المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفة النار من الكتاب و السنة الجزء الثانى - 4


adnan
04-17-2013, 09:35 PM
الأخ الدكتور / نور المعداوى



صفة النار من الكتاب و السنة
(http://www.ataaalkhayer.com/)
الجزء الثانى - 4

دركات النار:

وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها,
وأعمالهم في الدنيا,
قال تعالى:

{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا }
(النساء145)
وهي فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار لغلظ إيذائهم للمؤمنين
وغلظ كفرهم ومكرهم.

قال كعب الأحبار:

[ إن في النار بئراً ما فتحت أبوابها بعد, مغلقة ما جاء على جهنم يوم
منذ خلقها الله تعالى إلا تستعيذ بالله من شر ما في تلك البئر مخافة إذا فتحت
تلك البئر أن يكون فيها من عذاب الله ما لا طاقة لها به ولا صبر لها عليه
الدرك الأسفل من النار ]
[التذكرة للقرطبي]

وأما أهون الناس عذاباً في النار,

فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة
رجل يحذى له نعلان من نار يغلي منهما دماغه يوم القيامة )
[مسلم]
فتذكر أخي الحبيب: إذا كان هذا حال أهون الناس عذاباً يوم القيامة,
فما بال غيره.

فيا أخي:

تــــــذكر يوم تأتي الله فــردا وقد نصبت موازين القـضاء
وهتكت الستور عن المعاصي وجاء الذنب منكشف الغطاء

وإن من شدة ما يجده أهل النار من الأهوال وألوان العذاب يتمنون فدية
أنفسهم بكل شيء قال تعالى:

{ ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً
وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }
[آل عمران 91]

وقال سبحانه :

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ
لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
[المائدة]
وما ذلك إلا لعظم النكال والعذاب في تلك الدركات فلا نصير ولا منقذ
ولا معين, بل إنهم يودون لو يفتدون بأبنائهم الذين من أصلابهم
قال تعالى:

{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ
كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى }
[المعارج 11-16]

سلاسلها وأغلالها وشدة حرها:
سلاسلها وأغلالها:

وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها,
فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها.
قال تعالى:

{ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ }
[غافر 71]

وقال سبحانه:

{ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ }
[الحاقة 32]
وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد,
وما أثقلها على أهل النار ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها
وسط الجحيم, فإنما قيدهم الله بها إذلالاً لهم لا خشية هربهم كما يقيد السجين
في الدنيا.

قال الحسن:

[ إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب,
ولكنهم إن طفا بهم اللب أرسبتهم ]
[الزهد للحسن البصري]

فاعمل يا عبد الله امهد لنفسك, فجسدك لا يطيق حلقة من تلك السلاسل
الغلاظ, ولا يقوى على المكوث في حفرة النار لحظة واحدة,
فهو عذاب لا ينفع معه صبر ولا جلد, ولا مال ولا ولد, ولن ينجيك منه أحد,
سوى ما قدمت من عمل في هذه الأيام

adnan
04-17-2013, 09:35 PM
مثل وقوفك يـوم الحشر عريانا مستطعفا قلق الأحشــاء حيرانا
النار تزفر من غيــظ ومن حنق على العصاة وتلقى الرب غضبان
اقرأ كتابك يا عـبدي على مهل وانظر ليه ترى هل كان ما كان

شدة حرها:

وأما حر الدنيا فإنه يتقى, فقد مد الله لعباده الظل يقيهم الحر,
ورزقهم الماء يرويهم من العطش, وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة
تلطف وتهون من شدة الفيح.

أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها فالهواء سموم,
والظل يحموم والماء حميم.

قال تعالى:

{ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ }
[الواقعة 41-44]

وقال سبحانه:

{ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ }
[المرسلات 30-33].
عياذاً بالله من حرها فشررها قطع ضخمة على قد الحصون والقصور
ويشبه الإبل السود في لونه من شدة السواد, أما دخانها فمتشعب إلى ثلاثة
وهو يحموم لا ظليل ولا يغني من لهب جهنم الحارق.

فأين صبرك يا عبد الله على هذا؟‍‍‍‍‍ فهلاً نفسك من هذا البأس العظيم والخطر
الجسيم؟ فها هو النذير ينذر بهذا الشر العظيم.
ويخبر عن جهنم كيف تصنع بالعصاة المجرمين.

يـا ويـلهم تحرق النيران أعظمــهم بـالـموت شهوتهم من شدة الضجر
وكـل يـوم لـهـم فـي طـول مدتهـــم نـزع شـديـد مـن الـتـعـذيب بالسعر

ومن شدة حرها تلفح الوجوه فتتركها عظاماً لا لحم فيها,
قال تعالى:

{ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ
وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ }
[الأنبياء39]
ومن شدة حرها تصهر البطون وما في أحشائها من أمعاء قال تعالى:

{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ }
[الحج 19]
فاتق الله يا عبد الله. واعلم أن الخطب جسيم, وأن الخطر قريب,
فالجنة أقرب إليك من شراك نعلك والنار كذلك,
كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

فالبدار البدار إلى التوبة. فإن جهنم لا نترحم وإن جحيمها لا يخمد.
وما على الرسول إلا البلاغ المبين.

سعة جهنم:
سعتها:

والضيق في جهنم إحدى وسائل العذاب التي يصبها الله على الكفار والعصاة..
فالضيق يشمل ظواهرهم وبواطنهم, وكيف لا ونفوسهم أصابها من الهم
والغم والحسرة مالا يوصف مما هم فيه من العذاب والنكال..
حر وحميم وسموم ويحموم سلاسل وأصفاد وظلمة وسواد..
وقد اجتمعت عليهم ألوان العذاب وأشكاله فنفوسهم ضيقة ضنكة,
وفوق ذلك كله تجدهم محشورين في أضيق الأماكن في جهنم تنكيلاً بهم
وزياد لهم في الغم والهم قال تعالى:

{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُور }
[الفرقان 13]
فهم ملقون في أضيق الأماكن,وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور
فرحين بها, فما أحوجهم يوم القيامة إلى شبر من الأرض يعبدون الله فيه
فينجون من ذلك الضيق وذلك العذاب.
قال تعالى:

{ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ }

قال أبو عبدة:

[ أي لفي حبس وضيق شديد ]
[فتح القدير].
فارحم نفسك يا عبد الله فبل فوات الأوان فأنت تحسب ألف حساب في حيتك
حتى لا ترتكب ما يدخلك السجن في الدنيا, وقد تضطر إلى أن تتجاوز
عن حقك, مقابل السلامة والحرية والنجاة من ذلك, أفلا يكون احتياطك
نم سجن جهنم الرهيب أولى؟
أو قادر أنت على سجينها المظلم الضيف الحميم؟
أو يتحمل جسمك الضعيف أو جلدك اللطيف حر النار ولهيبها وثقل الأغلال
وكيها وضيق المكان؟
أخي الكريم:

تـنـبـه قـبـل الـموت إن كنت تعــقل فـعـمـا قـريـب لـلـمـقـابـر تـحـمـــل
وتـمسي رهيناً في القبور وتنــثني لـدى جـدث تـحـت الـثـرى تـتـجندل
فـريـداً وحــيـداً فـي الـتـراب, وإنما قـريـن الفتى في القبر ما كان يعمل

وجهنم مع ما يحصل لأهلها من الضيق, فهي واسعة ضخمة,
يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال:

( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذ سمع وجبة (أي سقطة)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تدرون ما هذا؟
قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً,
فهو يهوى في النار إلى الآن )

[مسلم]
ومما يدل على سعة النار وعظمها كثرة الداخلين إليها على ما هم عليه
من ضخامة الجسم وعظم الهيئة, وكذلك قذف الشمس والقمر فيها
على ضخامة الشمس وسعة القمر,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة )
[السلسلة الصحيحة]
ولك أن تتصور أخي الكريم ضخامة جهنم وعظمها, فهي واسعة عظيمة,
كبيرة مهولة, ومع ذلك يجد فيها المجرمون من الضيق ولاحبس ما يعضون
عليه الأنامل من ندم التفريط في الدنيا, ولك أن تتصور جسرها وكيف
أنه يكفي لحمل الخلائق كلهم يوم القيامة, فكيف بجهنم نفسها؟