تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة


بنت الاسلام
08-19-2013, 08:36 PM
الأخ / مصطفى آل حمد


فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة

من السنة الاولى للهجرة

لابن كثير رحمه الله



قال البخاري‏:‏

حدثنا عبد الله بن وهب بن يوسف، ثنا مالك، عن هشام بن عروة،

عن أبيه،

يقول‏:‏

كـل امـرئ مصبـح فـي أهلـه والموت أدنى من شراك نعله

‏(‏ج/ص‏:‏ 3/269‏)‏

وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول‏:‏

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بـواد وحولـي اذخـر وجلـيـل

وهل أرِدن يومـاً ميـاه مجنـة وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها ‏:‏

فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته

فقال‏:‏

( اللَّهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كما حبَّبتَ إلينا مَكَّةَ أو أشدَّ ،

وانقل حُمَّاها إلى الجحفةِ ، اللَّهمَّ بارِك لنا في مدِّنا وصاعِنا )

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشام مختصراً‏.‏

وفي رواية البخاري له عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه،

عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها

فذكره وزاد بعد شعر بلال ثم يقول‏:‏

اللهم العن عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة،

وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء‏.‏



فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:



( اللَّهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كما حبَّبتَ إلينا مَكَّةَ أو أشدَّ ،

وانقل حُمَّاها إلى الجحفةِ ، اللَّهمَّ بارِك لنا في مدِّنا وصاعِنا )

قالت‏:‏

وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله وكان بطحان يجري نجلاً،

- يعني‏:‏ ماء آجناً -‏.‏

وقال زياد عن محمد بن إسحاق حدثني هشام بن عروة

وعمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن عروة بن الزبير،

عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها قالت‏:‏

لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أوبأ أرض الله

من الحمى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم، وصرف الله ذلك عن نبيه‏.‏

قالت‏:‏

فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبى بكر في بيت واحد،

فأصابتهم الحمى، فدخلت عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب علينا

الحجاب، وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك فدنوت من أبي بكر

فقلت له‏:

‏ كيف تجدك يا أبه ‏؟‏

فقال‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/270‏)‏

كـل امـرئ مصبـح فـي أهلـه والموت أدنى من شراك نعله

قالت‏:‏فقلت‏:

‏ والله ما يدرى أبي ما يقول

قالت‏:

‏ ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة

فقلت له‏:‏

كيف تجدك يا عامر‏؟‏

قال‏:‏

لقد وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفـه مـن فوقـه

كـل امـرئ مجاهـد iiبطـوقـه كالثور يحمي جلـده بروقـه

قالت:‏ فقلت‏:‏

والله ما يدري ما يقول‏.‏

قالت‏:‏

وكان بلال إذا أدركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته

فقال‏:‏

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بـواد وحولـي اذخـروجلـيـل

وهل أرِدن يومـاً ميـاه مجنـة وهل يبدون لي شامة وطفيل

قالت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها ‏:‏

فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم

وقلت‏:‏

إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى‏.‏

فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏

( اللَّهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كماحبَّبتَ إلينا مَكَّةَ أو أشدَّ ،

وانقل حُمَّاها إلى الجحفةِ ، اللَّهمَّ بارِك لنا في مدِّنا وصاعِنا )

ومهيعة‏:‏ هي الجحفة‏.‏

بنت الاسلام
08-19-2013, 08:38 PM
وقال الإمام أحمد‏:‏

حدثنا يونس، ثنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي بكر بن إسحاق بن يسار

عن عبد الله بن عروة، عن عروة،

عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها قالت‏:‏

لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اشتكى أبو بكر وعامر بن فهيرة

مولى أبي بكر وبلال،

فاستأذنت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها

و عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادتهم فأذن لها

فقالت لأبي بكر‏:

‏ كيف تجدك‏؟‏

فقال‏:‏

كـل امـرئ مصبـح فـي أهلـه والموت أدنى من شراك نعله

وسألت عامراً فقال‏:‏

إني وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفـه مـن فوقـه

وسألت بلالاً فقال

يا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفـخ وحولـي إذخـر وجلـيـل

فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فنظر إلى السماء

وقال صلى الله عليه وسلم‏:

( اللَّهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كما حبَّبتَ إلينا مَكَّةَ أو أشدَّ ،

وانقل حُمَّاها إلى الجحفةِ ، اللَّهمَّ بارِك لنا في مدِّنا وصاعِنا )

وهي الجحفة فيما زعموا‏.‏

وكذا رواه النسائي عن قتيبة عن الليث به

ورواه الإمام أحمد من طريق عبد الرحمن بن الحارث عنها مثله‏.‏

وقال البيهقي‏:‏

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو‏.‏

قالا‏:

‏ ثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير،

عن هشام بن عروة، عن أبيه

عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها

قالت‏:‏

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي أوبأ أرض الله،

وواديها بطحان نجل يجري عليه الأثل‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 3/271‏)‏

قال هشام‏:‏

وكان وباؤها معروفاً في الجاهلية، وكان إذا كان الوادي وبيئاً

فأشرف عليها الإنسان قيل له‏:‏ أن ينهق نهيق الحمار،

فإذا فعل ذلك لم يضره وباء ذلك الوادي‏.‏

وقد قال الشاعر حين أشرف على المدينة‏:‏

لعمري لئن عبرت من خيفة الردى نـهـيـق الـحـمـار إنـنــي لـجــزوع

وروى البخاري من حديث موسى بن عقبة‏:‏ عن سالم بن عبد الله، عن أبيه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏

(‏‏ رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة

حتى قامت بمهيعة وهي - الجحفة فأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة

وهي الجحفة ‏‏‏)‏

هذا لفظ البخاري، ولم يخرجه مسلم، ورواه الترمذي

وصححه والنسائي وابن ماجه من حديث موسى بن عقبة‏.‏



قال هشام‏:

فكان المولود يولد بالجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى‏.‏

ورواه البيهقي في ‏(‏دلائل النبوة‏)‏‏.‏

وقال يونس عن ابن إسحاق‏:‏

قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة‏.‏

فأصاب أصحابه بها بلاء وسقم حتى أجهدهم ذلك، وصرف الله ذلك

عن نبيه صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏

عن ابن عباس قال‏:

‏ [ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة

رابعة - يعني‏:‏ مكة - عام عمرة القضاء‏.‏

فقال المشركون‏:‏ إنه يقدم عليكم وفد قد وهنهم حمى يثرب،

فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة،

وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم‏ ]

قلت‏:‏

وعمرة القضاء كانت في سنة سبع في ذي القعدة فأما أن يكون تأخر

دعاؤه عليه السلام بنقل الوباء إلى قريب من ذلك، أو أنه رفع

وبقي آثار منه قليل‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/272‏)‏

أو أنهم بقوا في خمار وما كان أصابهم من ذلك إلى تلك المدة والله أعلم‏.‏

وقال زياد‏:‏

عن ابن إسحاق، وذكر ابن شهاب الزهري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص‏:

‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه أصابتهم

حمى المدينة حتى جهدوا مرضاً، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم

حتى كانوا وما يصلون إلا وهم قعود‏.‏

قال‏:‏فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك

فقال صلى الله عليه وسلم لهم‏:‏

‏‏‏(‏ صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ‏)‏‏

فتجشم المسلمون القيام على ما بهم من الضعف والسقم التماس الفضل‏.‏

والله جل جلاله اعلم

في الله اخوكم مصطفى الحمد