تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نعوذُ بالله من شرِّ الغاسق إذا وقب


adnan
01-03-2014, 11:34 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله



نعوذُ بالله من شرِّ الغاسق إذا وقب
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1435890b118d323e&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
بسم الله الرحمن الرحيم
ونعوذ بالله من الشيطان الرجيم
نعوذُ بالله من شرِّ الغاسق إذا وقب

قال أكثر المفسرين :
أنه الليل.

قال عبد الله بن عباس:
الليل إذا أقبل بظلمته من الشرق ودخل في كل شيء وأظلم.

والغسَقُ :
الظلمة، يقال: غسق الليل وأغسق إذا أظلم ومنه قوله تعالى:

{ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ }

والوقوب :
الدخول وهو دخول الليل بغروب الشمس.

والسبب الذي لأجله أمر الله بالاستعاذة من شر الليل وشر القمر إذا وقب
هو أن الليل إذا أقبل فهو محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة وفيه
تنتشر الشياطين وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
أن الشمس إذا غربت انتشرت الشياطين
ولهذا قال:

( فاكْفِتوا صبيانكم واحبسوا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء )
رواه البخاري ومسلم

وفي حديث آخر:

( فإن الله يبث من خلقه ما يشاء )

والليل هو محل الظلام وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط
بالنهار فإن النهار نور والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع
المظلمة وعلى أهل الظلمة.

ومن هاهنا تعلم السر في الاستعاذة برب الفلق في هذا الموضع فإن الفلق
الصبح الذي هو مبدأ ظهور النور وهو الذي يطرد جيش الظلام وعسكر
المفسدين في الليل فيأوي كل خبيث وكل مفسد وكل لص وكل قاطع
طريق إلى سرب أو كِنٍّ أو غار وتأوي الهوام إلى أحجرتها
والشياطين التي انتشرت بالليل إلى أمكنتها ومحالها.

فأمر الله تعالى عباده أن يستعيذوا برب النور الذي يقهر الظلمة ويزيلها
ويقهر عسكرها وجيشها ولهذا ذكر سبحانه في كل كتاب أنه يخرج عباده
من الظلمات إلى النور ويدع الكفار في ظلمات كفرهم
قال تعالى:

{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ }

وقال تعالى:

{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }

وقال في أعمار الكفار:

{ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ
ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ }

وقد قال قبل ذلك في صفات أهل الإيمان ونورهم:

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ
الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ
مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ }

فالإيمان كلُّه نور ومآله إلى نور ومستقره في القلب المضيء المستنير
والمقترن بأهله الأرواح المستنيرة المضيئة المشرقة والكفر والشرك كله
ظلمة ومآله إلى الظلمات ومستقره في القلوب المظلمة والمقترن بها
الأرواح المظلمة فتأمل الاستعاذة برب الفلق من شر الظلمة ومن شر
ما يحدث فيها ونزول هذا المعنى على الواقع يشهد بأن القرآن بل هاتان
السورتان من أعظم أعلام النبوة وبراهين صدق رسالة محمد
صلى الله عليه وسلم ومضادة لما جاء به الشياطين من كل وجه
وإن ما جاء به

{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ }

فما فعلوه ولا يليق بهم ولا يتأتى منهم ولا يقدرون عليه وفي هذا أبين
جواب وأشفاه لما يورده أعداء الرسول عليه من الأسئلة الباطلة التي
قصر المتكلمون غاية التقصير في دفعها وما شفوا في جوابها وإنما
الله سبحانه هو الذي شفى وكفى في جوابها فلم يحوجنا إلى متكلم
ولا إلى أصولي ولا أنظار. فله الحمد والمنة لا نحصي ثناء عليه.

أسأل الله لنا ولكم العفو والعافية

الفقير إلى الله عبد العزيز