adnan
12-12-2013, 09:17 PM
الأخ / مصطفى آل حمد
كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=142e701036e52688&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
كتاب الوفود الواردين
إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال محمد بن إسحاق:
لما افتتح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكة وفرغ من تبوك، وأسلمت
ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه.
قال ابن هشام:
حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمى: سنة الوفود.
قال ابن إسحاق:
وإنما كانت العرب تربص بإسلامها أمر هذا الحي من قريش، لأن قريشاً
كانوا إمام النَّاس وهاديتهم، وأهل البيت والحرم، وصريح ولد إسماعيل
بن إبراهيم، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت
الحرب لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وخلافه، فلما افتتحت مكة، ودانت
له قريش ودوخها الإسلام، عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول
الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل
أفواجاً، يضربون إليه من كل وجه.
يقول الله تعالى لنبيه صلَّى الله عليه وسلَّم:
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ َفْوَاجاً *
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }
[النصر: 1-3].
أي: فاحمد الله على ما ظهر من دينك، واستغفره إنه كان تواباً.
وقد قدمنا حديث عمرو بن مسلمة قال: كانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح
فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت
وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر- أي قومي - بإسلامهم، فلما
قدم قال: جئتكم والله من عند النَّبيّ حقا، قال: صلوا صلاة كذا في حين
كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم،
وليؤمكم أكثركم قرآنا، وذكر تمام الحديث، وهو في صحيح البخاري.
قلت:
وقد ذكر محمد بن إسحاق، ثم الواقدي والبخاري، ثم البيهقي بعدهم من
الوفود ما هو متقدم تاريخ قدومهم على سنة تسع، بل وعلى فتح مكة،
وقد قال الله تعالى:
{ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى }
[الحديد: 10].
وتقدم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
( يوم الفتح لا هجرة، ولكن جهاد ونية ).
فيجب التمييز بين السابق من هؤلاء الوافدين على زمن الفتح ممن يعد
وفوده هجرة وبين اللاحق لهم بعد الفتح ممن وعد الله خيراً وحسنى،
ولكن ليس في ذلك كالسابق في الزمان والفضيلة، والله أعلم. (ج/ص: 5/50)
على أن هؤلاء الأئمة الذين اعتنوا بإيراد الوفود قد تركوا فيما أوردوه
أشياء لم يذكروها، ونحن نورد بحمد الله ومنه ما ذكروه، وننبه على
ما ينبغي التنبيه عليه من ذلك، ونذكر ما وقع لنا مما أهملوه
إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.
وقد قال محمد بن عمر الواقدي:
حدثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه، عن جده قال: كان أول من وفد
على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من مضر أربعمائة من مزينة، وذاك
في رجب سنة خمس، فجعل لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الهجرة
في دارهم وقال:
( أنتم مهاجرون حيث كنتم، فارجعوا إلى أموالكم ).
فرجعوا إلى بلادهم.
ثم ذكر الواقدي عن هشام بن الكلبي بإسناده:
أن أول من قدم من مزينة خزاعي بن عبد نهم ومعه عشرة من قومه،
فبايع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على إسلام قومه، فلما رجع إليهم
لم يجدهم كما ظنَّ فيهم فتأخرَّوا عنه، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه
وسلَّم حسان بن ثابت أن يعرض بخزاعي من غير أن يهجوه، فذكر أبياتاً،
فلما بلغت خزاعياً شكى ذلك إلى قومه، فجمعوا له، وأسلموا معه، وقدم
بهم إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلما كان يوم الفتح دفع رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم لواء مزينة - وكانوا يومئذ ألفاً - إلى خزاعي هذا،
قال: وهو أخو عبد الله ذو البجادين.
وقال البخاري رحمه الله (باب وفد بني تميم):
حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن أبي صخرة، عن صفوان بن محرز
المازني، عن عمران بن حصين قال: أتى نفر من بني تميم
إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال:
( اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا: يا رسول الله قد بشرتنا فأعطنا،
فرؤي ذلك في وجهه.ثم جاء نفر من اليمن فقال:
اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا: قبلنا يا رسول الله.)
ثم قال البخاري:
حدَّثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبره
عن ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبرهم أنه قدم ركب من بني
تميم على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال أبو بكر:
أمِّر القعقاع بن معبد بن زرارة.
فقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس.
فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي.
فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتَّى ارتفعت أصواتهما،
فنزلت
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }
[الحجرات: 1]
حتَّى انقضت.
ورواه البخاري أيضاً من غير وجه، عن ابن أبي مليكة بألفاظ أخرى،
قد ذكرنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى:
( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ )
[الحجرات: 2] الآية.
وقال محمد بن إسحاق:
ولما قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفود العرب، قدم عليه
عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التَّميمي في أشراف بني تميم منهم:
الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر التَّميمي - أحد بني سعد - وعمرو بن الأهتم،
والحتحات بن يزيد، ونعيم بن يزيد، وقيس بن الحارث، وقيس بن عاصم
أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم. (ج/ص: 5/51)
قال ابن إسحاق:
ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس،
وعيينة شهدا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فتح مكة وحنين
والطَّائف، فلمَّا قدم وفد بني تميم كانا معهم، ولما دخلوا المسجد
نادوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من وراء حجراته أن اخرج إلينا يا محمد،
فآذى ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من صياحهم، فخرج إليهم.
فقالوا: يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا.
قال:
( قد أذنت لخطيبكم، فليقل ).
فقام عطارد بن حاجب فقال:
الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ وهو أهله، الذي جعلنا ملوكاً،
ووهب لنا أموالاً عظاماً نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزة أهل المشرق،
وأكثره عدداً، وأيسره عُدَّة، فمن مثلنا في النَّاس، ألسنا برؤس النَّاس،
وأولي فضلهم، فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنَّا لو نشاء لأكثرنا
الكلام، ولكن نخشى من الإكثار فيما أعطانا، وإنَّا نعرف بذلك،
أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، وأمرٍ أفضل من أمرنا.
ثمَّ جلس.فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
لثابت بن قيس بن شماس أخي بني الحارث بن الخزرج:
( قم فأجب الرَّجل في خطبته ).
فقام ثابت فقال:
الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه
علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثمَّ كان من قدرته أن جعلنا ملوكاً،
واصطفى من خيرته رسولاً، أكرمه نسباً، وأصدقه حديثاً، وأفضله حسباً،
فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثمَّ دعا
النَّاس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه، وذوي
رحمه، أكرم النَّاس أحساباً، وأحسن النَّاس وجوهاً، وخير النَّاس فعالاً،
ثمَّ كان أول الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلَّى الله
عليه وسلَّم نحن، فنحن أنصار الله وزراء رسوله، نقاتل النَّاس حتَّى
يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله
أبداً وكان قتله علينا يسيراً، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.
كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=142e701036e52688&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
كتاب الوفود الواردين
إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال محمد بن إسحاق:
لما افتتح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مكة وفرغ من تبوك، وأسلمت
ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه.
قال ابن هشام:
حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تسمى: سنة الوفود.
قال ابن إسحاق:
وإنما كانت العرب تربص بإسلامها أمر هذا الحي من قريش، لأن قريشاً
كانوا إمام النَّاس وهاديتهم، وأهل البيت والحرم، وصريح ولد إسماعيل
بن إبراهيم، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت
الحرب لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وخلافه، فلما افتتحت مكة، ودانت
له قريش ودوخها الإسلام، عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول
الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل
أفواجاً، يضربون إليه من كل وجه.
يقول الله تعالى لنبيه صلَّى الله عليه وسلَّم:
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ َفْوَاجاً *
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }
[النصر: 1-3].
أي: فاحمد الله على ما ظهر من دينك، واستغفره إنه كان تواباً.
وقد قدمنا حديث عمرو بن مسلمة قال: كانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح
فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت
وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر- أي قومي - بإسلامهم، فلما
قدم قال: جئتكم والله من عند النَّبيّ حقا، قال: صلوا صلاة كذا في حين
كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدكم،
وليؤمكم أكثركم قرآنا، وذكر تمام الحديث، وهو في صحيح البخاري.
قلت:
وقد ذكر محمد بن إسحاق، ثم الواقدي والبخاري، ثم البيهقي بعدهم من
الوفود ما هو متقدم تاريخ قدومهم على سنة تسع، بل وعلى فتح مكة،
وقد قال الله تعالى:
{ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ
أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى }
[الحديد: 10].
وتقدم قوله صلَّى الله عليه وسلَّم:
( يوم الفتح لا هجرة، ولكن جهاد ونية ).
فيجب التمييز بين السابق من هؤلاء الوافدين على زمن الفتح ممن يعد
وفوده هجرة وبين اللاحق لهم بعد الفتح ممن وعد الله خيراً وحسنى،
ولكن ليس في ذلك كالسابق في الزمان والفضيلة، والله أعلم. (ج/ص: 5/50)
على أن هؤلاء الأئمة الذين اعتنوا بإيراد الوفود قد تركوا فيما أوردوه
أشياء لم يذكروها، ونحن نورد بحمد الله ومنه ما ذكروه، وننبه على
ما ينبغي التنبيه عليه من ذلك، ونذكر ما وقع لنا مما أهملوه
إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.
وقد قال محمد بن عمر الواقدي:
حدثنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه، عن جده قال: كان أول من وفد
على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من مضر أربعمائة من مزينة، وذاك
في رجب سنة خمس، فجعل لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الهجرة
في دارهم وقال:
( أنتم مهاجرون حيث كنتم، فارجعوا إلى أموالكم ).
فرجعوا إلى بلادهم.
ثم ذكر الواقدي عن هشام بن الكلبي بإسناده:
أن أول من قدم من مزينة خزاعي بن عبد نهم ومعه عشرة من قومه،
فبايع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على إسلام قومه، فلما رجع إليهم
لم يجدهم كما ظنَّ فيهم فتأخرَّوا عنه، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه
وسلَّم حسان بن ثابت أن يعرض بخزاعي من غير أن يهجوه، فذكر أبياتاً،
فلما بلغت خزاعياً شكى ذلك إلى قومه، فجمعوا له، وأسلموا معه، وقدم
بهم إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلما كان يوم الفتح دفع رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم لواء مزينة - وكانوا يومئذ ألفاً - إلى خزاعي هذا،
قال: وهو أخو عبد الله ذو البجادين.
وقال البخاري رحمه الله (باب وفد بني تميم):
حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن أبي صخرة، عن صفوان بن محرز
المازني، عن عمران بن حصين قال: أتى نفر من بني تميم
إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال:
( اقبلوا البشرى يا بني تميم قالوا: يا رسول الله قد بشرتنا فأعطنا،
فرؤي ذلك في وجهه.ثم جاء نفر من اليمن فقال:
اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا: قبلنا يا رسول الله.)
ثم قال البخاري:
حدَّثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبره
عن ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبرهم أنه قدم ركب من بني
تميم على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال أبو بكر:
أمِّر القعقاع بن معبد بن زرارة.
فقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس.
فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي.
فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتَّى ارتفعت أصواتهما،
فنزلت
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }
[الحجرات: 1]
حتَّى انقضت.
ورواه البخاري أيضاً من غير وجه، عن ابن أبي مليكة بألفاظ أخرى،
قد ذكرنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى:
( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ )
[الحجرات: 2] الآية.
وقال محمد بن إسحاق:
ولما قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفود العرب، قدم عليه
عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التَّميمي في أشراف بني تميم منهم:
الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر التَّميمي - أحد بني سعد - وعمرو بن الأهتم،
والحتحات بن يزيد، ونعيم بن يزيد، وقيس بن الحارث، وقيس بن عاصم
أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم. (ج/ص: 5/51)
قال ابن إسحاق:
ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس،
وعيينة شهدا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فتح مكة وحنين
والطَّائف، فلمَّا قدم وفد بني تميم كانا معهم، ولما دخلوا المسجد
نادوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من وراء حجراته أن اخرج إلينا يا محمد،
فآذى ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من صياحهم، فخرج إليهم.
فقالوا: يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا.
قال:
( قد أذنت لخطيبكم، فليقل ).
فقام عطارد بن حاجب فقال:
الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ وهو أهله، الذي جعلنا ملوكاً،
ووهب لنا أموالاً عظاماً نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزة أهل المشرق،
وأكثره عدداً، وأيسره عُدَّة، فمن مثلنا في النَّاس، ألسنا برؤس النَّاس،
وأولي فضلهم، فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنَّا لو نشاء لأكثرنا
الكلام، ولكن نخشى من الإكثار فيما أعطانا، وإنَّا نعرف بذلك،
أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، وأمرٍ أفضل من أمرنا.
ثمَّ جلس.فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
لثابت بن قيس بن شماس أخي بني الحارث بن الخزرج:
( قم فأجب الرَّجل في خطبته ).
فقام ثابت فقال:
الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه
علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثمَّ كان من قدرته أن جعلنا ملوكاً،
واصطفى من خيرته رسولاً، أكرمه نسباً، وأصدقه حديثاً، وأفضله حسباً،
فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثمَّ دعا
النَّاس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه، وذوي
رحمه، أكرم النَّاس أحساباً، وأحسن النَّاس وجوهاً، وخير النَّاس فعالاً،
ثمَّ كان أول الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلَّى الله
عليه وسلَّم نحن، فنحن أنصار الله وزراء رسوله، نقاتل النَّاس حتَّى
يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله
أبداً وكان قتله علينا يسيراً، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.