المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاتقوا الله و أجملوا الطلب


adnan
02-15-2014, 08:06 PM
الأخت / الملكة نـــور

فاتقوا الله وأجملوا الطلب
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144167c5130ab5d5&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
فاتقوا الله وأجملوا الطلب
جمع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :

( فاتقوا الله وأجملوا في الطلب )
أخرجه ابن ماجه في الكفارات 2\725 (2144).

بين مصالح الدنيا و الآخرة , و نعيمها ولذاتها إنما ينال بتقوى الله.
وراحة القلب والبدن, و ترك الاهتمام و الحرص الشديد والتعب والعناد
والكد والشقاء في طلب الدنيا , إنما ينال بالإجمال في الطلب , فمن اتقى
الله فاز بلذة الآخرة و نعيمها , و من أجمل في الطلب استراح من نكد
الدنيا و همومها , فالله المستعان .

قد نادت الدنيا على نفسها لو كان في ذا الخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكته وجامع فرقت ما يجمع

(فائدة)
جمع النبي صلى الله عليه وسلم في تعوذه بين المآثم و المغرم ,
فان المآثم يوجب خسارة الآخرة , و المغرم يوجب خسارة الدنيا.

(فائدة)
قال الله تعالى :

{ وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا }
العنكبوت 69

علق سبحانه الهداية بالجهاد , فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا ,
و أفرض الجهاد جهاد النفس , و جهاد الهوى , و جهاد الشيطان ,
و جهاد الدنيا فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه
الموصلة إلى جنته , و من ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما
عطل من الجهاد .

قال الجنيد :
و الذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل الإخلاص ,
و لا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا ,
فمن نصر عليها نصر على عدوه, ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه .

العداوة بين الخير والشر
ألقى الله سبحانه العداوة بين الشيطان و بين الملك , و العداوة بين العقل
و بين الهوى , و العداوة بين النفس الأمارة و بين القلب . و ابتلى العبد
بذلك وجمع له بين هؤلاء , و أمد كل حزب بجنود و أعوان , فلا تزال
الحرب سجالا ودولا بين الفريقين , إلى أن يستولي أحدهما على الآخر,
و يكون الآخر مقهورا معه . فإذا كانت النوبة للقلب والعقل والملك فهناك
السرور والنعيم و اللذة و البهجة والفرح قرة العين وطيب الحياة
و انشراح الصدر و الفوز بالغنائم .

و إذا كانت النوبة للنفس والهوى والشيطان فهنالك الغموم والهموم
والأحزان وأنواع المكاره و ضيق الصدرة حبس الملك . فما ظنك بملك
استولى عليه عدوه فأنزله عن سرير ملكه وأسره وحبسه وحال بينه
وبين خزائنه وذخائره وخدمه وصيّرها له, ومع هذا فلا يتحرك الملك
لطلب ثأره , ولا يستغيث بمن يغيثه , و لا يستنجد بمن ينجده . وفوق هذا
الملك ملك قاهر لا يقهر, وغالب لا يغلب , و عزيز لا يذل , فأرسل إليه :
إن استنصرتني نصرتك, وان استغثت بي أغثتك , و ان التجأت إلي أخذت
بثأرك, وان هربت إلي وأويت إلي سلطتك على عدوك جعلته تحت أسرك .
فان قال هذا الملك المأسور : قد شد عدوي وثاقي و أحكم رباطي , و
استوثق مني بالقيود , و منعني من النهوض إليك , و الفرار إليك ,
و المسير إلى بابك , فان أرسلت جندا من عندك يحل وثاقي , و يفك
قيودي , و يخرجني من حبسه , أمكنني أن أوافي بابك ,
و إلا لم يمكنني مفارقة محبسي , و لا كسر قيودي .

فان قال ذلك احتجاجا على ذلك السلطان , و دفعا لرسالته , و رضا بما هو
فيه عند عدوّه , خلاه السلطان الأعظم و حاله و ولاه ما تولى . و إن قال
ذلك افتقارا إليه , و إظهارا لعجزه و ذله , و أنه أضعف وأعجز من أن
يسير إليه بنفسه , و يخرج من حبس عدوه , و يتخلص منه بحوله وقوته
, و أن من تمام نعمة ذلك عليه , كما أرسل إليه هذه الرسالة , أن يمده
من جنده و مماليكه بمن يعينه على الخلاص , و يكسر باب محبسه ,
و يفك قيوده .

فان فعل به ذلك فقد أتم أنعامه عليه , و إن تخلى عنه , فلم يظلمه , و لا
منعه حقا هو له , وأن رحمته وحكمته اقتضى منعه و تخليته في
محبسه, ولا سيما إذا علم أن الحبس حبية , وأن هذا العدو الذي حبسه
مملوك من مماليكه , وعبد من عبيده , ناصيته بيده لا يتصرف إلا بإذنه
و مشيئته , فهو غير ملتفت إليه, و لا خائف منه , ولا معتقد أن له شيئا
من الأمر, و لا بيده نفع و لا ضر , بل هو ناظر إلى مالكه , و متولي أمره
ومن ناصيته بيده , و قد أفرده بالخوف و الرجاء , و التضرّع إليه
و الالتجاء , و الرغبة و الرهبة , فهناك تأتيه جيوش النصر و الظفر .

أعلى الهمم في طلب العلم, طلب علم الكتاب و السنة , و الفهم عن الله
و رسوله نفس المراد , وعلم حدود المنزل . وأخّس هموه طلاب العلم ,
قصر همته على تتبع شواذ المسائل , و ما لم ينزل , و لا هو واقع , أو
كانت همته معرفة الاختلاف , و تتبع أقوال الناس , و ليس له همة إلى
معرفة الصحيح من تلك الأقوال . و قلّ أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه .

و أعلى الهمم في باب الإرادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف
مع مراده الديني الأمري . و أسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد
صاحبها من الله , فهو إنما يعبد لمراده منه لا لمراد الله منه , فالأول
يريد الله و يريد مراده , و الثاني : يريد من الله وهو فارغ عن إرادته .

علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم
و يدعونهم إلى النار بأفعالهم , فكلما قالت أقوالهم للناس : هلموا :
قالت أفعالهم : لا تسمعوا منهم . فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول
المستجيبين له, فهم في الصورة أدلاء وفي الحقيقة قطّاع طرق . إذا كان
الله وحده حظك ومرادك فالفضل كله تابع لك يزدلف إليك , أي أنواعه تبدأ
به , وإذا كان حظك ما تنال منه , فالفضل موقوف عنك لأنه بيده تابع له ,
فعل من أفعاله, فإذا حصل لك , حصل لك الفضل بطريق الضمن و التبع ,
و إذا كان الفضل مقصودك , لم يحصل الله بطريق الضمن و التبع , فان
كنت قد عرفته, وأنست به , ثم سقطت إلى طلب الفضل , حرمك إياه
عقوبة لك ففاتك الله وفاتك الفضل .