المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشورى في حياة الرسول الحزن


adnan
04-03-2013, 09:35 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام

حصرياً لبيتكم و للمجموعات الشقيقة و الصديقة



الشورى في حياة الرسول
صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم

أهمية الشورى في حل المشكلات الأسرية

الشورى سنة مؤكدة وسيرة محفوظة ،
كان يعمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أقدم على عمل
أو قول يستجوبها ،
ويلجأ إليها فيما أغلق عليه من أمور الحياة ،
فقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أمور الدعوة إلى الله ،
وفي مسائل الجهاد في سبيل الله ، وشاورهم في القضايا الأسرية
والمشاكل الاجتماعية ، وكل ذلك من العمل
بقول الله تعالى :

{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }

وتعليما لأصحابه وسائر أمته من بعده بمبدأ عظيم من مبادئ إدارة الشأن
العام دينيا كان أو دنيويا ،كما هو الواجب على المسلمين في كل زمان ومكان
قال تعالى :

{ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }

منهجه في الشورى

وكان طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه في الشورى كلما حزبه أمر
أو هجم عليه شأن أن يختار من أصحابه أهل العلم والخبرة ،
والألصق بموضوع الشورى و الأعرف بتفاصيله .
ولما انتشرت قصة الإفك بين الناس في المدينة ، وهلك فيها من هلك استشار
النبي أصحابه ليستمع إلى آرائهم في الموضوع ،
واختار لمشورتهم رجلين وامرأتين من أصحابه المقربين من
بيت النبوة الكريمة .

أما الرجلان فهما :
أولا : ختنه وابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال له :

[ يا رسول الله لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير،
وسل الجارية تصدقك ]
وهو يشير بقوله هذا أن يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهله ويستريح من الشكوك والقيل والقال ، ولكن بلهجة ذكية ،
لم يخف كنهها على عائشة رضيَ الله عنها ، ولقد وجدت عائشة من
قوله موجدة عظيمة ، ولم تنسها له .

ولأهل العلم تأويل لكلام علي رضي الله عنه ، حيث قالوا :

[ الذي قاله علي هو الصواب في حقه صلى الله عليه وسلم لأنه رآه مصلحة
ونصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتقاده ،
ولم يكن ذلك في نفس الأمر ، لأنه رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم
بهذا الأمر وتقلقه ، فأراد راحة خاطره ، وكان ذلك أهم من غيره ]


والرجل الثاني : حبه وابن حبه أسامة بن زيد رضيَ الله عنهما الذي قال له :

[ أهلك ، ولا نعلم إلا خيرا ]
وهو بهذا ينصح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمسك بأهله ،
فإن هذه مجرد شائعة لا غير ، وما يعرفه من طهارة أهله وشرفهم أكبر
من أن يتزعزع بسببها .
وأما المرأتان فهما ، الأولى : بريرة مولاة عائشة وصديقتها في البيت وكانت عارفة بها ، وقالت لرسول الله لما سألها :

[ والذي بعثك بالحق ، ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه ]
غير أنها جارية حديثة السن تنام على عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله،
فأكدت لرسول الله أن زوجها من المحصنات الغافلات البريئات مما رمين بها
من الفاحشة .

والثانية هي : زينب بنت جحش رضيَ الله عنها إحدى أمهات المؤمنين ،
وهي من كانت تسامي عائشة رضيَ الله عنها عند رسول الله ،
وغالبا ما يحمل الحسد مثلها على الظلم والشهادة بالزور ،
ولكنها رضيَ الله عنها كانت أورع وأعف لسانا من أن تفتري على أختها
ما ليس لها به علم .
وبعد أن استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مستشاريه وتأمل في أقوالهم
وشهاداتهم عزم أمره وتوكل على الله واتخذ موفقه الشخصي في هذا الأمر الخطير ، ألا وهو اعتقاد براءة أهله من كل ما رمي بها من الفاحشة ،
إذ ليس عند الخائضين في الإفك بينة تثبت دعواهم الكاذبة ،
ولا قرينة تدل على تلبث المتهمين بشيء من التهمة ،
وليس في سيرتهما ما يقدح في عدالتهما ،

أما عائشة فقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم :

( والله ما علمت على أهلي إلا خيرا )
وأما صفوان فشهد له بمثل ذلك فقال :

( ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي )
لم تكن الشورى في حادثة الإفك من حاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقط بل كانت عائشة رضيَ الله عنها في أمس الحاجة إلى من تستمع إليه
وتأخذ برأيه في مصيبتها ، ولم يكن ذلك غير رسول الله صلى الله عليه وسلم
لولا ما أحست به عائشة من نوع تغير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
في تعامله معها ،
لحد الامتناع من ذكر اسمها ونداءها بقوله صلى الله عليه و سلم :

( كيف تيكم )

ولما كان الأمر بهذه الوتيرة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن تذهب إلى أبويها لتستوثق منهما وتستشيرهما فيما تأتي أو تذر ،
وكان أقربهما إليها أمها التي حاولت أن تخفف عنها وتلهيها قليلا بإرجاع
الأمر إلى أسبابها الطبيعية فقالت لها :

( يا بنية هوني عليك ، فوالله قل ما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها
لها ضرائر إلا كثرن عليها )
وهذا الكلام وإن صدر من قلب حنون لم يكن لها في نفس عائشة كبير أثر ،
فاستمرت في بكائها وأرقها .