المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تربية تثمر معرفة الله عز و جل


adnan
10-15-2013, 10:09 PM
الأخ / عبدالعزيز - الفقير إلي الله

تربية تثمر معرفة الله عز و جل
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=141bc338d9c7aa22&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

التربية في عُرف الثقافة المادِّية لا يعدو هدفُها إعدادَ
"المواطن الصالح والعامل المنتج والاختصاصيَّ الكفء".

لا تعدو آفاقَ الدنيا ولا تَخرجُ من بئر الغفلة عن الله. تربيةٌ خُلُقِيَّةٌ ليكونَ
المواطن مسالما فلا تحدث الفوضى في المجتمع.
تربيةٌ علمية أدبية لتنمية "الثروة" الفكرية والقدرة التكنولوجية
في المجتمع.تربيةٌ بدنية وفنية لازدهار الشخصية البشرية.
ولا خبرَ عن الآخرة والقلب ومعنى الإنسان وغايته.

الغايةَ من التربية في دولة القرآن :

إيقاظ قلب الإنسان وعقله بالعلم والإيمان ليكون عبدا لله.

تفتُّح العقل على علم الشريعة وعلوم الكون وسيلةٌ لمعرفة الواجب الديني
والتعامل مع الخلق ومع الأشياء لكنَّ التعاملَ مع الخالق ونَيْلَ مواهبه
ورضاه لا يصحُّ إلا بسلوك وتربية ينفتح القلب على إثْرِهِما لمعرفة الله عز وجل.

وإن الله تعالى جعل الناس أصنافا ورفع بعضَهم فوق بعض درجاتٍ.
فمِن الناس من لا استعداد له أن يجاوز عتَبةَ الإسلام فانشراح صدره
للإسلام يَكفي في حقه.لكنَّ من له استعداد للإيمان وتطلُّعٌ للإحسان
ثم لا يجد تشجيعا لطلبه يكون حرمانُه ضياعا له في الدنيا والآخرة
وفقرا لأمته المحتاجة إلى صفوة
من المومنين الموقنين احتياجها بل أشدَّ إلى صفوة من العلماء
حملة الشريعة والخبراءِ فرسان العلوم الكونية.

في دولة القرآن ينبغي أن
يُحْسَبُ ربحُ الأمة وفوزُها بحساب من فيها من العلماء العاملين
المحسنين أصحاب القلوب النيرة.ثم بعد ذلك يُحْسَبُ من معها من رجال
الخبرة العملية. فإن اجتمعت في الرجل الواحد كفاءتا القلب والعقل كفاءتا
الإيمان والعلم فذاك هو المطلوب: أقوياءُ أمناء.

يتحدث الإمام الغزاليُّ عن العالمِ العامِل النيِّر القلبِ فيقول:
يكون أكثرَ اهتمامه بعلم الباطِن ومُراقبة القلب ومعرفةِ طريق الآخرة
وسلوكه وصدقِ الرجاء في انكشاف ذلك من المُجَاهدة والمراقبة
فإن المجاهدة تُفضي إلى المشاهدة.ودقائقُ علوم القلب تتفجر بها ينابيعُ
الحكمة من القلب وأما الكتُبُ والتعليم فلا تَفِي بذلك. بل الحكمة الخارجة
عن الحصر والعد إنما تنفتح بالمجاهدةِ والمراقبةِ ومباشرةِ الأعمال
الظاهرة والباطنة والجلوسِ مع الله عز وجل في الخلوة مع حضور
القلب بصافي الفكرة والانقطاعِ إلى الله تعالى عما سواه. فذلك مفتاحُ
الإلهام ومنبعُ الكشف فكم من متعلم طال تعلُّمُه ولم يقدر على مجاوزة
مسموعه بكلمة"

في دولة القرآن نحتاج إلى
علماءَ مجتهدين في الشريعة نحتاجُ إلى قضاة فقهاء نحتاج إلى مُفتين
نزهاء نحتاج إلى مهندسين خبراء نحتاج إلى تقنيين صانعين نحتاج
إلى أطباء لعلاج الأجسام.لكن حاجتَنا إلى أطبَّاءِ النفوس إلى الربانيين
رجال الدعوة إلى اختصاصيين في أمراض القلوب المعنوية لا تقل عن تلك الحاجات.

وكما أُهْمِلَ علماءُ الشريعة وأُنْزلوا إلى مراتبِ الأعوان في دول العض
والجبر أُقْصِيَ الربانيون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
القائمون بالقسط العارفون بالله عن الساحة.كان كلٌّ منهم يفتح عيادةً
يداوي فيها مَن جُرِحَ قلبُه انكساراً من ذنوبه وذلة لربه بعيدا عن
المجتمع وعن السلطان وعن مؤسسات الدولة.

ففي دولة القرآن ودعوة القرآن
تُعطاهم الصدارة جنبا لجنب:
العارف المربي والعالم المجتهد شقيقان يؤديان نفس المهمة
معترفاً بهما بل مرفوعَيْنِ فوق الرأس مفتحة لهما الأبوابُ.
في بيوت الله ومدارسِ الأمة ومعاهدِها وجامعاتِها تكونُ مصحَّةُ
التربية القلبية وصيدلية الشريعة متجاورتين متكاملتين.
مكان الواعظ الرقيق القلب المؤثر بالقُدوة الدائِم الذكر
لا يمكن أن يشغله الفقيه ولا الخطيبُ ولا المنظم.
الكمالُ يتمثل في جمع الرجل الواحِد كلَّ هذه الخصالِ فيكونُ عندئذ أحقَّ
من غيره بالإمارة في تنظيم الجماعة وإدارة المدرسة والمعهد والكلية
والجامعة والمسجد وكلِّ مرافق الدعوة.
فإن لم يكن الرجلُ الجامعُ فالمربي الواعظ له الأحقية بربانيته مع
مراعاة الحد الأدنى من الفقه والقدرة على التنظيم.

الفقير الى الله عبد العزيز