صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-25-2013, 08:11 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي عواقب ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر (2-3)

الأخ / محمدالخواص

عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
( 2- 3 )
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مقدمة:
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيرا، والصلاة والسلام على من أرسله الله
بالحق بشيراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا.. نبينا محمد وآله وصحبه
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..وسلم تسليماً كثيرا..
أما بعد:
ذكرنا في المبحثين الأول والثاني
(فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والآثار المترتبة على ذلك)
وفي هذا المبحث سنتطرق إلى عواقب ترك هذه الفريضة،
فكما عرفنا سابقاً الآثار والفوائد التي تجنيها الأمة عند قيامها بفريضة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه بتركها لهذه الشعيرة العظيمة
تظهر الكثير من العواقب الوخيمة، والأضرار الجسيمة في حياة الأمة
سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أم المجتمعات، هذه العواقب منها
ما يكون في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة
وسوف نذكر في هذا المطلب بعضاً من هذه العواقب في النقاط التالية:
سادساً: نزول العقوبات العامة
كما علمنا سابقاً أن القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يدفع العقوبات والمصائب عن العباد، ويكون سبباً في نجاتهم،
فعلى العكس من ذلك يكون التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر سبباً في جلب المصائب والعقوبات، وقد يكون سبباًفي هلاكهم
ولو شاء الله أن يحاسب الناس على أفعالهم في الدنيا لما نجا أحد من عذاب الله
كما قال سبحانه:
}وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ
وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرا{
[فاطر: 45]
فالله سبحانه يعفو عن الكثير من ذنوب عباده بمنه وحلمه وكرمه.
وهذه السنن جارية في العباد أفراداً ومجتمعات، فلا تنزل مصيبة بعبد
إلا بسبب ذنب اقترفه أو معصية وقع فيها
فعن أبي موسى
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر )
قال: وقرأ:
}وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ{
[الشورى: 30](14).
هذا إذا كانت العقوبة متعلقة بالعبد بسبب بعده عن الله أو وقوعه
في بعض الذنوب والمعاصي، فكيف إذا ظهرت الذنوب والمعاصي أمام الملأ
ومارسها بعض الناس جهاراً نهاراً، كما نراه اليوم ونسمعه في بعض المجتمعات
التي أصبحت فيها المنكرات تنتشر بطرق رسمية، وتهيأ لها الأجواء المناسبة
ويحاط أهلها بالعناية والرعاية، ليكون لهم الحرية الكاملة في إفساد الناس
تحت غطاء الحرية الشخصية، أو التعبير عن الرأي، أو غير ذلك
من الشعارات المغلوطة ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد حذر الله سبحانه
عباده المؤمنين من القعود عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
أو التراخي عن الدعوة وإرشاد الناس إلى الخير فيكون ذلك سبباً
في وقوع الفتنة التي لا تختص بمن يمارسها من العاصين دون الطائعين
بل تتعدى هؤلاء الواقعين في المنكر لتعمّ الصالح والطالح
كما قال سبحانه:
}وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {
[الأنفال: 25].
قال ابن عباس رضي الله عنه:
"أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب"(16).
قال الإمام الشنقيطي:
"والتحقيق في معناها أن المراد بتلك الفتنة التي تعم الظالم وغيره
هي أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب، صالحهم
وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك"(17).
وقد يقال:
كيف يعم العذاب الصالح والطالح والله تعالى يقول:
}وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {
[الأنعام: 164]
فكيف يؤاخذون بجريرة غيرهم؟؟.
والجواب:
أن ظهور هذه المعاصي والمجاهرة بها كان بسبب سكوت الصالحين
عن إنكارها مع كونهم قادرين على تغييرها والحيلولة دون وقوعها،
فيعتبر ذلك السكوت -الذي لا مبرر له- من علامات الرضا والإقرار بالمنكر.
فمثلهم كمثل المجموعة الذين أرادوا خرق السفينة في نصيبهم وليس
في نصيب الآخرين، ويبدو قصدهم حسناً، وهو عدم إيذاء جيرانهم،
ولكن الهلاك لم يقتصر على من باشر الخرق، وإنما هو عام لكل ركاب السفينة
وهكذا فاعلو المنكر قد يظن من لم يفعل المنكر مثلهم، أنه سينجو
من العقاب الذي ينزله الله بهم، ولو سكت عن منكرهم فلم ينكره،
ولكن العقاب النازل بسبب فعلهم لا يخصهم،
وإنما يعم معهم غيرهم، لعدم قيام المجتمع بتغيير ذلك المنكر.(18)
قال الشهيد سيد قطب رحمه الله:
"والجماعة التي تسمح لفريق منها بالظلم في صورة من صوره -وأظلم
الظلم نبذ شريعة الله ومنهجه للحياة- ولا تقف في وجه الظالمين،
ولا تأخذ الطريق على المفسدين، جماعة تستحق أن تؤخذ بجريرة
الظالمين المفسدين.. فالإسلام منهج تكافلي إيجابي لا يسمح أن يقعد
القاعدون عن الظلم والفساد والمنكر يشيع
(فضلا على أن يروا دين الله لا يتبع؛ بل أن يروا ألوهية الله تنكر
وتقوم ألوهية العبيد مقامها!) وهم ساكتون، ثم هم بعد ذلك يرجون
أن يخرجهم الله من الفتنة لأنهم هم في ذاتهم صالحون طيبون!"(19).
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي تبين
أن العذاب يعم المجتمع برمته إذا ظهرت المعاصي بين فئة منهم
مع سكوت الآخرين القادرين على تغييرها، وتخليهم عن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وإن كان الآخرون صالحين،
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع لا يغيرون
إلا عمهم الله بعقاب)(20)
وفي رواية:
( هم أكثر وأعز ممن يعمل بها )(21).
وعنه أيضاً -رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على
أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا )(22)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-25-2013, 08:13 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وفي رواية
( بعقاب) (23) بدلاً من لفظة ( بعذاب )
قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى الله:
"«ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي» أي:
وهم ممن لم يعمل بها بل عمل بها غيرهم
«هم أعز» أي:
أمنع
«وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم الله منه بعقاب»
لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر
غالبا فتركهم له رضا بالمحرمات وعمومها وإذا كثر الخبث عم العقاب
الصالح والطالح"(24).
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل الأرض بأسه
قالت: وفيهم أهل طاعة الله عز وجل؟
قال: نعم ثم يصيرون إلى رحمة الله تعالى )(25).
وفي رواية عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول:
( إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب، قلت: يا رسول الله،
أما في الناس يومئذ ناس صالحون، قال: بلى، قلت: فكيف يصنع أولئك؟،
قال: يصيبهم ما أصاب الناس،
ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان ) (26).
وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول:
( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم
يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها
قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: نعم إذا كثر الخبث )(27).
وعن قيس بن أبي حازم قال قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال
يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ{
[المائدة: 105]
وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه) (28).
وفي رواية أخرى
( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك
أن يعمهم الله بعقاب منه )(29).
قال صاحب مصابيح التنوير في شرح هذا الحديث:
"«إن الناس» المطيقين لإزالة الظلم مع سلامة العافية «إذا رأوا الظالم»
أي: علموا بظلمه «فلم يأخذوا على يديه» أي: لم يمنعوه من الظلم بفعل أو قول.
قال ابن جرير:
وخص الأيدي لأن أكثر الظلم بها كقتل وجرح وغصب «أوشك» بفتح الهمزة
والشين أي: قارب أو أسرع «أن يعمهم اللّه بعقاب منه» إما في الدنيا
أو الأخرى أو فيهما لتضييع فرض اللّه بغير عذر وزاد قوله «منه» زيادة
في التهويل والزجر والتحذير وقد أفاد بالخبر أن من الذنوب ما يعجل اللّه
عقوبته في الدنيا ومنه ما يمهله إلى الآخرة والسكوت على المنكر يتعجل
عقوبته في الدنيا بنقص الأموال والأنفس والثمرات وركوب الذل
من المظلمة للخلق وقد تبين بهذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فرض كفاية لا عين، إذ القصد إيجاد مصلحة أو دفع مفسدة لا تكليف
فرد فرد فإذا أطبقوا على تركه استحقوا عموم العقاب لهم وقد يعرض
ما يصيره فرض عين"(30).
ثم قال في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
«عليكم أنفسكم»: "فمعناه إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم
وفيه تحذير عظيم لمن سكت عن النهي فكيف بمن داهن؟ فكيف
بمن رضي فكيف بمن أعان؟! نسأل اللّه السلامة"(31).
وهذا يبين سنة من سنن الله تعالى في الأمم والمجتمعات فإن الأمة
التي يقع فيها الظلم والفساد فينهض من يدفع عنها وينكر المنكر هي أمة
ناجية لا يأخذها الله بالعذاب والتدمير، أما الأمة التي يظلم فيها المستبدون
ويفسد فيها المفسدون فلا يكون فيها من ينكر المنكر ويجابه الفساد أمة
مهددة بالدمار والعقاب العام فالأخذ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صمام أمان وسبب نجاة للجميع.(32)
والعقاب الإلهي له مظاهر وألوان مختلفة، فقد يكون بنزع البركات والخيرات
وقد يكون بنزول الآفات السماوية، أو إذاقة البعض بأس البعض الآخر
أو الزلازل والبراكين، أو بالخسف والمسخ، وما يعلم جنود ربك إلا هو
نسأل الله أن يجنبنا سخطه وعقابه.

سابعاً: عدم استجابة الدعاء:
ومن عواقب ترك هذه الفريضة عدم استجابة الدعاء
فعن حذيفة بن اليمان
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله
أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم)(33).
قال المباركفوري:
"والمعنى: والله إن أحد الأمرين واقع إما الأمر والنهي منكم وإما إنزال
العذاب من ربكم ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم بحيث
لا يجتمعان ولا يرتفعان فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذاب
وإن لم يكونا كان عذاب عظيم"(34).
وعن عائشة قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا
فلا يستجاب لكم )(35).
قال المناوي رحمه الله:
"«مروا بالمعروف» أي بكل ما عرف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد
والأمر بالعبادة والعدل بين الناس «وانهوا عن المنكر» أي المعاصي
والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام، وعَرَّفَهُما إشارة
إلى تقررهما وثبوتهما" (36).
ومما يدل على ذلك أيضاً حديث
عائشة رضي الله عنها قالت:
( دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت في وجهه أن قد حضره
شيء، فتوضأ، وما كلم أحدا، ثم خرج، فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول
فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: مروا بالمعروف،
وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني، فلا أجيبكم، وتسألوني فلا أعطيكم،
وتستنصروني فلا أنصركم،
فما زاد عليهن حتى نزل)(37)
قال الإمام المناوي رحمه الله:
"وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من الكبائر قال ابن العربي: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل
في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود
الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى
وفرادى بشرط القدرة والأمن"(38).

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-25-2013, 08:15 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وروى الإمام أحمد رحمه الله عن حذيفة رضي الله عنه
أنه كان يقول لبعض أصحابه:
" إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فيصير منافقا وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات
لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر وَلَتَحَاضُّنَّ على الخير أو لَيُسْحِتَنَّكُمْ
الله جميعا بعذاب أو لَيُؤَمِّرَنَّ عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم"(39).
وقال بعض السلف:
"إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله بان ترى ما يسخطه فتجاوزه
ولا تأمر ولا تنهى خوفا ممن لا يملك ضرا ولا نفعا... من ترك الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر من مخافة المخلوقين نزعت منه هيبة الله تعالى
فلو أمر بعض ولده أو بعض مواليه لا ستخف به فكيف يستجاب دعاؤه من خالقه؟"(40).
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون بهذه الفريضة على أكمل وجه
لا يخافون في الله لومة لائم، ونقلت عنهم الكثير من التوجيهات
والتحذيرات من التفريط في هذا الأمر من ذلك ما روي
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال:
"لتأمرنّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطاناً
ظالماً لا يجلّ كبيركم ولا يرحم صغيركم ويدعو خياركم فلا يستجاب لهم،
ويستنصرون فلا ينصرون، ويستغفرون فلا يغفر لهم"(41).
ثامناً: الخسران في الدنيا والآخرة:
كما علمنا سابقاً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب الفلاح
في الدنيا والآخرة فعلى خلاف ذلك يكون ترك الأمر بالمعروف
والنهي
عن المنكر سبب الخسران في الدنيا والآخرة، فلقد أقسم الله عز وجل
في كتابه الكريم أن كل إنسان في هذه الدنيا في خسارة،
إلا من حقق مراتب أربعة ذكرها الإمام ابن القيم عند قوله تعالى:
}وَالْعَصْر ِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{
[العصر: 1-3].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
"إن المراتب أربعة وباستكمالها يحصل للشخص غاية كماله
إحداها: معرفة الحق
الثانية: عمله به
الثالثة: تعليمه من لا يحسنه
الرابعة: صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه
فذكر تعالى المراتب الأربعة في هذه السورة وأقسم سبحانه في هذه السورة
بالعصر إن كل أحد في خسر ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾
وهم الذين عرفوا الحق وصدقوا به فهذه مرتبة، ﴿وعملوا الصالحات﴾
وهم الذين عملوا بما علموه من الحق فهذه مرتبة أخرى،
﴿وتواصوا بالحق﴾ وصى به بعضهم بعضا تعليما وإرشادا فهذه مرتبة ثالثة
﴿وتواصوا بالصبر﴾ صبروا على الحق ووصى بعضهم بعضا بالصبر
عليه والثبات فهذه مرتبة رابعة"(42).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
"﴿وتواصوا بالحق﴾ وهو أداء الطاعات وترك المحرمات
﴿وتواصوا بالصبر﴾ أي على المصائب والأقدار وأذى من يؤذي
ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر" (43).
فهذه السورة القصيرة في آياتها، الواسعة في مدلولاتها
قد جمعت الكثير من أصول الدين
ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله:
"لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم"(44).
ويظهر خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المثل
الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للاعتبار والتفكر في بيان حال
الناس مع هذه الفريضة،
ففي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة
فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا
من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا
ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا
وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا )(45).
فقوله صلى الله عليه وسلم:
«فإن يتركوهم وما أرادوا» أي:
فإن يترك الذين سكنوا فوقهم إرادة الذين سكنوا تحتهم من الخرق..
«هلكوا جميعا» أي:
كلهم الذين سكنوا فوق والذين سكنوا أسفل لأن بخرق السفينة
تغرق السفينة ويهلك أهلها.(46)
ويظهر التشبيه وضرب المثل في هذا الحديث بمعرفة عدة فوائد منها:
الأولى: أن سكوت أصحاب السفينة عن شركائهم الذين أرادوا خرقها
سبب هلاكهم في الدنيا، فكذلك سكوت المسلمين عن الفاسق وترك الإنكار
عليه سبب هلاكهم في الدنيا بنزول العقوبة العامة وفي الآخرة بالعذاب الأليم.
الثانية: أن تحجج المفسدين بقولهم إنما نخرق في نصيبنا، لا ينجي
أصحاب السفينة من الهلاك، فكذلك قول مرتكب المنكر: إنما أجني على
ديني لا على دينكم، وعليكم أنفسكم، ولي عملي ولكم عملكم،
وكل شاة معلقة بعرقوبها، ونحو هذا الكلام مما يجري على ألسنة الجاهلين
فهذا لا ينجي المسلمين من الإثم والعقوبة وذلك لأن شؤم فعله
وسوء عاقبته فساد يشملهم أجمعين.
الثالثة: أنه إذا قام أحد الشركاء في السفينة بمنع المفسدين من خرقها
كان سببًا في نجاة أهل السفينة كلهم، كذلك من قام من المسلمين بإنكار
المنكر كان قائمًا بفرض الكفاية عنهم، وكان سببًا لنجاة المسلمين
جميعًا من الإثم، وله عند الله الأجر الجزيل على ذلك.
الرابعة: أنه إذا أنكر مُنْكِر من أهل السفينة على الشريك الذي أراد خرقها،
فاعترض عليه معترض منهم، نسب ذلك المُعترض إلى الحمق
وقلة العقل، والجهل بعواقب هذا الفعل، إذ المُنكِر ساعٍ في نجاة المُعترض وغيره
كذلك لا يعترض على من ينكر المُنكَر إلا من عظم حمقه وقل عقله
وجهل عواقب المعصية وشؤمها، إذ المُنكِر قائمٌ بإسقاط الفرض الواجب
على المعترض وغيره، وساع في نجاتهم وخلاصهم من الإثم والحرج

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-25-2013, 08:15 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

.
الخامسة: أن من سكت عن خرق الشريك السفينة مع استطاعته حتى
غرق آثم فيما نـزل به، وعاص بقتل نفسه، كذلك الساكت عن إنكار
المنكر آثم بسكوته، عاص بإهلاك نفسه.
السادسة: أن شركاء السفينة إذا سكتوا عمن أراد خرقها كانوا هم وإياه
في الهلاك سواء، ولم يتميز المفسد في الهلاك من غيره، ولا الصالح
منهم من الطالح، كذلك إذا سكت الناس عن تغيير المنكر عمهم العذاب
ولم يميز بين مرتكب الإثم وغيره، ولا بين الصالح منهم وغيره كما سيأتي.
السابعة: أنه لا يقدم من الشركاء على خرق السفينة إلا من هو أحمق،
يستحسن ما هو في الحقيقة قبيح، ويجهل عاقبة فعله الشنيع،
كذلك لا يقدم على المعصية إلا من استحسنها لنفسه، وجهل ما فيها
من عظيم الإثم وأليم العاقبة، إذ لو علم حق العلم أنه يفعل في دينه
بمعصيته من الفساد ما يفعله خارق السفينة؛ لما أقدم على المعصية أبدًا.
الثامنة: أنه لا يقدم على خرق السفينة من آمن يقينًا بما في خرقها
من هلاكه، إذ لا يقدم على إهلاك نفسه إلا من جهل أو شك فيه،
كذلك لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن بوعيد الله تعالى وأليم عذابه
على الزنا، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن،
ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن.(47)
إعداد: رياض عيدروس عبد الله
28/ 4/ 1431هـ- 12/ 4/ 2010م
مراجعة: د/ قسطاس إبراهيم النعيمي
________________________
المصادر
(15) أخرجه الترمذي، 11/ 49، برقم: 3175، وحسنه الألباني، ان
ظر صحيح وضعيف الجامع الصغير، 28/ 190، برقم: 13690.
(16) تفسير القرطبي،7/ 391.
(17) أضواء البيان،1/ 461، وانظر تفسير القرطبي،7/ 391، ابن كثير، 2/ 365
البحر المحيط، 6/ 59، فتح القدير، 3/ 170، في ظلال القرآن، 3/ 386.
(18) أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي،1/ 314،
الدكتور عبدالله قادري الأهدل.
(19) في ظلال القرآن، 3/ 386.
(20) أخرجه ابن ماجه،12/ 13، برقم: 3999، وأحمد في المسند،39/ 195، برقم: 18396
، قال الألباني: (حسن)، صحيح وضعيف سنن ابن ماجة،9/ 9.
(21) السنن الكبرى للبيهقي،10/ 91، السلسلة الصحيحة - مختصرة 9/ 133،
حديث رقم: 3353.
(22) أخرجه أبو داود،11/ 414، برقم: 3776،
قال الألباني: (حسن لغيره) صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 286.
(23) أخرجه ابن حبان في صحيحه،2/ 93، برقم: 303.
(24) فيض القدير،5/ 493.
(25) أخرجه أحمد في المسند، 49/ 159، برقم: 23003، والبيهقي
في شعب الإيمان، 16/ 138، برقم: 7338،
وابن أبي شيبة في مصنفه، 8/ 608، السلسلة الصحيحة، 8/ 163، حديث رقم: 3156.
(26) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 17/ 152، قال الألباني: (صحيح)،
انظر صحيح وضعيف الجامع الصغير،
2/ 182، حديث رقم: 682، وانظر السلسلة الصحيحة،3/ 446،
حديث رقم: 1372.
(27) أخرجه البخاري، 3/ 1221، برقم: 3168، ومسلم،4/ 2207، برقم: 2880.
(28) أخرجه ابن ماجه، 2/ 1327، برقم: 4004، وأحمد 1/ 2،برقم: 1
وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين،
وقال الشيخ الألباني: صحيح انظر صحيح ابن ماجة 2/ 367، حديث رقم: 3236.
(29) أخرجه الترمذي، 4/ 467، برقم: 2168، وأبو داود 2/ 525، برقم: 4338،
قال الشيخ الألباني: صحيح انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/ 286، حديث رقم: 2317.
(30) مصابيح التنوير على صحيح الجامع الصغير للألباني1/ 302.
(31) نفس المرجع.
(32) بتصرف من خطبة بعنوان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنك
ر للشيخ الدكتور خالد المصلح على موقعه.
(33) رواه أحمد 38/ 332، برقم: 23301، والترمذي، 4/ 468برقم: 2169،
قال الألباني (حسن لغيره) انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/ 286، حديث رقم: 2313.
(34) تحفة الأحوذي 6/ 326.
(35) أخرجه ابن ماجه، 2/ 1327، برقم: 4004، قال الشيخ الألباني: (حسن)،
انظر صحيح ابن ماجة 2/ 367، حديث رقم: 3235
(36) فيض القدير،5/ 521.
(37) أخرجه ابن حبان في صحيحه،2/ 67، برقم: 289،
والطبراني في المعجم الأوسط 14/ 432، برقم: 6854،
وأحمد في المسند،51/ 251، برقم: 24094، قال الألباني: (حسن لغيره)،
صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 288، حديث رقم: 2325.
(38) فيض القدير،5/ 522.
(39) مسند أحمد، 47/ 292، برقم: 22223.
(40) صفة الصفوة - ابن الجوزي، 1/ 217.
(41) إحياء علوم الدين،2/ 311.
(42) مفتاح دار السعادة،1/ 56.
(43) تفسير ابن كثير 2/ 113.
(44) تفسير ابن كثير،1/ 203.
(45) صحيح البخاري 2/ 882، برقم: 2361.
(46) انظر عمدة القاري 13/ 57.
(47) بتصرف من كتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين
وتحذير السالكين من أعمال الهالكين، للإمام ابن النحاس، ص78،77.

يتبع غداً إن شاء الله
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات