المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 30.05.1435


adnan
03-31-2014, 08:59 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

[ عقد الإسلام و بما يثبت ؟ ]

المقصود بعقد الإسلام هو
أصل الدين، أي القدر الشرعي الذي متى ما التزمه المكلف نجا به من
الكفر، وكذلك نجا به من الخلود في النار إذا مات على ذلك. فبه يصير
الكافر مسلماً، والعدو ولياً، والمباح دمه وماله معصوم الدم والمال.
كما يترتب على الإقرار بهذا الأصل الدخول في مسمى أهل القبلة،
واستحقاق ما لهم من حقوق، ووجوب ما عليهم من واجبات.

وفائدة هذا المبحث وثمرته هي:
الوقوف على ما يتحقق به أصل الإسلام، ومن يحكم له به، وهل يعذر أحد
بجهل بعض أركانه أو بعدم الالتزام بها؟ ومن ثمة يكون هذا المبحث
من الأصول اللازمة لدراسة حكم الجهل بمسائل الاعتقاد على التفصيل.
ويتحقق أصل الدين بالإقرار المجمل بكل ما صح به الخبر عن النبي
صلى الله عليه وسلم تصديقاً وانقياداً. وهذا المعنى تعبر عنه الشهادتان؛
ولهذا جعلهما الله تبارك وتعالى باب الدخول إلى الإسلام، وجعل النطق
بهما هو مناط عصمة الدماء والأموال والأعراض.

ففي صحيح البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال:
لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها،
حسابه على الله عز وجل ) .

وفي رواية:

( ... حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به ) .

وفي رواية له أيضا من حديث أبي مالك الأشجعي
عن أبيه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

( من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله،
حرم الله دمه وماله، وحسابه على الله عز وجل ) .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
( ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل
من جاءه يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك،
ويجعله مسلما. فقد أنكر على أسامه بن زيد قتله لمن قال: لا إله إلا الله
لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره عليه. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم
يشترط على من جاءه يريد الإسلام، أن يلتزم الصلاة والزكاة ) .

فالشهادة لله بالوحدانية تعني الإقرار المجمل بالتوحيد، والبراءة المطلقة
من الشرك، والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة تعني الإقرار
المجمل بكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم من عند الله تصديقا وانقيادا.
وهذا كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبول من كان يأتيه
من الكفار يريد الإسلام، كما جاء في الأحاديث المتقدمة، وكما جاء في
كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وهكذا كان أمره لرسله إلى القبائل
والملوك وأهل الكتاب، وكذلك إذا بعث السرايا أن يدعوا إلى توحيد الله ويقاتلوا عليه.

عن أبي معبد مولى ابن عباس قال:
سمعت ابن عباس يقول:

( لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى نحو
أهل اليمن، قال له: إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب،
فليكن أول ما تدعوهم إلى عبادة الله... )

الحديث؛ وفي رواية:

( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله )

وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله
ويفتح الله عليه... فدعا عليا، فبعثه فقال: اذهب فقاتل، حتى
يفتح الله عليك، ولا تلتفت. فمشى ساعة – أو قال: قليلا -،
ثم وقف ولم يلتفت، فقال: يا رسول الله، علام أقاتل الناس؟،
قال: قاتلوهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله
فإذا فعلوا ذلك، منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها،
وحسابهم على الله ) .

وبناء على ما سبق، فإن وصف المسلم لا يثبت للمكلف على الحقيقة التي
يصير بها مسلما عند الله إلا بأمرين:

الأول: تحقق هذا الأصل في القلب.

الثاني: النطق باللسان بالبراءة من الشرك والالتزام بالتوحيد، وهذا في
حالة الخلو من الموانع والأعذار الشرعية المعتبرة كالبكم والإكراه.
فهذا القدر – وهو أصل الدين – إذا ما تحقق ولم ينقض بقول أو عمل أو
اعتقاد، فقد نجا صاحبه من الكفر، ومن الخلود في النار،

وهذا ما أطلق عليه شيخ الإسلام ابن تيمية
اسم (الإيمان المجمل)، حيث قال:
( فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا
شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله، فهم مسلمون، ومعهم إيمان
مجمل. ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئاً فشيئاً
إن أعطاهم الله ذلك ) ا.هـ .

