المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سعةُ مَغْفِرة اللِه عَزَّ و جَل


adnan
10-19-2013, 08:45 PM
الأخت / المـلكــة نــور

الأربعين النووية

الحديث الثاني و الأربعون :

( سعةُ مَغْفِرة اللِه عَزَّ و جَل )

[​IMG]



مفردات الحديث :

1- المعنى العام : ( أسباب المغفرة ( 2 ) )



2- شرائط الإجابة و موانعها و آدابها :

أ- الحضور والرجاء .

ب - العزم في المسألة و الدعاء .

ج- الإلحاح في الدعاء .

د - الاستعجال و ترك الدعاء .

هـ - الرزق الحلال .



3- من آداب الدعاء .

4- الاستغفار مهما عظمت الذنوب .

5- الاستغفار وعدم الإصرار .

6- توبة الكذابين .

7- الإكثار من الاستغفار .

8- سيد الاستغفار .

9- الاستغفار لما جهله من الذنوب .

10- من ثمرات الاستغفار .

11- الخوف والرجاء .

12- التوحيد أساس المغفرة .

13- النجاة من النار .

14- التوحيد الخالص .



عن أنسٍ رضي اللهُ عنه قال :

سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول :



( قال اللهُ تعالى : يا ابنَ آدمَ !

إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي ،

يا ابنَ آدمَ ! لوْ بلغتْ ذنوبُك عنانَ السماءِ

ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي ،

يا ابنَ آدمَ ! لوْ أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا

ثمَّ لقيتَني لا تشركْ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً )

[ رواه الألبانى ، وقال حديث حسن صحيح ]



مفردات الحديث :

( ما دعوتني ) : ما دمت تسألني مغفرة ذنوبك وغيرها .

و ( ما ) : زمانية ظرفية أي مدة دوام دعائك .

( رجوتني ) : خفت من عقوبتي ورجوت مغفرتي ، وطمعت في رحمتي ،

وخشيت من عظمتي .

( على ما كان منك ) : مع ما وقع منك من الذنوب الكثيرة، الصغيرة والكبيرة

و ( لا أبالي ) : أي لا تعظم كثرتها عَلَيّ َ .

( بلغت ) : وصلت من كثرة كميتها، أو من عظمة كيفيتها .

( عنان ) : هو السحاب، وقيل ما انتهى إليه البصر منها .

( استغفرتني ) : طلبت مني المغفرة .

( قراب الأرض ) : ملؤها ، أو ما يقارب ملأها .

( لقيتني ) : أي مت و لقيتني يوم القيامة .

( لا تشرك بي شيئاً ) : اعتقاداً ولا عملاً ،

أي تعتقد أنه لا شريك لي في ملكي و لا ولد لي ولا والد ،

ولا تعمل عملاً تبتغي به غيري .

( مغفرة ) : هي إزالة العقاب وإيصال الثواب .



1- المعنى العام :

هذا الحديث أرجى حديث في السنة ، لما فيه من بيان كثرة مغفرته تعالى ،

لئلا ييأس المذنبون منها بكثرة الخطايا ،

ولكن لا ينبغي لأحد أن يغتر به فينهمك في المعاصي :

فربما استولت عليه، وحالت بينه وبين مغفرة الله عز وجل .

وإليك بيان ما فيه : ( أسباب المغفرة )

الدعاء مع رجاء الإجابة : الدعاء مأمور به و موعود عليه بالإجابة ،



قال تعالى :



{ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }

[ غافر : 60 ]



عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :



( إن الدعاء هو العبادة )

[ رواه الألبانى ]



أخرج الطبراني مرفوعاً :



( من أعطي الدعاء أعطي الإجابة ،

لأن الله تعالى يقول : " ادعوني أستجب لكم " )



وفي حديث آخر :



( ما كان الله ليفتح على عبد باب الدعاء

ويغلق عنه باب الإجابة )



2- شرائط الإجابة و موانعها وآدابها :

الدعاء سبب مقتض للإجابة عند استكمال شرائطه وانتفاء موانعه ،

وقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض شروطه أو آدابه ، أو وجود بعض موانعه .



أ- الحضور والرجاء :

ومن أعظم شرائطه حضور القلب مع رجاء الإجابة من الله تعالى .



أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( ادعُوا اللهَ وأنتم مُوقِنُون بالإجابةِ ,

واعلَموا أنَّ اللهَ لا يَستَجيبُ دُعاءً مِن قلبٍ غافِلٍ لاهٍ )



ب- العزم في المسألة والدعاء :

أي أن يدعو العبد بصدق وحزم وإبرام ، ولا يكون تردد في قلبه أو قوله ،



فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أن يقول الداعي أو المستغفر في دعائه واستغفاره :



( اللهم ! اغفر لي إن شئت ، اللهم ! ارحمني إن شئت ،

ولكن ليعزم في الدعاء ،

فإن الله صانعٌ ما شاء , لا مُكْرِه له )

[ رواه مسلم ]



ج- الإلحاح في الدعاء : إن الله تعالى يحب من عبده

أن يعلن عبوديته له وحاجته إليه حتى يستجيب له ويلبي سؤله ،

فما دام العبد يلح في الدعاء ، ويطمع في الإجابة ، من غير قطع الرجاء ،

فهو قريب من الإجابة ، ومن قرع الباب يوشك أن يُفْتَح له .



د- الاستعجال وترك الدعاء :

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

العبد أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة ،

وجعل ذلك من موانع الإجابة ،

حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه ولو طالت المدة ،

فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء ،



قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :



( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل

فيقول : قد دعوت ربي فلم يُسْتَجَب لي )

[ متفق عليه ]



ه- الرزق الحلال :

إن من أهم أسباب استجابة الدعاء أن يكون رزق الإنسان حلالاً ،

ومن طريق مشروع،

ومن موانع الاستجابة أن لا يبالي الإنسان برزقه : أمن حلال أو حرام.



ثبت عنه عليه الصلاة و السلام :



( الرجلَ يطيلُ السَّفرَ . أشعثَ أغبَرَ .

يمدُّ يدَيه إلى السماءِ . يا ربِّ ! يا ربِّ !

ومطعمُه حرامٌ ، ومشربُه حرامٌ ، وملبَسُه حرامٌ ،

وغُذِيَ بالحرام . فأَنَّى يُستجابُ لذلك ؟ )

[ رواه مسلم ]



وقال :



( يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة )

[ رواه الطبراني في " الصغير" ]



صرف طلب العبد إلى ما فيه خيره :

من رحمة الله تعالى بعبده أن العبد قد يدعوه بحاجة من حوائج الدنيا ،

فإما أن يستجيب له أو يعوضه خيراً منها : بأن يصرف عنه بذلك سوءاً

أو يدخرها له في الآخرة ، أو يغفر له بها ذنباً .



روى أحمد و الترمذي، من حديث جابر ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل ،

أو كف عنه من السوء مثله ،

ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم )



وفي المسند عن أبي سعيد رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ ؛

إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ : إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه ،

وإما أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ ، وإما أن يَصرِف عنه من السُّوءِ مثلَها

قالوا : إذًا نُكثِرُ . قال : اللهُ أكثرُ )



بدل قوله :



( واما أن يكف عنه من السوء مثلها )



وعند الطبراني :



( أن يغفر له بها ذنباً قد سلف )



3- من آداب الدعاء :

- تحري الأوقات الفاضلة .

- تقديم الوضوء والصلاة .

- التوبة.

- استقبال القبلة و رفع الأيدي .

- افتتاحه بالحمد والثناء و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم .

- جعل الصلاة في وسطه و ختمه بها و بآمين .

- لا يخص نفسه بالدعاء بل يعم . - يحسن الظن بالله و يرجو منه الإجابة .

- الاعتراف بالذنب .

- خفض الصوت .



4- الاستغفار مهما عظمت الذنوب :

إن ذنوب العبد مهما عظمت فإن عفو الله تعالى ومغفرته أوسع منها وأعظم

فهي صغيرة في جنب عفو الله تعالى و مغفرته .



أخرج الحاكم ، عن جابر رضي الله عنه :



( جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : واذنوباهُ واذنوباهُ

فقال هذا القولَ : مرَّتينِ أو ثلاثًا

فقال لهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : قلِ :

اللهمَّ مغفرتُكَ أوسعُ من ذنوبي , ورحمتُكَ أرجى عندي من عملي ,

فقالَها , ثمَّ قال : عُد فعادَ , قال : ثمَّ قال :عُد فعادَ ,

قال : قم قد غفرَ اللَّهُ لَكَ )



5- الاستغفار وعدم والإصرار :



في الصحيحين : عن أبي هريرة رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه و سلم :



( إنَّ عبدًا أصاب ذنبًا فقال : ربِّ أذنبْتُ ، فاغفِرْه ،

فقال ربُّه : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ ويأخذُ به ؟

غفرتُ لعبدي ، ثم مكث ما شاء اللهُ ، ثم أصاب ذنبًا ،

فقال : ربي أذنبتُ آخرَ ،

فاغفِرْ لي قال : أَعِلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ . ويأخذُ به ؟

غفرتُ لعبدي ، ثم أصاب ذنبًا ، فقال : ربِّ أذنبتُ آخرَ ، فاغفِرْ لي ،

قال : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ ويأخذُ به ؟ )



وفي رواية المسلم أنه قال :



( قال عبدُ الأعلى : لا أدري أقال في الثالثةِ أو الرابعةِ :

" اعملْ ما شئت " )



و المعنى : ما دام على هذا الحال ، كلما أذنب استغفر .

و الظاهر : أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار ،

فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار .



وأما الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب :

فهو دعاء مجرد ، إن شاء الله أجابه وإن شاء رده ، وقد يرجى له الإجابة ،

ولا سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب ،

أو صادف ساعة من ساعات الإجابة ،

كالأسحار وعقب الأذان والصلوات المفروضة و نحو ذلك .

وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة ،



ففي المسند من حديث عبد الله مرفوعاً :



( ويل للمصريين

الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون )



6- توبة الكذابين :

من قال : أستغفر الله و أتوب إليه ، وهو مصر بقلبه على المعصية ،

فهو كاذب في قوله ، آثم في فعله لأنه غير تائب ،

فلا يجوز له أن يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب ،

والأشبه بحاله أن يقول : اللهم إني أستغفرك فتب علي .



7- الإكثار من الاستغفار :



في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه

في اليوم أكثر من سبعين مرة )



8- سيد الاستغفار:

يستحب أن يزيد في الاستغفارعلى قوله : أستغفر الله و أتوب إليه ،

توبة من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً .



روى البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( سيِّدُ الاستِغفارِ أن تقولَ : اللَّهمَّ أنتَ ربِّي لا إلَهَ إلَّا أنتَ ،

خَلقتَني وأَنا عبدُكَ ، وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استطعتُ ،

أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ ، أبوءُ لَكَ بنعمتِكَ عليَّ ،

وأبوءُ لَكَ بذنبي فاغفِر لي ، فإنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ )



9- الاستغفار لما جهله من الذنوب :

من كثرت ذنوبه وسيئاته وغفل عن كثير منها، حتى فاقت العدد و الإحصاء ،

فليستغفر الله عز و جل مما علمه الله تعالى من ذنبه ،



روى شداد بن أوس رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه و سلم :



( أسألك من خير ما تعلم , وأعوذ بك من شر ما تعلم ،

وأستغفرك لما تعلم ، إنك أنت علام الغيوب )



10- من ثمرات الاستغفار :



في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ،

ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب )



11- الخوف والرجاء : ولا بد لتحقيق الرجاء من الخوف ،

فيجب على الشخص أن يجمع بينهما ليسلم ،

ولا يقتصر على أحدهما دون الآخر ،

لأنه ربما يفضي الرجاء إلى المكر والخوف إلى القنوط ،

وكل منهما مذموم .



والمختار عند المالكية تغليب الخوف إن كان صحيحاً والرجاء إن كان مريضاً

والراجح عند الشافعية استواؤهما في حق الصحيح :

بأن ينظر تارة إلى عيوب نفسه فيخاف ،

وتارة ينظر إلى كرم الله تعالى فيرجو .

وأما المريض : فيكون رجاؤه أغلب من خوفه ،



لقوله صلى الله عليه و سلم :



( لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسن الظن بالله تعالى )



وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه في مرض موته :



ولما قَسَا قَلبي وضاقتْ مذاهبي جعلتُ الرَّجَا مني لعفوِك سُلَّمَا

تَعاظَمنَي ذنبي فلمَّا قرنتُــه بعفوِكَ ربِّي كانَ عفوك أعظمَا



ولعل هذه هي الحكمة في ختم هذه الأحاديث المختارة

بهذا الحديث وزيادته على الأربعين .



12- التوحيد أساس المغفرة :

من أسباب المغفرة التوحيد ، و هو السبب الأعظم ، فمن فقده فقد المغفرة ،

و من جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة ،



قال الله تعالى :



{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ

وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }

[ النساء : 48 ]



و إن الذنوب لتتصاغر أمام نور توحيد الله عز و جل ،

فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض خطايا لقيه الله عز وجل بقرابها مغفرة

على أنه موكول إلى مشيئة الله تعالى وفضله :

فإن شاء غفر له ، وإن شاء أخذه بذنوبه .

13- النجاة من النار :

إذا كمل توحيد العبد وإخلاصه لله فيه ، وقام بشروطه كلها ،

بقلبه ولسانه وجوارحه ، أو بقلبه ولسانه عند الموت ،

أوجب ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكلية .

قال صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه :

( أتدري ما حق الله على العباد ؟ قال : الله ورسوله أعلم ،

قال : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً . أتدري ما حقهم عليه ؟

قال : الله ورسوله أعلم ، قال : أن لا يعذبهم )

[ رواه البخاري وغيره ]


و في المسند وغيره : عن أم هانئ رضي الله عنها ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :



( لا إله إلا الله لا يسبقها عمل , ولا تترك ذنباً )



14- التوحيد الخالص :

من تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى الله تعالى ،

محبة و تعظيماً ، وإجلالاً ومهابة ، وخشية ورجاء وتوكلاً ،

وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل زبد البحر ،

وربما قلبتها حسنات وأحرق نور محبته لربه كل الأغيار من قلبه :



( لا يَجِدُ أحَدٌ حَلاوةَ الإيمانِ ،

حتَّى يَكونَ اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليهِ مِمَّا سواهُما )

[ رواه البخاري وغيره ]


ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة الله عز وجل .