المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 16.04.1435


adnan
02-20-2014, 07:16 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

[ فطرية المعرفة بوجود الله ]

وجود الله تعالى أمر فطري، مغروز في النفس البشرية؛
فعندما خلق الله تعالى آدم عليه السلام أخذ منه،
ومن ذريته، الشهادة على أنه ربهم ومعبودهم الحق
فقال سبحانه وتعالى:

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا
أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ
إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ
أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ }
[الأعراف: 172-173].

وقد كانت دعوة الأنبياء جميعاً تنبثق من هذا الأصل الفطري العظيم؛ وهو الإيمان
بالله تعالى؛ والدعوة لتوحيده في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته، فما أثر
عن أمة من الأمم إنكارها لوجود الله تعالى، إلا ما نسب إلى فرعون، والدهرية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وأشهر من عرف تجاهله، وتظاهره بإنكار الصانع فرعون، وقد كان مستيقناً به
في الباطن؛ كما قال له موسى:

{ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
بَصَائِر وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا }
[الإسراء: 102]

وقال تعالى عنه وعن قومه:

{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا }
[النمل: 14]
.
ونص شيخ الإسلام في موضع آخر على أن فرعون كان معترفاً بالله في الباطن،
فقال: (وفرعون لم يقل هذا لعدم معرفته في الباطن بالخالق، ولكن أظهر خلاف
ما في نفسه؛
كما قال تعالى:

{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا }
[النمل: 14].

وأما الدهرية فهم لم ينكروا وجود الله تعالى؛

كما قال الشهرستاني:
أما تعطيل العالم عن الصانع العليم، القادر الحكيم، فلست أراها مقالة، ولا عرفت
عليها صاحب مقالة، إلا ما نقل عن شرذمة قليلة من الدهرية أنهم قالوا: كان العالم
في الأزل أجزاء مبثوثة، تتحرك على غير استقامة، فاصطكت اتفافاً؛ فحصل العالم
بشكله الذي تراه عليه، ولست أرى صاحب هذه المقالة ممن ينكر وجود الصانع؛
بل هو يعترف بالصانع، لكنه يحيل سبب وجود العالم على البحث والاتفاق؛
احترازاً عن التعليل

ومما يجب العلم به أن هذا المصطلح – أي (وجود الله تعالى) أو (إثبات الصانع)،
أو (إثبات واجب الوجود)، وغيرها – هي مصطلحات مبتدعة، برزت في الوسط
الإسلامي، مع ظهور فرق الابتداع، واختلاط المسلمين بأهل الشك والريب،
من أهل البلاد المفتوحة، فما كانت البيئة الإسلامية تعرف مثل
هذه المصطلحات المحدثة.

ولعل مثل هذه المقالات روجها زنادقة البلاد المفتوحة؛ حقداً وحسداً على
هذا الدين وأهله، عندما هالهم سرعة انتشاره وتقبله من أهل تلك البلاد،
فعكف هؤلاء الزنادقة وغيرهم من القادة الدينيين على تأليف المقالات
المنحرفة وزرع الشبه والريب بين المسلمين الجدد.

ومما يوضح هذا التعليل أن بلاد فارس والعراق وغيرها قد تعرضت
إلى هجمات فكرية عنيفة من الصابئة ودهاقنة الفرق يعاونهم اليهود
والنصارى، والسمنية الهنود، الذين كانوا يطوفون في البلاد الإسلامية
ويزرعون الشبه والشكوك، ولا شك أن هذه الجماعات قد نشأت
ونظمت نفسها، وبدأت عملها في القرن الأول الهجري.

ومن أمثلة ذلك ما روي أن مجموعة من الملاحدة سألوا : ما الدلالة على
وجود الصانع، فقال لهم: دعوني فخاطري مشغول بأمر غريب، قالوا:
ما هو؟ قال: بلغني أن في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من أصناف الأمتعة
العجيبة؛ وهي ذاهبة وراجعة من غير أحد يحركها ولا يقوم عليها،
فقالوا له: أمجنون أنت؟ قال وما ذاك؟ قالوا: أهذا يصدقه عاقل؟ فقال:
فكيف صدقت عقولكم أن هذا العالم بما فيه من الأنواع والأصناف العجيبة
وهذا الفلك الدوار السيار يجري وتحدث هذه الحوادث بغير محدث
وتتحرك هذه المتحركات بغير محرم؟ فرجعوا على أنفسهم بالملام .

ومنها أيضاً أولئك السمنية الهنود الذين جادلوا الجهم بن صفوان في الإله
المعبود فتحير الجهم، ولم يدر ما يجيب وتوقف عن الصلاة أربعين يوماً
حتى يتبين له ما يعبد بزعمه، ثم أحدثت هذه المجادلة الانحراف الكبير
في عقلية الجهم؛ مما حدا به إلى نفي الصفات، وفتح باباً كبيراً
من أبواب الشر في عقيدة الأمة .

فهذه الموجات الإلحادية التي غزت العالم الإسلامي في مراحل تكونه
الأولى كانت من أهم الأسباب التي فتحت باب الجدل في وجود الله تعالى،
وفي أسمائه وصفاته، على تلك الطريقة المبتدعة المذمومة، التي خالفت
ما جاء به الكتاب والسنة من تقرير هذه المسائل بالطريقة السهلة
الميسرة المقبولة.

وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية على أن أصول هذه المقالات المبتدعة
هم الجهمية وغيرهم من فرق الابتداع،

فقال بن تيمية:
إذا كانت معرفته والإقرار به ثابتاً في كل فطرة، فكيف ينكر ذلك كثير
من النظار؛ نظار المسلمين وغيرهم، وهم يدعون أنهم يقيمون الأدلة
العقلية على المطالب الإلهية، فيقال لهم... أول من عرف في الإسلام
بإنكار هذه المعرفة – هم أهل الكلام؛ الذين اتفق السلف على ذمهم،
من الجهمية، والقدرية، وهم عند سلف الأمة من أضل الطوائف،
وأجهلهم، ولكن انتشر كثير من أصولهم في المتأخرين؛ الذين يوافقون
السلف على كثير مما خالفهم سلفهم الجهمية، فصار بعض الناس يظن
أن هذا قول صدر في الأصل عن علماء مسلمين، وليس كذلك إنما صدر
أولاً عمن ذمه أئمة الدين، وعلماء المسلمين .

وتبعا لهذا الانحراف...في تقرير وجود الله تعالى عند الجهمية، والمبتدعة
اتسع انحراف المتكلمين من المعتزلة وغيرهم، فاشترطوا النظر والاستدلال،
والشك لحصول العلم بالصانع بزعمهم، وقد فند شيخ الإسلام هذا الزعم
الباطل، فقال: ليس هذا قول أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، ولا قاله أحد
من الأنبياء والمرسلين، ولا هو قول المتكلمين، ولا غالبهم، بل هذا قول
محدث في الإسلام، ابتدعه متكلمو المعتزلة، ونحوهم من المتكلمين الذين
اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمهم، وقد نازعهم في ذلك طوائف
من المتكلمين من المرجئة، والشيعة، وغيرهم، وقالوا: بل الإقرار
بالصانع فطري ضروري بديهي، لا يجب أن يتوقف على النظر
والاستدلال... بل قد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن معرفة الله،
والإقرار به لا يقف على هذه الطرق التي يذكرها أهل النظر

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1443565359e96014&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
--- --- --- --- --- ---
المصدر : موقع " الدُرر السُنيَة الصديق .

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1443565359e96014&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1


صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1443565359e96014&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

=======================

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية





" إن شـاء الله "