المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ركائز لتعزيز أخلاقنا


بنت الاسلام
08-13-2013, 12:54 AM
الأبن / لــؤي الياس


ركائز لتعزيز أخلاقنا

http://f1623.mail.vip.bf1.yahoo.com/ya/download?mid=2%5f0%5f0%5f1%5f26887430%5fAG3uHkgAAA znUgjiMAAAANjHXQU&pid=5&fid=Inbox&inline=1&appid=yahoomail (http://www.ataaalkhayer.com/)

الحمد لله رب العالمين ،

والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :

أحبتنا الكرام : إن حياة الأمة الإسلامية مشابهة لحياة كل الأمم

من حيث أنها تكمن في ديمومة تمسكها بمثلها العليا ،

وأخلاقها المثلى التي ترسم لها غاياتها في الحياة ،

فتحفزها للثبات على المبادئ التي عاشت

وضحَّت من أجلها الأجيال المتلاحقة، وعلى البحث عما يعززها ويقويها ،

أو الثورة على كل ما يخالف الدين والفطر السوية السليمة ،

وصدق القائل :

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وكل من يحاول أن يخالف ذلك فينكس أخلاقها ،

ويأتي بزبالة الأمم والمجتمعات قاصداً غرسها بين أبناء الأمة ؛

فأولئك هم الأعداء، وهذا شأنهم وسبيلهم ؛

ولذا كان لزاماً على الأمة أفراداً ، ومؤسسات ،

وحكومات أن تقف سداً منيعاً ضد كل من يريد خدش أخلاقها وقيمها ،

أو مسها بسوء كائنا ًمن كان .

وحيث أن الحرب ضد ديننا وإيماننا وأخلاقنا حرب شعواء ،

سخّر فيها الأعداء كل إمكاناتهم وقدراتهم

حتى نخرج من عز الشرف إلى ذل الشهوات ،

ومن دائرة الفضيلة إلى مستنقع الرذيلة؛ كان لا بد من التنبه لذلك الأمر ،

والتمسك الشديد بالأخلاق الإسلامية السامية .

وإذا كان هناك من وضع أسسا نظرية للأخلاق ،

نابعة من عقله البشري المحدود، فقد وضع الله لنا القيم الثابتة ،

والأخلاق الراسخة من خلال القرآن الكريم، والسنة المطهرة ،

وحثنا الإسلام على الكثير

والكثير من مكارم الأخلاق التي منها على سبيل المثال لا الحصر :

الصدق، والأمانة ، والحلم ، والأناة ، والشجاعة ، والمروءة ، والمودة ،

والصبر ، والإحسان ، والتروي ، والاعتدال ، والكرم ، والإيثار ، والرفق ،

والعدل ، والحياء ، والشكر ، وحفظ اللسان ، والعفة ، والوفاء ، والشورى ،

والتواضع ، والعزة ، والستر ، والعفو ، والتعاون ، والرحمة ، والبر ،

والقناعة ، والرضا ؛ فكان لابد لهذه الأخلاق من ناصر ينصرها ،

وقوة تدعمها ، وعزيمة تفعلها ، وركائز تعززها ؛

حتى تصبح ممارسة طبيعية تحيا بها الأمة والمجتمع ،

وإن أهم تلك الركائز المطلوبة :

الركيزة الأولى : الإيمان بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم

بامتثال الأوامر ، واجتناب النواهي ؛ فإنه ما من خير ينتفع به الناس ،

ويرغبون به ، إلا وقد دلهم شرع الله عليه ، وأمرهم به ،

وما من شر يكرهه الناس ويسخطونه ؛ إلا وقد حذرهم الله منه ،

رأفة منه سبحانه وتعالى ورحمة

وقد جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص

رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه ,

أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم ، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم )

[ رواه الألباني ]

والأخلاق الفاضلة من صميم أوامر الله ورسوله ،

حث الله ورسوله على التزامها ،

ومثال ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )

[ رواه الألباني ]

والنصوص الواردة في الترغيب بها، وترك ما يضادها ويخالفها ،

كثيرة لا تحصى ،

ومن ذلك نهيه سبحانه عن الوقوع في الكبائر كشرب الخمر ،

والزنا ، وأكل المال الحرام ، وقتل النفس المحرمة وغيره .

وقد رغَّب النبي عليه الصلاة والسلام في التزام الأخلاق الفاضلة ،

وذكر أنها سبب لدخول الجنة ، والقرب منه صلى الله عليه وسلم فيها ،

ولذلك ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة ؟

قال : تقوى الله ، وحسن الخلق )

[ رواه الألباني والمنذرى ]

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ،

وإن من أبغضكم إليَّ ، وأبعدكم مني يوم القيامة : الثرثارون ،

والمتشدقون ، والمتفيهقون ،

قالوا : يا رسول الله , قد علمنا الثرثارين ،

والمتشدقين ، فما المتفيهقون ؟

قال : المتكبرون )

[ الترمذي وصححه الألباني ]

بنت الاسلام
08-13-2013, 12:55 AM
الركيزة الثانية : تقوية الوازع الديني، والتخويف من سوء الأخلاق :
الوازع الديني يُلزِم الشخص بمعرفة حدود الحلال والحرام ،
وأن يكون لديه من الخوف والجزع من الله سبحانه وتعالى
ما يردعه من الوقوع في المخالفة والمحظور ،
ويبعده عن الانزلاق في مهاوي الفتن والشهوات ،
ويجعل لديه دافعاً كي يتعلم مسؤولياته ، ونستطيع أن نقول حقيقة :
إن الوازع الديني له دور كبير جداً في هذا الجانب ،
فإن الصلاة : وهي أجل العبادات
تؤدي المحافظة عليها إلى ابتعاد العبد عن الفواحش والنفرة من المعاصي

{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }
[ العنكبوت : 45 ]

الركيزة الثالثة : الخطاب الديني، وأثره في تعزيز الأخلاق :
ولعل من أبرز أنواع الخطاب الديني : خطبة الجمعة ،
والدروس المنهجية سواء في المدارس ، أو في المساجد ،
والمحاضرات العامة على تنوع موضوعاتها ، والمواعظ ،
والمناسبات العامة، والاحتفالات ، والمؤتمرات ،
والبرامج الإذاعية والتلفازية وغيرها .

ويقوم الوعظ والإرشاد الديني
بدور محوري في محاربة كل أنواع الانحلال الخلقي في المجتمع الإسلامي ،
حيث يقع على عاتق الدعاة في كل حين عبء التغيير للمنكر
مع الأمر بالمعروف كأصل من أصول الإسلام التي أمر بها

يقول الحق سبحانه وتعالى :

{ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }
[ لقمان : 17 ]

وفي هذا المعنى نذكر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ،
فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه )
[ رواه مسلم ]

كما حذّر الإسلام من أن عدم تغيير المنكرات يعم بسببه العذاب كل المجتمع
إن لم يحاولوا تغييره، ويمثل الانحلال الخلقي شقين كبيرين يتمثل أحدهما :
في ترك المأمورات كالواجبات والمستحبات من الفضائل الأخلاقية ،
وأما الأخر فيكون في فعل المنهيات كالوقوع في المحرمات، وقبائح الأخلاق .

الركيزة الرابعة : وسائل الإعلام ودورها في تعزيز الأخلاق :
أينما وجد إعلام هادف ، وجد مجتمع ذو فضيلة وأخلاق سامية ،
وعلى العكس تماماً فأي مجتمع له إعلام ساقط في محتواه
ورسالته التي يقدمها تجد مجتمعاً يغلب عليه الانحلال الخلقي، والبعد الديني،
والتأثر بالحضارة الزائفة ، ولما كان الإعلام بهذا الخطر الشديد ،
استغله أعداء الأمة الإسلامية في جعله سلاحاً يستخدمه القاصي والداني ،
بل جعلوه حاجة عصرية لا يستغني عنها الإنسان ،
والذي يشاهده الجميع من خلال هذه الوسائل
لا يجد إلا إعلاماً بعيداً عن كل خلق وفضيلة، لا يربي إلا على إثارة الشهوات،
وترك الفضائل ، وتعليم الجريمة إلا ما رحم ربك والله المستعان .

الركيزة الخامسة : تجفيف منابع الفساد وما يدعو إلى الانحلال والرذيلة :
ولما كان الفساد والمنكر يظهر بصورة تشتهيها النفوس الضعيفة ،
وتستسيغها القلوب الفارغة ؛ فتنخدع بها ،

وذلك مصداقاً لما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات )
[ رواه مسلم ]

وأنجع علاج وأنفعه هو ما كان للمنكر والباطل صاداً ورادعاً ،
ولأهله داعياً وناصحاً ، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .

الركيزة السادسة : التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق :
النصيحة هي من أهم ركائز هذا الدين ،
فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم الدين كله ،

بقوله صلى الله عليه وسلم :

( ان الدين النصيحة )

لما لها من أثر في تقويم السلوك، وتهذيب الأخلاق ،
وتسوية المعوجين الذين يحيدون عن الحق والصراط المستقيم ،

قال المناوي رحمه الله :

[ بالنصيحة يحصل التحابب والائتلاف، وبضدها يكون التباغض والاختلاف ]
[ فيض القدير ( 6/268 ) ]

وقال رحمه الله :

[ وأقصى موجبات التحابب أن يرى الإنسان لأخيه ما يراه لنفسه ]

ثم نقل قول العلماء :
ما في مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة .

ولعل الجامع الرئيس لهذه الركائز كلها هو عملية التربية ،
فمن خلالها نستطيع غرس كل الركائز السابقة وغيرها .

هذا والحمد لله رب العالمين ،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .