المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغاية تبرر الوسيلة


adnan
02-23-2014, 11:12 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين



الغاية تبرر الوسيلة
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144594c21e380c0b&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
الغاية تبرر الوسيلة ليست قاعدة شرعية –
للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى

هناك من يستعمل بعض الأمور في الدعوة ويكون عليها بعض الأشياء من
الملاحظات يحتج قائلا الغاية تبرر الوسيلة، فنرجو منكم بيان ذلك بيانا شافيا؟
الغاية تبرر الوسيلة ليست قاعدة شرعية،

وإنما القاعدة الشرعية:
الأمور بمقاصدها،

وقاعدة أخرى:
الوسائل لها أحكام المقاصد، لها أحكام الغايات، فليست الغاية مبرّرة
للوسيلة، فإذا كانت الغاية محمودة لا تبرر كل وسيلة؛ بل لابد أن تكون
الوسيلة إلى المحمود محمودة، فيشترط في كون الوسيلة مأذونا بها أن
تكون مباحة، فتأخذ الوسيلة حينئذ حكم الغاية، حكم المقصد. فمثلا المشي
من البيت إلى المسجد، حضور الصلاة في المسجد واجب،المشي هو
وسيلة الوصول، ما حكم هذا المشي؟ نقول الوسيلة لها حكم الغاية،
فيكون المشي حكمه الوجوب،

ما معنى كونه واجبا؟
يعني أنه يثاب عليه ثواب الواجبات، فأحيانا تكون الوسيلة مباحة؛ لكن
لكونها توصل إلى واجب صارت واجبة، والله جل وعلا جعل الوسيلة إلى
الجهاد يؤجر عليها العبد،
فقال سبحانه

{ وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ }
[التوبة:121]

هم ذاهبون إلى الجهاد، فكيف يكون قطع الوادي فيه أجر ويكتب له

قال العلماء:
لأن الوسيلة لها حكم الغاية.

فإذن ما ذكر الوسيلة تبرر الغاية هذا باطل وليس في الشرع، وإنما في
الشرع أن الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط الوسيلة مباحة،أما إذا كانت
الوسيلة محرمة كمن يشرب الخمر للتداوي، فإنه ولو كان فيه الشفاء فإنه
يحرم، فليست كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود؛بل بشرط
أن تكون الوسيلة مباحة.

** إذا تقرر هذا،
فمسألة الوسائل في الدعوة ليست على الإطلاق؛ بل لابد أن تكون الوسيلة
مباحة، ليست كل وسيلة يظنها العبد ناجحة أو تكون ناجحة بالفعل يجوز
فعلها. مثال ذلك: المظاهرات مثلا إذا أتى طائفة كبيرة وقالوا: إذا عملنا
مظاهرة فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يصلح وإصلاحه
مطلوب، والوسيلة تبرر الغاية. نقول: هذا باطل لأن الوسيلة في أصلها
محرمة، فهذه الوسيلة وإن أوصلت إلى المصلحة؛ لكنها في أصلها محرم
كالتداوي بالمحرم ليوصل إلى الشفاء. فثم وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها
العقول لا حصر لها وتُجعل الوسائل مبررة للغايات،وهذا ليس بجيد بل
هذا باطل بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذونا بها أصلا ثم يحكم عليها
بالحكم على الغاية إن كانت الغاية مستحبة صارت الوسيلة مستحبة
وإن كانت الغاية واجبة صارت الوسيلة واجبة، وهكذا.

الغاية لا تبرر الوسيلة... أنس زاهد يقول
الغاية إذا ما كانت نبيلة فعلاً ، ستعتمد وسائل نبيلة ولا يمكن أن تلجأ إلى
الوسائل التي تتناقض معها . وهو ما يقوله لنا التاريخ عبر جميع مراحله
الغاية لا تبرر الوسيلة ليست هناك غاية مهما كانت نبيلة ، يمكن أن تبرر
الوسيلة الدنيئة .الغايات النبيلة لا يمكن الوصول إليها إلا عبر الوسائل
النبيلة ، فالغاية هي التي تحدد الوسيلة الملائمة لتحقيقها من خلال
الاحتكام إلى مجموعة القيم التي تنطلق منها والأغراض التي تهدف إلى
الوصول إليها ، وليس العكس . الوسيلة جزء من الغاية ، الفصل بين
الأمرين يحتوي على استحالة موضوعية لا يمكن أن تتحقق على أرض
الواقع ، فالخير لا يمكن الوصول إليه عبر ارتكاب الشرور ، والمظالم لا
يمكن أن تكون طريقاً لتحقيق العدل ، الأمر الذي نبه إليه القرآن الكريم في
واحدة من أهم الآيات التي حددت

الضوابط الأخلاقية التي لا يجوز الخروج عليها
حتى في حالة التعامل مع الأعداء والظالمين :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ
وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ
وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
ايه8المائدة .
الوسيلة هي المعيار للحكم على الغاية وليس العكس . ذلك أن الغايات
الدنيئة لا تعلن عن نفسها ولا تكشف عوراتها بل تحاول التستر عليها .
الغايات الدنيئة جميعا ترتبط ارتباطاً عضوياً بالكذب والنفاق والتضليل ،
لذلك فإن من الواجب على العاقل أن يحيل الغايات إلى الوسائل ، ليتمكن
من اتخاذ الموقف السليم تجاهها. الوسيلة هي التعبير الأصدق عن الغاية
، بغض النظر عن الشعارات المرفوعة .

فقول بعضهم:
"الغاية لا تبرر الوسيلة" ليست قاعدة شرعية فيما أعلم، والصواب
أن الغاية المشروعة قد تبرر الوسيلة في بعض الأحوال؛ إذ الوسائل لها
أحكام المقاصد كما هو معلوم. ثم إن من المقرر شرعاً أن الضرر يزال،
وأن ارتكاب أخف المفسدتين إذا تعارضتا متعين، فالقول بأن:
"الضرورات تبيح المحظورات" قاعدة شرعية
دل عليها قول الله تعالى:

{ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم }
ايه173سورة البقرة،

كما دلت عليه السنة المطهرة. والله أعلم، وبالله التوفيق.