تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإحساس بما بعد الموت


adnan
05-14-2013, 09:33 PM
الأخ / مروان رجب
كاتب و مفكر إسلامي

الإحساس بما بعد الموت
(http://www.ataaalkhayer.com/)

بعد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والأنبياء
والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطاهرين
ورضي الله عن صحابته أجمعين

في الغالب لا يفكر الإنسان بالموت لتعلقه بالحياة ولغفلته عنه
ولانشغاله بأمور الدنيا مما يبعد هذا التفكير عنه ,
ولكن عند موت عزيز عليه يبدأ يفكر فيه ولكن في الغالب أيضا يذهب عنه
هذا التفكير بعد فترة وجيزة , وتعود الأمور لما كانت عليه قبل موت العزيز ,
ولكني منذ موت عزيز علي , منذ قرابة العام والأمر لا يفارق ذهني وتفكيري
ومن هذه الأفكار التي تراودني , إلى أين ذهب وكيف يعيش الآن ,
وما هي الحياة بعد الموت وكيف احساسها وأين تذهب الأرواح
وكيف تعيش , وإلى الأن لم أحصل على إجابة شافية وافية ,
وربما لن أحصل عليها إلا بعد موتي ومعاينة الأمر ,
فالتجربة خير شاهد للواقع ,

ولكن ما يؤرقني في الموضوع هو اعتقادي الشبه جازم بأن هناك اختلاف
بين ما نشعر به الآن كعلاقة مع الله
( على أقل تقدير شعوري أنا ولا أعلم عن شعور غيري )
وما بعد الموت , وخصوصا فيما يتعلق بمقام الله وعظمته ,
فشعوري أنه بعد الموت سنصطدم بواقع ملكوت عظيم ومقام عظيم
لم نكن نتخيله في الدنيا أبدا , ولكي أقرب وجهة نظري أكثر سأتكلم بحرية
بغض النظر عن شرعية ما أقول , فإحساسي أنه بعد الموت ستكتشف
أنك لا شيء ومن سيستقبلك من الملائكة هم لا شيء أيضا بجانب
عظمة مقام الله , تماما كما أنك لا شيء أمام ملك من ملوك الدنيا
كمواطن عادي من بين ملايين المواطنين الذين لديه ,

والذي أرسل لك بعض الافراد ممن يعملون لديه ليخبرك بشيء
ويرسلك إلى مكان ما تعيش فيه , وهذا هو مجرد ملك فما بالك بملك الملوك
فهل سنشعر بهذا الإحساس ما بعد موتنا والذي يغاير إحساسنا في الدنيا
وكأننا كل شيء عندما نعمل الحسنات ونتقي الله ونبعد عن السيئات ,
وعندما نناجي رب العالمين ونهيم في حبه ونحسن الظن به إحساسا
يجعلنا نبعد الخوف من قلوبنا وأن لنا مقام عظيم عنده ,
وتفكري في هذا الأمر يطرح هذا السؤال :-
هل من المفروض أن نغير إحساسنا في الدنيا حتى لا نصطدم
بالواقع بعد الموت ؟ ,
وهل هذا الأمر سيؤدي بك إلى الخوف المطلوب أم إلى الخوف الزائد
عن حده , ( والجواب أني لا أعلم ) ولكني ما زلت أتذكر هذا الحديث
وشرحه من قبل أحد العلماء لعله يقرب من وجهة نظري التي احاول
إيصالها لكم .

يقول هذا العالم :
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة
وأبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، وكذا رواه الإمام مسلم وغيره
وذلك في أحاديث عدة ، ترد بمناسبات مختلفة ، وسياقات متعددة ،
كلها تتضمن هذه الجملة العظيمة :

( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَ لبَكَيْتُمْ كَثِيرًا )
فالأمر خطير جد خطير ، والله سبحانه وتعالى يقول :

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ.
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }
الحج/1-2 .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

[ والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله ، وانتقامه ممَّن يعصيه ،
والأهوال التي تقع عند النزع ، والموت ، وفي القبر ، ويوم القيامة ،
ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة ،
والمراد به التخويف ]
انتهى/ "فتح الباري" (11/319) .
وقال النووي رحمه الله :

[ لو رأيتم ما رأيتُ ، وعلمتم ما علمت مما رأيته اليوم وقبل اليوم
لأشفقتم إشفاقا بليغا ، ولقلَّ ضحككم وكثر بكاؤكم ]
انتهى / "شرح مسلم" (15/112) .
وقال القرطبي رحمه الله :

[ وقوله صلى الله عليه وسلم :
( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا )
يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة أهوالها ،
ومما أعد في النار من عذابها وأنكالها ، ومما أعد في الجنة من نعيمها
وثوابها ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد كان رأى كل ذلك مشاهدة وتحقيقا ،
ولذلك كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ،
قليل الضحك ، جُلُّه التبسم ]
ومن تفكري هذا الناتج عن موت عزيز علي أصبحت أقول :-
" يا ويلي و يا سواد ليلي إن لم يغفر الله لي ذنوبي "
وعندما أريد أن أطمئن نفسي أقول :
اللهم ذنوبي وإن عظمت وكثرت فهي في بحر عفوك قطرة ,
أتراك لا تعفو عن القطرة حاشاك
انتهى