وعلى هذا، فإن نفي الإيمان المجمل معناه نفي مطلق الإيمان، وسقوط
صاحبه في الكفر الأكبر الناقل عن الملة، ويتحقق هذا بانتفاء أو نقض أحد
عناصره من التصديق أو الانقياد أو الإقرار.

ومن خلال ما سبق بيانه، يتبين لنا جليا أن أول واجب على المكلف هو:
شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لا كما يقول أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية أن أول ما يجب على العبد النظر في الأدلة العقلية
على وجود الله تعالى، أو القصد إلى النظر أو غيره .

قال الحافظ ابن حجر:
( قال القرطبي: لو لم يكن في (علم) الكلام إلا مسألتان، هما من مبادئه،
لكان حقيقا بالذم.
إحداهما: قول بعضهم: إن أول واجب الشك؛ إذ هو اللازم لوجوب النظر
أو القصد إلى النظر.

والثانية: قول جماعة منهم: من لم يعرف الله بالطرق التي رتبها أهل
الكلام، لم يصح إيمانه.

والقائل بهاتين المسألتين كافر؛ لجعله الشك في الله تعالى واجبا، ومعظم
المسلمين كفاراً، حتى يدخل في عموم كلامه السلف الصالح من الصحابة
والتابعين، وهذا معلوم الفساد من الدين بالضرورة ) .

والخلاصة:
أن هذا الالتزام المجمل هو الذي يتوقف على تحقيقه ثبوت عقد الإسلام،
فلا يكون المرء مسلما إلا باستيفائه. كما أنه شرط في صحة الأعمال
وقبولها، فهو سابق على غيره من التكاليف.

أما الالتزام بباقي الواجبات، فإنه يأتي بعد تحقيق هذا الأصل، فإن حصل
التزام وعمل، استلزم ذلك بقاء وصف الإسلام واستمراره، وهذا مصداق
أمر النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن أن يدعو إلى
الشهادتين، فمن أطاعه على ذلك، أعلمه بالصلاة ثم الزكاة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:
( الكافر إذا أسلم وقلنا له: قد وجبت عليك الصلاة، فإنه يلتزمها وينويها؛
لاستشعاره لها جملة ولم يعلم صفتها، بل كل من آمن بالرسول صلى
الله عليه وسلم إيمانا راسخا، فإن إيمانه متضمن لتصديقه فيما أخبر،
وطاعته فيما أمر، وإن لم يعلم ولم يقصد أنواع الأخبار والأعمال. ثم عند
العلم بالتفصيل، إما أن يصدق ويطيع، فيصير من الذين آمنوا وعملوا
الصالحات، أو يخالف ذلك، فيصير إما منافقا، وإما عاصيا فاسقا، أو غير ذلك .
والثمرة النهائية التي نستخلصها من هذا المبحث هو: أنه لا عذر لأحد
بالجهل في هذا الأصل، فمن لم يتحقق لديه، لم يكن مسلما، دون اعتبار
لعلم أو لجهل. فإن هذا مما انعقد به الإجماع بقين المسلمين بكفر كل من
لم يدن بدين الإسلام. فكل من لم يشهد لله بالوحدانية، ولمحمد صلى
الله عليه وسلم بالرسالة، فهو كافر بلا نزاع، سواء كان يهوديا
أو نصرانيا أو وثنيا أو غيره.

أما ما كان من نزاع في بعض هذه الطوائف ممن لم تبلغهم نذارة ولم
يصلهم بلاغ، فهو فيما يتعلق بأحكام الآخرة، هل يخلدون في النار
لكفرهم، أو يعفى عنهم؛ لعدم بلوغ الحجة إليهم، أم يمتحنون في عرصات
يوم القيامة؟. أما في الدنيا فهم كفار بلا نزاع
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14512d0117adf63c&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
--- --- --- --- --- ---
المصدر : موقع " الدُرر السُنيَة الصديق .

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14512d0117adf63c&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1


صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14512d0117adf63c&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

=======================

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية





" إن شـاء الله "