّة.



فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يحمِلُ أصحابَه على

تجشُّم الشدائِد في الحرِّ والبردِ، مع الجُوع والظَّمَأ؛ ليُؤكِّدَ لهم أنه

بقَدر العَنَا تُنالُ المُنَى، ولا يُدرَكُ الشرَفُ إلا بالكلَف، والجنةُ حُفَّت

بالمكارِه، وحُفَّت النارُ بالشَّهَوات، والنعيمُ لا يُدرَكُ بالنَّعيم.



خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة الأحزابِ للقاءِ العدوِّ،

وقد تألَّبَ عليه عشرةُ آلاف مُقاتِل، فخرجَ عليهم - صلى الله عليه وسلم -

بأصحابِه في شِدَّة البردِ ومُعاناةِ الهمِّ والتَّعَب، مع مُقاساةِ

الظَّمَأ والسَّغَب.



يقولُ حُذيفةُ - رضي الله عنه -:

( وما أتَت علينا ليلةٌ قطُّ أشدُّ ظُلمةً ولا أشدُّ بردًا، ولا أشدُّ رِيحًا مِنها،

أصواتُ رِيحِها أمثالُ الصواعِق، وهي مُظلِمةٌ ما يرَى أحدُنا إصبعَه ).



وخرجَ - عليه الصلاة والسلام - إلى غزوة تبُوكٍ في نحوِ ثلاثين ألف

مُقاتِل في لفَحِ السَّمُوم وشِدَّة الحرِّ، حتى قامَ المُنافِقُون يُثبِّطُون ويقُولُون:

{ لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ }

[التوبة: 81]، فردَّ الله عليهم:

{ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }

[التوبة: 81].



يقولُ عُمرُ - رضي الله عنه -:

( خرَجنَا إلى تبُوكٍ في قَيظٍ شديدٍ، فنَزَلنا منزِلًا أصابَنا فيه عطَش،

حتى ظنَنَّا أن رِقابَنا ستنقَطِع، حتى إن الرجُلَ لينحَرُ بَعِيرَه فيعصِرُ

فَرثَه فيشرَبُه، ويجعَلُ ما بقِيَ على كبِدِه ).



وهكذا علَّمَهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التضحِيةَ للدين

والجهاد في سبيلِ الله، في السرَّاء والضرَّاء وحين البأس، وعلَّمَهم

الخُشُونةَ والجلَدَ، والصبرَ على الطاعة.



وبعدُ .. معاشِرَ المُسلمين:



فإن الله مَنَّ علينا بنِعمٍ لا تُحصَى، وأسبَغَ علينا نِعمَه ظاهرةً وباطنةً

بكرَمِه وجُودِه وفضلِه، وقد خلَقَنا لعِبادتِه، فيجِبُ أن نُسخِّرَ أنفسَنا

لطاعتِه في العُسر واليُسر، في المنشَط والمكرَه، في السرَّاء والضرَّاء.



ويجِبُ أن نستعمِلَ نِعمَه في طاعتِه، ونحرِصَ أن تكون عَونًا لنا

على مرضاتِه، وسببًا لدخُول جنَّاتِه، ونعوذُ بالله أن نبذُلَ نِعَمَه

علينا في معصيتِه، وأن تكون سببًا لسَخَطِه وعذابِه.



عباد الله:



صنائِعُ المعروف تقِي مصارِعَ السُّوء، وأعظمُ ما تُدفعُ به المِحَنُ

والبلاء، وتعظُمُ به البركةُ والنَّماء: مُواساةُ الفُقراء، سيَّما مع دُخول

وقتِ الشتاء؛ فمِنهم مَن حاصَرَه البردُ لوا دِثار، ومِنهم مَن جندَلَه

الجُوعُ ولا رِيالَ ولا دِينار، ومِنهم مَن داهَمَته السُّهُولُ والأمطار،

ومِنهم العَجَزةُ والأيتامُ والأرامِلُ والشُّيُوخُ الكِبار، ومِنهم القريبُ

والغريبُ والجارُ.



