المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبتى الجمعة 173 بعنوان : صفاء النية


adnan
03-29-2013, 11:19 AM
ان الحمد لله ، نحمده تعالى و نستعينه و نستغفره و نستهديه ،

و نعوذ بالله من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ،

من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،

و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ،

إمام المتقين و قائد الغر المحجلين إلي جنات النعيم ،

صلى الله و سلم و بارك عليه و على اله و أصحابه

و التابعين و من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .





فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ



ونفسي بتقوَى الله سبحانه،

ومن ثَمَّ فاعلموا أنه ليس أسعَدَ للمرء ولا أشرَح لصدره ولا أهنَأ لروحه

من أن يحيَا في مجتمَعِه بين الناسِ صافيَ القلب صفيَّ الروح سليمَ الطباع

مُنسلاًّ من وساوِس الضّغينة وسَورَة الحقد والحسد والبغضِ والتشفّي

وحبِّ الانتصار للذّات والانتقام من النّدِّ، له سُمُوٍّ قلب يُعلي ذكرَه ويرفع قدره،

ترونَ مثلَه مُهنِّئًا رضيًّا حينما يَرى النعمةَ تنساق إلى أحدٍ غيره،

مدرِكًا فضلَ الله فيها على عبدِه، فتجِدون لسانَ حاله يلهَج



بقول النبي صلى الله عليه و سلم فيما رواه أبو داودَ و غيره :



( اللّهمَّ ما أصبح بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقِك

فمنك وحدك لا شريك لك ، فلك الحمد و الشكر ) .



و لا عجَبَ ـ عبادَ الله ـ



في أنَّ طهارة مثلِ هذا القلب وزكاتَه لا تقف عند هذا الحدِّ فحسب،

بل إنه متى رأى أذًى أو بَلاء يلحَق أحدًا من المسلمين أو يحُلّ قريبًا من دارِه رثى لحالِه،

وتمنى له الفرجَ والغفرانَ من الله،

ولم ينسَ حينَها أهمّيّةَ وأدِ الفرح بتَرَح الآخرين في مهدِه،

فلا يلبَث أن تُسارِعه سلامةُ قلبه،

ولِسانُ حالها يقول ما رواه الترمذيّ



عن النبيِّ فيما يقولُه من رأَى مبتلى :



( الحمد لله الذي عافاني مما ابتَلاه به ،

و فضَّلني على كثير ممن خلَق تفضيلاً ) .



إنَّ مثَلَ قلبٍ هذه حالُه كمثَل الإناء المصفَّح يستحيل تسرُّبُ السائل منه البتّة،

وهذا هو القَلب التقيُّ النّقيّ المشرِق الذي يبارِك الله فيه،

فتتسارَع إليه الخيراتُ حَثيثةً من حيث لا يحتسِب،

وصاحبُ هذا القلبِ هو الذي ينجو مكرَّمًا يومَ لا ينفَع مال ولا بنون

إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليم.



أيّها المسلمون ،



إنَّ المجتمعَ المسلم الصّفيَّ هو ذلِكم المجتمعُ

الذي يقوم على عواطِفِ الحبِّ والتآلُف والبُعد عن الأَثَرة المشاعَةِ بين أفراده،

ولا مكانَ فيه للفرديّة المتسلِّطَة ولا الشحِّ الكنود،

بل حالُ نبيه وأفرادِه يُحيي في نفسِ المؤمن استحضارَ



قولِ الله تعالى :



{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }



[محمد:29]،



وقولِ الله تعالى مادِحًا صفةَ قوم :



{ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }



[المائدة:54]،



و يستحضِر قولَه تعالى :



{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ

وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }



[الحشر:10].



إنَّ شريعتَنا الغرّاء قد جاءت حاضَّةً على التّراحُم والتلاحم والعدلِ والإنصاف،

ونبذِ التدابُر والتقاطُع والتباغُض والتحاسُد وبَذرِ الفِتَن وتأجيجِ الفرقة؛

لأنّ الإخلالَ بهذه المبادِئ ينمِّي جذورَ الخصومة ويضرِم نارها

ويفرِّع أشواكَها ويُذبِل زَهرَ المجتمَع الغضّ ويفتق جراحَه .



عباد الله



إنَّ سلامةَ الصدر وسَعتَه في التعامُل مع الآخرين هو المِقبَض المفقود

في أفئِدَة كثيرٍ من المجتمعات في هذا الزّمن إلا من رحِم الله وقليلاً ما هم،

فكم نحن بحاجةٍ إلى ذلكم في ردمِ هوّةِ التجافي والشّحناء،

وكم نحنُ في حاجةٍ إليه في تعامُلنا مع نوايَا الآخرين وكوامِنِهم،

وفي تعامُلنا مع اجتهاداتِنا المطعَّمَة بالإخلاصِ ومحاوَراتنا الناشِدةِ للحقّ،

وكم تحتاجُ المجتمعاتُ المسلمة إلى ذلكم في تحديدِ معاييرِ التعامُل اليوميّ،

بين الفردِ والأسرة والأسرةِ والمجتمع والناصِحِ والمنصوح،

وكم نحن بحاجةٍ ماسّة إلى سلامةِ الصّدر وسَعته

في نظرةِ المرؤوس إلى رئيسِه والمحكوم إلى حاكِمِه والعكس بالعكس،

مع مراعاةِ هيبةِ هذا الجانبِ وخطورتِه وعنايةِ الإسلام به؛

لِمَا في مراعاتِه من تحقيقٍ للمصالح ودرءٍ للمفاسد.

إنّه بمثل هذا التوازُن الذي يمليه على المرء سلامةُ صدره تجاهَ الآخرين

لتبرز الأفضليّةُ التي ذكرَها النبي صلى الله عليه و سلم

بقوله حينما سئل: أيّ الناس أفضل ؟



فقال صلوات ربى و سلامه عليه :



( كلُّ مخمومِ القلب صدوقِ اللسان ) ،



قيل: صدوق اللسان نعرفه، فما مخمومُ القلب؟



قال صلى الله عليه و سلم :



( هو التقيّ النّقِيّ ، لا إثمَ فيه و لا بغيَ و لا غِلَّ و لا حسد )



رواه ابن ماجه .



كما لا ينبغي أن لا يغيبَ عنا أنّ هذا التوازنَ أيضًا

كفيلٌ لبروز الخيريّة التي أشار إليها



النبيّ صلى الله عليه و سلم بقوله :



( خِيارُ أئمّتِكم الذين تحبّونهم و يحبّونكم ،

و تُصلّون عليهم و يصلون عليكم ـ أي : تدعون لهم و يدعون لكم ـ ،

و شِرار أئمّتكم الذين تبغِضونهم و يبغِضونكم، و تلعَنونهم و يلعنونكم )



رواه مسلم .



ألا فاتّقوا الله أيها المسلمون،



وأنيبوا إلى ربكم، وأقيموا الصّلاةَ واتّقوه،



{ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ *

مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }



[الروم:31، 32] .



بارك الله لي و لكم فى القرآن الكريم

و نَفَعني الله و إيَّاكم بالقرآنِ العظيم

وبهديِ محمّد سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم ،

و أقول قولي هَذا ، و أستَغفر الله لي و لَكم و لجميع المسلمين

فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم





الحمد لله على إحسانه ، و الشكر له على توفيقه و عظيم امتنانه ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه ،

و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله الداعي إلي جنته و رضوانه ،

صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحابته و أخوانه ،

والتابعين و من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .





فيا أيّها الناس ،



إنّ من سلِم قلبُه واتَّسع صدرُه للنّاس ونصَح لهم وأشفقَ عليهم

وكان مظهَره سببًا إلى مخبَره فإنّه سيُلقَى له القبولُ عند النّاس،

عدوُّهم قبلَ صديقهم؛ لأنه لا يعرِف لحظّ النفس سبيلاً،

ولا للانتِقام وحبِّ الانتصار دليلاً،

ثم إنَّ للقلبِ السّليم مذاقًا وحلاوةً لا يعرِفها إلا من طعِمها،

وشتّان ـ أيها المسلمون ـ بين قلبٍ سليم

وبين قلب مليءٍ بالغلِّ والوساوِس وإعمالِ الفِكر في إدراك الانتصار للذّات.

ولقد ضَرَب لنا الرعيلُ الأوّل أروعَ الأمثِلة في ذلك،

فهَذا الفاروقُ رضي الله عنه يتحدَّث بعباراتٍ

أبدى من خِلالها الإنصافَ من نفسه،



فقال رضى الله تعالى عنه :



[ اعلَموا أنَّ تلكَ القسوةَ قد أُضعِفت ،

و لكنها إنما تكونُ على أهلِ الظّلم و التعدّي على المسلمين ،

فأما أهلُ السلامة و الدِّين والقصدِ فأنا أليَنُ لهم من بعضِهم البعض ،

و لستُ أدعُ أحدًا يظلِم أحدًا أو يعتدِي عليه

حتى أضعَ خدَّه و أضَع قدَمي على الخدِّ الآخر حتى يذعِنَ للحقّ ،

و إني بعدَ قَسوتي تلك أضَع خدِّي على الأرض لأهلِ العَفافِ و أهل الكفاف ] .



و قد جاء في مسند أحمد من حديث أنس في قصّةِ الرجل الذي



قال عنه النبيّ صلى الله عليه و سلم في مجلِسه :



( يطلع عليكم رجلٌ من أهلِ الجنة ) ،



فطلع هذا الرجلُ وهو من الأنصار،

و تكرّر قولُ النبيّ صلى الله عليه و سلم عن هذا الرجل ثلاثَ مرات في ثلاثة أيّام ،

فبات عبد الله بن عمرو بن العاصِ عند ذلك الرجلِ ليرى ما يفعَل من الطاعة،

فلم يَر كبيرَ عمَلٍ فسأله: ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟

فقال الرجل: ما هو إلاّ ما رأيتَ،

فقال عبد الله: فلمّا ولّيتُ دعاني

فقال: ما هو إلاّ ما رأيتَ، غيرَ أني لا أجِد في نفسي لأحدٍ منَ المسلمين عِشًّا

ولا أحسدُ أحدًا على خيرٍ أعطاه الله إياه،

فقال عبد الله: هذه التي بلَغَت بك .

فالله أكبر ما أعظمَ تلكُم القلوبَ،

واللهُ أكبر ما أعظمَ تلك الأجساد التي تحمِلها،



{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *

الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ *

لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ }



[يونس:62-64] .



ألا فاتّقوا الله رحِمكم الله،



وآمِنوا بربّكم، وأطيعوا رسولَكم، واستمسِكوا بدينِكم.

رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا،

وبمحمّد صلى الله عليه و سلم نبيًّا ورسولاً.

ثمّ صلّوا وسلّموا على الرّحمة المهداة والنّعمة المسداة،

نبيّكم محمّد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربّكم جلّ في علاه،



فقال عزّ شأنه قولاً كريمًا :



{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا }



[الأحزاب:56].



اللّهمّ صلِّ و سلِّم وبارِك على عبدِك و رسولك

نبيِّنا سيدنا محمّد الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،

و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،

و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،

وعن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،

و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .



و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :



( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .



فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،

و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،

و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،

يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .

اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،

و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .

اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا

من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .

اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،

و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،

و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين

اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم

اللهم أحقن دماء المسلمين فى كل مكان و أحفظهم بحفظك

الله أرحم موتاهم و أشف مرضاهم و اجمع شملهم و شتاتهم .

اللهم كن لأخواننا المتضررين فى سوريا

اللهم ارفع عنهم البلاء ، و اكشف الشقاء ،

اللهم كن لهم عوناً و معيناً ، و مؤيداً و ناصراً و حارساً و أميناً .

اللهم أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم

اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و وحد كلمتهم

و أحفظ أخواننا فى برد الشام و فى فلسطين و مينمار و أفغانستان و جميع المسلمين

اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و داوى جرحاهم

و تقبل شهداءهم و أحفظ دينعم و أموالهم و أعراضهم

اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب بفضلك و كرمك يا كريم يا تواب

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم

أنتهت