المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اختلاف الصحابة في الأسارى على قولين


بنت الاسلام
08-14-2013, 11:29 PM
الأخ / مصطفى آل حمد

اختلاف الصحابة في الأسارى على قولين

البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله



وقد اختلف الصحابة في الأسارى أيقتلون أو يفادون على قولين،

‏ وأنزل الله تعالى‏:‏

‏{ ‏لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ‏ }‏

‏[‏الأنفال‏:‏ 68‏]‏ الآية‏.‏

انفرد به أحمد‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/362‏)‏

( لما كان يوم بدر قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه

وهم ثلثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة

فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره

ثم قال : اللهم أين ما وعدتني اللهم أنجز ما وعدتني

اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا

قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه

فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداؤه فرداه ثم التزمه من ورائه

ثم قال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك

وأنزل الله عز وجل :

{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ }

فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا

وأسر منهم سبعون رجلا فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم

أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم فقال أبو بكر رضي الله عنه :

يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية

فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم

فيكونون لنا عضدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما ترى يا ابن الخطاب قال قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر رضي الله عنه

ولكني أرى أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه

وتمكن عليا رضي الله عنه من عقيل فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان

أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين

هؤلاء صناديدهم أئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم

ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت فأخذ منهم الفداء

فلما إن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى

النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه

وإذا هما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك

فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما قال

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الذي عرض علي أصحابك من الفداء

لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة

وأنزل الله عز وجل :

{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ }

إلى قوله :

{ لَوْلَا كِتَاب مِنْ اللَّه سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ }

من الفداء ثم أحل لهم الغنائم فلما كان يوم أحد من العام المقبل

عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون

وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم

وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه

وأنزل الله تعالى :

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا }

الآية بأخذكم الفداء )

‏ يقول‏:‏

لولا أني لا أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم‏.‏

وهكذا روي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضاً، واختاره ابن إسحاق وغيره‏.‏

وقال الأعمش‏:‏

سبق منه أن لا يعذب أحداً شهد بدراً‏.‏

وهكذا روي عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح

وقال الوالبي عن ابن عباس‏:‏

سبق في أم الكتاب الأول أن المغانم وفداء الأسارى حلال لكم، ولهذا قال بعده‏:‏ ‏

{ ‏فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّباً‏ }‏

[‏الأنفال‏:‏ 69‏]‏‏.‏

وهكذا روي عن أبي هريرة، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، وعطاء،

والحسن، وقتادة، والأعمش، واختاره ابن جرير، وقد ترجح هذا القول

بما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏

عن جابر بن عبد الله قال‏:

‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏ ‏أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي

نصرت بالرعب مسيرة شهر

وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً

وحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي

وأعطيت الشفاعة

وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة ‏‏)‏‏.‏

وروى الأعمش، عن أبي صالح،

عن أبي هريرة،

عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏

(‏‏ لم تحل الغنائم لسود الرؤوس غيرنا‏ ‏‏)‏‏.‏

ولهذا قال تعالى‏:‏

{ ‏فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّباً‏ }

‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 69‏]‏

فأذن الله تعالى في أكل الغنائم، وفداء الأسارى‏.‏

وقد قال أبو داود‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي، ثنا سفيان بن حبيب

ثنا شعبة، عن أبي العنبس، عن أبي الشعثاء،

عن ابن عباس‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل

الجاهلية يوم بدر أربعمائة، وهذا كان أقل ما فودي به أحد منهم من المال،

وأكثر ما فودي به الرجل منهم أربعة آلاف درهم‏.‏

وقد وعد الله من آمن منهم بالخلف عما أخذ منه في الدنيا والآخرة

فقال تعالى‏:‏

‏{ ‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى

إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ‏ }‏

‏[‏الأنفال‏:‏ 70‏]‏ الآية‏.‏

بنت الاسلام
08-14-2013, 11:30 PM
وقال الوالبي عن ابن عباس‏:
‏ نزلت في العباس ففادى نفسه بالأربعين أوقية من ذهب

قال العباس‏:‏
فآتاني الله أربعين عبداً - يعني‏:‏ كلهم يتجر له -‏.‏
قال‏:‏ وأنا أرجو المغفرة التي وعدنا الله جل ثناؤه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/365‏)‏

وقال ابن إسحاق‏:
‏ حدثني العباس بن عبد الله بن مغفل، عن بعض أهله،
عن ابن عباس قال‏:‏ لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر
والأسارى محبوسون بالوثاق، بات النبي صلى الله عليه وسلم ساهراً
أول الليل، فقال له أصحابه‏:‏ مالك لا تنام يا رسول الله‏؟‏ - وقد أسر العباس
رجل من الأنصار
- فقال‏:‏

‏( ‏سمعت أنين عمي العباس في وثاقه ‏‏)‏‏.‏

فأطلقوه فسكت، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏
وكان رجلاً موسراً ففادى نفسه بمائة أوقية من ذهب‏.‏

قلت‏:
‏ وهذه المائة كانت عن نفسه وعن ابني أخويه عقيل ونوفل،
وعن حليفه عتبة بن عمرو أحد بني الحارث بن فهر، كما أمره بذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ادعى أنه كان قد أسلم‏.‏
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏ أما ظاهرك فكان علينا والله أعلم بإسلامك وسيجزيك‏ ‏‏)‏‏.‏

فادعى أنه لا مال عنده،
قال‏:‏

‏(‏‏ ‏فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل وقلت لها‏:‏
إن أصبت في سفري فهذا لبني الفضل وعبد الله وقثم‏ ‏‏)‏‏.‏

فقال‏:‏ والله إني لأعلم أنك رسول الله إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل‏.‏

رواه ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس‏.‏
وثبت في ‏(‏صحيح البخاري‏)‏ من طريق موسى بن عقبة

قال الزهري‏:‏
حدثني أنس بن مالك قال‏:‏ إن رجالاً من الأنصار
استأذنوارسول الله صلى الله عليه وسلم،
قالوا‏:‏ إيذن لنا فلنترك لابن اختنا العباس فداءه‏.‏
فقال‏:‏ ‏

(‏‏ لا والله لا تذرون منه درهماً‏ ‏‏)‏‏.‏

قال البخاري‏:‏
وقال إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن صهيب،
عن أنس‏:‏
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بمال من البحرين،
فقال‏:‏

‏( انثروه في المسجد‏ ‏‏)‏‏.‏

فكان أكثر مال أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه العباس
فقال‏:يا رسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلاً‏.‏

فقال‏:‏
‏( ‏‏خذ‏ ‏‏)‏‏.‏

فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال‏:‏ مر بعضهم يرفعه إلي‏.‏

قال‏:‏
‏(‏‏ ‏لا‏ ‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فارفعه أنت علي‏.‏

قال‏‏:‏
‏(‏‏ ‏لا‏ )‏‏.‏
فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال‏:‏ مر بعضهم يرفعه إلي‏.‏

قال‏:‏
(‏‏ ‏لا‏ ‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فارفعه أنت علي‏.‏

قال‏:‏
‏( ‏لا‏ ‏‏)‏‏.‏

فنثر منه ثم احتمله على كاهله ثم انطلق‏.‏
فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا عجباً من حرصه، فما قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم‏.‏

وقال البيهقي‏:‏
أخبرنا الحاكم، أخبرنا الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس،
عن أسباط بن نصر، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي‏.‏
قال‏:
‏ كان فداء العباس وابني أخويه عقيل بن أبي طالب
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب
كل رجل أربعمائة دينار، ثم توعد تعالى الآخرين، فقال‏:

‏ ‏{‏ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ
فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ }‏
‏[‏الأنفال‏:‏ 71‏]‏‏.‏
والله جل جلاله اعلم
في الله اخوكم مصطفى الحمد



http://f1623.mail.vip.bf1.yahoo.com/ya/download?mid=2%5f0%5f0%5f1%5f26972103%5fAEl3k0UAAB 7aUgtyHwAAAIXa1jk&pid=5&fid=Inbox&inline=1&appid=yahoomail