المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أشتري نفسك ( 1 - 5 )


adnan
02-20-2014, 07:22 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين



أشتري نفسك ( 1 )
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144356f45f5b7ac6&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
أيها الأخوة الكرام، بين الآيات القرآنية في السورة الواحدة علاقات
وشيجة، فبعد أن حدثنا ربنا جل جلاله عن الذين تخلفوا عن الغزو،
وعن الذين اعتذروا كاذبين، وعن الذين أرجأ الله فيهم الحكم، قال:
هذه الأنماط – النماذج- من المنافقين، والكفار، لا تعني أن ليس هناك
فئة مؤمنة طاهرة، متفوقة، لذلك جاء الحديث عن المؤمنين،
فقال تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ }

النقطة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان الإيجاد، ومنحه
الإمداد، ومنحه الهدى والرشاد،منحك نعمة الإيجاد، أنت موجود، والدليل:
لو اطلعت على كتاب أُلف قبل ولادتك، في أثناء تأليف هذا الكتاب،
من أنت؟ لا شيء، ما هويتك؟ لا هوية، ما وجودك؟ لا وجود.

{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً }
[ سورة الإنسان]

إذاً منحنا الله عز وجل النعمة الأولى نعمة الإيجاد، فنحن موجودون،
والوجود نعمة كبرى، لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا ليسعدنا، فلما أوجدنا،
معنى ذلك أنه أوجدنا ليسعدنا وهذه نعمة كبيرة.

الله عز وجل منح الإنسان الحياة و اشتراها منه :
لذلك العلماء قالوا: هناك نعم كبرى، أولها: نعمة الإيجاد، وثانيها: نعمة
الإمداد،أمدك بكل حاجاتك، المادية، والمعنوية، القريبة، والبعيدة، ومع كل
ذلك منحك نعمة الهدى والرشاد، دلك عليه.إذاً أي إنسان على وجه الأرض
يتمتع بنعم ثلاث، أولاها: نعمة الإيجاد، وثانيها: نعمة الإمداد، وثالثها:
نعمة الهدى والرشاد، الله عز وجل أوجدنا، وأمدنا، وهدانا، ولكن هذا
التمليك ملكنا أنفسنا، وملكنا أموالنا،المال مال الله، لكن الله ملكنا إياه،
وليكون هذا التمليك أكيداً وحقيقاً قال: أقرضني من هذا المال، هو مال
الله عز وجل. كيف بأب يعطي ابنه مبلغاً كبيراً، ثم يقول له: أقرضني يا
بني، المال مال الأب لو قال: ردّ لي بعض المال، لم يقل رد لي بعض
المال، قال: أقرضني.

معنى ذلك الله سبحانه وتعالى منحك نعمة الإيجاد، ونعمة الرشاد والهدى،
ونعمة الإمداد،لكن الله عز وجل إذا أعطى لا يأخذ، وإذا منح لا يسترد، إذاً
ملكك حياتك، وملكك مالك، الآن إذا بذلت حياتك في سبيل الله،إما ضعفاً،
أو جهداً، أو طاقة، أو قتلاً في سبيل الله، إن قدمت حياتك في سبيل الله، أو
قدمت مالك، هذاالعمل ثمّنه الله تثميناً كثيراً، لأنه عدّ حياتك ملكك، وعدّ
مالك ملكك، ثم قال: ابذل هذه الحياة، ابذل جهداً، أو وقتاً، أو مشقة، أو
نفساً، ابذل هذا المال أو بعضه، أو كله، فكأن الله سبحانه
وتعالى منحك ثم استقرضك
، فقال تعالى:

{ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً }
[ سورة البقرة الآية: 245]

إذاً:

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى }

أي هو منحك الحياة، واشتراها منك، إذاً هناك صفقة، هناك بائع ومشتر،
مبيع ومادة، المشتري هو الله، والبائع هو الإنسان المؤمن، وأما الثمن
فهو جنة عرضها السموات والأرض فيها:

( ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ )
[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]

المؤمن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله
وكأنها ليست بشيء :
لذلك المؤمن حينما يشعر أنه باع نفسه لله، كيف يتصرف بعدها؟
ما دمت قد بعت نفسك لله بيعاً حقيقياً، وبيعاً قطعياً، فإذا اختار الله لك
دخلاً محدوداً، أو زواجاً من دون أولاد، أو ذكوراً من دون إناث، أو إناثاً
من دون ذكور، أو دخلاً فلكياً، أو دخلاً محدوداً، أو مرضاً معيناً، أو مشكلة
في حياتك، هذا كله من قضاء الله وقدره، فأنت إذا كان بيعك حقيقياً بعت
ربك عز وجل، طبعاً هذا لا يتناقض مع أن تعالج نفسك، هذا لا يتناقض
مع أن تأخذ بالأسباب، ولكن حينما تأخذ بالأسباب ولا تستطيع بعد الأخذ
بها أن تحقق الهدف، إذاً هذه مشيئة الله، هذه كلمة دقيقة جداً.المؤمن
حينما تأتيه مشكلة يبحث عن حل لها، وحل ثان، وحل ثالث، فإذا لم تفلح
كل الحلول، يقول: هناك حكمة بالغة بالغة من هذا الذي أصابني، أما أن
تقول هناك حكمة قبل أن تفعل شيئاً فهذا عمل فيه تواكل، وعمل مرفوض
في عالم المسلمين. بالإسلام هناك حقيقة خطيرة جداً: المؤمن الصادق
عليه أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم يتوكل على الله وكأنها
ليست بشيء