فتفقَّدُوا إخوانَكم المُحتاجِين، وابدؤُوا بأقارِبِكم وذوِي أرحامِكم،

ثم جِيرانكم وأهلِ بلدِكم، ثم الأقربِ فالأقربِ، ولا يحقِرنَّ أحدُكم

مِن المعروفِ شيئًا.



أفرِجُوا الهُمُوم، وانصُرُوا المظلُوم، وأسعِفُوا المكلُوم، واتَّقُوا

اللهَ لعلَّكم تُرحَمُون.



معاشِرَ المُسلمين:



إن الدفاعَ عن الوطن وعن البلاد الإسلاميَّة دفاعٌ عن بيضَةِ الإسلام

وحَوزة المُسلمين، وأعراضِهم ومُمتلكاتِهم، والمُسلمون بُنيانٌ واحِد،

وأمَّةٌ واحِدة، وجسَدٌ واحِد، إذا اشتَكَى مِنه عُضوٌ تداعَى له سائِرُ

الجسَد بالحُمَّى والسَّهَر؛ فأيُّ عُدوانٍ يمَسُّ لبِنَةً مِن بناء المُسلمين

وبلادِهم فإنه اعتِداءٌ على حُرُمات كلِّ المُسلمين.



والقُدسُ مهبِطُ الوحي، ومبعَثُ الأنبياء والرُّسُل، وقِبلتُهم التي

توجَّهَ إليها المُسلمون في صلاتِهم فترةً مِن الزمن، ومسرَى النبيِّ

- صلى الله عليه وسلم -، ومِحرابه الذي أمَّ فيه الأنبياءَ –

عليهم الصلاة والسلام -،
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ

الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

[الإسراء: 1].



وقد حانَ الوقتُ ليعرِفَ العالَمُ أجمَع أن مسرَى نبيِّنا مُحمدٍ –

صلى الله عليه وسلم - هو مكانٌ لكل مُوحِّدٍ على وجهِ الأرض،

لكل مَن قال:

( لا إله إلا الله، مُحمدٌ رسول الله ).



والمملكةُ العربيةُ السعوديةُ كانت ولا زالَت صامِدة، ولن تتنازَلَ ولن

تتزَحزَحَ عن مبادِئِها وقِيَمها الإسلامية والإنسانية، حول القضية

الفلسطينية والقُدس المُحتلَّة، وستُواصِلُ جُهودَها - بإذن الله –

في حلِّ المُشكِلة ونُصرة المظلُوم.



ونفوسُنا مُطمئنةٌ بوعدِ الله، فمهما تسلَّطَ الأعداءُ فإن النصرَ حلِيفُ

المُؤمنين الصابِرين، وللبيتِ ربٌّ سيَحمِيه،

{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ

الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ }

[الأنبياء: 105، 106].



اللهم احفَظ القُدسَ الشريف، اللهم احفَظ القُدسَ الشريف، وأعِده إلى

حَوزة الإسلام والمُسلمين، اللهم أعِده إلى حَوزة الإسلام والمُسلمين،

اللهم احفَظه مِن كيدِ الكائِدين، وأيدِي الغاصِبين يا رب العالمين.



اللهم أعِزَّ الإسلام والمُسلمين، وانصُر عبادَك المُوحِّدين، واجعَل

اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين.



اللهم احفَظ حُدودَنا، وانصُر جُنودَنا يا رب العالمين.



اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهم وفِّق وليَّ

أمرِنا خادمَ الحرمَين الشريفَين بتوفيقِك، وأيِّده بتأيِيدك، اللهم

وفِّقه لما تُحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبِرِّ والتقوَى، اللهم وفِّقه

ووليَّ عهدِه لِما فيه خيرٌ ونُصرةٌ للإسلام والمُسلمين، ولِما فيه

صلاحُ البلاد والعباد يا رب العالمين.



عباد الله:



صلُّوا وسلِّمُوا على مَن أمرَكم الله بالصلاة والسلام عليه فقال:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا

عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[الأحزاب: 56].



اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم

وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.



وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان،

وعليٍّ، وعن سائر الصحابِة أجمعين، وعنَّا معهم برحمتِك

يا أرحم الراحمين.



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات