صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-29-2016, 12:38 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتي الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : فضل الشكر لله تعالى


خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتي الجمعة من المسجد النبوى
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


ألقى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي - يحفظه الله
خطبتى الجمعة من المسجد النبوى بالمدينة المنورة بعنوان :
فضل الشكر لله تعالى


والتي تحدَّث فيها عن شُكر الله - جل وعلا - وفضائله وثوابِ الشاكرين،
وعقوبةَ من لم يشكُر الله تعالى في الدارَين.

الحمدُ لله، الحمد لله العليِّ الكبير، العليم القدير،
أحمدُ ربي وأشكرُه على نعمِه الظاهرة والباطِنة، وأسألُه دوامَ الشُّكر على نعمِه،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إليه المصير،
وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه وخليلُه،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ البشير النذير، والسراجِ المُنير،
وعلى آله وصحبِه الذين جاهَدوا بأموالهم وأنفُسهم لنُصرة دين الله
حتى أشرَقَت الأرضُ بالهُدى والنور.

فاتقوا الله تبلُغُوا رِضوانَه وجناته، وتنجُو من غضبِه وعقوبَاته.

عباد الله:

إن ربَّكم - جل وعلا - يُذكِّرُكم بنعمِه العامَّة والخاصَّة لتشكُرُوه؛
قال تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ }

[ فاطر: 3 ]
وقال تعالى:

{ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

[ المائدة: 7 ]
وقال تعالى:

{ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً }

[ لقمان: 20 ].

وأخبَرَنا - عزَّ وجل - أن النِّعمَ كلَّها منه، لنقومَ بحقِّه - تبارك وتعالى
في العبادةِ والشُّكر، ونرغَبَ إليه في الزيادة
قال الله تعالى:

{ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }
[ النحل: 53 ]
وقال تعالى:

{ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }
[ النساء: 79 ].

فالحسناتُ تُصيبُ الإنسانَ بفضلٍ من الله ورحمةٍ من جميع الوُجوه،
والسيِّئات بسببٍ من الإنسان، والله كتبَهَا وقدَّرَها،
ولا يظلِمُ الربُّ - عز وجل - أحدًا مِثقالَ ذرَّة.

والناسُ يعلَمون كثيرًا من النِّعَم، ويجهَلون أكثرَ النِّعَم. فكم من نعمةٍ ساقَها الله إليك
أيها الإنسان -، ومتَّعَك بها .. وأنت لا تشعُرُ بها!
وكم من شرٍّ ومُصيبةٍ دفَعَها الله عنك .. وأنت لا تعلمُها!
قال الله تعالى في حفظِ الإنسان:

{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ }
[ الرعد: 11 ]
وقال تعالى:

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

[ الجاثية: 13 ].

والكثيرُ من أعضاء البدَن تقومُ بعملِها لنفع البدَن وحياتِه بغير إرادةٍ من الإنسان؛
قال الله تعالى:

{ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }
[ الذاريات: 21 ]
وقال تعالى:

{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }
[ إبراهيم: 34 ]
ومن لا يقدِرُ أن يُحصِيَ النِّعَم فهو يجهلُ أكثرَها.

ومنَّ الله تعالى بالنِّعَم لتُسخَّرَ في طاعة الله وعبادتِه، وعمارةِ الأرض وإصلاحِها؛
قال الله تعالى:

{ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }
[ النحل: 81 ]
وقال - تبارك وتعالى -:

{ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[ النحل: 78 ].

فشُكرُ النِّعَم هو باجتماعِ أمورٍ بمحبَّةِ المُنعِمِ - جل وعلا - على نعمِه،
والخُضوعِ لله - سبحانه - لما أنعَمَ عليك،
مع تيقُّنِ القلبِ أن كل نعمةٍ تفضُّلٌ وإحسانٌ على العبدِ من جميعِ الوجوه،
لا يستحِقُّها العبدُ على الله، والثناءِ على الربِّ باللسان بهذه النِّعَم،
والقبولِ لها بتلقِّيها بالفاقَة والفقرِ إلى الله، وتعظيمِ النِّعمة،
واستِعمالِ النِّعَم فيما يحبُّ الله - تبارك وتعالى -.

فمن استخدَمَ آلاءَ الله فيما يحبُّ ويرضَى، وجعلَها عونًا على إقامةِ الدين في نفسِه،
وأدَّى بها الواجِبات المفروضَة عليه فيها بالإحسانِ إلى الخلقِ منها؛ فقد شكَرَها.
ومن استخدَمَ نعمَ الله فيما يُبغِضُ الله، أو منَعَ الحقوقَ الواجِبةَ فيها؛ فقد كفَرَ النِّعمَ.
وألا تُبطِرَه النِّعَم، ويُداخِلَه الغرور،
ويُوسوِسَ له الشيطانُ بأنه أفضلُ من غيرِه بهذه النِّعَم،
وأنه ما خُصَّ بها إلا لمزِيَّةٍ على من سِواه، وليعلَم أن الله يبتلِي بالخير والشرِّ؛
ليعلَمَ الشاكرين والصابِرين، والإيمانُ نِصفُه شُكر، ونِصفُه صبر،
قال الله تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

[ لقمان: 31 ].

وكتَبَت عائشةُ - رضي الله عنها - لمُعاوية - رضي الله عنه -:
[ إن أقلَّ ما يجِبُ للمُنعِم على من أنعَمَ عليه ألا يجعلَ ما أنعَمَ عليه سبيلاً إلى معصيتِه ]

وفوقَ مرتَبَة الشُّكر على النِّعَم: الشُّكرُ على المصائِب والشُّرور،
والحمدُ لله على المكرُوهات التي تُصيبُ المُسلِم،
وأهلُ هذه المنزِلة أولُ من يُدعَى لدخولِ الجنة؛ لأنهم حمَّادُون على كل حال.
وقد أمَرَنا ربُّنا- عز وجل - بشُكرِه،
فقال - تبارك وتعالى -:

{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }
[ البقرة: 152 ]
وقال تعالى:

{ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
[ المائدة: 6 ]
وقال تعالى:

{ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }
[ النحل: 114 ].

وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

( أحِبُّوا اللهَ لما يغدُوكم به من نِعَمِه )
رواه الترمذيُّ وصحَّحه من حديثِ ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -.

وأعظمُ الشُّكر: الإيمانُ بربِّ العالمين؛
فهو شُكرُ نعمةِ رسالةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - التي أرسلَه به رحمةً للناس،
ويأتي بعدَها شُكرُ كل نعمةٍ بخُصوصِها إلى أصغَر نعمة، وليس في نعَمِ الله صغير.
وأعظمُ كُفرٍ للنِّعَم: الكُفرُ بالقرآن والسنَّة، ولا ينفَعُ شُكرٌ لأي نعمةٍ مع الكُفر بالإسلام؛
قال الله تعالى:

{ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ المائدة: 5 ]
وقال - عزَّ وجل -:

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ }

[ غافر: 69- 72 ].

وقد وعَدَ الله الشاكرينَ بدوامِ النِّعَم وزيادتِها وبركاتِها، قال تعالى:

{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }
[ إبراهيم: 7 ].

والشاكِرون هم الفائِزون بخَيرَي الدنيا والآخرة؛
قال الله تعالى:

{ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
[ آل عمران: 144 ]
وقال - عزَّ وجل -:

{ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ
نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }

[ آل عمران: 145 ].

والشاكِرون هم الناجُون من عقوباتِ الله في الدنيا وشُرورِها، ومن كُرُبات الآخرة؛
قال تعالى عن قوم لُوطٍ - عليه السلام -:

{ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ
نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ }

[ القمر: 34، 35 ].

والشكرُ مقامُ الأنبياء والمُرسَلين، وعبادِ الله المُؤمنين؛
قال تعالى عن نُوحٍ - عليه الصلاة والسلام -:

{ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا }
[ الإسراء: 3 ]
وقال تعالى:

{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }

[ النحل: 120، 121 ]
وقال تعالى:

{ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي
فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }

[ الأعراف: 144 ].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقومُ من الليل حتى تتفطَّر قدَمَاه، فقالت:

( يا رسول الله ! تقومُ من الليل حتى تتفطَّر قدَماك،
وقد غفَرَ الله لك ما تقدَّم من ذنبِك وما تأخَّر؟!
قال: أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا؟! )

رواه البخاري ومسلم.

والشاكِرون هم أهلُ نِعَم الله الذين يخُصُّهم بما لا يخُصُّ به غيرَهم؛
قال تعالى:

{ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ }

[ الأنعام: 53 ].

والشاكِرون هم خاصَّةُ الله من خلقِه، لذلك كانُوا قليلاً؛
قال - عزَّ وجل -:

{ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }
[ سبأ: 13 ].

أيها الشاكِر:

دُم على الشُّكر والاستِقامة .. فمن وفَّى مع الله وفَّى الله له؛
قال تعالى:

{ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }
[ البقرة: 40 ].

ولا يستزِلَّك الشيطانُ - أيها الشاكِر - فتُقصِّرَ في الشُّكر، أو تُغيِّرَه إلى كُفرٍ بالنِّعمة،
فتتغيَّر عليك الأحوال من حسنِها إلى سُوئِها وشرِّها؛
قال تعالى:

{ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ
مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

[ البقرة: 211 ].

فمن كان على دوامِ شُكرٍ زادَه الله، ومن دامَ على الاستقامة دامَت له النِّعمُ والكرامة،
ومن تحوَّل من المعاصِي إلى ما يُرضِي الله،
تحوَّل الله له مما يكرَهُه ويسوؤُه إلى ما يُحبُّ،
ومن كان مُوافِقًا لله في القُرُبات ومُباعَدة المعاصِي؛ تولَّى الله أمورَه،
ووفَّقَه بتوفيقِه، وأحسنَ عاقِبَتَه في الأمورِ كلِّها.

عن أنسٍ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريلَ،
عن ربِّه - عز وجل - قال:

( من أهانَ لي وليًّا فقد بارَزَني بالمُحارَبة،
وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُه ما تردَّدتُ في قبضِ نفسِ عبدِي المؤمن،
يكرَه الموتَ وأكرَه مساءَتَه، ولا بُدَّ له منه.
وإن من عبادِي المُؤمنين من يُريدُ بابًا من العبادةِ فأكُفُّه عنه لا يدخُلُه عُجبٌ،
فيُفسِدُه ذلك، وما تقرَّبَ إليَّ عبدِي بمثلِ أداءِ ما افترضتُ عليه،
ولا يزالُ عبدِي يتنفَّلُ إليَّ حتى أحِبَّه،
ومن أحببتُه كنتُ له سمعًا وبصرًا ويدًا ومُؤيِّدًا، دعانِي فأجبتُه،
وسألَني فأعطيتُه، ونصَحَ لي فنَصحتُ له.
وإن من عبادِي من لا يُصلِحُ إيمانَه إلا الغِنى، ولو أفقرتُه لأفسَدَه ذلك،
وإن من عبادِي من لا يُصلِحُ إيمانَه إلا الفقر، وإن بسَطتُ له أفسَدَه ذلك،
وإن من عبادِي من لا يُصلِحُ إيمانَه إلا السُّقم، ولو أصحَحتُه لأفسَدَه ذلك،
وإن من عبادِي من لا يُصلِحُ إيمانَه إلا الصحة، ولو أسقَمتُه لأفسَدَه ذلك.
إني أُدبِّرُ عبادِي بعلمِي بما في قلوبِهم، إني عليمٌ خبير )

رواه الطبراني، ولبعضِ ألفاظِه شواهِدُ في "الصحيح".

فكُن - يا عبد الله - مع الشاكِرين الذين يصُبُّ الله عليهم الخيرَ صبًّا.

ذكرَ الإمامُ ابن القيِّم - رحمه الله - أثرًا إلهيًّا، قال: قال الله تعالى:
[ أهلُ ذِكرِي أهلُ مُجالَسَتي، وأهلُ شُكرِي أهلُ زيادَتي، وأهلُ طاعَتي أهلُ كرامَتي،
وأهلُ معصِيَتي لا أُقنِّطُهم من رحمَتي؛ إن تابُوا فأنا حبيبُهم، وإن لم يتوبُوا فأنا طبيبُهم،
أبتلِيهم بالمصائِب لأُطهِّرَهم من المعايِب ].


وقد أمرَك الله أن تكون مع هؤلاء الفائِزين؛
قال الله تعالى:

{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
[ الزمر: 66 ].

وقد ذكَرَ الله تعالى نِعَمًا بخُصوصِها في كتابِه؛
لنفعِها وبركتِها على الأمةِ إلى يوم القيامة، وأمرَ بشُكرها.
ومن وصايا نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - النافِعة، أن قال:

( يا مُعاذ! إني أُحبُّك، فقُل دُبُرَ كل صلاةٍ:
اللهم أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسن عبادتِك )

رواه أبو داود، والنسائي.

والحمدُ والشُّكرُ تدخُلُ معاني بعضِها في بعضٍ، مع اختِصاصِ كلٍّ بمعانٍ دقيقةٍ.
ولله تعالى في كل وقتٍ نِعَمٌ خاصَّة وعامَّة، يجبُ شُكرُ الله عليها بدوام رعايتِها وحِفظِها،
واجتِنابِ أسباب زوالِها، ولا تُحفَظُ النِّعمُ إلا بالطاعات وترك المُنكَرات،
وأداء حقِّ كل نعمةٍ.
ومن النِّعم: المال، والحقُّ فيه أداءُ الزكاة، والإنفاقُ الواجب فيه،
والإكثارُ من النَّفقات المُستحبَّات.

والزكاةُ تزيدُ في المال، وتحُلُّ فيه البركةُ بها، وتحفظُه من العاهات والهلَكَات،
وتدفعُ عن صاحبِها السوء، وترفعُه درجاتٍ في الدنيا والأخرى
ولا خيرَ في مالٍ لم يُطهَّر بالزكاة والنَّفقات الواجِبات والمُستحبَّات،
قال الله تعالى :

{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }
[ التوبة: 103 ]
وقال تعالى:

{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }
[ سبأ: 39 ].

وفي الحديث:

( ما من صاحبِ كنزٍ لا يُؤدِّي زكاتَه إلا مُثِّل له يوم القيامة شُجاعٌ أقرَع،
يأخذُ بلهزمَتَيه - يعني: ثُعبان يأخذُ بشِدقَيه - ويقول: أنا كنزُك أنا مالُك )

رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.

والزكاةُ حقٌّ لله تعالى، خصَّ بها الفقيرَ ومن معه. ولو أدَّى الأغنياءُ الزكاةَ ما بقِيَ فقيرٌ.
وشُكرُ النِّعَم منافِعُه للشاكِر، والغفلةُ عن الشُّكر مضارُّه على الغافِل؛
قال الله تعالى:

{ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }
[ لقمان: 12 ].

ومن كُنوز السنَّة في شُكر النِّعم:
قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -:

( من قال حين يُصبِحُ: اللهم ما أصبحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقِك
فمنك وحدَك لا شريكَ لك، فلك الحمدُ ولك الشكرُ؛ فقد أدَّى شُكرَ ليلته،
ومن قال: اللهم ما أمسَى بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقِك فمنك وحدَك
لا شريكَ لك، فلك الحمدُ ولك الشكرُ؛ فقد أدَّى شُكرَ يومِه )

حديثٌ حسنٌ؛ رواه أبو داود وابن حبان وصحَّحه من حديث عبد الله بن غنَّام البياضي.

قال الله تعالى:

{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }
[ لقمان: 14 ].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
ونفعَنا بهدي سيِّد المرسلين وقوله القويم،
أقول قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم وللمسلمينٍ، فاستغفِروه.

الحمد لله الذي وفَّق من شاءَ إلى الخيرات،
وخذلَ من شاءَ بعدلِه وحكمتِه فاتَّبَعَ الشهوات، أحمدُ ربي وأشكرُه،
وأتوبُ إليه وأستغفِرُه،
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ربُّ الأرض والسماوات،
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه كعبةُ المكرُمات،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه ذوِي الطاعات.

فاتقوا الله قيامًا بشُكرِه، واذكُرُوه حقَّ ذِكرِه.

عباد الله :

قال الله تعالى:

{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }

[ الزمر: 7 ].

واعلَموا أن العبدَ مهما أطاعَ ربَّه، وتقرَّبَ إليه بأنواعِ القُرُبات
لن يقوم بشُكرِ ربِّه على الكمالِ والتَّمامِ، ولكن حسبُه أن يقومَ بالفرائِض،
وينتهِيَ عن النواهِي، ويعلَم أنه لولا رحمةُ الله لكانَ من الخاسِرين،
ويُلازِمَ الاستِغفارَ من التقصير، وأن يُكثِرَ الدعاءَ لربِّه بالمعُونَة والتوفيق.

عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما -، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعُو:

( ربِّ اجعَلني لك شكَّارًا، لك ذكَّارًا، لك رهَّابًا، لك مُطاوِعًا، لك مُخبِتًا،
إليك أوَّاهًا مُنيبًا، ربِّ تقبَّل توبَتي، واغسِل حوبَتي، وأجِب دعوَتي،
وثبِّت حُجَّتي، واهدِ قلبي،وسدِّد لِسانِي، واسلُل سخيمَةَ صدري )

رواه أبو داود، والترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيح".

عباد الله:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[ الأحزاب: 56 ]
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:

( من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا )

فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
إنك حميدٌ مجيد،
اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
إنك حميدٌ مجيد.

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،
اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليّ
اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِنَّا على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتِك،
اللهم أعِنَّا على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتِك يا رب العالمين،
اللهم اجعَلنا شاكرين لنِعَمك، قابِلِيها منك يا رب العالمين، مُثنِين بها عليك.
اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتِك، وفُجاءَة نقمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وجميع سخَطك.
اللهم إنا نعوذُ بك من سُوء القضاء، وشماتة الأعداء، ودرَك الشقاء، وجَهد البلاء.
اللهم أحسِن عاقِبَتنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة.

اللهم اغفِر لموتانا وموتَى المُسلمين،
اللهم اغفِر لموتانا أجمعين وموتَى المُسلمين يا رب العالمين،
اللهم نوِّر عليهم قبورَهم، اللهم إنا نسألُك أن تزيدَ في حسناتهم،
وأن تتجاوزَ عن سيئاتهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام نسألُك أن تغفِر لنا ذنوبَنا،
اللهم أصلِح لنا شأنَنا كلَّه يا أرحم الراحِمين.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ،
ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ.
اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين،
اللهم فرِّج همَّ المهمُومين من المُسلمين،
اللهم واقضِ الدَّينَ عن المَدينين من المُسلمين يا رب العالمين،
برحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم اشفِ مرضانا،
اللهم اشفِ مرضانا،
اللهم اشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين،
اللهم اشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتِك وقُدرتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم اهدِ شبابَنا وشبابَ المُسلمين،
اللهم اهدِ شبابَنا وشبابَ المُسلمين،
اللهم اجعَلنا وإياهم يا رب العالمين ممن استعملتَه في طاعتِك،
وجنَّبتَه معاصِيك يا رب العالمين.
اللهم أعِذنا وأعِذ ذُريَّاتنا من إبليس وشياطينه وجنودِه وذريَّته يا رب العالمين،
وخُطواته، إنك على كل شيء قدير.

اللهم إنا نسألُك أن تُنزِل الأمنَ والأمانَ في بلاد المُسلمين،
اللهم أنزِل الأمنَ والأمانَ في بلاد المُسلمين.
اللهم ارحم المُستضعَفين،
اللهم انصُر المُستضعَفين في الشام،
اللهم انصُرهم يا رب العالمين على من ظلمَهم يا رب العالمين،
اللهم ارفَع عنهم الكُرُبات، وارفَع عنهم الشدائِد يا رب العالمين.
اللهم أصلِح حال اليمن،
اللهم أصلِح حال اليمن بعافيةٍ للمُسلمين وللإسلام والمُسلمين يا رب العالمين،
وذِلَّةٍ على المُنافقِين والمُبتدِعين يا أرحم الراحمين ويا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك أن تُصلِح أحوالَ المُسلمين في العراق،
وأن تُصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ يا رب العالمين.

اللهم ارزُقنا التوبةَ والمُسلمين،
اللهم ارزُقنا التوبةَ والإنابةَ إليك.
اللهم احفَظ بلادَنا من كل شرٍّ ومكرُوهٍ.
اللهم وفِّق عبدَك خادم الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضَى،
اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، وأعِنه على كل خيرٍ يا رب العالمين،
اللهم وارزُقه الصحةَ إنك على كل شيء قدير،
اللهم وفِّق نائبَيه لما تحبُّ وترضَى يا رب العالمين.

{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }
[ البقرة: 201 ].

عباد الله:

{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا
وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

[ النحل: 90- 91 ].

واذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم،
ولذِكرُ الله أكبر،
والله يعلمُ ما تصنَعون.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات