هيفولا
07-06-2010, 12:27 AM
http://awladnaa.net/vb/images/icons/icon1.gif دموع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ،
قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى }
( النجم : 43 ) ،
فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ،
والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .
ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله –(صلى الله عليه وسلم) –
، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ،
فتهتزّ لأجلها مشاعره ،
وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .
ودموع النبي –(صلى الله عليه وسلم) –
لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ،
ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة
على الآخرين ،
والشوق والمحبّة ،
وفوق ذلك كلّه :
الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .
فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي
–(صلى الله عليه وسلم) -
شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ،
وهيبته من جلاله ،
عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ،
ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول :
" رأيت رسول الله(صلى الله عليه وسلم)
وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء –
وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - "
رواه النسائي .
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
موقفاً آخر فتقول :
" قام رسول الله –(صلى الله عليه وسلم) -
ليلةً من الليالي فقال :
( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ،
فتطهّر ثم قام يصلي ،
فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ،
ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ،
ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ،
وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ،
فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ،
تبكي وقد غفرالله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر ؟
فقال له :
( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) "
رواه ابن حبّان .
وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه
إذا سمع القرآن ،
روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال :
" قال لي النبي-(صلى الله عليه وسلم) -
: ( اقرأ عليّ ) ،
قلت : يا رسول الله ،
أقرأ عليك وعليك أنزل ؟
، فقال : ( نعم ) ،
فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية :
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }
( النساء : 41 )
فقال : ( حسبك الآن ) ،
فالتفتّ إليه ،
فإذا عيناه تذرفان " ،
رواه البخاري .
كما بكى النبي (صلى الله عليه وسلم) اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ،
فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال :
" كنا مع رسول الله
-(صلى الله عليه وسلم) - في جنازة ،
فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ،
فبكى حتى بلّ الثرى ،
ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا )
رواه ابن ماجة ،
وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام
بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ،
ولذلك قال في موضعٍ آخر :
( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ،
ولبكيتم كثيراً )
متفق عليه.
وبكى النبي –(صلى الله عليه وسلم) –
رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ،
كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ،
يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك
وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }
( المائدة : 118 )
، ثم رفع يديه وقال :
( اللهم أمتي أمتي )
وبكى .
وفي غزوة بدر دمعت عينه -(صلى الله عليه وسلم) –
خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم
على يد أعدائهم ،
كما جاء عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قوله :
" ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح )
رواه أحمد .
وفي ذات المعركة بكى النبي –
(صلى الله عليه وسلم) -
يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء
من الأسرى ،
قال تعالى :
{ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض }
( الأنفال : 67 )
حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب
رضي الله عنه من كثرة بكائه.
ولم تخلُ حياته
–(صلى الله عليه وسلم) –
من فراق قريبٍ أو حبيب ،
كمثل أمه آمنة بنت وهب ،
وزوجته خديجة رضي الله عنها ،
وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ،
وولده إبراهيم عليه السلام ،
أوفراق غيرهم من أصحابه ،
فكانت عبراته شاهدة
على مدى حزنه ولوعة قلبه .
فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي -
(صلى الله عليه وسلم) – بكى
وقال : ( إن العين تدمع ،
والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ،
وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون )
متفق عليه.
ولما أراد النبي –(صلى الله عليه وسلم) -
زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً
حتى أبكى من حوله ،
ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت )
رواه مسلم .
ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره
أن صبياً لها يوشك أن يموت ،
لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر
أو تقدّم العزاء ،
ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ،
خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي (صلى الله عليه وسلم)
الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
وكان جوابه عن سرّ بكائه :
( هذه رحمة جعلها الله ،
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )
رواه مسلم .
ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي
-(صلى الله عليه وسلم) -
لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة
رضي الله عنه يوم مؤتة ،
حيث قال عليه الصلاة والسلام :
( أخذ الراية زيد فأصيب ،
ثم أخذ جعفر فأصيب ،
ثم أخذ ابن رواحة فأصيب
- وعيناه تذرفان -
حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله )
رواه البخاري .
ومن تلك المواقف النبوية نفهم
أن البكاء ليس بالضرورة
أن يكون مظهراً من مظاهر النقص ،
ولا دليلاً على الضعف ،
بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس
ويقظة القلب وقوّة العاطفة ،
بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً بالصبر ،
وغير مصحوبٍ بالنياحة ،
أو قول ما لا يرضاه الله تعالى
وصلى الله وسلم على محمد
وعلى اهل بيته
ومع تبعهم باحسان
الى يوم الدين
امين
اختكم /هيفولا
البكاء نعمة عظيمة امتنّ الله بها على عباده ،
قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى }
( النجم : 43 ) ،
فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ،
والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .
ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله –(صلى الله عليه وسلم) –
، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ،
فتهتزّ لأجلها مشاعره ،
وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر .
ودموع النبي –(صلى الله عليه وسلم) –
لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ،
ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة
على الآخرين ،
والشوق والمحبّة ،
وفوق ذلك كلّه :
الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .
فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي
–(صلى الله عليه وسلم) -
شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ،
وهيبته من جلاله ،
عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ،
ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول :
" رأيت رسول الله(صلى الله عليه وسلم)
وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء –
وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليانه - "
رواه النسائي .
وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
موقفاً آخر فتقول :
" قام رسول الله –(صلى الله عليه وسلم) -
ليلةً من الليالي فقال :
( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ،
فتطهّر ثم قام يصلي ،
فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ،
ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ،
ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ،
وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ،
فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ،
تبكي وقد غفرالله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر ؟
فقال له :
( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) "
رواه ابن حبّان .
وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه
إذا سمع القرآن ،
روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال :
" قال لي النبي-(صلى الله عليه وسلم) -
: ( اقرأ عليّ ) ،
قلت : يا رسول الله ،
أقرأ عليك وعليك أنزل ؟
، فقال : ( نعم ) ،
فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية :
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }
( النساء : 41 )
فقال : ( حسبك الآن ) ،
فالتفتّ إليه ،
فإذا عيناه تذرفان " ،
رواه البخاري .
كما بكى النبي (صلى الله عليه وسلم) اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ،
فعن البراء بن عازب ضي الله عنه قال :
" كنا مع رسول الله
-(صلى الله عليه وسلم) - في جنازة ،
فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ،
فبكى حتى بلّ الثرى ،
ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا )
رواه ابن ماجة ،
وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام
بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ،
ولذلك قال في موضعٍ آخر :
( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ،
ولبكيتم كثيراً )
متفق عليه.
وبكى النبي –(صلى الله عليه وسلم) –
رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ،
كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ،
يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك
وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }
( المائدة : 118 )
، ثم رفع يديه وقال :
( اللهم أمتي أمتي )
وبكى .
وفي غزوة بدر دمعت عينه -(صلى الله عليه وسلم) –
خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم
على يد أعدائهم ،
كما جاء عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قوله :
" ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح )
رواه أحمد .
وفي ذات المعركة بكى النبي –
(صلى الله عليه وسلم) -
يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء
من الأسرى ،
قال تعالى :
{ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض }
( الأنفال : 67 )
حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب
رضي الله عنه من كثرة بكائه.
ولم تخلُ حياته
–(صلى الله عليه وسلم) –
من فراق قريبٍ أو حبيب ،
كمثل أمه آمنة بنت وهب ،
وزوجته خديجة رضي الله عنها ،
وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ،
وولده إبراهيم عليه السلام ،
أوفراق غيرهم من أصحابه ،
فكانت عبراته شاهدة
على مدى حزنه ولوعة قلبه .
فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي -
(صلى الله عليه وسلم) – بكى
وقال : ( إن العين تدمع ،
والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ،
وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون )
متفق عليه.
ولما أراد النبي –(صلى الله عليه وسلم) -
زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً
حتى أبكى من حوله ،
ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت )
رواه مسلم .
ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره
أن صبياً لها يوشك أن يموت ،
لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر
أو تقدّم العزاء ،
ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ،
خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي (صلى الله عليه وسلم)
الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ،
وكان جوابه عن سرّ بكائه :
( هذه رحمة جعلها الله ،
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )
رواه مسلم .
ويذكر أنس رضي الله عنه نعي النبي
-(صلى الله عليه وسلم) -
لزيد وجعفر وعبد الله بن رواحة
رضي الله عنه يوم مؤتة ،
حيث قال عليه الصلاة والسلام :
( أخذ الراية زيد فأصيب ،
ثم أخذ جعفر فأصيب ،
ثم أخذ ابن رواحة فأصيب
- وعيناه تذرفان -
حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله )
رواه البخاري .
ومن تلك المواقف النبوية نفهم
أن البكاء ليس بالضرورة
أن يكون مظهراً من مظاهر النقص ،
ولا دليلاً على الضعف ،
بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس
ويقظة القلب وقوّة العاطفة ،
بشرط أن يكون هذا البكاء منضبطاً بالصبر ،
وغير مصحوبٍ بالنياحة ،
أو قول ما لا يرضاه الله تعالى
وصلى الله وسلم على محمد
وعلى اهل بيته
ومع تبعهم باحسان
الى يوم الدين
امين
اختكم /هيفولا