adnan
01-27-2014, 09:33 PM
الأخت / الملكة نـــور
القضاء و الحكم و الفرق بينهما
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143cea8d1e0029a9&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
و فرق بين الحكم و لبقضاء , و جعل المضاء للحكم , و العدل للقضاء ,
فان حكمه سبحانه يتناول حكمه الديني الشرعي , و حكمه الكوني القدري
و النوعان نافذان في العبد ماضيان فيه , و هو مقهور تحت الحكممين ,
قد مضيا فيه , و نفذا فيه , شاء أم أبى , لكن الحكم الكوني لا يمكنه
مخالفته , أما الديني الشرعي فقد يخالفه .
و لما كان القضاء هو الإتمام والإكمال, و ذلك إنما يكون بعد مضيه
و نفوذه , قال: " عدل في قضاؤك " أي الحكم الذي أكملته وأتممته
و نفّذته في عبدك عدل منك فيه .
أما الحكم فهو يحكم به سبحانه و قد يشاء تنفيذه و قد لا ينفذه , فان كان
حكما دينيا فهو ماض في العبد , و إن كان كونيا فان نفذه سبحانه مض
فيه , و إن لم ينفّذه اندفع عنه , فهو سبحانه يقضي ما يقضي به .
و غيره قد يقضي بقضاء ويقدّر أمرا لا يستطيع تنفيذه .
و هو سبحانه يقضي و يمضي فله القضاء و الإمضاء .
و قوله : " عدل في قضاؤك "
يتضمن جميع أقضيته في عبده من كل الوجوه , من صحة و سقم , وغنى
و فقر , و لذّة و ألم , و حياة و موت , و عقوبة و تجاوز و غير ذلك.
قال تعالى :
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ }
الشورى 30,
و قال :
{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ }
الشورى 48 .
فكل ما يمضي على العبد فهو عدل فيه .فان قيل : فالمعصية عندكم
بقضائه و قدره ! فما وجه العدل في قضائها ؟ فان العدل في العقوبة عليها
غير ظاهر. قيل : هذا سؤال له شأن, ومن أجله زعمت طائفة أن العدل
هو المقدور , و الظلم ممتنع لذاته. قالوا : لأن الظلم هو التصرّف في
ملك الغير والله له كل شيء. فلا يكون تصرّفه في عبده إلا عدلا .
و قالت طائفة :
بل العدل أنه لا يعاقب على ما قضاه و قدره , فلمّا حسن منه العقوبة
على الذنب عُلم أنّه ليس بقائه وره , فيكون العدل هو جزاؤه على الذنب
بالعقوبة و الذم أما في الدنيا وأما في الآخرة . و صعب على هؤلاء الجمع
بين العدل و القدر , فزعموا أن من أثبت القدر لم يمكنه أن يقول بالعدل ,
و من قال بالعدل لم يمكنه أن يقول بالقدر . كما صعب عليهم الجمع بين
التوحيد واثبات الصفات , فزعموا أنهم لا يمكنهم إثبات التوحيد إلا بإنكار
الصفات , فصار توحيدهم تعطيلا وعدلهم تكذيبا بالقدر .
و أما أهل السنة فهم
مثبتون للأمرين , و الظلم عندهم هو وضع الشيء في غير موضعه
كتعذيب المطيع و من لا ذنب له , و هذا قد نزّه الله نفسه عنه في غير
موضع من كتابه
كقوله تعالى في سورة يونس الآية 44:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِم النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .
و هو سبحانه وان ضلّ من شاء , و قضى بالمعصية وألغى من شاء,
فذلك محض العدل فيه , لأنه وضع الإضلال و الخذلان في موضعه اللائق
به , و كيف لا و من أسمائه الحسنى العدل . الذي كل أفعاله وأحكامه سداد
و صواب و حق , وهو سبحانه قد أوضح السبل , وأرسل الرسل , و أنزل
الكتاب , و أزاح العلل , و مكّن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع
والأبصار و العقول , و هذا عدله , ووفّق من يشاء بمزيد عناية , و أراد
من نفسه أن يعينه و يوفّقه , فهذا فضله , و خذل من ليس بأهل لتوفيقه
وفضله , و خلى بينه وبين نفسه , و لم يرد سبحانه من نفسه أن يوفّقه ,
فقطع عنه فضله , و لم يحرمه عدله .
و هذا نوعان :
(أحدهما) ما يكون جزاء منه للعبد على إعراضه عنه , و إيثاره عدوه
في الطاعة , و الموافقة عليه , و تناسي ذكره وشكره , فهو أهل أن
يخذله ويتخلى عنه .
(ثانيهما) أن لا يشاء له ذلك ابتداء لما يعلم منه أنه لا يعرف قدر نعمة
الهداية , و لا يشكره عليه , و لا يثني عليه بها , و لا يحبه ,
فلا يشاؤها له لعدم صلاحية محله .
قال تعالى:
{ كَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْننَا
أَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ }
الأنعام 53
, و قال :
{ وَلَوْ عَلِمَ اللَّه فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ }
الأنفال22 .
فإذا قضى بهذه النفوس بالضلال والمعصية , كان ذلك محض العدل , كما
قضى على الحيّة بأن تقتل وعلى العقرب وعلى الكلب العقور , و كان ذلك
عدل فيه , و ان كان مخلوقا على هذه الصفة. وقد استوفينا الكلام في هذا
في كتابنا القضاء و القدر , اسمه " شفاء العليل في مسائل القضاء
و القدر والحكمة و التعليل .
و المقصود أن قوله صلى الله عليه وسلم :
( ماض فيّ حكمك , عدل فيّ قضاؤك )
رد على الطائفتين, القدريّة الذين ينكرون عموم أقضية الله في عبده ,
ويخرجون أفعال العباد عن كونها بقضائه و قدره , و يردون القضاء إلى
الأمر و النهي . وعلى الجبريّة الذين يقولون : كل مقدور عدل, فلا يبقى
لقوله " عدل فيّ قضاؤك " فائدة , فان العدل عندهم كل ما يمكن فعله
و الظلم هو المحال لذاته, فكأنه قال : ماض ونافذ فيّ قضاؤك.
وهذا هو الأول بعينه .
و قوله " أسألك بكل اسم "
إلى آخره , توسل إليه بأسمائه كلها ما علم العبد منها و ما لم يعلم .
و هذه أحب الوسائل إليه , فإنها وسيلة بصفاته و أفعاله التي
هي مدلول أسمائه .
و قوله : " أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري"
الربيع : المطر الذي يحيي به الأرض . شبّه القرآن به لحياة القلوب به .
و كذلك شبهه الله بالمطر , و جمع بين الماء الذي تحصل به الحياة , و
النور الذي تحصل به الإنارة و الإشراق
, كما جمع بينهما سبحانه في قوله :
{ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ
وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ...}
الرعد17
و قوله :
{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ }
البقرة 17,
ثم قال :
{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ }
البقرة 19
و في قوله :
{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ....}
النور 35,
ثم قال :
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ
فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ
يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ }
النور43,
فتضمّن الدعاء أن يحيي قلبه بربيع القرآن و أن ينوّر به صدره
فتجتمع له الحياة والنور
. قال تعالى:
{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }
الأنعام 122.
و لما كان الصدر أوسع من القلب, كان النور الحاصل له يسري منه
إلى القلب , لأنه قد حصل لما هو أوسع منه . و لما كانت حياة البدن
و الجوارح , كلها بحياة القلب , تسري الحياة منه إلى الصدر, ثم إلى
الجوارح سأل الحياة له بالربيع الذي هو مادّتها . ولما كان الحزن والهم
والغم يضاد حيا ة القلب واستنارته , سأل أن يكون ذهابها بالقرآن, فإنها
أحرى ألا تعود , و أما أنها ذهبت بغير القرآن من صحة أو دنيا أو جاه
أو زوجة أو ولد , فإنها تعود بذهاب ذلك . و المكروه الوارد على القلب
إن كان من أمر ماض أحدث الحزن , و إن كان من مستقبل أحدث الهم ,
و ان كان من أمر حاضر أحدث الغم , والله أعلم .
القضاء و الحكم و الفرق بينهما
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143cea8d1e0029a9&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
و فرق بين الحكم و لبقضاء , و جعل المضاء للحكم , و العدل للقضاء ,
فان حكمه سبحانه يتناول حكمه الديني الشرعي , و حكمه الكوني القدري
و النوعان نافذان في العبد ماضيان فيه , و هو مقهور تحت الحكممين ,
قد مضيا فيه , و نفذا فيه , شاء أم أبى , لكن الحكم الكوني لا يمكنه
مخالفته , أما الديني الشرعي فقد يخالفه .
و لما كان القضاء هو الإتمام والإكمال, و ذلك إنما يكون بعد مضيه
و نفوذه , قال: " عدل في قضاؤك " أي الحكم الذي أكملته وأتممته
و نفّذته في عبدك عدل منك فيه .
أما الحكم فهو يحكم به سبحانه و قد يشاء تنفيذه و قد لا ينفذه , فان كان
حكما دينيا فهو ماض في العبد , و إن كان كونيا فان نفذه سبحانه مض
فيه , و إن لم ينفّذه اندفع عنه , فهو سبحانه يقضي ما يقضي به .
و غيره قد يقضي بقضاء ويقدّر أمرا لا يستطيع تنفيذه .
و هو سبحانه يقضي و يمضي فله القضاء و الإمضاء .
و قوله : " عدل في قضاؤك "
يتضمن جميع أقضيته في عبده من كل الوجوه , من صحة و سقم , وغنى
و فقر , و لذّة و ألم , و حياة و موت , و عقوبة و تجاوز و غير ذلك.
قال تعالى :
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ }
الشورى 30,
و قال :
{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ }
الشورى 48 .
فكل ما يمضي على العبد فهو عدل فيه .فان قيل : فالمعصية عندكم
بقضائه و قدره ! فما وجه العدل في قضائها ؟ فان العدل في العقوبة عليها
غير ظاهر. قيل : هذا سؤال له شأن, ومن أجله زعمت طائفة أن العدل
هو المقدور , و الظلم ممتنع لذاته. قالوا : لأن الظلم هو التصرّف في
ملك الغير والله له كل شيء. فلا يكون تصرّفه في عبده إلا عدلا .
و قالت طائفة :
بل العدل أنه لا يعاقب على ما قضاه و قدره , فلمّا حسن منه العقوبة
على الذنب عُلم أنّه ليس بقائه وره , فيكون العدل هو جزاؤه على الذنب
بالعقوبة و الذم أما في الدنيا وأما في الآخرة . و صعب على هؤلاء الجمع
بين العدل و القدر , فزعموا أن من أثبت القدر لم يمكنه أن يقول بالعدل ,
و من قال بالعدل لم يمكنه أن يقول بالقدر . كما صعب عليهم الجمع بين
التوحيد واثبات الصفات , فزعموا أنهم لا يمكنهم إثبات التوحيد إلا بإنكار
الصفات , فصار توحيدهم تعطيلا وعدلهم تكذيبا بالقدر .
و أما أهل السنة فهم
مثبتون للأمرين , و الظلم عندهم هو وضع الشيء في غير موضعه
كتعذيب المطيع و من لا ذنب له , و هذا قد نزّه الله نفسه عنه في غير
موضع من كتابه
كقوله تعالى في سورة يونس الآية 44:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِم النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .
و هو سبحانه وان ضلّ من شاء , و قضى بالمعصية وألغى من شاء,
فذلك محض العدل فيه , لأنه وضع الإضلال و الخذلان في موضعه اللائق
به , و كيف لا و من أسمائه الحسنى العدل . الذي كل أفعاله وأحكامه سداد
و صواب و حق , وهو سبحانه قد أوضح السبل , وأرسل الرسل , و أنزل
الكتاب , و أزاح العلل , و مكّن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع
والأبصار و العقول , و هذا عدله , ووفّق من يشاء بمزيد عناية , و أراد
من نفسه أن يعينه و يوفّقه , فهذا فضله , و خذل من ليس بأهل لتوفيقه
وفضله , و خلى بينه وبين نفسه , و لم يرد سبحانه من نفسه أن يوفّقه ,
فقطع عنه فضله , و لم يحرمه عدله .
