تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب الوقوع في الإبتداع و التحزب ( 7 )


adnan
04-20-2014, 11:14 PM
الأخ / الصبر ضياء - الفرج قريب


أسباب الوقوع في الإبتداع و التحزب ( 7 )
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14575d8b0c81edcd&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
أسباب الوقوع في الابتداع والتحزب كثيرة وسأذكر بعضا منها:

السبب السابع: تعظيم كلام أعداء الإسلام :
الذي ينظر بدقة إلى حال دعاة الباطل مع كلام أعداء الإسلام يرى أن
عندهم حسن ظن بهم من جهة وجهل بحال أولئك ونوازعهم وتناقضاتهم
ومقاصدهم من جهة أخرى أما حسن ظنهم بهم فقد أورثهم: التغطية
لعيوب أولئك الأعداء وجعلهم فوق منـزلتهم ولما فعلوا ذلك استبعدوا
غاية الاستبعاد أن يكون أعداؤهم هؤلاء قد جانبوا الحكمة والصواب.
وأما الجهل بحقيقة ما هم عليه فقد جرهم إلى حمل كلام أعدائهم على
صورة توافق ما هم عليه ، وهي على غير ذلك، فكانوا مخطئين من الجهتين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ولكن دخلت الشبهة في ذلك بأن قوما كان لهم ذكاء تميزوا به في أنواع
من العلوم إما طبيعية كالحساب والطب وإما شرعية كالفقه مثلا وأما
الأمور الإلهية فلم يكن لهم بها خبرة كخبرتهم بذلك وهي أعظم المطالب
وأجل المقاصد فخاضوا فيها بحسب أحوالهم وقالوا فيها مقالات بعبارات
طويلة مشتبهة لعل كثيرا من أئمة المتكلمين بها لا يحصلون حقائق تلك
الكلمات ولو طالبتهم بتحقيقها لم يكن عندهم إلا الرجوع إلى تقليد أسلافهم
فيها وهذا موجود في منطق اليونان وإلهياتهم وكلام أهل الكلام من هذه
الأمة وغيرهم يتكلم رأس الطائفة كأرسطو مثلا بكلام وأمثاله من اليونان
بكلام وأبي الهذيل والنظام وأمثالهما من متكلمة أهل الإسلام بكلام ويبقى
ذلك الكلام دائرا في الأتباع يدرسونه كما يدرس المؤمنون كلام الله، وأكثر
من يتكلم به لا يفهمه وكلما كانت العبارة أبعد عن الفهم كانوا لها أشد
تعظيما وهذا حال الأمم الضالة كلما كان الشيء مجهولا كانوا أشد له
تعظيما كما يعظم الرافضة المنتظر الذي ليس لهم منه حس ولا خبر ولا
وقعوا له على عين ولا أثر، وكذلك تعظيم الجهال من المتصوفة ونحوهم
للغوث وخاتم الأولياء ونحو ذلك مما لا يعرفون له حقيقة... ويسمونها
عقليات وإنما هي عندهم تقليديات قلدوا فيها أناسا يعلمون أنهم ليسوا
معصومين وإذا بين لأحدهم فسادها لم يكن عنده ما يدفع ذلك بل ينفي
تعظيمه المطلق لرؤوس تلك المقالة ثم يعارض ما تبين لعقله فيقول
كيف يظن بأرسطو وابن سيناء وأبي الهذيل أو أبي علي الجبائي ونحو
هؤلاء أن يخفى عليهم مثل هذا أو أن يقول مثل هذا... وهذا القدر قد
تبينته من الطوائف المخالفين للكتاب والسنة ولو في أدنى شيء ممن
رأيت كتبهم وممن خاطبتهم وممن بلغني أخبارهم إذا أقيمت على أحد
هم الحجة العقلية التي يجب على طريقته قبولها ولم يجد له ما يدفعها
به فر إلى التقليد ولجأ إلى قول شيوخه وقد كان في أول الأمر يدعو إلى
النظر والمناظرة والاعتصام بالعقليات والإعراض عن الشرعيات ثم إنه
في آخر الأمر لا حصل له علم من الشرعيات ولا من العقليات بل هو
كما قال تعالى:

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ }
[الحج : 3]

وكما قال الله:

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ }
[الحج : 8]،

وكما قال تعالى:

{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
[الأنعام : 110]

وكما قال :

{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }
[الفرقان : 44]

وكما قال تعالى:

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا }
[الفرقان : 27 - 28]،

وكما قال تعالى:

{ يوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ
رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }
[الأحزاب : 67].

وهذه النصوص فيها نصيب لكل من اتبع أحدا من الرؤوس فيما يخالف
الكتاب والسنة سواء كانوا من رؤوس أهل النظر والكلام والمعقول
والفلسفة، أو رؤوس أهل الفقه والكلام في الأحكام الشرعية أو من
رؤوس أهل العبادة والزهادات والتأله والتصوف أو من رؤوس
أهل الملك والإمارة والحكم والولاية والقضاء)

قلت: و مما نشاهده في عصرنا أن دعاة التحزب يأخذون كلام الأعداء
ويسلمون به على ظاهره وأولئك الأعداء قد أعدوا ما ينقضه تارة وتارة
يأتون بكلام له أكثر من احتمال وينقله المثقفون على المعنى الذي يقرب
من الإسلام في نظرهم وأولئك الأعداء يقولون لهم لا نريد كذا وكذا يعني
مما يخالف الإسلام فيظهر للمناظرين أنه يخالف الإسلام فيقومون بتأويل
كلام الأعداء حتى يظهروا للأعداء أنهم قد حرصوا على مرادهم ويظهروا
للمسلمين أنهم أذكياء يقدرون على التوفيق بين الحق وبين الباطل
والحق أنها طريقة المنافقين قال الله فيهم:

{ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ
ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً }
[النساء : 62].

وأضرب لذلك مثالا واحدا: بدأ دعاة التحزب قائلين إن الديمقراطية نظام
كفري وثني وهي كذلك ثم قالوا بعد ذلك هي على قسمين صحيح وفاسد
فنظرنا الصحيح على حد زعمهم فإذا هو الفاسد الذي قالوا فيه أنه وثني.
وبلية دعاة الباطل أنهم لا يثبتون على شيء فهم في تقلب
ماداموا على هذا الطريق.

يتبع...