صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-16-2017, 04:27 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,604
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : تزكية النفوس وتهذيب السلوك

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب - يحفظه الله
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان :
تزكية النفوس وتهذيب السلوك


والتي تحدَّث فيها عن ضرورة تزكية العبد نفسَه وتطهيرِها،
وأنها ليست شِعارات عاطفيَّة، أو كمالات خُلُقيَّة،
مُبيِّنًا وجوب تصدِّي المُسلمين عمومهم وخصوصهم للذَّود عن دينهم
ضدَّ حملات التشويه المُتعمَّد لهويَّتهم ومبادِئهم وقِيَمهم.



الحمدُ لله جعلَ الفضيلةَ لباسًا للمُتقين وحِليَة،
وحثَّ على حراسَةِ الأخلاق في مُحكَم تنزيلِه وصادِقِ وحيِه،
ووعَدَ أهلَ العفاف كِفايةً وغُنيَة،
وفطَرَ الناسَ على الحياء فصارَ نقاءُ المُجتمعات لكِرام الناس بُغيَة،
وتجافِيها عن مباءَات الرَّذائِل مطلَبٌ شريفٌ وحِميَة، أحمدُ الله تعالى ربِّي وأشكرُه،
وأُثنِي عليه وأستغفرُه،
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له المُتفرِّدُ في ذاتِه وفي خلقِه وأمرِه ونهيِه،
وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه وأمينُه على وَحيِه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه،
وعلى آله المُبرَّأين من كل فِريَة، وعلى أصحابِه والتابِعين.



فإن تقوَى الله تعالى هي الوصيَّة، وهي الزادُ المُدَّخرُ لذَوِي النفوسِ الزكيَّة،

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }

[ الأحزاب: 70، 71 ].

من اتَّقَى الله فإن الله تعالى هو مولاه وهو كافِيه،
ومن اتَّقَى الناسَ فلن يُغنُوا عنه من الله شيئًا.

أيها المسلمون:

القِيَمُ مبادِئُ في الحياة، ومظاهرُ في السلُوك، وهي جُزءٌ من عقيدة أي مُجتمعٍ،
والفضيلةُ والأخلاقُ والمبادئُ قِيَمٌ مُطلقةٌ في دينِنا الحَنيف،
تستمِدُّ أصولَها من شريعَتنا الغرَّاء، فهي عقيدةٌ وعبادة،
وتأصيلُها وصيانتُها واجبٌ شرعيٌّ على المُربِّين والمُصلِحين.
وقد تكاثَرَت النصوصُ في جانبِ السلُوكِ والأخلاقِ والقِيَم عامَّة،
وفي جانبِ الفضيلَة خاصَّة، وجعلَها الله من أسباب الفلاح،
وجعلَ أهلَها ورثَةَ الفردوس الأعلى من الجنة.
والحديثُ عن تزكِيةِ النفوس، وتطهيرِ الطِّباع، وتنمِيَة دواعِي العفَّة والطهارة
ليست شِعاراتٍ عاطفيَّة، أو كمالاتٍ خُلُقيَّة؛
بل هي أصلُ تماسُك المُجتمع وبُنيَة أساسٍ لبقائِه،
ومقصدٌ عظيمٌ من مقاصِدِ الشرع الحَنيف؛ بل قرَنَ الله الأمنَ والعفافَ في آيةٍ واحدةٍ
مع توحيدِه - سبحانه - في سُورة الفُرقان.
وأخلاقُ الإسلام ليست رأيًا بشريًّا ولا نظامًا وضعيًّا، ولكنها ربَّانيَّة المصدر،
عباديَّة المقصِد، يُرادُ بها وجهُ الله ورِضوانُه، تملِكُ على المُسلم قلبَه فيدفعُه إليها إيمانُه،
وهي ثابتةٌ كاملةٌ لا تتردَّدُ مع الأهواء، فيها الأُسوةُ والقُدوة:

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
[ الأحزاب: 21 ]
وفيها الاقتِداءُ والاهتِداء:

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ }
[ الأنعام: 90 ].

ومن فضلِ الله تعالى على هذه الأمة المُحمدية أنها تمسَّكَت بدينِ ربِّها،
والْتَزَمَت شِرعتَه مع تطاوُل القُرون وعوادِي الزمان، وتوارَثَت قِيَمه ومبادِئَه،
وتربَّت عليه الأجيال، وتميَّزَت به أمةُ الإسلام.
ومن سُنَّة الله في خلقِه أن يعترِيَهم الضعفُ والنقصُ ما بين فترةٍ وأُخرى،
إلا أن تسارُعَ التغيُّر ومقدارَ التأثُّر في هذه الأزمان المُتأخِّرة
لم يعُدْ خافِيًا على أدنَى مُتأمِّل.

أيها المُسلمون:
التغيُّر والتغييرُ سِمةٌ بشريَّةٌ ومظهرٌ من مظاهر الحياة،
وهو مفهومٌ مُحايِدٌ لوصفِ حالة التبدُّل، فلا يُمدَحُ ولا يُذمُّ إلا بحسب موضوعِه وهدفِه؛
فتغييرُ الخطأ للصواب، والفساد إلى الصلاح، والشرِّ إلى الخير، والضعفِ إلى القوة،
والفشل إلى النجاح كلُّ ذلك مطلوبٌ ومحمودٌ،
لكن الفتنة والبلاء حين يُبدَّلُ الحقُّ بالباطلِ، والمعروفُ بالمُنكَر، والفضيلةُ إلى ضِدِّها.

وقد قصَّ الله تعالى في كتابِه حالَ أمةٍ قبلَنا؛ لتكون عِبرةً لنا،
فقال - سبحانه -:

{ سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ
مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

[ البقرة: 211 ].

فبيَّن الله تعالى مراحِلَ هذا التبديل لنعمةِ الله،
وأوضحَ مظاهرَه في أخلاق القوم ومسالِكِهم؛
ليجتنِبَ المُسلمون المزالِقَ التي هوَت بغيرهم؛ لأن الأُمم لا تُنكَبُ جُزافًا،
ولكنها قوانينُ الله وسُننُه التي يخضَعُ لها الأولون والآخرُون.

عباد الله:
وحياةُ المُؤمنين المُتمسِّكين بدينِهم المبنيَّةُ على العبوديَّة لله تعالى على الطُّهر
والعفافِ والفضيلَة هي حياةٌ محفُوفةٌ بالمخاطِر، تعتَرِيها رياحُ التأثير من كل جانِبٍ،
وتهُبُّ عليها عواصِفُ الفتن،
وتزيدُ المخاطِرُ بانفِتاح الإعلام بكل قنواتِه المُتنوِّعة ووسائل التواصُل الاجتماعيِّ
غير المُنضبِطة، وتسلُّط أهل الشرِّ والفساد،

{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا }
[ النساء: 27 ].

وهذا المَيلُ العظيمُ الذي ذكرَه الله تعالى تُصوِّرُه موجةُ الفُجُور المُنظَّم المُسلَّط
على الأمة عبر مُؤسَّسات وأحزاب،
وظواهر اجتماعيَّة محمُومة تُمكِّنُ للفساد الأخلاقيِّ والدعايَة له بشتَّى الوسائِل؛
لتحقيقِ أهدافٍ تؤُولُ في النهايةِ إلى مُحاصَرَة التديُّن في حياةِ الناس؛
لعلمِهم أن الدعوةَ إلى الله لا تنتعِشُ في مُجتمعٍ مُستهترٍ بالقِيَم، غارِقٍ في الشهوات.
فأيُّ أمةٍ تُفرَّغُ من عقائِدِها وأخلاقِها، فإن ديانتَها مُتلاشيَةٌ بالتَّبَع،
ومُضمحِلَّةٌ بالتأكيد، ولا يبقَى بعد ذلك من الأمةِ إلا اسمٌ، ولا من وجودِها إلا رسمٌ.

ومن هنا كان إغراقُ المُجتمع في الفساد الخُلُقيِّ بشتَّى أنواعه هدفًا مقصُودًا
لكل القُوَى المُعادِية للمدِّ الإسلاميِّ، وتحت مُسمَّياتٍ مُختلفة،
ويصِفُون المُجتمعات المُسلمة بالتطرُّف والإرهاب،
ويُرهِقُونَها بكل بلِيَّةٍ بزَعم مُحاربَة التطرُّف، ويضُخُّون التفسيقَ القسْريَّ باسمِ:
التحديث، والانفِتاح، وغايتُه سَلخُ المُجتمع من هويَّته الإسلامية وتحوُّلُه لغيرها،
وإفراغُ المُسلمين من عقيدةِ أسلافِهم.
وهذا يستدعِي وقفةً مُخلِصةً من عامَّة المُسلمين وخاصَّتهم، للذَّود عن مُعتقداتهم
وقِيَم الفاضِلة؛ فمُستقبلُنا رهنٌ بوفائِنا لدينِنا.

عباد الله:
وفي سنواتٍ قريبةٍ مضَت أكثَرَ الغيورُون من كُتَّاب المُسلمين الذين شهِدُوا
تمكُّن الاستِعمار من ديارِهم وجلاءَه بعد ذلك،
أكثَرُوا من شهاداتهم ومُشاهداتهم على حِرصِ المُستعمِرِ على هدم الأخلاق
خُطوةً خُطوةً، حتى رأى الواحِدُ منهم تحوُّلاتٍ كاملةً خلال عِقدَين أو ثلاثةٍ من الزمان؛
ذلك أن خلخَلَةَ منظومة الأخلاق وبثَّ الشهوات هدم،
والهدمُ سريعةٌ تداعِياتُه، ودانِيةٌ تبِعَاتُه.
ثم إن الذين تساهَلُوا في عقائِدِهم وقِيَمهم، ورامُوا مُجاراةَ غيرهم لم يظفَرُوا بشيءٍ،
فلا الأخلاقُ بقِيَت، ولا الحضارةُ بُنِيَت.

أيها المُسلمون:
إن بناءَ الشخصيَّة المُسلمة للمُجتمع، وتحصينَه ضدَّ مُحاولات الهَدم والتخريبِ
تستدعِي ضرورةَ العمل الجادِّ في الدعوة إلى الله تعالى،
والحثِّ على الأخلاق بتمثُّلها والدعوة إليها، والتذكير بالله واليوم الآخر،
وبالحساب والعقاب، ورَبط الناس بالقُرآن وعِبَره وعِظاته، وحِكَمه وأحكامه.
وإن نُصوصَ القرآن والسنَّة في مبدأ الفضيلَة تتضمَّنُ معنًى كليًّا قاطِعًا،
وهو: أن مقصُودَ الله - جلَّ وعلا - هو التحفُّظُ والصيانةُ وسدُّ الذرائِع.

إن أي تغييرٍ ثقافيٍّ واجتماعيٍّ لا بُدَّ أن ينبُعَ من داخلِ المُجتمع المُسلم،
وأن يلتزِمَ ثوابِتَ الدين وأُسس الهويَّة،
وإن المُجتمعات أيًّا كانت تتقدَّمُ إذا امتلَكَت القُدرات اللازِمة لتأسيسِ الحضارة
والمدنيَّة والعِمران البشريِّ، غيرَ أن المُجتمع المُسلمَ المُستنيرَ بنُور الله يظلُّ مُتَّسِقًا
في تقدُّمه مع مُقتضَيَات الوحي الربَّانيِّ، بينما المُجتمعاتُ الكافِرة لا تُلقِي لأوامر الله بالاً،
ولا ترفعُ بها رأسًا.

وهذا ما تتبايَنُ به المُجتمعاتُ في علاقاتها بأنفُسِها وبأفرادِها،
فتعجزُ المُجتمعات الماديَّة عن إدراك الغايةِ المُثلَى لإعمار الأرض،
وتُسفِرُ التحوُّلات الاجتماعيَّة إلى التفكُّك وانهِيار الأخلاق،
وتبرُزُ مُشكِلاتٌ وأزماتٌ حادَّة ينهارُ معها بناءُ المُجتمع.
إن تماسُكَ المُجتمع المُسلم مرهُونٌ - بإذن الله - بالمُبادَرَة بالإصلاح في نُور الوحي،
والتمسُّك بهويَّته الإسلاميَّة في قِيَمه ومبادئِه.

وإن مُدافعَة الشرِّ ضرورةٌ لا يُقصَدُ بها الانتِصارُ للرأي،
لكنَّه - واللهِ - الخوفُ من استِكمال شرائِطِ العقوبات الإلهيَّة،
ودفعًا لتفاقُم الفساد والخبَث.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات