صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-26-2019, 01:30 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان :البِشارةُ والتبشيرُ في الكتاب والسنَّة

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله –

خطبة الجمعة بعنوان:

البِشارةُ والتبشيرُ في الكتاب والسنَّة ،


والتي تحدَّث فيها عن البِشارةِ وأنَّها عِبادةٌ وقُربةٌ إلى الله تعالى، وذكَرَ

الكثيرَ من الآيات القُرآنية والأحاديث النبويَّة التي تدُلُّ على أهميَّتها

وفضلِها وآثارِها.



الخطبة الأولى



إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ

أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا

هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا

عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.



أما بعد:



فاتَّقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوَى؛ ففي التقوَى زيادةُ النِّعَم، ودفعُ النِّقَم.



أيُّها المسلمون:



دينُ الإسلام دينُ الفِطرة، يدعُو إلى حُسن المُعتقَد، وجمال الأخلاق،

ومحامِدِ الصِّفات، يُلامِسُ طِباعَ الإنسان، ويُفرِحُه في حالِه،

ويحُثُّه على التفاؤُلِ بمآلِه.



وبِشارةُ الخلقِ بما يسُرُّهم عِبادةٌ لله وقُربةٌ، قال - سبحانه -:

{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }

[التوبة: 112].



وقد وصَفَ الله نفسَه بذلك فقال:

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }

[الشورى: 23].



ولعظيمِ منزلةِ البِشارة في النُّفوس أتَت الملائكةُ بها

، قال - جلَّ وعلا -:

{ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى }

[هود: 69].



ومِن مقاصِدِ إرسالِ الرُّسُل: البِشارةُ لعبادِ الله المُؤمنين، قال - سبحانه -:

{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ }

[الأنعام: 48].



وجاء عيسى - عليه السلام - بالبِشارةِ فقال:

{ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }

[الصف: 6].



وأرسَلَ اللهُ نبيَّنا مُحمدًا - صلى الله عليه وسلم - مُبشِّرًا لأُمَّته

بالفضائِل وجنَّات النَّعيم، قال - جلَّ وعلا -:

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا }

[سبأ: 28].



وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كثيرَ البِشارةِ لأصحابِه، جاءَه

مالٌ مِن البحرَين فقال لهم:

( أبشِرُوا وأمِّلُوا ما يسُرُّكم )؛

متفق عليه.



ومِن هَديِه - عليه الصلاة والسلام - بَعثُ الدُّعاة في الآفاقِ لتبشي

رِ الناسِ بنِعمةِ الإسلام، فقال لمُعاذ بن جبلٍ وأبي مُوسَى

- رضي الله عنهما - لما بعَثَهما إلى اليمَن:

( يسِّرَا ولا تُعسِّرَا، وبشِّرَا ولا تُنفِّرَا )؛

متفق عليه.



وقد أخبَرَ اللهُ أنَّ مِن صِفاتِ المُؤمنين بِشارةِ بعضِهم بعضًا، قال تعالى:

{ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ

آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

[التوبة: 124].



أي: يفرَحُون ويُبشِّرُ بعضُهم بعضًا بما مَنَّ الله به عليهم.



وفي دينِ الإسلام بِشاراتٌ مُتتابعةٌ لأهلِه، وأعظمُ البُشرى هي

لمَن حقَّقَ التوحيدَ لربِّ العالَمين، قال - عزَّ وجل -:

{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى }

[الزمر: 17].



وإذا استقامَ العبدُ على طاعةِ الله وتوحيدِه فله بُشرَى عند الله، قال تعالى:

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا

وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }

[فصلت: 30].



ومَن لقِيَ اللهَ لا يُشرِكُ به شيئًا فبِشارتُه الجنَّة، قال جبريلُ

- عليه السلام - للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

( بشِّر أمَّتَك أنَّه مَن ماتَ لا يُشرِكُ بالله شيئًا دخلَ الجنَّة )؛

متفق عليه.



ومَن اتَّبَع القُرآن والسنَّة بشَّرَه الله بالمغفِرَة والأجرِ العظيم،

قال - سبحانه -:

{ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }

[يس: 11].



ورأسُ الهُدى علمٌ يصحَبُه عملٌ، والمُوفَّقُ لذلك مِن المُبشَّرين،

قال - سبحانه -:

{ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ

الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }

[الزمر: 17، 18].



والمُسلمُ الخاضِعُ لربِّه، المُستسلِمُ لأمرِه، المُتواضِعُ لخلقِه ينالُ البِشارةُ،

قال تعالى:

{ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }

[الحج: 34].



ومَن أصابَتْه مُصيبةٌ ففوَّضَ أمرَه إلى الله وصبَرَ على قضاءِ الله وقَدَره،

فله بُشرَى مِن ربِّ العالمين، قال تعالى:

{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ

وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ

وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }

[البقرة: 155- 157].



والإحسانُ مع الله وخلقِه عاقبتُه خيرٌ في الدنيا والآخرة،

قال تعالى:

{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }

[الحج: 37].

والمُؤمنُون مُبشَّرُون بحياةٍ طيبةٍ وجزاءٍ عظيمٍ، قال تعالى:

{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا }

[الأحزاب: 47].



ومِن فضلِه عليهم: بِشارتُهم بما وعَدَهم الله به مِن الجنَّة وجميعِ ما

يتمنَّونَه فيها، قال - عزَّ وجل -:

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ

عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }

[الشورى: 22].



وتتوالَى عليهم البِشاراتُ في الحياةِ وبعد الممات، قال - سبحانه -:

{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا

وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }

[يونس: 62 - 64].



وإذا حضَرَ المُؤمنَ الموتُ بُشِّرَ بأعلَى المنازِل،

قال - عليه الصلاة والسلام -:

( المُؤمنُ إذا حضَرَه الموتُ بُشِّرَ برِضوانِ الله وكرامتِه، فليسَ شيءٌ

أحَبَّ إليه مما أمامَه، فأحَبَّ لقاءَ الله وأحَبَّ اللهُ لقاءَه )؛

رواه البخاري.



وتقولُ الملائكةُ:

( اخرُجِي أيتُها النَّفسُ الطيبةُ برَوحٍ ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبَان،

ثم يُعرَجُ بها إلى السَّماء فيُفتَحُ لها، فيُقال: مَن هذا؟ فيقُولُون:

فُلان، فيُقالُ: مرحبًا بالنَّفسِ الطيِّبة كانت في الجسَد الطيِّب،

ادخُلِي حميدةً، وأبشِري برَوحٍ ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبَان،

فلا يزالُ يُقالُ لها ذلك حتى يُنتهَى بها إلى السَّماء التي فيها اللهُ - عزَّ وجل - )؛

رواه أحمد.



وإذا قامَت الساعةُ ظهَرَت على وجوهِ المُؤمنين البِشارة،

قال تعالى:

{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ }

[عبس: 38، 39].



ولهم بُشرَى في أشدِّ المواقِفِ حين يكونُ الناسُ على الصِّراط فوقَ جهنَّم،

قال - سبحانه -:

{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ

بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

[الحديد: 12].



وإذا دخلُوا الجنَّةَ فلهم عند ربِّهم جزاءٌ موفُور، قال - جلَّ وعلا -:

{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ }

[يونس: 2].



والمُسلمُ يحبُّ لإخوانِه ما يُحبُّ لنفسِه، ويسعَى لبذلِ ما يُسعِدُهم، ومِن

أيسَرِ أبوابِ كسبِ القُلوب بِشارةُ الناسِ بالخير، فإذا تجدَّدَت لغيرِك نِعمةٌ

دينيَّةٌ أو دُنيويَّةٌ فبشِّرهُ بها؛ فقد بشَّرَت الملائكةُ إبراهيم - عليه السلام –

بغُلامٍ يُولَدُ له وهو إسماعيل، قال تعالى:

{ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }

[الصافات: 101]،

وبشَّرَتْه الملائكةُ أيضًا بإسحاقَ - عليه السلام -، وأنَّه سيكونُ نبيًّا،

قال - عزَّ وجل -:

{ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ }

[الصافات: 112].



وبُشِّر زكريا - عليه السلام - بأنَّه سيُرزَقُ بولدٍ بعد يأسٍ:

{ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا }

[مريم: 7].



ونزلَ ملَكٌ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم ينزِل مِن قبلُ قطُّ،

فقال له:

(أبشِر بنُورَين أُوتِيتَهما لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلَك: فاتِحة الكِتابِ

وخواتِيم سُورة البقرة، لن تقرأَ بحرفٍ مِنها إلا أُعطِيتَه )؛

رواه مسلم.



ومِن هَديِه - عليه الصلاة والسلام -: بِشارةُ مَن انكشَفَت عنه كُربةٌ.



قال لعائشةَ - رضي الله عنها -:

( أبشِرِي يا عائِشة، أمَّا اللهُ فقد برَّأَكِ )؛

متفق عليه.



ولنُصرة خديجَة - رضي الله عنها - للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم –

وتثبيتِها له، بُشِّرَت ببيتٍ في الجنَّة، نزلَ جبريلُ - عليه السلام –

على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

( يا رسولَ الله! هذه خديجةُ قد أتَت معها إناءٌ فيه إدامٌ أو طعامٌ

أو شرابٌ، فإذا هي أتَتْك فاقرَأ عليها السلامُ مِن ربِّها ومِنِّي،

وبشِّرها ببَيتٍ في الجنَّة مِن قصَبٍ - أي: مِن لُؤلؤٍ مُجوَّف

- لا صخَبَ فيه ولا نَصَب )؛

متفق عليه.



ومُواساةُ المكرُوب وكشفُ غُمَّته، وتبشيرُه بالخير مِن أعظم أبوابِ الإحسان؛

فأولُ ما نزلَ الوحيُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -،

دخلَ على خديجة - رضي الله عنها -، فقال لها:

( لقد خشِيتُ على نفسِي )،

قالت له: كلا، أبشِر فواللهِ لا يُخزِيك اللهُ أبدًا ؛ متفق عليه.



ومَن لزِمَ الحقَّ دون غلُوٍّ أو تقصيرٍ فله البِشارةُ بالثوابِ الجَزيل،

قال - عليه الصلاة والسلام -:

( سدِّدُوا وقارِبُوا وأبشِرُوا )؛

متفق عليه.



واليومُ الذي يتوبُ فيه العبدُ إلى الله خيرُ أيامِ عُمره؛

لما تجلِبُه التوبةُ للعبد مِن مصالِح في الدارَين.



تخلَّفَ كعبُ بن مالِكٍ - رضي الله عنه - وصاحِباه دُون عُذرٍ عن غزوةِ

تبُوكٍ، ثم تابَ اللهُ عليهم، فقال - عليه الصلاة والسلام - مُبشِّرًا كعبًا:

( أبشِر بخيرِ يومٍ مرَّ علَيكَ مُنذ ولَدَتْك أمُّك )؛

متفق عليه.



والدنيا تضِيقُ على مَن دنَى أجلُه، ويسعَدُ بكلمةٍ طيبةٍ يسمَعُها؛

لقُربِ انتِقالِه لدارٍ أُخرى لا يعلَمُ ما هو صائِرٌ فيها.



حضَرَت عمرَو بنَ العاصِ - رضي الله عنهما - الوفاةُ فبكَى طويلًا،

فجعلَ ابنُه يقولُ: يا أبَتَاه! أما بشَّرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم

- بكذا؟ أما بشَّرَك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ ؛ رواه مسلم.



وأعظمُ ما يُبشَّر به المُسلمون: وعدُ الله بعلُوِّ هذا الدين وبلُوغِه ما بلََ

الليلُ والنهارُ.



قال - عليه الصلاة والسلام -:

( بشِّر هذه الأمةَ بالسَّناءِ والرِّفعة والدينِ، والنصرِ والتمكينِ في الأرضِ )؛

رواه أحمد.



ومَن بُشِّرَ بخيرٍ استُحِبَّ له أن يسجُدَ لله شُكرًا، وأن يُكافِئَ مَن بشَّرَه

، قال كعبُ بن مالِكٍ - رضي الله عنه - في قصَّة توبةِ الله عليه وعلى صاحِبَيه:

فبَينَا أنا جالِسٌ على الحالِ الذي ذكَرَ اللهُ مِنَّا، قد ضاقَت علَيَّ

نفسِي وصاقَت علَيَّ الأرضُ بما رحُبَت، سمِعتُ صارِخًا أوفَى -

أي: أشرَفَ - على جبلِ سَلعٍ بأعلَى صَوتٍ: يا كعبُ بن مالِكٍ!

أبشِر، قال: فخَرَرتُ ساجِدًا، وعرَفتُ أن قد جاءَ فرَجٌ، وذهَبَ قِبَلَ

صاحِبَيَّ مُبشِّرُون، وركَضَ رجُلٌ إلَيَّ فرَسًا وسعَى ساعٍ مِن أسلَم

فأوفَى على جبَلٍ، فكان الصوتُ أسرَعَ مِن الفَرَس،

فلما جاءَني الذي سمِعتُ صَوتَه بشَّرَني نزَعتُ ثَوبَيَّ فكسَوتُه

إيَّاهما بِشارة، واللهِ ما أملِكُ غيرَهما، واستَعرتُ ثوبَين فلبِستُهما،

وانطلَقتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -،

( فتلقَّانِي الناسُ فَوجًا فَوجًا

يُهنِّؤُونَني بالتوبةِ يقُولُون: لتهنَأكَ توبةُ الله عليك )؛

متفق عليه.



وبعدُ .. أيها المُسلمون:



فلا دينَ أجملُ مِن الإسلام؛ فهو دينُ الفرَح والمسرَّات، ويحُثُّ على

بثِّ السعادةِ في المُجتمع، وأَولَى الناسِ بخَيرِ الإسلام وبشائِرِه هم أهلُه،

والبِشارةُ أصلٌ في دعوةِ الخلقِ إلى الدينِ، وتحبِيبِه في نفوسِهم.



أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ

بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا }

[الأحزاب: 45- 47].



باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَني الله وإياكم بما فيه مِن الآياتِ

والذِّكرِ الحكيم، أقولُ قَولِي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولجميعِ المُسلمين

مِن كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.



الخطبة الثانية



الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهدُ أن

لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له تعظِيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا

عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وأصحابِه، وسلَّمَ تسليمًا مزيدًا.



أيُّها المُسلمون:



أعظمُ المُبشِّرات في الإسلام القُرآنُ الكريم، فكلُّه هدايةٌ وبِشارةٌ، قال - سبحانه -:

{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }

[النحل: 89].



والثناءُ الحسنُ على مَن أحسَنَ ولم يتطلَّع لذلك مِن عاجِلِ بُشرَى المُؤمن،

قِيلَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -:

أرأَيتَ الرجُلَ يعملُ العملَ مِن الخيرِ ويحمَدُه الناسُ عليه، قال:

( تلك عاجِلُ بُشرَى المُؤمن )؛

رواه مسلم.



والرُّؤيا الصالِحةُ تسُرُّ ولا تغُرُّ، وهي مِن المُبشِّرات.



قال - عليه الصلاة والسلام -:

( لم يَبقَ مِن النبُوَّة إلا المُبشِّرات )،

قالُوا: وما المُبشِّرات؟ قال:

( الرُّؤيا الصالِحة )؛

رواه البخاري.



والرِّيحُ يُرسِلُها الله بِشارةً بالمطَر ليفرَحَ الناسُ قبل نُزولِه وبعدَه، قال - سبحانه -:

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ }

[الروم: 46].



والكلِمةُ الطيبةُ تُبشِّرُ بالخير، وهي مِن الفأْلِ الحسَن، قال - عليه الصلاة والسلام -:

( لا عدوَى ولا طِيَرَة، ويُعجِبُنِي الفأْلُ )،

قالُوا: وما الفأْلُ؟ قال:

( كلِمةٌ طيبةٌ )؛

متفق عليه.



فالبِشارةُ مِن هَديِ المُرسَلين، ويُستحبُّ للمَرءِ أن يُبشِّرَ العبادَ بما يسُرُّهم.



ثم اعلَموا أنَّ الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَمِ التنزيل:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ

وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[الأحزاب: 56].



اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الراشِدين،

الذين قضَوا بالحقِّ وبه كانُوا يعدِلُون: أبي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثمان،

وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرَم الأكرَمين.



اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّر أعداءَ الدين،

واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا رخاءً، وسائِرَ بلاد المُسلمين.



اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ عهدِه لما تُحبُّه وترضَى، وخُذ بناصيتِهما

للبِرِّ والتقوَى، ووفِّق جميعَ وُلاة أمورِ المُسلمين للعمل بكتابِك وتحكيمِ شرعِك

يا رب العالمين.



{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[البقرة: 201].



اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ

ولا تجعَلنا مِن القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا.



{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

[الأعراف: 23].



عباد الله:



{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ

الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

[النحل: 90].



فاذكُروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُركم، واشكُرُوه على آلائِه ونِعمِه يزِدكم،

ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات