vip_vip
07-15-2010, 02:11 PM
مقال جد رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود
(من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه
فسيح جناته وغفر له)
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f252047%5fAO8Nw0MAAXGrTD2FhwhaFlp% 2bPxw&pid=2&fid=Inbox&inline=1
العذاب ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا
يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف
و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى
هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة
و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في
زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء
و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه
و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته
خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم
في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر
من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من
السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر
ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى
عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية..
و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور
خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها
تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في
الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما
قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش
بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في
الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من
الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه
كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف
المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف
مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه
الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل
شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها
و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس
المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث
يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم
و أهل الحقد إلى الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في
الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها
و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت
و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال
حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم
و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد
ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق
و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد
السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان
و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات
و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض
و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين
و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي
الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة
التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم
تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق
و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في
راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا
في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا،
فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت
الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول
بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا
من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون
شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي
و جوعا لا يشبع.
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك
على خطيئتك.
(من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه
فسيح جناته وغفر له)
http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f252047%5fAO8Nw0MAAXGrTD2FhwhaFlp% 2bPxw&pid=2&fid=Inbox&inline=1
العذاب ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا
يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف
و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى
هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة
و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في
زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء
و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه
و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته
خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم
في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر
من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من
السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر
ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى
عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية..
و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور
خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها
تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في
الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما
قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش
بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في
الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من
الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه
كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف
المناظر و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف
مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه
الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل
شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها
و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس
المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث
يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم
و أهل الحقد إلى الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في
الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها
و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت
و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال
حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم
و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد
ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق
و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد
السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان
و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات
و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض
و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين
و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي
الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة
التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم
تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق
و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في
راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا
في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا،
فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت
الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول
بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا
من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون
شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي
و جوعا لا يشبع.
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك
على خطيئتك.