صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-20-2018, 06:02 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :خُلُق الحياء

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان:
خُلُق الحياء

والتي تحدَّث فيها عن خُلُقٍ مِن أخلاق الإسلام، والذي اقترَنَ مع الإيمانِ
ودينِ الإسلام، ألا وهو:
خُلُق الحياء، مُبيِّنًا فضلَه ومكانةَ مَن تحلَّى به في الدين، كما بيَّن أثَرَه
على المُجتمع المُسلم كلِّه، ولم يُغفِل تنبيهَ النساء إلى أن الحياءَ مِن
أعظم ما يُميِّز المرأةَ المُسلِمةَ.

الخطبة الأولى

الحمدُ لله، الحمدُ لله ذي الفضل والإحسان، جعلَ الحياءَ شُعبةً مِن
شُعب الإيمان، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له
{ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }
[الرحمن: 29]،
وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ إلى جميعِ الثَّقلَين الإنسِ
والجان، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِه وأصحابِه،
ومَن تبِعَهم إلى يوم الدين بإحسان.

أما بعدُ .. معاشر المؤمنين:

اتَّقُوا اللهَ تعالى، واستَحيُوا مِنه حقَّ الحياء، واعلَمُوا أنه رقيبٌ عليكم
أينما كُنتُم، يسمعُ - سبحانه - ويرَى،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102].
أمة الإسلام:
لقد كانت الدعوةُ إلى مكارِمِ الأخلاق مِن أهمِّ مقاصِدِ بِعثة النبيِّ –
صلى الله عليه وسلم -؛ ففي مسند الإمام أحمد
بسندٍ صحيحٍ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إنما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاق ).
وحُسنُ الخُلُق والإيمان مُتلازِمان؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه –
قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( أكمَلُ المُؤمنين إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا )؛
رواه أبو داود في سننه بسندٍ صحيحٍ.
فالإيمانُ - يا عباد الله - يعظُمُ ويكمُلُ بحُسن الأخلاق وكمالِها،
وحُسنُ الخُلُق يُثقِلُ الموازِين، ويزيدُ في إيمانِ العبد، حتى يصِلَ
إلى مراتبِ الكمال.
ومِن الأخلاق الفاضِلة التي قُرِنَت بالإيمان:
خُلُق الحياء، فإذا رُفِع الحياءُ عن الإنسان نقصَ مِن إيمانِه بقَدر ذلك.
ففي مستدرك الحاكم بسندٍ صحيحٍ:
عن ابن عُمر - رضي الله عنهما - قال: قال النبيُّ
- صلى الله عليه وسلم -:
( الحياءُ والإيمانُ قُرِنَا جميعًا، فإذا رُفِع أحدُهما رُفِع الآخر ).
وبيَّن - صلى الله عليه وسلم - مزِيَّةً للحياء على سائرِ الأخلاق، فقال:
( إن لكل دينٍ خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياءُ )؛
رواه ابنُ ماجَه بسندٍ حسنٍ.
فما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانَه، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلا شانَه.
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
الحياءُ أصلٌ لكلِّ خيرٍ، وهو أفضلُ وأجَلُّ الأخلاق، وأعظَمُها قَدرًا،
وأكثَرُها نفعًا، ولولا هذا الخُلُق لم يُوفَ بالوعدِ، ولم تُؤدَّ الأمانة،
ولم تُقضَ لأحدٍ حاجة، ولا تحرَّى الرجُلُ الجميلَ فآثَرضه، والقبيحَ
فتجنَّبَه، ولا ستَرَ له عورَة، ولا امتنَعَ عن فاحِشة.
وكثيرٌ مِن الناسِ لولا الحياءُ الذي فيه لم يُؤدِّ شيئًا مِن الأمور
المُفترَضَة عليه، ولم يَرعَ لمخلُوقٍ حقًّا، ولم يصِل له رَحِمًا،
ولا بَرَّ له والِدًا
. اهـ كلامُه - رحمه الله -.
والحياءُ - يا عباد الله - هو خُلُق الأنبياء والمُرسَلين، ومَن سارَ على
نَهجِهم مِن الصحابةِ والتابِعين.
فهذا مُوسَى - عليه السلام -، قال عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( إن مُوسَى كان رجُلًا حيِيًّا سِتِّيرًا، لا يُرَى مِن جِلدِه شيءٌ استِحياءً مِنه )؛
رواه البخاري.
وأما نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، فقد تسنَّمَ أعلى مقاماتِ الحياء؛
فعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - قال:
كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً مِن العذراء في
خِدرِها، وكان إذا كرِهَ شيئًا عرَفنَاهُ في وجهِه ؛
أي: إذا كرِهَ شيئًا لا يتكلَّمُ به لحيائِه، بل يتغيَّرُ وجهُه، فيفهَمُ الصحابةُ
كراهتَه لذلك.
وفي الصحيحين : عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:
سألَت امرأةٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: كيف تغتسِلُ مِن حيضَتِها،
قال: فذكَرَت أنه علَّمَها كيف تغتَسِل،
( ثم تأخُذُ فِرصةً مِن مسكٍ فتطهَّرُ بها )،
قالت المرأةُ: كيف أتطهَّرُ بها؟ فاستَحيَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -،
وأعرَضَ بوجهِه، وقال:
( تطهَّرِي بها، سُبحان الله! ).
قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: فأخذتُها فجذَبتُها، فأخبَرتُها بما يُريدُ
النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّجُ بأن يُشعِرَ زُوَّارَه والمُستأنِسِين
بمجلِسِه بأنهم قد طالَ جُلُوسُهم عنده، وحديثُهم في بيتِه، فأنزلَ الله
- تبارك وتعالى -:
{ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي
النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ }

[الأحزاب: 53].
ومرَّ - صلى الله عليه وسلم - على رجُلٍ وهو يُعاتِبُ أخاه في الحياء
يقول: إنَّك لتَستَحيِي! حتى كأنه يقولُ: قد أضَرَّ بك!
أي: الحياء، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( دَعْهُ فإن الحياءَ مِن الإيمان )؛
رواه البخاري.
فلذا كان الصحابةُ - رضي الله عنهم وأرضاهم - يُعزِّزُون في نفوسِ
أبنائِهم خُلُقَ الحياء، ويُربُّونَهم عليه، كما ربَّاهم رسولُ الله –
صلى الله عليه وسلم - على ذلك.
فهذا عبدُ الله بن عُمر - رضي الله عنهما - كان غُلامًا في مجلِسِ
رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولُ: إن رسولَ الله –
صلى الله عليه وسلم - قال:
( إنَّ مِن الشجَر شجرةً لا يسقُطُ ورَقُها، وهي مثَلُ المُسلم،
حدِّثُونِي ما هي؟ )،

فوقَعَ الناسُ في شجَرِ البادِية، ووقعَ في نفسِي أنها النَّخلَة.
قال عبدُ الله: فاستَحيَيتُ، فقالُوا: يا رسولَ الله! أخبِرنا بها، فقال:
(هي النَّخلةُ )؛
رواه البخاري ومسلم.
والحياءُ فوقَ ذلك كلِّه هو صِفةٌ للربِّ - جلَّ جلالُه، وتقدَّسَت أسماؤُه -،
وحياءُ الربِّ - تبارك وتعالى - حياءُ جُودٍ وكرمٍ، وبِرٍّ وجلالٍ؛
فإنه - سبحانه - حيِيٌّ كريمٌ يستَحيِي مِن عبدِه إذا رفعَ إليه يدَيه
أن يرُدَّهما صِفرًا خائبتَين، ويستَحيِي أن يُعذِّبَ ذا شَيبةٍ شابَت في الإسلام.
وفي الأثر: يقولُ الربُّ - جلَّ جلالُه -:
( ما أنصَفَني عبدِي! يدعُوني فأستَحيِي أن أرُدَّه، ويعصِينِي ولا
يستَحيِي مِنِّي ).

فالمُسلمُ الصادِقُ - يا عباد الله - يستَحِي مِن نظر الخالِقِ إليه؛
فلا يتأخَّرُ في طاعةٍ، ولا ينسَى شُكرَ نعمةٍ، ولا يراهُ حيثُ نهاه،
ولا يفتقِدُه حيث أمرَه؛ فالله - جلَّ جلالُه، وتقدَّسَت أسماؤُه – أحقُّ
أن يُستحيَى مِنه، وبذلك أوصَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه.
ففي معجم الطبرانيِّ :
أن رجُلًا قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أوصِنِي، قال:
( أُوصِيكَ أن تَستَحيِيَ مِن الله كما تستَحِي رجُلًا صالِحًا مِن قومِك ).
وفي جامعِ الترمذي بسندٍ حسنٍ:
عن عبد الله بن مسعُودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله –
صلى الله عليه وسلم -:
( استَحيُوا مِن الله حقَّ الحياء ).
قال: قُلنا: يا رسولَ الله! إنا نستَحيِي والحمدُ لله، قال:
( ليس ذاك، ولكنَّ الاستِحياءَ مِن الله حقَّ الحياء: أن تحفَظَ الرأسَ
وما وعَى، والبطنَ وما حوَى، ولتذكُر الموتَ والبِلَى، ومَن أرادَ
الآخرةَ تركَ زينةَ الدنيا، فمَن فعلَ ذلك فقد استَحيَى مِن الله حقَّ الحياء ).

فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ العظيمِ أمورًا أربعةً
فيها جِماعُ الخيرِ كلِّه:
1- أن تحفَظَ الرأسَ وما وعَى: فلا تسجُدَ لغيرِ الله، ولا ترفعَ هذا
الرأس تكبُّرًا على الله، ويدخُلُ في ذلك: حِفظُ السمع والبصر واللسان
مما حرَّم الواحِدُ الديَّان،
{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }

[الإسراء: 36].
2- وأن تحفظَ البطنَ عن أكل الحرام، وما اتَّصلَ به مِن
القلبِ واليدَين، والفَرْج والرِّجلَين.
ففي صحيح البخاري : أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( مَن يضمَن لي ما بَين لحيَيْه وما بين رِجلَيه أضمَن له الجنَّة ).
وكلما كان القلبُ ملِيئًا بالحياءِ مِن الله بعثَه حياؤُه إلى حفظِ رأسِه
وبطنِه عمَّا حرَّم الله تعالى.
3- ثم ذكرَ - صلى الله عليه وسلم - أمرَين عظيمَين فقال:
( ولتذكُر الموتَ والبِلَى، ومَن أرادَ الآخرةَ تركَ زينةَ الدنيا )؛
فمَن تذكَّرَ أنه سيموتُ ويبلَى، وسيقِفُ بين يدَي الله - جلَّ وعلا -،
وأن الله الله سيُحاسِبُه يوم القِيامة على ما قدَّمَ في هذه الحياةِ الدنيا
استَحيَى مِن الله حقَّ الحياء مِن أن يلقَاه يوم القِيامة بأعمالٍ سيئةٍ
مَشِينَة.
حضَرَ الموتُ أحدَ التابِعين، فأخذَ يبكِي بُكاءً شديدًا، فلما عُوتِبَ في
ذلك قال: واللهِ لو أُتِيتُ بالمغفِرَة مِن الله - عزَّ وجل -،
لأهمَّنِي الحياءُ مِنه مما قد صنَعتُ، إن الرجُل ليكون بينَه وبينَ
آخَر الذنبُ الصَّغِير، فيعفُو عنه، فلا يزالُ مُستَحيِيًا مِنه .

معاشر المُؤمنين:

إن الحياءَ دليلٌ على رَجاحَة العقلِ، وهو أدبٌ في التعامُل مع الخَلق،
وطريقُ خيرٍ وصلاحٍ، وسعادةٍ وفلاحٍ في الدنيا والآخرة.
الحياء شِعارُ المُتقين، ودِثارُ الصالِحين، وجِلبابُ سِترِ الله على
عبادِه المُؤمنين، ولكن إذا أصرَّ العبدُ على الذنوبِ والمعاصِي،
ولم يسلُك طريقَ التوبة، نُزِع مِن الحياء، ومَن نُزِع حياؤُه حلَّ هلاكُه،
فتمادَى في تحصيلِ شهَوَاتِه، وظهَرَت مساوئُه، ودُفِنَت محاسِنُه،
وكان عند الله مُهانًا.
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
الحياءُ مُشتقٌّ مِن الحياة؛ فمَن لا حياءَ له فهو ميِّتٌ في الدنيا، شقِيٌّ في الآخرة،
فبَين الذنوبِ وقِلَّة الحياءِ وعدمِ الغَيرَة تلازُمٌ، فكلٌّ مِنها
يستَدعِي الآخر ويطلُبُه، ومَن استَحيَى مِن الله عند معصِيَته استَحيَى
الله مِن عقوبَتِه يوم يلقَاه، ومَن لم يستَحِ مِن الله تعالى ومِن معصِيَته
لم يستَحيِ الله مِن عقوبتِه .
أمة الإسلام:
إن مِن مظاهرِ نقصِ الحياء: انتِشار الألفاظ النابِية، والتصرُّفات المَشِينة،
وتشبُّه الرجالِ بالنساء، والنساءِ بالرِّجال، والكذبِ والتضليلِ، وعدمِ
احتِرامِ مشاعِرِ الآخرين، وخاصَّةً على وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ التي
يجِبُ أن يُراعَى فيها ما يُراعَى في غيرِها مِن التِزامِ الآداب والأخلاق،
ومُراعاةِ الأعراف.
ومِن أعظم مظاهرِ نقصِ الحياء: المُجاهرةُ بالذنوبِ والمعاصِي،
فهي سببٌ لعدمِ العافِية في الدنيا والآخرة؛ ففي الصحيحين :
أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
( كلُّ أُمَّتِي مُعافَى - أي: يوم القِيامة - إلا المُجاهِرين، وإن مِن المُجاهَرة:
أن يعملَ الرجلُ بالليلِ عملًا، ثم يُصبِح وقد ستَرَه الله عليه، فيقولُ:
يا فُلان! عمِلتُ البارِحةَ كذا وكذا، وقد باتَ يستُرُه ربُّه، ويُصبِحُ
يكشِفُ سِترَ الله عنه ).
فلا واللهِ ما في العيشِ خَيرٌ

ولا الدنيا إذا ذهَبَ الحياءُ

يعِيشُ المرءُ ما استَحيَى بخَيرٍ

ويبقَى العُودُ ما بقِيَ اللِّحاءُ

ثم اعلَمُوا - معاشِر المُؤمنين - أن الذي يُحرِّكُ في القلبِ الحياءَ مِن الله
- جلَّ جلالُه - أمورٌ ثلاثةٌ: تعظيمُ الله وحبُّه، والعلمُ برُؤيتِه واطِّلاعِه،
فمتَى كان القلبُ مُعظِّمًا لربِّه، مُحِبًّا له - سبحانه -، عالِمًا باطِّلاعِه ورُؤيتِه،
وأنه لا تخفَى عليه خافِية، تحرَّك القلبُ حياءً مِن الله
- جلَّ جلالُه -.
أعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرجيم:
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }

[آل عمران: 164].
بارَك الله لي ولكم في القرآنِ والسنَّة، ونفعَني وإياكُم بما فيهما مِن الآياتِ والحِكمة،
أقولُ ما تسمَعُون، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم، فاستغفِروه؛ إنه كان غفَّارًا.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي سبَّحَت الكائِناتُ بحمدِه، وعنَت الوُجوهُ لعظمتِه ومَجدِه،
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن مُحمدًا
عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آلِهِ وصحبِه،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ .. معاشر المُؤمنين:

إذا كان الحياءُ في الرِّجال مُروءةً وأخلاقًا، فإنه يكونُ في حقِّ النساء
زينةً وجَمالًا، ومزِيَّةً وكمالًا، وهُنَّ أَولَى به مِن الرِّجال.
وقد خلَّدَ الله في كتابِه الكريم خبَرَ تلك المرأة مع نبيِّ الله مُوسَى –
عليه السلام -، وحياءَها وحُسنَ صنيعِها؛ حيث مشَت إليه بخُطواتٍ
لا تبذُّل فيها، وتحدَّثَت بكلِماتٍ معدُوداتٍ لا خُضوعَ فيها:
{ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ
أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا }

[القصص: 25].
وفي صحيح البخاري : جاءَت أمُّ سُلَيم - رضي الله عنها وأرضاها –
إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فسأَلَتْه عن المرأة ترَى في
منامِها ما يرَى الرجُلُ، فغطَّت أمُّ سَلَمة وجهَها حياءً وقالت:
ترِبَت يدَاكِ يا أمَّ سُلَيمٍ! فضَحتِ النساءَ عند رسولِ الله –
صلى الله عليه وسلم -!
انظُروا - يا عباد الله - كيف غلَبَ الحياءُ أمَّ سَلَمة - رضي الله عنها
وأرضاها -، حتى غطَّت وجهَها، وليس في المجلِسِ إلا زوجُها
وامرأةٌ مِثلُها.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات