المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث حذيفة في الفتن


adnan
10-18-2013, 11:24 PM
الأخت / المـلكــة نــور



شرح حديث حذيفة في الفتن

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=141cb55738da6365&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)



بداية نحن في فتن عظيمة فتن بها الكبير والصغير والعالم والمتعلم ,

وقد بدأت تطل علينا وان كانت من قبل ,

ولكنها ظهرت الآن ظهورا فاضحا مع تداعي الأمم ,

وأصبحنا فريقين دعاة على أبواب الجنة الثمانية ,

فطوبي لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر ,

ودعاة على أبواب النار السبعة , لكل باب منهم جزء مقسوم ,

وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير , وكل فتنة لها أسباب ,

ومن أعظم أسبابها : أعراض الناس عن الدين .

لقد ابتلينا بالفقر والجوع والخوف , وثبت كثير من الناس على دينهم ,

ولم يتنازلوا عنه ولا عن أعراضهم , ثم ابتلوا بفتنة السراء ,

وفتحت عليهم الدنيا التي خشيها رسول الله .



فقال :



( الفقر تخافون ؟

والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا ،

حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي )



لقد كفرت النعم على جميع المستويات إلا من رحم ربك .

ومن تأمل أحوال المسلمين وجدهم ,

إذا فتحت عليهم الدنيا فرطوا في أمر الله وتنكبوا الجادة ,

وإننا إذا رجعنا إلى ديننا صارت الفتن خير في حقنا ,

فمن قاومها , فقد اهتدى وتغلب على نفسه , وشياطين الإنس والجن ,

ومن لم يقاوم , واستسلم ضل وفتن .



وقد يتساءل متسائل فيقول : فلماذا بلينا بالفتن ؟

والجواب : كله بسبب امتحان الله لنا ,

لينظر مدى امتثال المكلف ومدى تعلقه بربه وارتباطه .



هل يؤثر الحياة الدنيا أم يؤثر الدار الآخرة ؟

وينظر مدى تمسك الأمة بدينها .

والعلاج : أن يحرص كل واحد فينا على صلاح نفسه , والبعد عن الفتن ,

من سمع بالدجال فلينأ عنه , فان الرجل يأتيه وهو يظن ألا يفتن فيفتن ,

مما معه من الفتن مع على صلاح من تحت يده في بيت أو مسجد أو عمل

أو مدرسة بحسب قدرته حتى تنجوا الأمة ,

اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا , وان نفتن في ديننا ,

ونعوذ بك أن نكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا تغفره .



وإذا عرف هذا فتعالوا لنسمع حديث الرجل المتخصص في هذا الباب

من أصحاب نبينا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :



( أخبَرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

بما هو كائنٌ إلى أن تقومَ الساعةُ . فما منه شيءٌ إلا قد سألتُه .

إلا أني لم أسألْه : ما يُخرِجُ أهلَ المدينةِ من المدينةِ ؟ )



وقد أجاب عليه أبو هريرة ,

وأعظم حديث ينبغي الوقوف هذا حديث الذي سيأتي ,

وقد جمع الألباني زوائد حديث حذيفة في السلسلة في المجلد السادس ,

وشرحت هذا الحديث ضمن شرحي للأربعين النووية وسميته القلائد الحسان



شرح حديث حذيفة بن اليمان



وقد اخترت رواية الإمام البخاري عن حذيفة

أ نه سمع حذيفة بن اليمان يقول :



( كان الناسُ يَسأَلونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الخيرِ ،

وكنتُ أسأَلُه عنِ الشرِّ ، مَخافَةَ أن يُدرِكَني ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ،

إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ ،

فهل بعدَ هذا الخيرِ من شرٍّ ؟ قال : ( نعمْ ) .

قلتُ : وهل بعدَ ذلك الشرِّ من خيرٍ ؟ قال : ( نعمْ ، وفيه دَخَنٌ ) .

قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : ( قومٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَديِي ،

تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ ) . قلتُ : فهل بعدَ ذلك الخيرِ من شرٍّ ؟

قال : ( نعمْ ، دُعاةٌ على أبوابِ جَهَنَّمَ ، مَن أجابهم إليها قَذَفوه فيها ) .

قلتُ : يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا ،

قال : ( هم من جِلدَتِنا ، ويتكَلَّمونَ بألسِنَتِنا ) .

قلتُ : فما تأمُرُني إن أدرَكني ذلك ؟

قال : ( تَلزَمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامَهم ) .

قلتُ : فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟

قال : ( فاعتَزِلْ تلك الفِرَقَ كلَّها ، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ ،

حتى يُدرِكَك الموتُ وأنت على ذلك )



شرح الحديث :

هذا الحديث علم من أعلام النبوة بين فيه رسول الله حال الأمة

هذه الأمة وتعاقب الخير والشر عليها .

أما قوله : كان الناس يسالون رسول الله عن الخير ليعملوا به

وكنت اسأله عن الشر لأتقيه ,

لان الإنسان بين أمرين خيرا يعمله أو شرا يتقيه



وعلل ذلك بقولة :



( مخافة أن يدركني )



والأمر الثاني : سألته عن الشر كي ما اعرفه فاتقيه .



قوله :



( إنا كنا في جاهلية وشر )



كان الناس في جاهليه جهلاء وعماية عمياء

في عقائدهم ومعاملاتهم وعباداتهم .

كانوا يعبدون الأشجار والأحجار والأصنام وكان السلب والنهب والقتل

وكانت الحروب والغزو والزنا والربا وشرب الخمور .

فعم الفساد على وجه الأرض فنظر الله إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم

فمقتهم إلا بقايا من أهل الكتاب فرحمهم الله ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم



{ وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ }

[ الأنبياء : 107 ]



ليخرجهم من ظلمات الجاهلية والجهل إلى نور الإسلام والإيمان

فعبد الله وحده , فتحول الخوف إلى امن ,

وتحولت العداوة والبغضاء إلى محبة ,

وتحولت الفرقة والاختلاف إلى وحدة واجتماع ,

وصلحت الأرض بالتوحيد والطاعة .

adnan
10-18-2013, 11:24 PM
يقول الله :



{ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا }

[الأعراف : 56 ]



فالأرض تصلح بالطاعة وتفسد بالمعاصي ,

فالإسلام خير والجاهلية شر



قال عمر :

( تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعف الجاهلية )



فإذا عمرت الأرض بالطاعة حصلت الألفة والاجتماع



{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا }

[ مريم : 96 ]



وإذا عمرت الأرض بالمعاصي حصلت الفرقة والعداوة



{ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ

فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ }

[ المائدة : 14 ]



قولة : فجاء الله بهذا الخير على يديك

معناه : جاء الله بهذا الدين الذي اجتمع فيه خيري الدنيا والآخرة .



قولة :



( فهل بعد هذا الخير من شر ؟ فقال : نعم )



وفي رواية :



( فتنة واختلاف )



وفي رواية السيف :



( يعني : القتال .

قلت : فما العصمة منه , فقال : السيف )



كما في قوله :



{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ }

[ الحجرات : 9 ]



وقد كان عمر يحول بين الخير الأول والشر الثاني

لان عمر رضي الله عنه حينما سال حذيفة أن يحدثهم عن الفتنة .



فقال :



( فتنةُ الرجلِ في أهلهِ ومالهِ وولدهِ وجارهِ ،

تكفِّرُها الصلاةُ والصومُ والصدقةُ والأمرُ والنهيُ ،

قال : ليس هذا أريد ، ولكنِ الفتنةُ التي تموجُ كما يموجُ البحرُ،

قال : ليس عليك منها بأسٌ يا أميرَ المؤمنين ،

إنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا ، قال : أيُكسرُ أم يُفتحُ ؟ قال : يُكسر ،

قال : إذًا لا يُغلق أبدًا ، قلنا : أكان عمرُ يعلم البابَ ؟ قال : نعم ،

كما أن دون الغدِ الليلةَ، إني حدثتُه بحديثٍ ليس بالأغاليطِ .

فهبْنا أن نسأل حذيفةَ، فأمرنا مسروقًا فسأله، فقال : البابُ عمرُ )



وهذا يدل على عدم خروج الفتن في زمان عمر

والشر في الحديث : هو قتل عمر

ثم تلاه قتل عثمان وحصل ما حصل بعده من الفتن العظيمة .



قوله :



( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : يكونُ بعدي أئمةٌ يستنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي ،

ويَهدُون بغيرِ هديِي ، تعرفُ منهم وتُنكرُ )



وفي رواية :



( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال :

وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ في جُثمانِ إنسٍ )



وفي رواية



( قال : هُدنةٌ على دخَنٍ ، وجماعةٍ على أقذاءٍ ، فيها – أو فيهم –

قلتُ : يا رسولَ اللهِ الهُدنةُ على الدَّخَنِ ما هي ؟

قال : لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الَّذي كانت عليه )



معناه : أن الخير الثاني فيه دخن لأنه خير جاء بعد شر فلا يكون صافي

بل يبقى للشر فيه اثر فترى الشخص ليس على حالة واحدة

فترى عنده طاعات ومعاصي .



قال القاضي عياض :

الشر الأول الفتن التي وقعت في عهد عثمان والخير الذي بعده وفيه دخن

هو ما حصل بخلافة عمر بن عبد العزيز .

أما دخنه : فهو الأئمة الذين جاؤوا بعده فيهم المتمسك بالسنة والعدل

وفيهم من يدعوا إلى البدعة وعمل بالجور .



وقال الخضير : خير وفيه دخن قوم يستنون بغير سنتي

قال : سبب ذلك أما حرصهم الزائد على الخير وأما بسبب غفلتهم

فدخل عليه الدخن فخلطوا المشروع بغير المشروع أو بما ادخلوا من البدع .

خلاصة الكلام : الدخن فسر بالحقد وفساد القلوب



كما في قوله :



( لا ترجع قلوب أقوام على ما كانت )



والأمر الثاني : خلط الخير بالشر

ونتيجة الكدر تفسد القلوب ويدب إليها داء الأمم .