المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد 80 & 81 / من فوائد لابن القيم


adnan
04-13-2014, 10:49 PM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفوائد 80 & 81
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1455670c42c173f0&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
[ 80] شروط الانتفاع بالايمان والعلم
لا ينتفع بنعمة الله بالايمان والعلم الا من عرف نفسه, ووقف بها عند
قدرها, ولم يتجاوزه الى ما ليس له, ولم يتعد طوره ولم يقل هذا لي,
وتيقّن أنه لله ومن الله وبالله, فهو المان به ابتداء وادامة بلا سبب من
العبد ولا استحقاق منه, فتذله نعم الله عليه وتكسره كسرة من لا يرى
لنفسه ولا فيها خيرا البتّة, وأن الخير الذي وصل اليه فهو لله وبه
ومنه, فتحدث له النعم ذلا وانكسارا عجيبا لا يعبر عنه.فكلما جدد له نعمة
ازداد له ذلا وانكسارا ومحبة وخوف ورجاء,

وهذا نتيجة علمين شريفين:
علمه بربه وكماله وبره وغناه وجوده واحسانه ورحمته, وأن الخير كله
في يديه, وهو ملكه يؤتي منه من يشاء ويمنع من يشاء. وله الحمد على
هذا, وهذا أكمل حمد وأتمه. وعلمه بنفسه ووقوفه على حدها وقدرها
ونقصها وظلمها وجهلها, وأنها لا خير فيها البتة ولا لها ولا بها ولا
منها, وأنها ليس لها من ذاتها الا العدم الذي لا شيء أحقر منه ولا
أنقص, فما فيها من الخير تابع لوجودها الذي ليس اليها ولا بها.
فاذا صار هذان العلمان صبغة لها لا صبغة على لسانها علمت حينئذ أن
الحمد كله لله, والأمر كله له والخير كله في يديه, وأنه هو المستحق
للحمد والثناء والمدح دونها, وأنها هي أولى بالذم والعيب واللوم.
ومن فاته التحقق بهذين العلمين تلونت به أقواله وأعماله وأحواله
وتخبطت عليه ولم يهتد الى الصراط المستقيم الموصل له الى الله.


فايصال العبد تحقيق هاتين المعرفتين علما وحالا,
وانقطاعه بفواتهما. وهذا معنى قولهم:
من عرف نفسه عرف ربه, فانه من عرف نفسه بالجهل والظلم والعيب
والنقائص والحاجة والفقر والذل والمسكنة والعدم, عرف ربه بضد ذلك
فوقف بنفسه عند قدرها ولم يتعد بها طورها, وأثنى على ربه ببعض ما
هو أهله, وانصرفت قوة حبه وخشيته ورجائه وانابته وتوكله اليه وحده,
وكان أحب شيء اليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له, وهذا هو حقيقة
العبودية, والله المستعان.

ويحكى أن بعض الحكماء كتب على باب بيته:
انه لن ينتفع بحكمتنا الا من عرف نفسه ووقف بها عند قدرها,
فمن كان كذلك فليدخل والا فليرجع حتى يكون بهذه الصفة.
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1455670c42c173f0&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
- [81] الصبر عن الشهوة أسهل من ألم عقوبتها
الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة, فانها اما ان
توجب ألما وعقوبة, واما أن تقطع لذة أكمل منها, واما أ، تضيع وقتا
اضاعته حسرة وندامة, واما أن تلثم عرضا توفيره أنفع للعبد من ثلمه,
واما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه, واما أن تضع قدرا وجاها
قيامه خير وضعه, واما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء
الشهوة, واما أ، تطرق لوضيع اليك طريقا لم يك يجدها قبل ذلك, واما
أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة, واما أن تنسي
علما ذكره ألذ من نيل الشهوة, واما أن تشمت عدوا وتحزن وليا, واما
تقطع الطريق على نعمة مقبلة, واما أ، تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول,
فان الأعمال تورث الصفات والأخلاق .