المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأسباب المشهودة و الأسباب الغائبة


adnan
03-21-2014, 08:18 PM
الأخت / الملكة نـــور


الأسباب المشهودة و الأسباب الغائبة

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144df69bacaf9598&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

(قاعدة) الأسباب المشهودة والأسباب الغائبة

ليس في الوجود من الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير, بل لا يؤثر سبب

البتة إلا بانضمام سبب آخر إليه و انتفاء مانع يمنع تأثيره . هذا في الأسباب

المشهودة بالعيان , و في الأسباب الغائبة و الأسباب المعنوية كتأثير الشمس

في الحيوان والنبات فانه موقوف على أسباب أخر, من وجود محل

أسباب أخر تنضم إلى ذلك السبب . و كذلك حصول الولد موقوف على عدة

أسباب غير وطء الفحل, وكذلك جميع الأسباب مع مسبباتها , فكل ما يخاف

ويرجى من المخلوقات فأعلى غاياته أن يكون جزء سبب غير مستقل بالتأثير

وحده دون توقف تأثيره على غيره إلا الله الواحد القهّار, فلا ينبغي أن يرجى

و لا يخاف غيره . و هذا برهان قطعي على أن تعلق الرجاء و الخوف بغيره

باطل , فانه لو فرض أن ذلك سبب مستقل وحده بالتأثير لكانت سببته من

غيره لا منه , فليس له من نفسه قوة يفعل بها , فانه لا حول ولا قوة إلا بالله

فهو الذي بيده الحول كله والقوة كلها , فالحول والقوة التي يرجى لأجلهما

المخلوق و يخاف إنما هما لله و بيده في الحقيقة . فكيف يخاف و يرجى من

لا حول له و لا قوة , بل خوف المخلوق و رجاؤه بأحد أسباب الحرمان

و نزول المكروهة بمن يرجوه و يخافه , فانه على قدر خوفك من غير الله

يسلط عليك , و على قدر رجائك لغيره يكون الحرمان , و هذا حال الخلق

أجمعه , و ان ذهب عن أكثرهم علما و حالا , فما شاء الله كان و لا بد

وما لم يشأ لم يكن و لو اتفقت عليه الخليقة .

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144df69bacaf9598&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1

التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه

التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه: فأما أعدائه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها:



{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْك دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين

فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ }

العنكبوت 65 .



و أما أولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا والآخرة و شدائدها . و لذلك فزع

إليه يونس , فنجّاه الله من تلك الظلمات , اقرأ الأنبياء آية رقم 87-88 .

و فزع إليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد

لهم في الآخرة. ولما فزع إليه فرعون, عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق, لم

ينفعه , اقرأ الآية رقم 90-92 من سورة يونس, لأن الإيمان عند المعاينة

لا يقبل . هذه سنة الله في عباده . مما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد .

و لذلك كان دعاء الكرب * بالتوحيد ودعوة ذي النون* التي ما دعا بها

مكروب إلا فرّج الله كربه بالتوحيد . فلا يلقى في الكرب العظام إلا الشرك

و لا ينجي منها إلا التوحيد , فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها و غياثها

. و بالله التوفيق .



* دعاء الكرب أخرجه البخاري في الدعوات 11\149 برقم 6345, و مسلم

والترمذي و أحمد . عن ابن عباس قال :

كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو عند الكرب يقول :



( لا اله إلا الله العظيم الحليم لا اله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش )



* وهو سيدنا يونس عليه السلام و الدعاء المقصود هو قوله تعالى



{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }



و قد صح في الحديث عن سعد بن أبي وقّاص قال :

شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :



( إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرّج الله عنه

كلمة أخي يونس عليه السلام فنادى في الظلمات :



{ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=144df69bacaf9598&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1

(فائدة) اللذة تابعة للمحبة

اللذة تابعة للمحبة , تقوى بقوتها وتضعف بضعفها , فكلما كانت الرغبة

في المحبوب و الشوق إليه أقوى كانت اللذة بالوصول إليه أتم والمحبة

و الشوق تابع لمعرفته والعلم به , فكلما كان العلم به أتم كانت محبته أكمل ,

فإذا رجع كمال النعيم في الآخرة و كمال اللذة إلى العلم و الحب , فمن كان

يؤمن بالله و أسمائه و صفاته و دينه أعرف , كان له أحب , و كانت لذته

بالوصول إليه ومجاورته و النظر إلى وجهه و سماع كلامه أتم . و كل لذة

ونعيم وسرور و بهجة بالإضافة إلى ذلك كقطرة في بحر , فكيف يؤثر من له

عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالآلام على لذة عظيمة دائمة أبد الآباد ؟ !

و كمال العبد بحسب هاتين القوتين : العلم و الحب , و أفضل العلم العلم بالله

, و أعلى الحب الحب له , و أكمل اللذة بحسبهما . و الله المستعان .