المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوقف و الإبتداء


adnan
04-12-2013, 11:26 PM
الأخ الدكتور / نور المعداوى

الوقف و الإبتداء


وقد نعى الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما على قراء فقال :

( لقد عشتُ برهةً من دهرٍ وإن أحدَنا يؤتَى الإيمانَ قبلَ القرآنِ
وتُنزلُ السورةُ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيتعلمُ حلالَها وحرامَها
وما ينبغِي أن يقفَ عندَه منها كما تعلمون أنتم القرآنَ
ثم لقد رأيت رجالًا يُؤتَى أحدُهم القرآنَ قبلَ الإيمانِ
فيقرأُ ما بينَ فاتحةِ الكتابِ إلى خاتمتِه ما يدرِي ما آمِرُه ولا زاجِرُه
وما ينبغِي أن يقفَ عندَه منه وينثرَه نثرَ الدقلِ )

باب الوقف، والابتداء، والقطع، والسكت

الوقف:

عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف
القراءة، فلا بد من التنفس معه.
ويأتي في رءوس الآي، وأوساطها، ولا يأتي في وسط الكلمة،
ولا فيما اتصل رسما، فلا يوقف على: "لكي" في قوله تعالى:

{ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا }
بسورة الحج؛ لاتصاله رسما.

والسكت:

هو قطع الصوت زمنا يسيرا من غير تنفس، ويأتي في وسط الكلمة،
وفي آخرها.

والقطع:

عبارة عن قطع القراءة رأسا، ولا يكون إلا على رءوس الآي؛
لأن رءوس الآي في نفسها مقاطع.

أقسام الوقف:
ينقسم الوقف إلى أربعة أقسام:

1. اختياري: وهو أن يقصد لذاته من غير عروض سبب من الأسباب.
2. اضطراري: وهو ما يعرض بسبب ضيق النفس، ونحوه كعجز ونسيان.

فحينئذ يجوز الوقف على أية كلمة، وإن لم يتم المعنى، لكن يجب الابتداء
بالكلمة الموقوف عليها إن صلح الابتداء بها، أو بما قبلها إن لم يصلح.

3. انتظاري: وهو أن يقف القارئ على كلمة ليعطف عليها غيرها حين
جمعه للقراءات.
4. اختباري: وهو ما كان الغرض منه اختبار الشخص وامتحانه،
ويتعلق بالرسم كالمقطوع، والموصول، والثابت، والمحذوف،
ولا يوقف عليه إلا إجابة لسؤال ممتحن، أو لتعليم القارئ كيف يقف
إذا اضطر للوقف.

أقسام الوقف الاختياري:
ينقسم إلى أربعة أقسام: تام، وكاف، وحسن، وقبيح.

1. فالتام:

هو الوقف على كلمة لم يتعلق ما بعدها بها، ولا بما قبلها لا لفظا ولا معنى،
ويقصد بالتعلق اللفظي التعلق من جهة الإعراب.

وأكثر ما يوجد هذا النوع في رءوس الآي، وعند انقضاء القصص،
كالوقف على "المفلحون" من قوله تعالى:

{ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

والابتداء بقوله:

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا }
فإن الأولى من تمام أحوال المؤمنين، والثانية متعلقة بأحوال الكافرين.
وحكمه: أنه يحسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده.

2. والكافي:

هو الوقف على كلمة لم يتعلق ما بعدها بها، ولا بما قبلها لفظا،
بل معنى فقط، كالوقف على:{ لا يُؤْمِنُونَ } والابتداء بقوله تعالى:

{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ }
فإن قوله: "لا يؤمنون" مع ما بعده متعلق بالكافرين من جهة المعنى.
وحكمه: كالتام.

3. والحسن:

هو الوقف على كلمة تعلق ما بعدها بها، أو بما قبلها لفظا ومعنى،
بشرط إفادته معنى يحسن السكوت عليه، ومن ثم سمي حسنا، كالوقف
على لفظ "لله" من قوله تعالى:

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ }
فهذه الجملة أفادت معنى، لكن ما بعد لفظ الجلالة متعلق به؛ لكونه صفة له.
حكمه:
إن كان غير رأس مثل: "الحمد لله" حسن الوقف عليه، ولم يحسن الابتداء
بما بعده، فمن وقف عليه وأراد الابتداء وصله بما بعده؛
لأن الابتداء بما يتعلق بما قبله لفظا قبيح.
وإن كان رأس آية مثل: "العالمين" من قوله تعالى:

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
حسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده، وإن وجد التعلق؛
لأن الوقف على رءوس الآي سنة مطلقا؛
لحديث أم سلمة–رضي الله عنها- قالت:

(كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا قرأَ يُقطّعُ قراءتَهُ آيةً آيةً
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
مَالِكِ يَوْمِ الدِينِ )
فظاهر هذا الحديث أن رءوس الآي يستحب الوقف عليها مطلقا.

وقال بعضهم في شرح هذا الحديث: هذا إذا كان ما بعد رأس الآية يفيد معنى،
وإلا فلا يحسن الابتداء به
كقوله تعالى في سورة البقرة:

{ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }
فإن تَتَفَكَّرُونَ رأس آية، لكن ما بعده لا يفيد معنى إلا بما قبله،
فلا يحسن الابتداء بقوله: فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بل يستحب العود لما قبله،
والمذهب الأول هو المشهور عند غالب أهل هذا الفن.

4. والقبيح:

هو الوقف على لفظ غير مفيد، وقد تعلق ما بعده بما قبله لفظا ومعنى،
كالوقف على المبتدأ دون خبره، أو على المضاف دون المضاف إليه.
فالوقف على: "الحمد" من قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ قبيح،
وكذلك الوقف على: "بسم" من: بِسْمِ اللَّهِ . فكل وقف على ما لا يفهم منه
معنى يعد قبيحا، ولا يجوز إلا لضرورة، كانقطاع نفس ونحوه،
أو لتعليم القارئ الوقف على الكلمة.

ولا بد من الابتداء بالكلمة الموقوف عليها، أو بما قبلها على حسب
ما يقتضيه المعنى من الحسن؛ لأن الوقف قد أبيح للضرورة،
ولا ضرورة في الابتداء، فلا يكون إلا اختياريا، ومن ثم فلا يجوز
إلا بمستقل بالمعنى موفٍ بالمقصود، فالابتداء بما تعلق بما قبله يعتبر قبيحا.

وأشد قبحا الوقف والابتداء الموهمان خلاف المراد:
كالوقف على قوله تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي }
وكالوقف على قوله:

{ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا }

ثم الابتداء بقوله:

{ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ }
وغير ذلك مما يوهم الوقف عليه أو الابتداء وصفا لا يليق به تعالى،
أو يفهم معنى غير ما أراده الله جل وعلا فمن وقف على مثل هذا
لضرورة وجب عليه أن يرجع إلى ما قبله، ويصل الكلام بعضه ببعض.
والوقف في ذاته لا يوصف بالوجوب ولا بالحرمة،
وليس في القرآن من وقف واجب يأثم القارئ بتركه،
ولا من حرام يأثم بفعله، وإنما يتصف بهما بحسب ما يعرض له
من قصد إيهام خلاف المراد.