صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2016, 01:39 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,705
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : القصاص .. حِكَم وأحكام


خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس - يحفظه الله
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
القصاص .. حِكَم وأحكام

والتي تحدَّث فيها عن مقاصِد الشريعة وما قدَّمته لعُموم الناسِ من بدائِع ومنافِع،
وخصَّ بالذّكر حفظَ النفس البشريَّة، مُتحدِّثًا عن أهمية ذلك في هذه الشريعة الغرَّاء،
وبيان عِظَم أمرِ الدماء في الإسلام وإزهاقِها بغيرِ حقٍّ،
مُستشهِدًا على ذلك بما فتحَ الله عليه من الآياتِ الكريماتِ، والأحاديث النبويَّة .

إن الحمد لله، نحمدُك ربي ونستعينُك ونستغفرُك ونتوبُ إليه، نحمدُه - سبحانه
أنزلَ الكتابَ والميزانَ ليقوم الناسُ بالقسط .

فـالـحـمـدُ لـلـعـدلِ الـحـكـيـمِ الـبـاري
الـمُـســتــعــانِ الــواحـــدِ الــقــهَّـــارِ

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختصَّ هذه الأمةَ دينًا وتشريعًا،
وشرَّفها بمُحكَم التنزيل منهجًا بديعًا،
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه جاءَ بالهُدى والنورِ حقًّا زَميعًا،
صلواتُ ربي وبركاتُه عليه، وعلى آله وصحبِه مُضمَّخًا ربيعًا،
والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم يُبعثُ الخلائِقُ جميعًا،
وسلِّم يا ذا العُلا تسليمًا عبِقًا ضوِيعًا .

فاتقوا الله - عباد الله -، واشكُروه أن هداكم للإسلام،
فهو دينُ المناقِبِ والمحامِدِ العِظام، النيِّرُ المَحجَّةِ والأحكام.

ألا فـاسـلُــك إى الـمــولــى سـبــيــلاً
ولا تـطـلُـب سـوى الـتـقــوى دلـيــلاً

ولا تــركَــن إلـــى الـدنــيــا وعــــوِّل
عــلــى مـــولاكَ واجـعَــلــه وكــيـــلاً

معاشر المسلمين:

من ترأرأَت بصيرتُه نحو مقاصِد الشريعةِ الغرَّاء علمًا واحتجاجًا، عملاً وانتهاجًا،
وتعرُّفًا لحِكَمها وأسرارها، ومرامِيها وآثارِها، أدركَ أنها بديعةٌ في حقائقِها،
منيعةٌ في دقائقِها، مُواكِبةٌ لأحداث العُصور،
ومُستجِدَّات النوازِل والقضايا في جميعِ الأزمانِ والدُّهور؛
بل هي منجاةٌ من عواصِف الآراء النَّزِقةِ المُضِلَّة، وأمواجِ الأهواءِ الفاتِنةِ المُزِلَّة.

ومن أتأَرَ بنظرِه من المُفلِقين، أيقنَ أن محورَ تلك المقاصِدِ وعنوانَها وجوهرَها
بعد حفظِ الدين، حفظُ النفس البشرية التي كرَّمها الله وشرَّفها،
ونوَّه بها في عظيمِ خِطابه، وأقسمَ بها في مُحكَم كتابِه، فأعلى شأنَها وزكَّاها،
فقال - عزَّ من قائلٍ -:

{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا }
[ الشمس: 7 ].

فكان تكريمُه وتبجيلُه لها أفضلَ ما عرفَتْه النُّظُمُ من احتِفاءٍ وتأمين،
وضنًّا بها أن تُزهَقَ دون حقٍّ مُبين. كيف وقتلُ النفس تحدٍّ لخلقِ الله وحِكمته،
وتعدٍّ على قُدرته ومنَّته.

أمة الإسلام:

لقد جاءت الشرائِعُ كلُّها برعايةِ الأنفُس وصيانتِها؛ لأنه يتوقَّفُ عليها نظامُ العالَم،
فقتلُ النفس يتنافَى مع الحِكمة من الخلقِ والإيجادِ،
وفي شريعةِ الإسلام قرَنَ ربُّ العزَّة - سبحانه - قتلَ النفسِ بالشركِ بالله،
فقال - جل وعلا -:

{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ }
[ الفرقان: 68 ].

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
[ الفسادُ إما في الدين وإما في الدنيا؛ فأعظمُ فساد الدنيا قتلُ النفوس بغير الحقِّ ]

ولهذا كان أكبرَ الكبائِر بعد أعظم فسادِ الدين الذي هو الكفرُ.
لقد منَحَ ربُّ العالمين الحياةَ للناس مُترَعًا ربيعًا،
وحافظَ على النفس البشريَّة وأحكمَها نظامًا وتشريعًا،
وقال في مُحكَم التنزيل:

{ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }
[ المائدة: 32 ]
ومنعَ كلَّ ما يُؤدِّي إلى إزهاقِ الأنفُس وسدَّ الذرائِعَ إلى ذلك؛ فمنعَ الشِّقاقَ والتناحُر،
والخلافَ والتنافُر، وتوعَّد كلَّ من تُسوِّلُ له نفسُه هذا الفعلَ الشَّيع بالخُلُود
في العذابِ العظيم.

يقول تعالى:

{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا }

[ النساء: 93 ].

يــــا قــاتـــلَ الـــبُـــرآءِ يـــومُـــكَ آتٍ
سـتـنــالُ فـيــه مــرارةَ الـحــسَــرَاتِ

أبــشِــر بــيــومٍ كــالِــحٍ تـلــقَــى بـــه
مــن بـعــدِ ذُلِّ الـعـيــشِ ذُلَّ مــمــاتِ


معاشر المؤمنين:

إن الإسلام دينُ السلام، وما شُرِعَت أحكامُ الشريعة إلا لمصالِح العبادِ
في المعاشِ والمعاد، وحيثُما وُجِدَت المصلحةُ المُتيقَّنة فثَمَّ شرعُ الله؛
فشريعتُنا إعمارٌ لا دمار، بناءُ ونماءٌ لا هدمٌ وفناءٌ، إشادةٌ لا إبادة.

وما تعمَدُ إليه فِئامٌ مارِقةٌ ضالَّةٌ آبِقة، يمتشِقُون أسَلاتهم الناهِشة من إيقاظِ الفتنِ النائِمةِ،
في أفكارٍ حالِمة، ومناهِجَ هائِمة، تعمَدُ إلى سَفكِ الدمِ الحرامِ،
والعُتُوِّ في الأرضِ والإجرام، ومُحاولة طمسِ مُكتسَبَاتِ هذه الديار المُبارَكة،
وتدمير مُنشآتِها ومُقدَّراتها، التي هي رمزُ قوَّتها، وعبْضُ سَطوتها المَتين،
وأهبَتها بين العالَمين، وتقتيل الأبرياء والعُزَّل.

بل والأدهَى والأمَرُّ: التطاوُلُ على بيوت الله، والإضرارُ بالمساجِد ودُور العبادة،
وانتِهاكُ حُرماتها، وترويعُ الساجِدين الآمِنين.
كلُّ ذلك وأقلُّ منه يتنافَى مع مقاصِد شريعتِنا السامِية.

ولقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

( إن دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحُرمةِ يومِكم هذا،
في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا )

متفق عليه.

قال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -:
فوالذي نفسي بيدِه؛ إنها لوصيَّتُه لأمَّته:

( فليُبلِّغِ الشاهِدُ الغائِبَ، ألا لا ترجِعوا بعدي كُفَّارًا يضرّبُ بعضُكم رّقابَ بعضٍ )

وصحَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

( أولُ ما يُقضَى بين الناسِ يوم القيامة في الدماء )
متفق عليه.

قال الحافظُ ابن حجرٍ - رحمه الله -:
[ وفي هذا الحديثِ: عِظَمُ أمر الدم، فإن البداءَةَ إنما تكونُ بالأهم،
والذنبُ يعظُمُ بحسبِ عِظَمِ المفسَدة، وتفويتِ المصلَحة،
وإعدامُ البِنيَةِ الإنسانيَّة غايةٌ في ذلك، وقد وردَ في التغليظِ في أمر القتلِ آياتٌ كثيرة،
وآثارٌ شهيرة ]
اهـ كلامُه - رحمه الله -.

وروى الإمام مسلمٌ في "صحيحه":
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

( إنها ستكونُ هنَاتٌ وهنَّاتٌ، فمن أرادَ أن يُفرِّقَ أمرَ هذه الأمةِ وهي جَمِيعٌ،
فاضرِبُوه بالسَّيفِ كائِنًا مَن كان )


فهذا هو العدلُ والإنصافُ لمن أراد أن يُفرِّقَ جمعَ الأمةِ أو يحرِقَ وحدَتها.
كيف بمن يقتُلُ ويصنعُ المُتفجِّرات، ويعملُ على ترويجِها،
ويسعَى جاهدًا إلى زعزعَةِ الأمن وعدم استِقراره، ونشرِ الذُّعرِ بين أفرادِ المُجتمع،
وتهُونُ عليه أرواحٌ مُعلَّقةٌ بالمساجِد، ما بين راكعٍ وساجِد، وعابِدٍ قائِمٍ وهاجِد.
وشريعةُ الرحمن البديعة لا يمرُقُ عن حُدُودِها مارِق،
ولا يُفارِقُ جماعتَها غالٍ مُفارِق إلا تلَّ الحقُّ للحدِّ خدَّه، وأنصفَ العدلُ هزْلَه وجِدَّه.

ومن أجلِ كينُونةِ النفوسِ العَلِيلَة، الباطِشَةِ الشرِّيرة، ودفعِ القتلِ المُرِيع،
رتَّب المولَى - جلَّ في عُلاه - العقوبةَ القُصوَى على هذه الجريمة النَّكراء،
يقول - جلَّ شأنُه -:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى }
[ البقرة: 178 ]
ويقول تعالى:

{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[ البقرة: 179 ].

وما ذاك إلا توطيدًا للأمنِ وحمايةً للمُجتمع، وقطعًا لدابِرِ الجريمة،
واستِئصالاً لكلِّ ما يُؤدِّي إلى انتِشارِ الفوضَى.

قِــف عــن الـقـتــلِ فـقــد جــاوَزتَ حــدَّك
واتَّـــــقِ اللهَ الـــــذي إن شــــــاءَ هــــــدَّك

قِـــف عـــن الـقــتــلِ فـــإن الـقــتــلَ نـــارٌ
سـوفَ تُـصـلِـي رأسَـكَ الـخـاوِي وزنْـدَك


إخوة الإسلام:

العدلُ فرضٌ مطلوب، وحقٌّ مرغوب، وإن بلغَ الظُّلمُ مداه فأودَى من أحياه الله،
فتمامُ العدل أخذُ النفسِ بالنفسِ، والله أعلمُ بما يُصلِحُ خلقَه.

قال قتادةُ - رحمه الله -:
[ جعلَ الله هذا القِصاصَ حياةً ونكالاً وعِظةً لأهلِ السَّفَه والجهلِ من الناسِ،
وكم من رجُلٍ قد همَّ بداهِية، لولا مخافةُ القِصاصِ لوقعَ بها،
ولكنَّ الله حجَزَ بالقِصاص بعضَهم عن بعضٍ،
وما أمرَ الله بأمرٍ قطُّ إلا وهو أمرُ صلاحٍ في الدنيا والآخرة
،

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات