صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-27-2015, 08:28 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,792
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان : العدل والإنصاف


خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام

مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين
ألقى فضيلة الشيخ الدكتور خالد الغامدي - يحفظه الله
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
العدل والإنصاف


والتي تحدَّث فيها عن مكارم الأخلاق والتي جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُتمِّمها،

ومن أهم ما يحتاجُه المُسلم هذه الأيام أن يكون عادلاً مُنصِفًا في كل أقواله وتصرُّفاته،

مع القريب والبعيد، والمسلم وغير المُسلم،

مُبيِّنًا أن هذا ديدَن تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم

وصحابته الكرام - رضي الله عنهم أجمعين .

الحمد لله، الحمد لله عدد خلقه، ورِضا نفسه، وزِنةَ عرشه،

ومِداد كلماته، حمدًا يليقُ بجلاله وعظمته وكبريائه،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه،

والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .

فاتقوا الله - عباد الله -، وراقِبوه في السرِّ والعلانية،

وإن استطعتُم إن تلقَوا ربَّكم وأنتم خفيفةٌ ظهورُكم من دماء الناس،

خميصةً بطونُكم من أموالهم، كافَّةٌ ألسنتُكم عن أعراضهم،

مُلازِمون لأمر جماعتهم .. فافعَلوا، فوالله الذي لا إله غيره؛ إن ذلك لهو الفوزُ العظيم،

{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }

[ النور: 52 ].

أيها المسلمون :

عالَمُنا اليوم تتجاوزُ فيه صورٌ من الظلم والجَور والعُدوان حدودَ الزمان والمكان،

وتظهرُ فيه ألوانٌ من البغي وانتِقاص الحقوق الإنسانية المشروعة بدوافع عُنصرية،

وموروثاتٍ طائفية، وخلَلٍ عقديٍّ وفكريٍّ.

مما يُؤكِّدُ الحاجةَ الماسَّةَ إلى إصلاح النفوس والعقول،

وتهذيبها بصالح الأخلاق ومكارِم الصفات التي جاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم

لإكمالها ورعايتها، والتي تُقوِّمُ السلوك، وتُصلِحُ فسادَ القلوب.

وإن من أعظم تلكم الأخلاق وأشملها لجميع نواحي الحياة:

قيمةً إنسانيَّةً إسلاميَّةً كُبرى، ومبدأً رفيعًا بديعًا،

غدَا مقصِدًا من أجلِّ مقاصِد الشريعة وكليَّاتها، ألا وهو: "الإنصافُ والعدل".

الإنصافُ والعدلُ الذي ما بعثَ الله الرسل وأنزل الكتب إلا من أجل تحقيقه

في الأرض،

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }

[ الحديد: 25 ].

وأمر الله تعالى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأمَّته بالإنصاف والقسط،

في الأقوال والأفعال والحُكم بين الناس، كما قال الله:

{ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ }

[ الشورى: 15 ]

وقال:

{ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى }

[ الأنعام: 152 ]

وقال:

{ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }
[ النساء: 58 ].

وامتثلَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمرَ ربِّه وتوجيهه،

وطبَّق العدل والإنصاف في كل أحواله وأيامه.

وسُنَّتُه الشريفة وسيرتُه العطِرة خيرُ مِثالٍ وشاهِد،

وتربيتُه - صلى الله عليه وآله وسلم - لأصحابه على الإنصاف والعدل

مع المُوافق والمُخالف لا تُحصى شواهِدُه، ولا تُعدُّ نماذجُه.

أمة الإسلام :

مرَّ عُمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - بشيخٍ كبيرٍ من أهل الذمَّة

وهو يتكفَّفُ الناسَ ويسألُهم، فوقف عليه وقال مقولته الشهيرة:

[ ما أنصفناك، أن كنا أخذنا منك الجِزية في شَبيبَتك، ثم ضيَّعناك في شَيبَتك ]

ثم أمر له برِزقٍ دائِمٍ.

عدلٌ وإنصاف لا يقفُ عند حدودٍ وأعراف، يشملُ القريبَ والبعيدَ، والمُسلمَ والكافرَ.

هذا العدلُ والإنصافُ هو الذي جعل شيخَ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله

لما سعَى في فَكاك أسرى المُسلمين عند التَّتَر،

وعلِم أنهم لن يُطلِقوا معهم أسرَى أهل الذمَّة، أصرَّ - رحمه الله - على إطلاق الأسرَى

كلِّهم وقال - في سُمُوِّ نفسٍ وإنصافٍ لا نظيرَ له، قال -:

[ بل جميعُ من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهلُ ذمَّتنا،

فإنا نفُكُّهم ولا ندَعُ أسيرًا لا من أهل الملَّة ولا من أهل الذمَّة ]


أيها المسلمون:

إن الإنصافَ حِليةُ الشريعة وزينةُ الملَّة، وركيزةُ الإصلاح،

وهو خُلُق الأنبياء والنُّبلاء، وواسِطةُ عِقد السعادة وصلاح الأحوال،

وما تحلَّى به أحدٌ إلا دلَّ ذلك على سلامة صدره، وطهارة قلبه، وجودة عقله.

وإذا ضيَّعَت الأمةُ الإنصاف، فلا تسَل عن فُشُوِّ الأنانية والأثَرة والإجحاف،

وبخس الناس أشياءَهم، فتفتُرُ هِمَمُهم عن تحقيق الأمانة والجودة في الأعمال والمُنجَزات،

ويذوقُ المُجتهدُ والناجِحُ والمُخلِصُ مرارةَ الجُحود والنُّكران،

وإخفاء المحاسِن وإبراز المساوئ. مما يُضعِفُ في المُجتمع روحَ الجدَة والابتِكار،

والعمل المُثمِر البنَّاء .

إن الإنصافَ ثمرةُ العدل ورونَقُه وبهاؤُه، ولا يُمكن أن يستفيدَ العبدُ من علمِه بالحق

حتى يُقيمَ العدل والإنصاف،

كما قال الله:

{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }

[ الأعراف: 181 ]

وقال - سبحانه -:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ

وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ }


[ النساء: 135 ]

وقال:

{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }

[ المائدة: 8 ]

وقال:

{ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ }

[ هود: 85 ].

ولقد أنصفَ القرآنُ أهلَ الكتاب حينما قال:

{ لَيْسُوا سَوَاءً }

[ آل عمران: 113 ]

وقال:

{ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }

[ آل عمران: 110 ].

ولذلك كان الواجبُ على العبد أن يزِن الأمورَ بميزان العدل والإنصاف،

حتى يحيا حياةً كريمةً هانِئة؛ فإن لربِّه عليه حقًّا، ولوالدَيه عليه حقًّا، ولأهله عليه حقًّا،

ولوُلاة أمره عليه حقًّا، ولإخوانه عليه حقًّا، والإنصافُ أن يُعطِي كل ذي حقٍّ حقَّه.

وإن المُقسِطين على منابِر من نورٍ عن يمين الرحمن، وكِلتا يدَيه يمين.

الذين يعدِلون في حُكمهم وأهلِيهم وما وُلُّوا.

أمة الإسلام:

إننا في زمنٍ أحوَجُ ما نكون فيه إلى فهم حقيقة الإنصاف والتأدُّب بآدابه.

فليس من الإنصاف في شيءٍ أن يُعامَل به قومٌ لمحبَّةٍ أو قرابة،

ويُغضَّ الطرفُ عنه في مُعاملة قومٍ آخرين،

وليس من الإنصاف أن تسُوءَ العلاقات الأُسرية والاجتماعية بمُجرَّد زلَّةٍ أو هفوَة؛

بل الواجبُ أن تُلتمسَ الأعذارُ، ويُغلَّبَ جانبُ المحاسِن الكثيرة،

ويُقبَلَ العفوُ من أخلاق الناس،

{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }

[ الأعراف: 199 ].

وما أعظمَ قول نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - في تأسيس هذه القاعدة

التي هي من أهم قواعد الإنصاف؛

حيث قال - بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وآله وسلم -:

( لا يَفرَك مؤمنٌ مُؤمنة

يعني: لا يُبغِضُ ولا يكرَهُ زوجٌ مؤمنٌ زوجتَه المؤمنة،

إن سخِط منها خُلُقًا رضِيَ منها آخر )


رواه مسلم وغيره.

وقال سعيدُ بن المُسيَّب - رحمه الله -:

[ ليس من شريفٍ ولا عالِمٍ ولا ذي سُلطان إلا وفيه عيبٌ،

ولكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكرَ عيوبُه؛

فمن كان فضلُه أكثرَ من نقصه وُهِبَ نقصُه لفضلِه ]


إن هذه النظرة المُتوازِنة الحكيمة يجبُ تطبيقُها في التعامُل مع الحُكَّام والوُلاة

والعلماء وذوي الهيئات والشرف وسائر الناس، ومع المُخالفين كذلك،

فيُعامَلون جميعًا بهذا الميزان النبوي الذي يحفظُ لهم حقوقَهم ومحاسنَهم،

مع الإصلاح والتقويم والنصيحة لهم .

وإن من أبهَى صور الإنصاف ألا تفسُد علاقتُك بالمُسلمين بسبب اختلاف وجهات النظر،

فهو لا يُفسِدُ الوُدَّ والمحبَّةَ عند التجرُّد والإنصاف، ولا تأخذهم بلازمِ قولهم،

فهو ليس بلازمٍ لهم، وتُحسِنُ الظنَّ بهم،

وتضعُ أمرَهم على أحسَنه ما لم يأتِك ما يغلِبُ ذلك،

وإياك أن تظنَّ سُوءًا بكلمةٍ خرجَت من أخيك المُسلم

وأنت تجِدُ لها في الخير محمَلاً ومخرَجًا .

أمة الإسلام :

إن مما يخدِشُ الإنصافَ ويخرِمُه:

أن يتورَّط المرءُ في نشر أخطاء وزلاَّت مُسلمٍ ظاهر العدالة والسلامة،

ويكتُمُ حسناته ومحاسِنَه، ولعلَّه قد حطَّ رحلَه في الجنة، والقادِحُ لا يشعُر.

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات