المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنصاف له سبحانه و تعالى


adnan
02-02-2014, 08:58 PM
الأخت / الملكة نـــور

فصل من معاني الإنصاف له تعالى
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=143ed3561359abb8&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
طوبى لمن أنصف ربّه فأقر بالجهل في عامه, والآفات في عمله, والعيوب
في نفسه, والتفريط في حقه, والظلم في معاملته. فان آخذه بذنوبه رأى
عدله, وان لم يؤاخذه بها رأى فضله.

وإن عمل حسنة رآها من منّته وصدقته عليه, فان قبلها فمنّة و صدقة
ثانية , و إن ردّها فلكون كثلها لا يصلح أن يواجه به.و إن عمل سيّئة
رآها من تخلّيه عنه , و خذلانه له , و إمساك عصمته عنه , و ذلك عدله
فيه , فيرى في ذلك فقره إلى ربّه , و ظلمه في نفسه , فان غفرها له
فبمحض إحسانه وجوده و كرمه .

ونكتة المسألة وسرّها أنّه لا يرى ربّه إلا محسنا و لا يرى نفسه إلا مسيئا
أو مفرطا أو مقصّرا فيرى كل ما يسرّه من فضل ربّه عليه و إحسانه إليه
و كل ما يسوؤه من ذنوبه وعدل الله فيه .

المحبّون إذا خربت منازل أحبّائهم قالوا :
سقيا لسكانها . و كذلك المحب إذا أتت عليه الأعوام تحت التراب ذكر
حينئذ حسن طاعته له في الدنيا و تودده إليه وتجد رحمته و سقياه لمن
كان ساكناً في تلك الأجسام البالية .

فائدة الغيرة نوعان

الغيرة غيرتان :
غيرة على الشيء وغيرة من الشيء , فالغيرة على المحبوب حرصك
عليه, والغيرة من المكروه أن يزاحمك عليه . فالغيرة على المحبوب لا تتم
إلا بالغيرة من المزاحم, وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة
في حبه كالمخلوق, وأما من تحسن المشاركة في حبه كالرسول والعالم بل
الحبيب القريب سبحانه وتعالى فلا يتصوّر غيرة المزاحمة عليه بل هو حسد .

والغيرة المحمودة في حقه أن يغار المحب على محبته له أن يصرفها الى
غيره, أو يغار عليها أن يطلع عليها الغير فيفسدها عليه, أو يغار على
أعماله أن يكون فيها شيء لغير محبوبه , أو يغار عليها أن يشوبها ما
يكره محبوبه من رياء أو إعجاب أو محبة لإشراف غيره عليها
أو غيبته عن شهود منته عليها فيها.

وبالجملة , فغيرته يقضي أن تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله .
و كذلك يغار على أوقاته أو يذهب منها وقت في غير رضى محبوبه
فهذه الغيرة من جهة العبد وهي غيرة من المزاحم له المعوق
القاطع له عن مرضاة محبوبه .

وأما غيرة محبوبه عليه فهي كراهية أن ينصرف قلبه عن محبته إلى
محبة غيره , بحيث يشاركه في حبه, ولهذا كانت غيرة الله أن يأتي العبد
ما حرّم عليه, ولأجل غيرته سبحانه حرّم الفاحشة ما ظهر منها وما بطنِ؛
لأن الخلق عبيده وإماؤه , فهو يغار على امئه كما يغار السيد على
جواريه , و لله المثل الأعلى . و يغار على عبيده أن تكون محبتهم لغيره
بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور و نيل الفاحشة منها .

* من عشق و قار الله في قلبه أن يعصيه ,
وقّره الله في قلوب الخلق أن يذلّوه .
* إذا علقت شروش المعرفة في أرض القلب , نبتت فيه شجرة المحبة,
فإذا تمكّنت وقويت أثمرت *الطاعة, فلا تزال الشجرة :
{ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا }.

* أول منازل القوم:
{ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا. وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا. }
الأحزاب 41-42.

* وأوسطها
{ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }
الأحزاب 43.
* و آخرها :
{ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚ }
الأحزاب 44.

* أرض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها , فان غرست شجرة الإيمان
و التقوى أورثت حلاوة الأبد , و ان غرست شجرة الجهل و الهوى فكل الثمر مرّ .

* ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك , و لا تشرد
عنه من هذه الأربعة , فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها , و ما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها , ما موفق يسمع و يبصر ويتكلّم و يبطش
بمولاه , و المخذول يصدر ذلك عنه بنفسه و هواه .

* مثال تولد الطاعة و نموها و تزايدها , كمثل نواة غرستها , فصارت
شجرة , ثم أثمرت فأكلت ثمارها, وغرست نواها , فكلما أثمر منها شيء , جنيت ثمره , و غرست نواه . و كذلك تداعي المعاصي, فليتدبّر اللبيب
هذا المثال. فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها ,
ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها .

* ليس العجب من مملوك يتذلل لله و يتعبّد له ولا يمل خدمته مع حاجته
و فقره إليه , إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوكه بصنوف أنعامه و يتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه .

كفى بك عزّا أنك له عبد و كفى بك فخرا أنه لك رب