المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
درس اليوم 19
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم الاعتكاف في رمضان إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فهو المهتدِ، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد اعتكف في العشر الأواسط، يلتمس ليلة القدر، ثم تبين له أنها في العشر الأواخر فاعتكفها. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر، فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه، ورجع مَن كان يجاور معه، وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها، فخطب الناس، فأمرهم ما شاء الله، ثم قال: ((كنت أجاور هذه العشر، ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمَن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه، وقد أريت هذه الليلة ثم أُنسيتها؛ فابتغوها في العشر الأواخر، وابتغوها في كل وتر، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين))، فاستهلت السماءُ في تلك الليلة فأمطرت، فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين، فبصُرَتْ عيني رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه مبتلٌّ طينًا وماءً). ثم داوم صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف في العشر الأواخر، حتى توفاه الله تعالى؛ كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي العام الذي قُبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يومًا؛ أي: العشر الأواسط والعشر الأواخر جميعًا، ولعل السبب في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أراد مضاعفة العمل الصالح، والاستزادة من الطاعات؛ لإحساسه صلى الله عليه وسلم بدنوِّ أجله؛ كما فهم ذلك من قول الله تعالى: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } [النصر: 1 - 3]، فإن اللهَ أمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم بالإكثار من التسبيح والاستغفار في آخر عمره، وهكذا فعل صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان يُكثر في ركوعه وسجوده مِن قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك؛ اللهم اغفر لي؛ يتأوَّل القُرْآنَ). أخي الصائم الحبيبُ، الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية مخصوصة؛ لطاعة الله تعالى، وهو مشروعٌ مستحبٌّ باتفاق أهل العلم؛ قال الإمام أحمد - فيما رواه عنه أبو داود -: (لا أعلم عن أحد من العلماء إلا أنه مسنون)، وقال الزهري رحمه الله: (عجبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه اللهُ. واعلَمْ - أخي الصائم الكريم - أن في العبادات مِن الأسرار والحِكم ما يُصلح للعبد قلبَه؛ ذلك أن المدار في الأعمال على القلب؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغةً؛ إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسَدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلبُ))؛ متفق عليه. وأكثر ما يُفسد القلبَ: المُلْهياتُ والشواغل التي تصرفه عن الإقبال على الله؛ من شهوات المطاعم والمشارب والمناكح، وفضول الكلام وفضول النوم، وفضول الصحبة... وغير ذلك مِن الصوارف التي تُفرِّق أمر القلب وتُبعِده عن الله؛ فشرَع الله تعالى مِن العبادات ما يحمي القلب مِن تلك المؤثرات؛ كالصيام مثلًا، الصيام الذي يمنع الإنسان مِن الطعام والشراب والجِماع في النهار، فينعكس ذلك الامتناع عن فضول هذه الملذات على القلب، فيَقْوَى في سَيره إلى الله، وينعتق من أغلال الشهوات التي تصرف المرءَ عن الآخرة إلى الدنيا. وفي الاعتكاف حمايةٌ للقلب مِن أثر فضول الكلام؛ لأن المرء غالبًا يعتكف وحده، فيُقبل على الله تعالى بالقيام وقراءة القُرْآن، والذِّكر، والدعاء، وفيه كذلك حماية مِن أثر كثرة النوم؛ فإن العبدَ إنما اعتكف في المسجد ليتفرَّغَ للتقرب إلى الله بأنواع من العبادات، ولم يلزَمِ المسجدَ لينام. ولا ريبَ أن نجاح العبد في التخلص من فضول الصحبة والكلام والنوم، يُسهِم في دفع القلب نحو الله تعالى، وحمايته من ضد ذلك. أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
|
|
|