تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نظرة صائبة في تفسير قوله تعالى


adnan
01-29-2014, 10:23 PM
الأخت / الملكة نـــور


فائدة نظرة صائبة في تفسير قوله تعالى
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143d8c90b6bbd921&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
فائدة نظرة صائبة في تفسير قوله تعالى :

{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }
الملك51
أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولا منقادة للوطئ عليها وحفرها وشقّها
والبناء عليها, ولم يجعلها مستصعبة ممتنعة على من أراد ذلك منها.
وأخبر سبحانه أنه جعلها مهادا وبساطا وفراشا و كفاتا (بطنها لأمواتكم
وظهرها لأحيائكم من قول الشعبي). وأخبر أنه دحاها (أخرج منها الماء)
و طجاها وأخرج منها ماءها ومرعاها, وثبّتها بالجبال, ونهج فيها الفجاج
(الطريق الواسع بين الجبلين) والطرق, وأجرى فيها الأنهار والعيون,
وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها,ومن بركتها أن الحيوانات كلها وأقواتها
وأرزاقها تخرج منها. ومن بركتها أنها تحمل الأذى على ظهرها وتخرج
لك من بطنها أحسن الأشياء وأنفعها, فتوارى منه كل قبيح وتخرج له كل
مليح . ومن بركتها أنها تستر قبائح العبد وفضلات بدنه وتواريها وتضمّه
وتؤويه , وتخرج له طعامه وشرابه, فهي أحمل شيء للأذى وأعوده
بالنفع , فلا كان من التراب خيرا منه ولا أبعد عن الأذى منه
وأقرب من الخير .

والمقصود أنه سبحانه جعل لنا الأرض كالجمل الذلول الذي كيفما يقاد
ينقاد . وحسن التعبير بمناكبها عن طرقها وفجاجا لما تقدّم من وصفها
بكونها ذلولا, فالماشي عليها يطأ على مناكبها وهو أعلى شئ فيها,
ولهذا فسرت المناكب بالجبال كمناكب الإنسان وهي أعاليه .

قالوا :
و ذلك تنبيه على أن المشي في سهولها أيسر .

وقالت طائفة :
بل المناكب الجوانب والنواحي, ومنه مناكب الإنسان لجوانبه , والذي
يظهر أن المراد بالمنكب الأعالي. وهذا الوجه الذي يمشي عليه الحيوان
هو العالي من الأرض دون الوجه المقابل له, فان سطح الكرة أعلاها ,
و المش إنما يقع في سطحها, وحسن التعبير عنه بالمناكب لما تقدّم
من وصفها بأنها ذلول .

ثم أمرهم أن يأكلوا من رزقه الذي أودعه فيها, فذلّلها لهم و وطّأها ,
و فتق فيها السبل و الطرق التي يمشون فيها , و أودعها رزقهم فذكر
تهيئة المسكن للانتفاع و التقليب فيها بالمجيء و الذهاب , و الأكل مما
أودع فيه للساكن . ثم نبّه بقوله:

{ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }
الملك 15,

على أنّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين بل دخلناه عابري
سبيل فلا يحسن أن نتخذه وطنا ومستقرّا, وإنما دخلناه لنتزوّد منه إلى
دار القرار, فهو منزل عبور لا مستقر حبور (سرور) , و معبر و ممر,
و لا وطن مستقر.

فتضمّنت الآية الدلالة على ربوبيّته و وحدانيّته , و قدرته و حكمه و لطفه
, و التذكير بنعمه و إحسانه , و التحذير من الركون إلى الدنيا , و اتخاذها
وطنا و مستقرا, بل نسرع فيها السير إلى داره و جنّته .

فلله ما في ضمن هذه الآية من معرفته و توحيده , و التذكير بنعمته ,
و الحث على السير إليه , و الاستعداد للقائه , و القدوم عليه , والإعلام
بأنه سبحانه يطوي هذه الدار كأنها لم تكن , و أنه يحيى أهلها بعدما
أماتهم واليه النشور .