المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 26.07.1434


بنت الاسلام
06-05-2013, 01:02 PM
أخيكم / عدنان الياس ( AdaneeNooO )
درس اليوم
مع الشكر للأخ / عثمان أحمد .


[ المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ ]


عن ‏أسماء بنت أبي بكر ‏رضى الله تعالى عنها و عن أبيها قالت :

‏[ جاءت امرأة إلى النبي ‏صلى الله عليه و سلم ،

فقالت : يا رسول الله ! إن لي ضرة

فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَي زُورٍ ) ]

متفق عليه . غريب الحديث

المتشبّع : المتزيّن بما ليس عنده ، يتكثّر بذلك و يتزيّن بالباطل .

قصة الحديث

تروي أسماء بنت أبي بكر رضى الله تعالى عنها و عن أبيها موقفًا حدث أمامها ،

و هو أن امرأة جاءت إلى النبي ‏صلى الله عليه و سلم تترخص منه

في كذبها على ضرتها أو جارتها - كما في بعض الروايات الأخرى - ،

لتظهر أن زوجها يحبها أكثر ، أو أنه يسعد في ليلتها أكثر من الأخرى ،

أو تتظاهر بالغنى أمام جارتها ، فلم يرخص لها في ذلك ، بل نهاها عنه ،

و قال : المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَي زُورٍ

شرح الحديث

قال الإمام النووي يرحمه الله عند شرح هذا الحديث :

" قال العلماء : معناه المتكثر بما ليس عنده ،

بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده ، يتكثر بذلك عند الناس ،

و يتزين بالباطل ، فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور "

قال أبو عبيد و آخرون :

" هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد و العبادة و الورع ،

و مقصوده أن يُظهر للناس أنه متصف بتلك الصفة ،

و يُظهر من التخشع و الزهد أكثر مما في قلبه ، فهذه ثياب زور و رياء ،

و قيل : هو كمن لبس ثوبين لغيره و أوهم أنهما له ،

و قيل هو من يلبس قميصاً واحداً و يصل بكميه كمين آخرين ،

فيظهر أن عليه قميصين " .

و حكى الخطابي قولاً آخر : أن المراد هنا بالثوب :

" الحالة و المذهب ، و العرب تكني بالثوب عن حال لابسه ،

و معناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن " .

و قول آخر :

" أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور ، فيلبس ثوبين يتجمل بهما ،

فلا ترد شهادته لحسن هيئته ، و الله أعلم " .

و بوَّب الإمام البخاري يرحمه الله على هذا الحديث بقوله :

" المتشبِّع بما لم ينل ، و ما يُنهى من افتخار الضَّرَّة " .

و قال الإمام ابن حجر في " الفتح " :

" قوله المتشبع : أي المتزين بما ليس عنده ، يتكثر بذلك و يتزين بالباطل ،

كالمرأة تكون عند الرجل و لها ضرة ، فتدعى من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده ،

تريد بذلك غيظ ضرتها ، و كذلك هذا في الرجال ،

و أما قوله : كلابس ثوبي زور ،

فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد ، يوهم أنه منهم ،

و يُظهر من التخشع و التقشف أكثر مما في قلبه منه .. " .

وقفات مع المثل

" يحذرنا النبي صلى الله عليه و سلم بهذا المثل من داء خطير يصيب بعض الناس ،

ألا و هو داء التعالم و التعاظم و الادعاء بما ليس في الإنسان ،

و بما لا يملكه ؛ من ادعاء العلم و هو ليس بعالم ، و ادعاء الغنى و هو ليس بغني ،

و ادعاء الجاه و الوجاهة و هو ليس من أصحابها ،

و ادعاء الإمارة و هو ليس من أهلها ، و ادعاء الصلاح و هو ليس من أهله .

و التثنية في قوله " ثَوْبَي زُورٍ" للإشارة إلى أن كذب المتحلِّي مثنَّى ؛

لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ ، و على غيره بما لم يُعطَ ،

و كذلك شاهد الزور ، يظلم نفسه ، و يظلم المشهود عليه .

وقد أراد النبي صلى الله عليه و سلم بذلك تنفير المرأة عمَّا ذكرت ؛

خوفاً من الإفساد بين زوجها و ضرتها ، و إيقاع البغضاء بينهما ،

فيصير كالسحر الذي يفرِّق بين المرء و زوجه .

بنت الاسلام
06-05-2013, 01:04 PM
التعالم و ضرره

هذا الحديث ينطبق على ظاهرة متنامية في زماننا هذا ، ألا و هي :

اقتحام عدد من الناس المجالات الشرعية بالفتيا و التنظير ،

و بالاعتراض على الأحكام الشرعية ، مع عدم اتصاف أولئك بالعلم الذي يؤهلهم

- و لو بقدر أدنى - للخوض في هذه المسائل ،

و ليس في ذلك تحجير على الناس في دينهم ،

أو سير وفق المصطلح الخاطئ الذي يصف البعض بأنهم ( رجال الدين ) !!

و لكنه الاحتياط للدين أن يهتك حماه من ليس أهلاً للتوقيع عن رب العالمين .

و لقد حذرنا الله تعالى من ذلك في كتابه الكريم فقال :

{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا

وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

الأعراف : 33

قال ابن الجوزي :

" و هذه الآية في تحريم القول في الدين إلا عن بينة و يقين " .

قال الإمام الشعبي :

" إن أحدكم ليُفتي في المسألة ،

و لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لجمع لها أهل بدر "

و قال الإمام مالك :

" من أجاب في مسألة ،

فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة و النار ،

و كيف خلاصُه ، ثم يجيب " .

و لقد كان فقهاء الإسلام الأجلاء يحذرون من التعالم و التجرؤ على الفتيا

و على القول على الله بغير علم ،

فقد جاء عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه

أنه سُئل ثمانية و أربعين سؤالاً ، فأجاب عن ستة ،

و قال عن البقية : لا أدري .

و هؤلاء المتعالمون و المتشبعون بما لم يعطوا لهم صفات منها :

1 - زهدهم في الجلوس إلى من هو دونهم ، أو في مرتبتهم في العلم ،

لئلا يُنسبوا للجهل و قلة العلم .

2 - جرأتهم على الفتيا ، و هجومهم عليها دون ورع أو تقوى ،

فقلما يقول أحدهم : لا أدري ، حينما يُسأل لئلا ينسب للجهل ،

فيفضّ عنه العامة .

3 - تعلقهم بالدنيا و أهلها ، و طلب المنزلة عندهم ،

و ربما قدَّموهم على إخوانهم من المؤمنين ،

لينالوا عندهم عرضاً من الدنيا الفانية .

فالحذر الحذر من التشبع بما لم تعط ،

حتى لا تكون ممن يلبس ثوبي الزور ، فيبيع آخرته بدنياه ،

فيخسرهما جميعاً ،

نسأل الله جل و علا أن يجنبنا الزلل في القول و العمل .

و بالله التوفيق .

و الله أعلى و أعلم و أجَلَّ .


أسأل الله لي و لكم الثبات
اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين
--- --- --- --- --- ---

المصدر : موقع " الشيبة " الصديق .

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ



صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم



( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

=======================

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية





" إن شـاء الله "