المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترك الإختيار


adnan
04-04-2014, 12:14 AM
الأخت / الملكة نـــور





ترك الإختيار
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1451d3d5fae40033&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
ترك الاختيار
من ترك الاختيار والتدبير في طلب زيادة دنيا أو جاه أو في خوف نقصان
أو في التخلص من عدو, توكلا على الله وثقة بتدبيره له وحسن اختياره
له, فألقى كنفه بين يديه, وسلم الأمر اليه, ورضي بما يقضيه له, استراح
من الهموم والغموم والأحزان .ومن أبى الا تدبيره لنفسه, وقع في النكد
والنصب وسوء الحال والتعب, فلا عيش يصفو, ولا قلب يفرح, ولا عمل
يزكو, ولا أمل يقوم, ولا راحة تدوم .والله سبحانه سهّل لخلقه السبيل اليه
وحجبهم عنه بالتدبير, فمن رضي بتدبير الله له, وسكن الى اختياره,
وسلّم لحكمه, أزال ذلك الحجاب, فأفضى القلب الى ربه, واطمأن اليه وسكن .

المتوكل لا يسأل غير الله ولا يرد على الله ولا يدخر مع الله

· من شغل بنفسه شغل عن غيره, ومن شغل بربه شغل عن نفسه.

· الاخلاص هو ما لا يعلمه ملك فيكتبه ولا عدو فيفسده ولا يعجب به صاحبه فيبطله.

· الرضا سكون القلب تحت مجاري الأحكام.

· الناس في الدنيا معذّبون على قدر هممهم بها.

· للقلب ستة مواطن يجول فيها لا سابع لها: ثلاثة سافلة, وثلاثة عالية.
فالسافلة: دنيا تتزين له, ونفس تحدثه, وعدو يوسوس له. فهذه مواطن
الأرواح السافلة التي لا تزال تجول بها.

والثلاثة العالية: علم يتبين له, وعقل يرشده, واه يعبده. والقلوب جوّالة
في هذه المواطن.


· اتباع الهوى وطول الأمل مادة كل فساد, فان اتباع الهوى يعمي عن
الحق معرفة وقصدا, وطول الأمل ينسي الآخرة, ويصد عن الاستعداد لها.

· لا يشم عبد رائحة الصدق ويداهن نفسه, أو يداهن غيره.

· اذا أراد الله بعبد خيرا جعله معترفا بذنبه, ممسكا عن ذنب غيره,
جوّادا بما عنده, زاهدا فيما عند غيره, محتملا لأذى غيره, وان أراد به
شرا عكس ذلك عليه.

·الهمّة العليّة لا تزال حائمة حول ثلاثة أشياء:
تعرف لصفة من الصفات العليا تزداد بمعرفتها محبة وارادة.وملاحظة
لمنة تزداد بتذكره توبة وخشية. فاذا تعلّقت الهمّة بسوى هذه الثلاثة جالت
في أودية الوساوس والخطرات.

· من عشق الدنيا نظرت الى قدرها عند فصيرته من خدمها وعبيدها
وأذلّته. ومن أعرض عنها نظرت الى كبر قدره فخدمته وذلّت له.

· انما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادّة وسير الليل, فاذا حاد
المسافر عن الطريق, ونام الليل كله, فمتى يصل الى مقصده؟

(فائدة جليلة) قبول فتوى العابد الزاهد في دنياه
كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها, فلا بد أن يقول على الله غير
الحق في فتواه وحكمه, في خبره والزامه, لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا
ما تأتي على خلاف أغراض الناس, ولا سيما أهل الرئاسة. والذين يتبعون
الشهوات فانهم لا تتم لهم أغراضهم الا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا, فاذا
كان العالم والحاكم محبين للرئاسة, متبعين للشهوات, لم يتم لهما ذلك
الا بدفع ما يضاده من الحق, ولا سيما اذا قامت له شبهة, فتتفق الشبهة
والشهوة, ويثور الهوى, فيخفى الصواب, وينطمس وجه الحق. وان كان
الحق ظاهرا لا خفاء به ولا شبهة فيه, أقدم على مخالفته وقال: لي مخرج
من التوبة. وفي هؤلاء وأشباههم
قال تعالى:

{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ }
مريم 59.

وقال تعالى فيهم أيضا:

{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ
وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ
أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ
وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
الأعراف 169.

فأخبر سبحانه أنهم أخذوا الغرض الأدنى مع علمهم بتحريمه عليهم وقالوا
سيغفر لنا, وان عرض لهم عرض آخر أخذوه فهم مصرون على ذلك,
وذلك هو الحامل لهم على أن يقولوا على الله غير الحق, فيقولون هذا
حكمه وشرعه ودينه وهم يعلمون أن حكمه وشرعه ودينه خلاف ذلك,
أو لا يعلمون أن ذلك دينه وشرعه وحكمه؟ فتارة يقولون على الله ما
لا يعلمون, وتارة يقولون عليه ما يعلمون بطلانه, وأما الذين يتقون
فيعلمون أن الدار الآخرة خير من الدنيا, فلا يحملهم حب الرئاسة
والشهوة على أن يؤثروا الدنيا على الآخرة. وطريق ذلك أن يتمسكوا
بالكتاب والسنة, ويستعينوا بالصبر والصلاة, ويتفكروا في الدنيا وزوالها
وخستها, والآخرة اقبالها ودوامها, وهؤلاء لا بد أن يبتدعوا في الدين مع
الفجور في العمل فيختمع لهم الأمران, فان اتباع الهوى يعمى عين القلب,
فلا يميز بين السنة والبدعة, أو ينكسه فيرى البدعة سنة, والسنة بدعة.
فهذه آفة العلماء اذا آثروا الدنيا, واتبعوا الرئاسات والشهوات.
وهذه الآيات فيهم الي قوله:

{ واتْلُ عَليهِم نَبَأَ الذي آَتيناهُ آياتِنا فانسلخَ مِنْها فأتبعَه الشَّيطان فكانَ مِنْ الغَاوينَ
ولَوْ شِئنَا لرَفَعْناه بِها ولكنّه أخْلَدَ إلَى الأرضِ واتّبع هَوَاهُ
فَمَثَلُه كمَثَلِ الكَلب إن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ }
الأعراف 175-176.

فهذا مثل عالم السوء الذي يعمل بخلاف علمه.

وتأمّل ما تضمنته هذه الآية من ذمه, وذلك من وجوه:

أحدها: أنه ضل بعد العلم, واختار الكفر على الايمان عمدا لا جهلا.

وثانيها: أنه فارق الايمان مفارقة من لا يعود اليه أبدا, فانه انسلخ
من الآيات بالجملة, كما تنسلخ الحية من قشرها, ولو بقي معه منها
شيء, لم ينسلخ منها.

وثالثها: أن الشيطان أدركه ولحقه, بحيث ظفر به وافترسه, ولهذا قال:

{ فأتبعه الشيطان }

, ولم يقل تبعه, فان معنى أتبعه أدركه ولحقه, وهو أبلغ من تبعه لفظا ومعنى.

ورابعها: أنه غوي بعد الرشد. والغي: الضلال في العلم والقصد,
وهوأخص بفساد القصد والعمل كما أن الضلال أخص بفساد العلم
والاعتقاد. فاذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر, وان اقترنا فالفرق ما ذكر .

وخامسها: أنه سبحانه لم يشأ أن يرفعه بالعلم فكان سبب هلاكه, لأنه لم
يرفع به فصار وبالا عليه, فلو لم يكن عالما لكان خيرا له وأخف لعذابه.

وسادسها: أنه سبحانه أخبر عن خسة همته, وأن اختار الأسفل الأدنى
على الأشرف الأعلى.

وسابعها: أن اختياره للأدنى لم يكن عن خاطر وحديث نفس, ولكنه كان
عن اخلاد الى الأرض, وميل بكليّته الى ما هناك, وأصل الاخلاد اللزوم
على الدوام, كأنه قيل: لزم الميل الى الأرض, ومن هذا يقال: أخلد فلان
بالمكان اذا لزم الاقامة به,

قال مالك بن نويرة (مرتد قتله ضرار بن الأزور):
بأبناء حي من قبائل مالك وعمرو بن يربوع أقاموا فأخلدوا

وعبّر عن ميله الى الدنيا باخلاده الى الأرض, لأن الدنيا هي الأرض وما
فيها وما يستخرج منها من الزينة والمتاع.

وثامنها: أنه رغب عن هداه, واتبع هواه, فجعل هواه اماما له, يقتدي به ويتبعه.

وتاسعها: أنه شبهه بالكلب الذي هو أخس الحيواناتهمة, وأسقطها نفسا,
وأبخلها وأشدها كلبا, ولهذا سمي كلبا.

وعاشرها: أنه شبه لهثه على الدنيا, وعدم صبره عنها, وجزعه لفقدها,
وحرصه على تحصيلها, بلهث الكلب في حالتي تركه والحمل عليه
بالطرد, وهكذا. هذا ان ترك فهو لهثان على الدنيا, وان وعظ وزجر
فهو كذلك. فاللهث لا يفارقه في كل حال كلهث الكلب.

قال ابن قتيبة:
كل شيء يلهث فانما يلهث من اعياء أو عطش الا الكلب في حال الكلال
(الأكل), وحال الراحة, وحال الري, وحال العطش, فضربه الله مثلا لهذا
الكافر فقال: ان وعظته فهو ضال, وان تركته فهو ضال, وان تركته فهو
ضال كالكلب ان طردته لهث, وان تركته على حاله لهث. وهذا التمثيل لم
يقع بكل كلب, وانما وقع بالكلب اللاهث, وذلك أخس ما يكون وأشنعه .