و هذا نوعان :
(أحدهما) ما يكون جزاء منه للعبد على إعراضه عنه , و إيثاره عدوه
في الطاعة , و الموافقة عليه , و تناسي ذكره وشكره , فهو أهل أن
يخذله ويتخلى عنه .
(ثانيهما) أن لا يشاء له ذلك ابتداء لما يعلم منه أنه لا يعرف قدر نعمة
الهداية , و لا يشكره عليه , و لا يثني عليه بها , و لا يحبه ,
فلا يشاؤها له لعدم صلاحية محله .
قال تعالى:
{ كَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْننَا
أَلَيْسَ اللَّه بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ }
الأنعام 53
, و قال :
{ وَلَوْ عَلِمَ اللَّه فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ }
الأنفال22 .
فإذا قضى بهذه النفوس بالضلال والمعصية , كان ذلك محض العدل , كما
قضى على الحيّة بأن تقتل وعلى العقرب وعلى الكلب العقور , و كان ذلك
عدل فيه , و ان كان مخلوقا على هذه الصفة. وقد استوفينا الكلام في هذا
في كتابنا القضاء و القدر , اسمه " شفاء العليل في مسائل القضاء
و القدر والحكمة و التعليل .
و المقصود أن قوله صلى الله عليه وسلم :
( ماض فيّ حكمك , عدل فيّ قضاؤك )
رد على الطائفتين, القدريّة الذين ينكرون عموم أقضية الله في عبده ,
ويخرجون أفعال العباد عن كونها بقضائه و قدره , و يردون القضاء إلى
الأمر و النهي . وعلى الجبريّة الذين يقولون : كل مقدور عدل, فلا يبقى
لقوله " عدل فيّ قضاؤك " فائدة , فان العدل عندهم كل ما يمكن فعله
و الظلم هو المحال لذاته, فكأنه قال : ماض ونافذ فيّ قضاؤك.
وهذا هو الأول بعينه .
و قوله " أسألك بكل اسم "
إلى آخره , توسل إليه بأسمائه كلها ما علم العبد منها و ما لم يعلم .
و هذه أحب الوسائل إليه , فإنها وسيلة بصفاته و أفعاله التي
هي مدلول أسمائه .
و قوله : " أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري"
الربيع : المطر الذي يحيي به الأرض . شبّه القرآن به لحياة القلوب به .
و كذلك شبهه الله بالمطر , و جمع بين الماء الذي تحصل به الحياة , و
النور الذي تحصل به الإنارة و الإشراق
, كما جمع بينهما سبحانه في قوله :
{ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا ۚ
وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ...}
الرعد17
و قوله :
{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ }
البقرة 17,
ثم قال :
{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ }
البقرة 19
و في قوله :
{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ....}
النور 35,
ثم قال :
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ
فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ
يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ }
النور43,
فتضمّن الدعاء أن يحيي قلبه بربيع القرآن و أن ينوّر به صدره
فتجتمع له الحياة والنور
. قال تعالى:
{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا }
الأنعام 122.
و لما كان الصدر أوسع من القلب, كان النور الحاصل له يسري منه
إلى القلب , لأنه قد حصل لما هو أوسع منه . و لما كانت حياة البدن
و الجوارح , كلها بحياة القلب , تسري الحياة منه إلى الصدر, ثم إلى
الجوارح سأل الحياة له بالربيع الذي هو مادّتها . ولما كان الحزن والهم
والغم يضاد حيا ة القلب واستنارته , سأل أن يكون ذهابها بالقرآن, فإنها
أحرى ألا تعود , و أما أنها ذهبت بغير القرآن من صحة أو دنيا أو جاه
أو زوجة أو ولد , فإنها تعود بذهاب ذلك . و المكروه الوارد على القلب
إن كان من أمر ماض أحدث الحزن , و إن كان من مستقبل أحدث الهم ,
و ان كان من أمر حاضر أحدث الغم , والله أعلم .