المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دع ما يريبك الى مالا يريبك


هيفولا
04-23-2014, 06:35 AM
دع ما يريبك الى مالا يريبك


قوله : (( دع )) أي : اترك .
(( ما لا يريبك )) بفتح الياء ، أي :إلى الشيء الذي لا ريب فيه .

وهذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية ،
وهو حديث جامع مهم ، وهو باب من أبواب الورع والاحتياط .
وقد سلك أهل العلم ـ رحمهم الله ـ في أبواب الفقه هذا المسلك ،
وهو الأخذ بجانب الاحتياط ،
وذكروا لذلك أشياء كثيرة .

منها : إنسان أصابه ثوبه نجاسة ،
ولا يدري هل في مقدم الثوب أو في مؤخره ،
إن غسل المقدم عنده ريبة لاحتمال أن تكون في مؤخرةالثوب !
فما هو الاحتياط ؟
الاحتياط أن يغسل مقدمه ومؤخره ، حتى تزول ريبته ويطمئن .

ومنها : لو شك الإنسان في صلاته :
هل صلى ركعتين أو ثلاث ركعات ، ولم يترجح عنده شيء ؟

فهنا ، إن أخذ بركعتين صار عنده ريبه فلعله نقص ،
وإن أخذ بالثلاث صار عنده ريبه ، فلعله لم ينقص ،لكن يبقى قلقا ؛
فهنا يعمل بما لا ريبة فيه فيعمل بالأقل ،

فإذا شك هل هي ثلاث أو أربع ، فيجعلها ثلاثا ، وهكذا .
*فهذا الحديث أصل من أصول الفقه
، أن الشيءالذي تشك فيه اتركه إلى شيء لا شك فيه .

*ثم إن فيه تربية نفسية ،
وهي أن الإنسان يكون في طمأنينة ليس قلقًا ،
لأن كثيرًا من الناس إذا أخذ ما يشك فيه يكون
عنده قلق إذا كان حي القلب ،
فهو دائمًا يفكر : لعلي فعلت . . . لعلي تركت ،
فإذا قطع الشك باليقين زال عنه ذلك .

قال النبي صلي الله عليه وسلم : (( فإن الصدق طمأنينة ))
وهذا وجه الشاهد من هذا الحديث لهذا الباب
( باب الصدق ) .
فالصدق طمأنينة ، لا يندم صاحبه أبدًا ،
ولا يقول : ليتني وليتني ؛ لأن الصدق منجاة ،

والصادقون ينجيهم الله بصدقهم ، وتجد الصادق دائمًا مطمئناً ؛
لأنه لا يتأسف على شيء حصل أو شيء يحصل في المستقبل ؛
لأنه قد صدق ، و (( من صدق نجا )) .

أما الكذب ، فبين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه ريبة ،
ولهذا تجد أول من يرتاب في الكاذب نفسه ،

فيرتاب الكاذب : هل يصدقه الناس أو لا يصدقونه ؟
ولهذا تجد الكاذب إذا أخبرك بالخبر قام يحلف بالله أنه صدق ؛
لئلا يرتاب في خبره ، مع أنه محل ريبة .

تجد المنافقين مثلا يحلفون بالله ما قالوا : ولكنهم في ريبة ،
قال الله تعالى( وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوابَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا )
(التوبة: 74 ) .

فالكذب لا شك أنه ريبة وقلق للإنسان ،
ويرتاب الإنسان : هل علم الناس بكذبه أم لم يعلموا ؟
فلا يزال في شك واضطراب .

فنأخذ من هذا الحديث أنه يجب على الإنسان
أن يدع الكذب إلى الصدق ؛
لأن الكذب ريبة ، والصدق طمأنينة ،
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ))
والله الموفق .

هيفولا:o