المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة ذي الكفل ( 2-2 )


adnan
01-31-2014, 08:45 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله


قصة ذي الكفل ( 2 - 2 )
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143e3026767c1199&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
روى المفسرون عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"إن نبياً من أنبياء بني إسرائيل آتاه الله الملك والنبوة ثم أوحى الله إليه
أني أريد قبض روحك فاعرض ملكك على بني إسرائيل فمن تكفل لك أنه
يصلي بالليل حتى يصبح ويصوم بالنهار فلا يفطر ويقضي بين الناس فلا
يغضب فادفع ملكك إليه فقام ذلك النبي في بني إسرائيل وأخبرهم بذلك.
فقام شاب وقال: أنا أتكفل لك بهذا.فقال في القوم: من هو أكبر منك فاقعد
ثم صاح الثانية والثالثة فقام الرجل وقال: أتكفل لك بهذه الثلاث فدفع إليه
ملكه ووفَّى بما ضمن.فحسده إبليس فأتاه وقت القيلولة فقال: إن لي
غريماً قد مطلني حقي وقد دعوته إليك فأبى فأرسل معي من يأتيك به
فأرسل معه وقعد حتى فاتته القيلولة ودعا إلى صلاته وصلى ليله إلى
الصباح ثم أتاه من الغد عند القيلولة فقال: إن الرجل الذي استأذنتك له
في موضع كذا فلا تبرح حتى آتيك به فذهب وبقي منتظراً حتى فاتته
القيلولة ثم أتاه فقال له: هرب مني فمضى ذو الكفل إلى صلاته فصلى
ليلته حتى أصبح فأتاه إبليس وعرفه نفسه وقال له: حسدتك على عصمة
الله إياك فأردت أن أخرجك حتى لا تفي بما تكفلت به فشكره الله تعالى
على ذلك ونبأه فسمي ذا الكفل".
وروي نحو هذا الخبر عن مجاهد.

وقد روى خبر ابن عباس رضي الله عنهما ابن كثير ولم يعقب عليه ما
يدل على قبوله له.وروى القرطبي عن كعب خبراً آخر ليس ببعيد عما جاء
في خبر ابن عباس.

ثم إن الحافظ ابن كثير قد روى عن الإمام أحمد حديثاً
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

( سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لو لم أسمعه
إلا مرة أو مرتين حتى عدَّ سبع مرات ولكن قد سمعته أكثر من ذلك
قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته
امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها فلما أراد أن يفعل
أرعدت وبكت فقال: ما يبكيك؟ أكرهتك؟قالت: لا ولكن هذا عمل
لم أعمله قط وإنما حملني عليه الحاجة. قال: فتفعلين هذا ولم
تفعليه قط؟ فتركها وقال لها: اذهبي فالدنانير لك.
ثم قال: (والله لا يعصي الله الكفل أبداً. فمات من ليلته
فأصبح مكتوباً على بابه: قد غفر الله للكفل ).
وقد وصف ابن كثير هذا الحديث بالغريب ثم قال:
"وهذا الحديث لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة
وإسناده غريب".هذا ما قاله ابن كثير.

والصواب أن الحديث رواه الترمذي في "جامعه"، باللفظ نفسه وقد عقب
الترمذي بعد أن روى الحديث بقوله: هذا حديث حسن.هذا فيما يتعلق بهذا
الحديث من جهة السند.

أما فيما يتعلق به من جهة المتن فقد قال ابن كثير:
"هكذا وقع في هذه الرواية (الكفل) من غير إضافة فالله أعلم.
وعلى كل تقدير فلفظ الحديث (الكفل) ولم يقل: (ذو الكفل)
فلعله رجل آخر".

والعجيب أن القرطبي روى الحديث نفسه بلفظ
(كان ذو الكفل من بني إسرائيل..) الحديث.

ولا شك أن هذا وهم من القرطبي إذ لم يرد كذلك لا في راوية أحمد ولا
في رواية الترمذي والمعول عليه عند التعارض والاختلاف في روايات
الحديث ما جاء في كُتب الحديث لا ما جاء في كُتب التفسير حيث إن
المفسرين أحياناً يتساهلون في نقل الحديث ولا يهتمون بضبط لفظه كما
هو شأن المحدثين. ومهما يكن فالذي ينبغي اعتقاده في حق الأنبياء
عصمتهم من الوقوع في الذنوب والخطايا إذ لا يكون منهم ذلك وهذا ما
يدفع أن تكون هذه الرواية واردة في حق النبي ذي الكفل بل الراجح ما
ذكره ابن كثير من كون المراد رجلاً آخر اسمه (الكفل) كما هو نص
الرواية وليس (ذا الكفل) كما جاء في رواية القرطبي.

والذي ينبغي الوقوف عنده والتعويل عليه في هذا الشأن
هو خبر القرآن الكريم وقد وصف القرآن ذا الكفل بوصفين:

الأول:
أنه من الصابرين والصبر من شيم الأنبياء والمرسلين
ومن تبعهم من الصالحين.

الثاني:
أنه من الأخيار أي: من المختارين المجتبين الأخيار.وهو وصف شارك
فيه غيره من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام.